تطمينات رسمية.. ثغرات تثير المخاوف من "تزوير خطير" لانتخابات العراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المبكرة في العراق، تزداد المخاوف من تكرار سيناريو انتخابات 2018، التي شهدت عملية "تزوير خطير" كما وصفها رئيس الحكومة العراقية آنذاك حيدر العبادي، والممثل السابق للأمم المتحدة في بغداد يان كوبيتش.

ومن أبرز المخاوف التي تحيط بالانتخابات المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، هي اختراق "النظام البايومتري"، وإدخال بيانات مزيفة لصالح الأحزاب والقوى النافذة، التي تردد أنباء عن أنها تتعاقد مع هاكرز (مخترقين) من دول مختلفة لإتمام العملية.

و"النظام البايومتري" هو أخذ بيانات الناخبين الحيوية من بصمة اليد، والصورة الشخصية، وذلك لضمان حق الناخب في المشاركة دون غيره.

تشكيك وتحذير

وبخصوص رصانة الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في العملية الانتخابية وفق النظام البايومتري، وصف باسل حسين رئيس مركز "كلواذا" للدراسات وقياس الرأي العام العراقي أن الأجهزة المستخدمة في الانتخابات، كورية المنشأ وعبارة عن "خردة".

وأوضح حسين خلال تصريحات في 8 سبتمبر/ أيلول 2021 أن "جهاز المخابرات العراقي أكد بعد انتخابات عام 2018 وجود قدرة فائقة على اختراق هذه الأجهزة، لذلك لا يتوفر فيها أمان لأنها قابلة لإدخال عصا ذاكرة (وحدة تخزين)، وهذا يعني أنها معرضة حتى للفيروس والعبث بالبيانات".

وأشار إلى أن "الأجهزة ذاتها استخدمت في دولتين فقط، وهي قرغيزستان، وزورت الانتخابات في حينها والجماهير دخلت إلى البرلمان وأسقطتها، وأيضا استخدمت في دولة الكونغو، وفي حينها خرجت مندوبة الأمم المتحدة هناك، وحذرت من خطورة هذه الأجهزة".

ولفت حسين إلى أن "الهاكرز يمكنهم بلحظة اختراق كل شيء، ولا يتطلب الأمر أسبوعا كما قالت المفوضية في انتخابات 2018 وحصل العكس، وأن مصالح الأحزاب تدفعهم للبحث عن هاكرز للتزوير".

وأعرب عن اعتقاده بأن "نسبة التزوير ستحصل في انتخابات 2021، أقل مما حدث في عام 2018، إلا أنها أيضا ستكون مؤثرة، والأمر الآخر أنه لا يوجد جهاز إلكتروني للانتخابات معتبر يسمح باستخدام عصا للذاكرة".

ويرى أن "هذا الأمر جريمة فيما يخص الأمن السيبراني، لذلك البنوك لا تسمح بدخول أي عصا ذاكرة في أجهزتها".

وشكك حسين بعملية إرسال النتائج، إذ إن انتخابات 2018 كان فيها فشل ذريع، فهل لدى الأحزاب مثل هذه الأجهزة للإرسال (آر تي إس)؟، مضيفا: "حتى نطمئن على عملية الإرسال يجب وضع شاشات في الميادين بجميع المحافظات تظهر تحديث الأرقام، وأتحدى أن يفعلوا ذلك".

وأوضح رئيس مركز "كلواذا" أن "التقرير الاستخباراتي العراقي لعام 2018 قال: إنه كان لا يوجد ربط بين أجهزة الإرسال، وإحصاء النتائج، بمعنى أن الأحزاب كانت تضع النتائج على رغباتها، وهذا تقرير حكومي، فكيف لنا أن نطمئن لنفس العملية؟".

وأفادت وسائل إعلام عراقية، في 8 سبتمبر/أيلول 2021 بأن بعض الأحزاب استطاعت أن تتفق مع هاكرز من كوريا واليابان وألمانيا ولبنان، وأن باستطاعتهم اختراق الأنظمة والتلاعب بالنتائج، وكذلك شراء بعض الأحزاب لأجهزة "آر تي إس" لاستخدامها في إدخال بيانات مزيفة لأجهزة المفوضية.

طمأنة حكومية

من جهته، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات، حسين الهنداوي، خلال مقابلة تلفزيونية في 8 سبتمبر/ أيلول 2021: إن "الأخطار دائما موجودة والمخاوف مشروعة".

