حسين حبري.. رئيس حكم تشاد بقسوة وقضى عليه كورونا في سجن سنغالي

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

عن عمر ناهز الـ80 عاما، توفي الرئيس التشادي السابق حسين حبري في معتقله بالسنغال، بعدما حكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2016 جراء إدانته بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" في ختام محاكمة غير مسبوقة، استمرت بين عامي 2015 و2016.

أعلن وزير العدل السنغالي مالك سال في 24 أغسطس/آب 2021، خلال حديثه لشبكة "تي إف إم" أن "حبري انتقل إلى رحمة الله"، فيما أفادت وسائل الإعلام السنغالية أنه توفي جراء إصابته بفيروس كورونا.

مجرم حرب

حسين حبري، الذي تولى السلطة في تشاد لمدة ثماني سنوات امتدت من 1982 حتى 1990، حكم عليه في 30 مايو/أيار 2016 بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بجرائم "ضد الإنسانية وجرائم اغتصاب وإعدامات وعبودية وخطف".

قدرت لجنة تحقيق تشاديةعدد ضحايا أعمال القمع في ظل حكم حبري بـ40 ألف قتيل. وقال القاضي المالي وافي أوغاديي: إن محكمة الاستئناف "ثبتت القرار" المتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتعذيب الصادر في مايو/أيار 2016، وذلك في غياب المتهم.

في المقابل، جرى تبرئة "حبري" من تهمة الاغتصاب وهو ما لا يغير شيئا في الحكم، حسبما صرح القاضي في 27 أبريل/نيسان 2017.

واقتيد "حبري" بالقوة إلى المحكمة، وطوال فترة المحاكمة، رفض أن يتكلم أو أن يمثله أحد أمام سلطة قضائية يرفضها، حيث واصل أنصاره المطالبة بالإفراج عنه فيما كان في السجن في العاصمة السنغالية داكار.

في عام 2005، أصدرت محكمة في بلجيكا مذكرة اعتقال بحق حبري، مؤكدة على الولاية القضائية الشاملة في هذه القضية.

 لكن بعد أن أحالت السنغال القضية إلى الاتحاد الإفريقي طالب الأخير السنغال بمحاكمة حبري نيابة عن إفريقيا.

ولم يمثل حبري أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث إن جرائمه المزعومة ارتكبت قبل تأسيسها عام 2002، لكن المحكمة الخاصة التي تشكلت من جانب السنغال والاتحاد الإفريقي في داكار يمكنها أن تضع إطارا لإجراء محاكمات مستقبلية.

فور دخوله قاعة المحكمة، بدأ حبري بوصف إجراءات محاكمته بالمهزلة، فأمر القضاة بإخراجه من القاعة.

قررت المحكمة تأجيل القضية حتى 7 سبتمبر/أيلول 2015، لإفساح المجال أمام المحامين بدراسة ملف القضية.

لجأ حسين حبري الذي أطيح به في انقلاب عسكري عام 1990 إلى السنغال حيث توفرت، بضغوط دولية، ظروف محاكمته، وأوقف في 2013 ووجهت إليه التهم محكمة خاصة أنشئت بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي.

جرى الإفراج عن "حبري" لمدة شهرين بإذن خاص عام 2020 بهدف حمايته من فيروس كورونا، بعد طلب من محامية لكونه في أواخر السبعينيات من عمره، وأمضى الـ60 يوما تحت الإقامة الجبرية في منزله في أوكام في العاصمة السنغالية.

وقالت وكالة "أسوشيتيد برس" الأميركية خلال تقرير نشرته 24 أغسطس/آب 2021: إن "حبري" يعد واحدا من أكثر الديكتاتوريين قسوة في العالم.

ونقلت الوكالة عن ريد برودي، المحامي بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي عمل لسنوات لتقديم حبري إلى العدالة، قوله: إن الأخير "أحرق قرى بكاملها، وأرسل النساء للعمل كعبيد جنس لقواته، وبنى زنزانات سرية لممارسة التعذيب".

رئيس قاس

ولد حسين حبري لمزارع في فايا لارجو شمال تشاد في 13 سبتمبر/أيلول 1942 وهو من قبيلة الأنكزة إحدى أفرع قبيلة القرعان التشادية، حيث كانت البلاد لا تزال تحت حكم الاستعمار الفرنسي.

