الصين تطالب بتسليمه.. كيف يتعامل المغرب مع الإيغوري المعتقل بسجونه؟

12

طباعة

مشاركة

رغم البعد الجغرافي، وصل صدى قضية الإيغور المسلمين، إلى المغرب، بعدما طالبت الصين بتسليم أحد الناشطين من تلك الأقلية المضطهدة، وسط تخوفات حقوقية ومعركة قضائية لا تعرف نتائجها.

وعقدت المحكمة العليا في المغرب، في 26 أغسطس/آب 2021 جلسة، للنظر في قضية ترحيل ناشط صيني من طائفة الإيغور المسلمة إلى بلاده، وهو معتقل لاتهامه "بارتكاب أعمال إرهابية" من طرف بكين، وفق ما أفاد محاميه وكالة فرانس برس.

اعتقل يديريزي إيشان (34 عاما) في مطار الدار البيضاء آتيا إليها من إسطنبول في 19 يوليو/ تموز 2021، بناء على مذكرة بحث دولية حركتها في حقه الصين.

تطالب منظمات حقوقية دولية ومغربية بعدم تسليمه للصين، نظرا للانتهاكات التي تمارس في حق الطائفة في الصين، فهل يسلمه المغرب؟  

قضية متشابكة

اعتقلت السلطات المغربية ناشطا من الإيغور المسلمة الصينية بناء على "مذكرة اعتقال إرهابي" صينية وزعتها الإنتربول (منظمة الشرطة الجنائية الدولية).

وقالت المديرية العامة للأمن الوطني في المغرب: إن مواطنا صينيا اعتقل بعد هبوط طائرته في مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء 20 يوليو/تموز 2021، لدى وصوله من إسطنبول.

وأضافت: "كان محور مذكرة حمراء أصدرتها إنتربول للاشتباه في انتمائه إلى منظمة مدرجة على قوائم المنظمات الإرهابية".

وصدرت المذكرة الحمراء، التي توازي قائمة أكثر المطلوبين لدى إنتربول، بناء على طلب الصين التي تسعى إلى ترحيله، بحسب المديرية، التي ذكرت أيضا أن السلطات المغربية أبلغت إنتربول والسلطات الصينية باعتقاله، وأنه تمت إحالة المواطن الصيني إلى الادعاء بانتظار إجراءات ترحيله.

ولم تكشف السلطات المغربية عن اسم المعتقل في البداية، إلا أن منظمة "سيف غارد ديفيندرز" غير الحكومية كشفت عن هويته وأن اسمه يديريزي إيشان.

أكد ميلود قنديل محامي الناشط الصيني، أنه "ينفي كل التهم الموجهة إليه"، مشددا على أنه "لم يغادر تركيا حيث يقيم منذ 2012".

 وعند وصوله إلى الدار البيضاء كان إيشان، الذي يعمل مهندس معلوماتية، موضوع مذكرة بحث دولية للأنتربول صادرة من الصين.

وأضاف محاميه قائلا: "إن النيابة العامة المغربية أوضحت أنه اعتقل بناء على اتفاق تعاون قضائي بين البلدين وقع عام 2016 متعلق بتسليم المطلوبين".

المحامي بهيئة الدار البيضاء، قال لصحيفة "الاستقلال": إنه يدافع عن إيشان من أجل عدم تسليمه للصين، مشددا على أن "تسليمه لها يعني تعريضه للتعذيب والقتل باعتباره من الإيغور ويعتنق الديانة الإسلامية". 

أوضح قنديل أن موكله "لم يقم بأي فعل إرهابي كما تدعي الصين، وأنه ضحية تمييز عرقي ديني".

أفاد المتحدث أن المحكمة أجلت النظر في القضية إلى الأول من سبتمبر/أيلول 2021، قبل أن يزيد "نتمنى أن تستجيب المحكمة لطلبنا بعدم تسليمه للصين"، قبل أن يستطرد: "لكن كل شيء ممكن".

كشف قنديل أن المغرب سبق أن سلم مواطنين أتراكا إلى بلدهم، موضحا "لكن أعتقد أن واقعة إيشان تختلف عن واقعة الأتراك، فبالنسبة له الأمر يتعلق بطائفة من الشعب الصيني، أو بأمة تم استعمارها من طرف الصين وتعريضها لشتى أنواع التعذيب والتهجير". 

قال المحامي بهيئة الدار البيضاء: إن موكله اعتقل ثلاث مرات في تركيا التي يعيش فيها منذ 2012، ورفض القضاء التركي تسليمه للصين لعدم ثبوت ارتكابه أي فعل إجرامي يمكن تكييفه قانونا بأنه فعل إرهابي.

إيشان البالغ من العمر 34 عاما والأب لثلاثة أطفال، هو مصمم كمبيوتر، يحمل الجنسية الصينية وتصريح إقامة تركيا، اتصل هاتفيا بزوجته في 23 يوليو/ تموز، وأخبرها أنه يعتقد أنه سيرحل إلى الصين قريبا.

استنكار حقوقي

تطالب عدة منظمات حقوقية دولية بعدم تسليمه إلى الصين، حيث "يتهدده الاعتقال والتعذيب إذا رحل بالقوة، بالنظر للعمل الذي قام به لصالح منظمات الإيغور"، كما جاء في بيان لمنظمة العفو الدولية. 