واستدرك: "من خلال متابعتي لإجراءات مفوضية الانتخابات والآليات المتبعة حاليا، فالانتخابات المقبلة ستكون الأفضل التي مر بها العراق من ناحية عدم إمكانية التزوير".

وأكد الهنداوي، أن "إمكانية التزوير ستكون صفرا، وهناك الآن آليات للانتخاب لا تسمح بإمكانية اختراق عملية التصويت، وهناك نظام بايومتري يبدأ من بطاقة الانتخاب البايومترية، إضافة إلى آليات اعتمدتها المفوضية يوم الاقتراع".

إذ ستسحب جميع البطاقات قصيرة الأمد، وتؤخذ البصمات العشرة وصورة الناخب ويمنح وصلا بمثابة بطاقة بايومترية مؤقتة للانتخاب.

ولفت إلى أن "هناك أتمتة كاملة للعملية الانتخابية بدءا من بطاقة الناخب والتحقق من البطاقة وعملية التصويت بايومترية والختم حراري أيضا وليس بالقلم، وعملية نقل النتائج تشرف عليها شركة فاحصة ألمانية".

واستبعد الهنداوي قدرة الأحزاب على "اختراق البرامج الإلكترونية المعقدة، وأن الشركة الفاحصة الألمانية غيرت البرامج المعتمدة من الشركات الأخرى وتحديدا -ميرو- وكل مدة هناك تقرير جديد وتعديل برمجيات للتأكد والتحقق من أجل ضمان عدم القدرة على اختراق النظام البايومتري".

ولفت إلى أنه "بحسب الشركات الفاحصة، فإن البرنامج البايومتري يحتاج إلى أسبوع لاختراقه من شركات التهكير الكبرى للتغيير فيه، لكن المخاوف تكمن في منع الناخبين من الذهاب إلى التصويت، وهذه قضية خارج العملية الانتخابية، إضافة إلى عمليات إغراء وتهديد الناخب للحصول على صوته".

وأوضح الهنداوي قائلا: "جرت محاكاة أولى وثانية لأجهزة الانتخابات، ورأينا آليات التصويت أنها غير قابلة للتزوير، وأن استخدام البايوتمري سيمنع أي تزوير".

وتعهدت الحكومة العراقية على لسان رئيسها مصطفى الكاظمي مرارا بإجراء انتخابات في أجواء آمنة ونزيهة، حيث تتكرر مزاعم تزوير الانتخابات في العراق منذ سنوات طويلة.

ووفق أرقام مفوضية الانتخابات في 31 يوليو/تموز 2021، فإن 3249 مرشحا يمثلون 21 تحالفا و109 أحزاب، إلى جانب مستقلين، سيخوضون سباق الانتخابات للفوز بـ 329 مقعدا في البرلمان العراقي.

أنواع المراقبة

وعلى صعيد العملية الرقابية للانتخابات، أكد الهنداوي أن "الجميع سيراقب الانتخابات بشكل كامل".

وتحدث عن ثلاثة أنواع من المراقبة، وهي الحزبية الممثلة للمرشحين أي الوكلاء، والثانية من شبكات المراقبة العراقية والتي سيكون دورها أفضل حتى من المراقبين الدوليين، فوجودها ميداني وواسع، والمراقبة الثالثة هي التابعة للأمم المتحدة، التي وافق مجلس الأمن على إرسالها بطلب من الحكومة.

ولفت الهنداوي إلى أن "الاتحاد الأوروبي سيكون أيضا حاضرا من خلال مراقبين، وكذلك المفوضية وجهت الدعوة إلى دول وجهات معنية بالانتخابات، وهناك أيضا رغبة من روسيا للمشاركة في عملية المراقبة، لكن نحن نعول على الرقابة الوطنية".

وفي موازاة ذلك، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خلال تصريح صحفي نقلته وكالة الأنباء الرسمية "واع" في 10 سبتمبر/ أيلول 2021 أن "عدد المراقبين الدوليين وصل إلى أكثر من 500".

وقال عضو إعلام مفوضية الانتخابات عماد جميل محسن للوكالة: إن "هنالك 150 مراقبا من الأمم المتحدة، من دول عربية وأجنبية، ومن الاتحاد الأوروبي 70 مراقبا، فضلا عن دور الجامعة العربية التي سيكون لها دور كبير بالمراقبة، إضافة إلى مشاركة منظمات مختصة بالشأن الانتخابي وعددها 25 منظمة، كل منظمة سترسل فريقا خاصا بها".