بعد إكماله لتعليمه الأساسي، أصبح حبري نائب رئيس الإدارة المحلية، ثم انتقل إلى فرنسا في 1963 ليتابع تعليمه في معهد الدراسات العليا لما وراء البحار.

وبعد ذلك درس الحقوق في العاصمة الفرنسية باريس، وكذلك التحق بمعهد العلوم السياسية، واستكمل ثقافته السياسية بالاطلاع على كتب فرانتز فانون وإرنست تشي جيفارا وريمون أرون.

اشتغل في بريد الإدارة التشادية فحصل على منحة لدراسة العلوم السياسية في فرنسا. وعاد إلى تشاد عام 1971، وبدأ في الظهور على الساحة الدولية بعدما هاجمت مجموعة تحت قيادته بلدة بارداي في تبيستي وأخذت ثلاثة أوروبيين رهائن.

بعد عودته إلى تشاد عام 1971 التحق بجبهة التحرير الوطني وتولى قيادتها قبل أن يؤسس مع شمالي آخر هو كوكوني عويدي مجلس القوات المسلحة للشمال.

اعتبارا من 1974، بدأ اسمه يعرف في الخارج باحتجازه رهينة لثلاث سنوات هي عالمة الإثنيات الفرنسية فرنسواز كلوستر مما أجبر فرنسا على التفاوض مع المتمردين.

وبعد ذلك أصبح حسين حبري رئيسا للحكومة في عهد الرئيس فيليكس معلوم الذي قاطعه فيما بعد، ثم وزيرا للدفاع في عهد كوكوني عويدي رئيس حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في 1979.

عام 1982، أطاح حبري بالرئيس غوكوني وداي، وبدأ سنوات حكمه الثماني رئيسا للدولة، والتي اتسمت بقمع مروع.

وكان يجري توقيف المعارضين الحقيقيين أو المفترضين من قبل إدارة التوثيق والأمن، وتعذيبهم وغالبا إعدامهم.

شمل ذلك عشرات الآلآف الذين ماتوا في المعتقلات أو أعدموا في عهده، بينهم أربعة آلاف جرى التعرف عليهم بأسمائهم.

خصم القذافي

عرف حبري بمعارضته الشديدة للرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، الذي يؤيده عويدي بمقاطعة حليفه السابق وبدأ حربا أهلية في نجامينا التي اضطر للانسحاب منها في نهاية 1980.

ومن شرق تشاد، استأنف القتال ضد نظام عويدي المدعوم من طرابلس، ودخل نجامينا منتصرا في 1982.

بعد عام واحد، استفاد عويدي من تدخل ليبي تصدت له قوات فرنسية زائيرية لمصلحة حكومة حبري.

وفرض حسين حبري نفسه بعد عدة وساطات ومعارك جديدة، لكن المواجهات استؤنفت في 1986 و1987.

وإدراكا منه أن نظامه كان تحت التهديد من ليبيا، أنشأ حبري أجهزته الأمنية المعروفة باسم مديرية التوثيق والأمن بعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة.

حصل حبري على دعم كبير سواء بالأسلحة أو الأموال من الولايات المتحدة وفرنسا لأنه كان ينظر إليه على أنه "حصن ضد الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي"، حسب "هيومن رايتس ووتش".

وكان من أهم الأحداث في عهد حبري، الحرب الليبية التشادية حول قطاع اوزو، وهو شريط من الأرض في شمال تشاد على طول الحدود مع ليبيا.

يبلغ طول هذا الشريط حوالي ست مئة ميل، ويمتد جنوبا إلى عمق نحو 100 كيلومترا ويختلف عرضه من منطقة إلى أخرى وهي منطقة شاسعة تبلغ مساحتها حوالي 80 ألف كيلو مترا مربعا.

في نهاية 1990، غادر حسين حبري، إنجامينا عاصمة التشاد، بسرعة هربا من هجوم خاطف شنه أتباع، إدريس ديبي، الذي كان أحد جنرالات الجيش التشادي وانشق قبل 18 شهرا ثم اجتاح البلاد انطلاقا من السودان.

غادر حبري إلى الكاميرون ثم إلى السنغال، حيث عاش في العاصمة داكار، بهدوء لأكثر من عشرين عاما.

ويقول المحامي الأميركي ريد برودي كبير المحققين في هذا الملف في منظمة "هيومن رايتس ووتش": إن الديكتاتور السابق حرص على إفراغ الخزائن قبل مغادرته تشاد وتمكن من بناء شبكة حماية له في السنغال.