حسين أمير عبداللهيان.. أكاديمي من مدرسة خامنئي يتسلم الخارجية الإيرانية
"دبلوماسي مرموق لمحور المقاومة"، هكذا وصف التلفزيون الرسمي الإيراني، تعيين حسين أمير عبداللهيان في منصب وزير الخارجية خلفا لمحمد جواد ظريف، في وقت تراوح فيه المفاوضات حول البرنامج النووي مكانها.
وكان عبداللهيان (57 عاما) مرشح الرئيس المحافظ، إبراهيم رئيسي، الذي منح البرلمان الإيراني حكومته الثقة في 25 أغسطس/ آب 2021.
وذكرت وسائل إعلام إيرانية وغربية أن "عبداللهيان" الذي تولى حقيبة الخارجية، يتمتع بعلاقات وثيقة مع حلفاء لإيران مثل النظام السوري وحزب الله اللبناني ومليشيات عراقية.
"دبلوماسي متشدد"
"عبداللهيان" الذي كان يشغل منصب مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، لمدة ثلاث سنوات، لديه أيضا علاقات وثيقة بقادة الحرس الثوري الإيراني، مثل قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني، الذي قتل في غارة أميركية يناير/كانون الثاني 2020.
وسبق له أن نشر مقالات عن السياسة الخارجية على الموقع الإلكتروني لمرشد إيران، علي خامنئي.
فيما قال مفاوض نووي إيراني لوكالة "رويترز": إن "عبداللهيان دبلوماسي متشدد. إذا ظلت وزارة الخارجية مسؤولة عن الملف النووي الإيراني، فمن الواضح أن طهران ستتبنى نهجا متشددا للغاية في المحادثات".
وقال مسؤول إيراني سابق للوكالة (طلب عدم نشر اسمه) في 26 أغسطس/آب 2021: إن "اختيار رئيسي له يظهر أنه يولي أهمية للقضايا الإقليمية في سياسته الخارجية".
وتوقعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في 26 أغسطس/آب 2021 أن يسير عبداللهيان "بقوة" على الخط الذي حدده الرئيس الإيراني الجديد الذي "قال: إنه يريد استعادة الاتفاق النووي لعام 2015 مع مقاومة الجهود الأميركية للتفاوض على اتفاق أوسع قد يحد من نفوذ إيران في الشرق الأوسط".
رغم ذلك، يقول مسؤولون غربيون أيضا: إن أمير عبداللهيان "براغماتي تعامل مباشرة مع المسؤولين الأميركيين من قبل، وكان أحد الدبلوماسيين الإيرانيين العديدين الذين شاركوا في محادثات حول الوضع الأمني في العراق مع السفير الأميركي السابق، رايان كروكر، في عام 2007".
وأبلغ دبلوماسيون أوروبيون تحدثوا مع وزير الخارجية الجديد، خلال الأسابيع الأخيرة، صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنه "كان واضحا بشأن أنه يريد مواصلة المفاوضات حول إعادة إحياء الاتفاق النووي وأنه شخص يمكن للغرب العمل معه".
أعلن عبداللهيان خلال جلسات الاستماع بالبرلمان التي سبقت التصويت على توليه منصب الخارجية أنه سيجلس على طاولة المفاوضات لكنه لن يتعامل مع الاتفاق النووي على أنه من بين أولويات بلاده القصوى.
ومن المؤكد أن الأولويات ستكون العلاقات مع دول المنطقة، أي البلدان العربية، وبلدان آسيا الوسطى، وتركيا، وروسيا، والشريك الإستراتيجي الصين.
بعد تسميته وزيرا للخارجية، أشاد عبداللهيان بجهود سلفه محمد جواد ظريف خلال السنوات الأخيرة، قائلا: "تعلمت منه أنه بإمكان الدبلوماسي أن يكون ناجحا دون توفر الإمكانات المطلوبة".
وقال: تعلمت منه أن أكون "ألف باء" إعداد القرارات والبيانات، كنت مساعدا له لثلاث سنوات وكنت أرى أنه لا يكل ولا يمل ويعمل ليل نهار، وكنت أقرأ رسائله وتوجيهاته حتى في الساعات المتأخرة وفي منتصف الليل وكان يبدأ عمله اليومي منذ الـ 4:30 فجرا.
وأضاف: "السيد ظريف ورغم أنه يرغب بتخصيص كامل وقته مستقبلا للجامعة وفي الأجواء الأكاديمية، لكنني طلبت منه أن لا يحرم السلك الدبلوماسي الإيراني من تجاربه وقدراته".