ولفت إلى أن "السفارات العراقية وجهت دعوة إلى 51 سفارة عربية وأجنبية، وهناك زيارات من مجلس المفوضين إلى السفارات لإرسال فرقهم إلى العراق"، مؤكدا أن "عدد المراقبين قد يصل إلى 600 مراقب دولي".

بدورها، أعلنت الأمم المتحدة، في 7 سبتمبر/ أيلول 2021 أنها ستقدم المساعدة الأكبر في العالم للعراق في انتخاباتها البرلمانية المبكرة المرتقبة.

جاء ذلك وفق جينين بلاسخارت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي"، في مؤتمر صحفي عقدته بمقر المنظمة الدولية بالعاصمة بغداد، وذلك قبل نحو 5 أسابيع من موعد إجراء الانتخابات.

وقالت بلاسخارت: إن المساعدة التي ستقدمها الأمم المتحدة لانتخابات العراق "ستكون الأكبر على مستوى العالم"، مشيرة إلى أن "من بين الموظفين الذين سيتم نشرهم أكثر من 130 خبيرا دوليا للمراقبة، وأن العدد الكلي سيبلغ 5 أضعاف العدد في الانتخابات السابقة عام 2018".

وأفادت بلاسخارت، أن من ضمن مهام هؤلاء الموظفين "المساعدة الانتخابية، فضلا عن اتخاذ تدابير إجرائية لعدم تزوير الانتخابات".

وأردفت: "ربما تكون هناك ثغرات، ولكن نعتقد أن الأمور تجري بشكل جيد، وهناك جهات أخرى تراقب الانتخابات وليس فقط الأمم المتحدة".

وأكدت المبعوثة الأممية في العراق أن الأمم المتحدة "تبذل الجهود لمنع الخروقات الانتخابية، وأنه ينبغي أن تكون العملية الانتخابية شاملة"، مشجعة النساء على التصويت والمشاركة.

محاولات للتزوير

وعلى بعد شهر من الانتخابات البرلمانية، أعلنت الحكومة في الأول من سبتمبر/ أيلول 2021 إحباط محاولة لتزويرها من خلال الضغط على موظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عبر شبكة تمولها وتساعدها شخصيات سياسية وبرلمانية حالية وسابقة.

وقال مكتب الكاظمي في بيان له: إن "الأجهزة الأمنية نجحت، وبإشراف مباشر من القضاء العراقي في تنفيذ عملية استباقية أحبطت محاولة لتزوير الانتخابات عبر الضغط على عدد من موظفي المفوضية بهدف خلط الأوراق السياسية وإثارة الفوضى".

وأشار البيان إلى "إلقاء القبض على عدد من المتهمين في مجموعة حاولت تزوير الانتخابات، باستثمار علاقات لهم مع موظفين في مفوضية الانتخابات من خلال شبكة على مواقع التواصل الإلكترونية، بينها موقع باسم (سيدة الخضراء)".

وأضاف أن "القائمين عليه (سيدة الخضراء) حاولوا بوسائل مختلفة الإيحاء بارتباطه بمكتب رئيس مجلس الوزراء، أو العاملين فيه، أو مستشاري رئيس مجلس الوزراء".

وأردف البيان، أن التحقيقات "أفضت إلى التوصل لشبكة متداخلة من المسؤولين عن القضية، سواء بالتمويل أو التشجيع أو المساعدة، بينهم شخصيات سياسية ونيابية حالية وسابقة، وبعض الموظفين في مفوضية الانتخابات".

وتابع أن "التحقيق بشأن هذه القضية وقضايا أخرى وكل المسؤولين عنها مستمر، وسيتم تقديم المتورطين إلى العدالة"، دون الإشارة إلى عددهم أو أسمائهم.

وهذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها السلطات العراقية عن محاولات تزوير للانتخابات بعد أن أعلن القضاء العراقي أواخر شهر أغسطس/آب 2021 توقيف مجموعة من ثلاثة أشخاص كانت تخطط للتلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، تشكيل فريق عمل من قضاة تحقيق ومحققين قضائيين، بالتعاون مع الجهات الأمنية التابعة للسلطة التنفيذية لرصد محاولات تزوير الانتخابات والتلاعب بإرادة الناخبين وشراء بطاقات الانتخابات.