"حرب عالمية".. موقع إيطالي يحذر من تداعيات استهداف قاعدة أميركية بسوريا
حذر موقع إيطالي من أن التوتر العسكري يتصاعد من جديد في سوريا، إثر هجوم تعرضت له قاعدة أميركية جنوب شرقي البلاد ليلة 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، من قبل مسيرات يرجح أنها "إيرانية".
يأتي الهجوم الذي تعرضت له قاعدة "التنف"، التي تتمركز بها قوات التحالف الدولي بقيادة أميركية، بطائرات مسيرة دون أن يسفر عن وقوع ضحايا، عقب استهداف حافلة عسكرية تابعة لقوات نظام بشار الأسد في العاصمة دمشق منذ أيام مخلفا 13 قتيلا.
وفي حديثه لموقع "إيل سوسيداريوا"، اعتبر الجنرال الإيطالي ماركو بيرتوليني، القائد السابق للواء المظليين لحلف الشمال الأطلسي في كابول 2008، ورئيس الأركان السابق لقيادة إيساف في أفغانستان، أن هذه التطورات "مثيرة للقلق".
وقال "سوسيداريوا" إنها تعيد التأكيد على أن "سوريا، رغم تراجع الاهتمام الدولي لما يجري على أراضيها، لا تزال ساحة لحرب لا تنتهي أبدا، وبلدا تتصادم فيه المصالح الوطنية والمصالح الإيرانية والروسية والأميركية، بالإضافة إلى تهديدات تنظيم الدولة المتواصلة".
وحذر بيرتوليني من أن "استهداف هذه المصالح، من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد العمليات الانتقامية التي قد تعرض السلام في العالم بأسره للخطر".
بصمات إيرانية
وعما يحدث في سوريا إثر تصاعد التوتر مجددا بعد تفجير الحافلة العسكرية أولا ثم الهجوم على قاعدة أميركية، أجاب الجنرال أن "سوريا غابت عن رادار وسائل الإعلام ودائرة الاهتمام الدولي منذ فترة، في ظل الضجة التي حدثت بشأن أفغانستان، كما اختفت اليوم أيضا من متابعات العديد من المواقع الإلكترونية التي كانت تتابع تطورات الوضع بشكل يومي".
وتابع بالقول إن "سوريا دولة محتلة، تقع فيها الضفة اليسرى لنهر الفرات بيد الأكراد والأميركيين كما أن هناك وجودا عسكريا أميركيا في القاعدة المتضررة في جنوب شرق البلاد".
وفيما يتعلق بهذه القاعدة وماهية المساحة المحددة التي تشغلها فضلا عن أهميتها في السيناريو السوري، أوضح قائد قوات الناتو السابق أن هذه المنطقة "تدعم الجيش السوري الحر، المناهض لنظام الأسد والذي لطالما دعمته الولايات المتحدة"، وفق قوله.
وأضاف "هذه القاعدة حافظت على وجودها حتى عندما أمر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا قبل أن يتم التراجع عن ذلك، لذلك حافظ الأميركيون على وجودهم في تلك المنطقة، وهو وجود يزعج نظام الأسد، لأنه يحول دون قيام محور رابط مع العراق والأردن، مما يفسر الاهتمام الأردني بإعادة فتح قنوات الحوار مع الأسد".
وأكد بيرتوليني في سؤال الموقع الإيطالي عما إذا كان الإيرانيون هم الأكثر اهتماما بالحفاظ على الترابط الجغرافي السوري العراقي، بأن "الوجود الأميركي يعد عائقا أمام ذلك، وهو ما تسعى إيران إلى تحقيقه لأن ذلك يعني أيضا ترابطا بين سوريا وإيران".
وأشار إلى أن الممر شمال الموصل يخضع إلى سيطرة الوجود الأميركي والأكراد، بينما حدثت قرب المعبر الجنوبي من ناحية أخرى، حيث يوجد أيضا ممر على طول نهر الفرات، عدة عمليات عسكرية ضد المليشيات الإيرانية انطلقت من قاعدة التنف الأميركية.
ولا يستبعد الجنرال الإيطالي أن تكون طهران الطرف الذي يقف وراء الهجوم الأخير ضد هذه القاعدة وبأنه "لا شك في أن الإيرانيين يحاولون الحفاظ على الترابط من خلال المنطقة، وفي نفس الوقت الانتقام لمقتل قائد الحرس الثوري السابق الجنرال قاسم سليماني عام 2020 وأيضا للرد على الهجمات ضد القواعد الإيرانية".
ولفت بيرتوليني إلى أن "استخدام الطائرات بدون طيار دليل على تورط إيران".
عمليات انتقامية
أما بالنسبة إلى الطرف المسؤول عن هجوم حافلة النظام العسكرية بدمشق، يرجح أن يكون "تنظيم الدولة" أو الجيش السوري الحر من نفذ الهجوم مستدركا بالقول "في دمشق توجد عديد الجهات القادرة على التحرك وتنفيذ عمليات عديدة، ولكن من هنا لا يمكننا أن نعرف على وجه اليقين من فعل ذلك".
وعن عواقب الهجوم على القاعدة الأميركية في التنف، يشرح بيرتوليني بأن "المشكل يكمن في أن الأميركيين أظهروا عدم يقين وتردد مع أفغانستان وقد يغريهم رد فعل باستعراض عضلات لإثبات أنهم ما زالوا قوة عظمى".
واعتبر أن "مواجهة الأميركيين اليوم خطيرة بشكل خاص، لأن ردود الفعل يمكن أن تكون مبالغا فيها، لا سيما وأن الأميركيين قوة غازية على خلاف الروس الذين تم الاستنجاد بهم".
وحول احتمال أن تحدث زعزعة استقرار خطيرة للمنطقة بأسرها على إثر الانسحاب التام للولايات المتحدة من العراق نهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، أجاب الجنرال الإيطالي بأن "ذلك حدث بالفعل منذ غزو البلاد عام 2003".
ويرى بأن إيران تسعى إلى الاستفادة من الانسحاب الوشيك بالقول "بالتأكيد، خاصة وأن المكون الشيعي في العراق صلب"، مشيرا إلى أن "هناك شيئا ما يتغير بشكل جذري في الشرق الأوسط وسوريا تقع في محور كل ذلك".
وحذر بيرتوليني مجددا من "أن الوجود الأميركي والروسي على الأراضي السورية قد يؤدي في حال اختل التوازن، ربما مع وقوع حادث كبير بين القوتين، إلى عمليات انتقامية وردود محتملة عليها، وهو ما قد يشكل بدوره خطرا على السلام العالمي".