أستاذ جامعي
حسين أمير عبداللهيان ولد في مدينة دامغان عام 1964، وحاصل على شهادة البكالوريوس من قسم العلاقات الدبلوماسية الدولية عام 1991. وحصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية عام 1996.
يحمل عبداللهيان شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة طهران، ويجيد التحدث بطلاقة باللغتين العربية والإنجليزية إضافة إلى لغته الأم الفارسية، وهو متزوج وله ولد وبنت.
سياسي ودبلوماسي وأستاذ جامعي إيراني، شغل منصب المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي في الشؤون الدولية منذ عام 2016. عمل مستشارا سياسيا لظريف، وأستاذا بكلية العلاقات الدولية بوزارة الخارجية.
قوبل عزله من منصب نائب وزير الخارجية العربي والإفريقي بانتقادات من التيار الأصولي.
فهو شخصية معروفة في وزارة الخارجية الإيرانية، وقد سلط موقفه الصريح والفاعل على الصعيدين الدولي والإقليمي الضوء عليه في أزمات العراق وسوريا و التطورات في غرب آسيا وشمال إفريقيا. وعين نائبا لوزير الخارجية الأسبق علي أكبر صالحي.
وينتمي أمير عبداللهيان إلى مواقف المرشد الإيراني علي خامنئي، وبعض مواقفه تدعم ما يسمى بجبهة المقاومة المحسوبة على حزب الله في لبنان وسوريا وتيارات أخرى موالية لإيران في المنطقة.
وكان عضوا في اللجنة السياسية والأمنية للمفاوضات النووية خلال المباحثات النووية في عهد الرئيس محمد خاتمي.
وهو أول مسؤول إيراني يدعى إلى لندن لإجراء محادثات إقليمية بعد إعادة فتح سفارة لندن في طهران خلال الولاية الأولى للرئيس السابق حسن روحاني، ولقاء وزير الخارجية البريطاني آنذاك فيليب هاموند.
أجرى محادثات إقليمية مفصلة مع رئيسة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بشأن ملفه، وعقد اجتماعات مفصلة مع الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وكان رئيس فريق التفاوض الإيراني في الاجتماع الثلاثي بين إيران والعراق والولايات المتحدة في بغداد عام 2007. وعقد الاجتماع لتأمين بغداد بناء على طلب الأميركيين الذين وصفوا الأوضاع هناك بالخطيرة. وفشلت المحادثات بعد ثلاث جلسات دون نتيجة.
كانت تربطه علاقة وثيقة مع قاسم سليماني، وكان ذلك بسبب عقدين من المسؤولية في وزارة الخارجية، لا سيما في المواقف العربية والإفريقية في وزارة الخارجية الإيرانية.
عندما أصبح سليماني قائدا لفيلق القدس، كان عبد اللهان خبيرا عراقيا في وزارة الخارجية.
وخلال الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، ومع الإطاحة بصدام حسين، أصبح مسؤولا عن ملف العراق في وزارة الخارجية.
وقال عبداللهيان بعد احتلال العراق خلال لقاء مع وفود ومسؤولين أوروبيين، إنه ينبغي عليكم شكر الجمهورية الإسلامية وسليماني لأن الأخير ساهم في السلام والأمن العالميين. وهو يعتقد أنه لولا سليماني، لتفككت الدول الكبرى في المنطقة.
تولى منصب خبير سياسي في وزارة الخارجية من 1992 إلى 1997. ثم عين خبيرا سياسيا ونائبا للسفير الإيراني في العاصمة العراقية بغداد من 1997 إلى 2001. ثم عاد إلى إيران لتولي منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي عام 2001.
ترقى عبداللهيان إلى منصب المساعد الخاص لوزير الخارجية للشؤون العراقية من 2003 إلى 2006، ثم جرى تعيينه نائب وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي والشرق الأوسط عام 2006. تولى منصب رئيس القسم الخاص بالعراق بوزارة الخارجية من 2006 إلى 2007.
انتقل للعمل في البحرين سفيرا لإيران من 2007 إلى 2010. عاد لتولي منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي والشرق الأوسط مجددا عام 2010 لتجري ترقيته إلى منصب نائب وزير الخارجية لشؤون الدول العربية والإفريقية من عام 2011.