تعتقد المنظمة أنه معرض لخطر الاعتقال التعسفي والتعذيب إذا أعيد قسرا إلى الصين.

وأطلقت منظمة "سيف غارد ديفندرز" مناشدة لسفيري المغرب في واشنطن وبروكسل بعدم تسليم إيشان.

وقالت جوان مارينر، مديرة برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية: "يجب على السلطات المغربية أن تضمن وصوله إلى محام على الفور، والقدرة على الطعن في أي أوامر ترحيل، والسماح لأسرته بالاتصال به لضمان سلامته".

منظمة "إفدي الدولية"، ناشدت الحكومة المغربية بعدم الاستجابة لضغوطات سلطات بكين، بالرغم من كون المغرب قد وقع اتفاقية أمنية مع الصين حول تسليم المجرمين بين البلدين. 

واعتبرت “إفدي” أن المغرب مطالب بالالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتي تنص على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".

من جهته قال منسق الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة عبد الصمد فتحي: إن "الواجب الديني يفرض على الدولة المغربية المسلمة ألا تسلم مسلما لعدو يضطهده، والواجب القانوني يفرض عدم تسليم إنسان مهدد في حياته إلى جهة التهديد، وإلا تصبح شريكا له في الجريمة".

وعبر فتحي من خلال تدوينة له على "فيسبوك" عن خشيته من "أن يتم توظيف عملية التسليم في إطار صفقة تبادل على حساب الدين والقانون والإنسانية".

وأضاف: "إن شعب الإيغور يستأصل من خلال الاعتقال الجماعي والترحيل والإعقام القسري وتدمير المساجد القديمة والمواقع الثقافية". 

صرح فتحي بأن "ما يفعل بهذا الشعب اليوم هو أول إبادة جماعية عالية التقنية، وللأسف قد خذل هذا الشعب من طرف دول عربية وإسلامية اشترت الصين سكوتها من خلال الاستثمارات والصفقات المالية".

وختم بالقول: "إذا كنا قد عجزنا عن مناصرة شعب الإيغور المسلم في محنته، فلا أقل من حماية الفارين من جحيم الاضطهاد الصيني، وألا نكون عونا عليهم فنسلمهم لعدوهم فيسومهم سوء العذاب".

وقائع مشابهة

في مارس/آذار 2021, سلمت الرباط أسامة الحسني، وهو مواطن أسترالي من أصول سعودية إلى الرياض.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية المغربية، عن مصدر قضائي، تأكيده أن التسليم تم بناء على طلب التسليم الذي تقدمت به الرياض في إطار نشرة البحث الصادرة في حقه عن منظمة الشرطة الجنائية الدولية من أجل قضية تتعلق بالسرقة.

وأوضح المصدر أن عملية التسليم جرت في إطار ما تنص عليه الاتفاقية العربية للتعاون القضائي الموقعة في 6 نيسان/ أبريل 1983.

وكانت محكمة مغربية قد أقرت بتسليم أسامة الحسني، إلى الرياض، وفق محامي الأخير، في قضية تقلق المنظمات الحقوقية.

وأكدت زوجة الحسني، وهي مغربية، أن زوجها لم يكن لديه أدنى فكرة عن أن الحكومة السعودية كانت تسعى إلى اعتقاله عندما سافر إلى المغرب ليكون معها ومع طفلهما المولود حديثا.

وذكرت مصادر حقوقية لموقع "عربي 21" طلبت الاحتفاظ باسمها، أن اعتقال الحسني جرى خارج كل القوانين المرعية في المغرب، وأن طلب التسليم تم الحصول عليه بعد اعتقاله وليس قبل ذلك.

ولفتت المصادر الانتباه إلى أن جلسة محكمة النقض، التي أوصت بتسليمه والتي أثبت فيها محامو أسامة الحسني براءته من أي تهمة تستوجب الاعتقال فضلا عن التسليم، حضرها مندوب عن السفارة السعودية في الرباط.

وقالت خديجة الرياضي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: "صدق المغرب على اتفاقية لمناهضة التعذيب، وينبغي أن يمتنع عن تسليم مواطن إلى دولة قد يواجه فيها التعذيب".

في سبتمبر/أيلول 2014 أعرب ناشطون حقوقيون مغاربة عن تخوفهم من "خرق" السلطات المغربية للقوانين التي تنظم عملية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وذلك بعد قرار المغرب ترحيل 24 ممن ينحدرون من إفريقيا جنوب الصحراء.

وقال الكاتب العام لمنظمة المجموعة المناهضة للعنصرية هشام الراشدي،  لراديو "سوا" المحلي: إن هناك "تخوفا حقيقيا من استمرار السلطات المغربية في خرق المقتضيات القانونية للترحيل".

لكن وزير الاتصال المغربي والناطق باسم الحكومة آنذاك، مصطفى الخلفي، أكد أن عملية الترحيل شملت فقط من تورطوا في أعمال عنف خلال الأحداث التي شهدتها مؤخرا مدينة طنجة شمال المغرب.

وأكد أن القرار شمل "بشكل حصري "من لم يكن قد سبق له التقدم بطلب تسوية الوضعية القانونية.