تلميذ خامنئي
بعد تسميته وزيرا للخارجية، نشر موقع "المونيتور" الأميركي مقالا للكاتب اللبناني علي هاشم في 24 أغسطس/ آب 2021، تطرق إلى شخصية عبداللهيان، والسياسة التي سيعتمدها في المنطقة خصوصا أنه يعد "أحد أهم دبلوماسيي محور المقاومة".
وأوضح الموقع الأميركي أن عبداللهيان لم يصعد لمنصب وزير الخارجية الإيراني الجديد بقرار من القائد الأعلى فقط (المرشد الإيراني)، بل يعد تلميذا عقائديا لعلي خامنئي.
في أبريل/نيسان 2016، عينت وزارة الخارجية الإيرانية أحد كبار دبلوماسييها حسين أمير عبداللهيان، نائب الوزير للشؤون العربية والإفريقية آنذاك، سفيرا للبلاد في سلطنة عمان.
حينها اعتبرت خطوة من وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف لكي يحد من نفوذ عبداللهيان في القضايا الإقليمية، عبر منح الأخير منصبا في واحدة من أهم دول الخليج وأكثرها قربا من طهران، ومنصتها لتبادل الرسائل مع المنطقة والعالم.
لكن الدبلوماسي الذي يتمتع بصلات قوية مع مكتب القائد الأعلى رفض المنصب، وفي غضون أسابيع قليلة، غادر عبداللهيان وزارة الخارجية لتولي دور آخر، وهو مساعد رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني الذي أشرف على التفاوض بشأن اتفاق إيران الإستراتيجي مع الصين.
ينظر العديد من حلفاء إيران في المنطقة لأمير عبداللهيان بوصفه أبرز دبلوماسيي ما يسمى بـ"محور المقاومة"، وذلك لعلاقته الوثيقة، كما يصفها "عبداللهيان" مع أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، والمناسبات التي جمعت بين الرجلين وامتدت حتى الفجر، وفقا للمقال.
ورأى الكاتب أن وزير الخارجية الإيراني الجديد هو النقيض تماما لسلفه ظريف.
فبينما قضى الأخير معظم حياته المهنية في الولايات المتحدة مطورا من إتقانه للغة الإنجليزية ومعمقا فهمه للغرب، فالأول قضى حياته المهنية في الشرق الأوسط، وعلى دراية بالاختلافات الثقافية الدقيقة بين شعوب المنطقة بداية من أبسط الإشكاليات مثل: من يحب الشاي بدلا من القهوة وصولا إلى الإشكالات الرئيسة الحرجة التي تسبب الصراعات.
ولكن مثل ظريف، كان أمير عبداللهيان من أوائل الدبلوماسيين الإيرانيين الذين جلسوا علنا مع نظرائهم الأميركيين على طاولة للحوار عام 2007 في بغداد.
وكان عبداللهيان آخر مسؤول إيراني يتصل بفريق الرئيس المصري الراحل محمد مرسي قبل ساعات من الانقلاب عليه، وهو نفسه أصبح ممثلا لبلاده بعد عام في حفل تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيسا للنظام المصري.
وانتهز الدبلوماسي الفرصة ومكث بضعة أيام في القاهرة، حيث التقى العديد من النخب المصرية، ربما كان أهمها الكاتب المصري محمد حسنين هيكل.
وبحسب رواية عبداللهيان، فقد التقى بهيكل خمس مرات في السنوات التي سبقت وفاة الأخير عن عمر يناهز 92 عاما، عام 2016.
للوزير الجديد كتاب بعنوان "الصحوة الإسلامية وفشل الخطة الكبرى للشرق الأوسط" يذكر فيه أن التطورات في تلك المنطقة وشمال إفريقيا منذ عام 2011.
وبين أن تلك الصحوة أضعفت النفوذ الأميركي، وفي الوقت ذاته قلصت الهوية الإسلامية في أوساط الشباب بسبب الجهود الغربية لإحداث تغييرات اجتماعية وثقافية وسياسية وأمنية من خلال "اختطاف الحركات الشعبية"، مستدلا بأن سوريا مثال على هذه الجهود.
وفي الكتاب ذاته، حذر عبداللهيان مما أسماه "محاولات الولايات المتحدة إحداث شرخ بين روسيا وإيران في سوريا"، وفي عدة مواضع أخرى، شدد على وجهة نظره بأن العلاقات مع روسيا والصين يجب أن تكون دائما إستراتيجية.