تانجو أوزجان.. رئيس أجمل بلديات تركيا والأسوأ بمعاملة السوريين والأجانب

أحمد يحيى | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مقاطعة هادئة تحت قيادة رئيس صاخب، ينطبق هذا الوصف على بلدية "بولو"، الواقعة شمال غرب تركيا، والتي تعتبر واحدة من الوجهات السياحية المفضلة في البلاد.

"بولو" تضم أجمل الأماكن والمنتزهات، بالإضافة إلى هدوئها غير المعهود، وابتعادها عن ضجيج المدن الكبرى، حتى أن مدينة "كوينك" الواقعة ضمن زمامها، تشتهر باسم "المدينة الهادئة".

لم يفهم  رئيس بلديتها التركي تانجو أوزجان، تلك المزايا الهائلة لبلديته الانتخابية؛ فراح يطلق ألسنة الفتنة والكراهية بحق اللاجئين والمهاجرين وخاصة السوريين. 

البلدية التي يصل عدد سكانها لـ300 ألف نسمة، تولى رئاسة بلديتها أحد أكثر المسؤولين شراسة وإثارة للجدل في عموم تركيا، وهو تانجو أوزجان، ابن حزب الشعب الجمهوري المعارض.

أوزجان، معروف بمواقفه العنصرية المتطرفة ضد السوريين، وسعيه المستمر لطردهم من المدينة، والتضييق عليهم، بل وصل الأمر أنه توعد بطردهم بالقوة من البلديات والمدن لو امتلك ذلك القرار.

تركيا أكثر بلدان العالم استضافة للسوريين، الذين يتجاوز عددهم 3 ملايين و645 ألفا و557 مهاجرا، بحسب إدارة الهجرة التركية للعام 2021.

ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، وولايات شانلي أورفة الحدودية، وغازي عنتاب وهاتاي.

مسؤولو حزب الشعب الجمهوري المعارض، من الرئيس كمال كليجدار أوغلو، حتى رئيس بلدية "بولو" تانجو أوزجان، لا يرحبون باللاجئين.

ويستعملون ورقة ضغط على الحزب الحاكم بالانتخابات، ما سبب موجة عنف وكراهية ضد السوريين. 

ينفث كراهية

مؤتمر صحفي بـ"بولو" يوم 26 يوليو/ تموز 2021، أطلق أوزجان، تصريحات ضد السوريين، بطريقة غير معهودة من مسؤول تركي سواء بالحزب الحاكم أو المعارضة، التي رغم استغلالها أزمة المهاجرين، لكن لم يفعل أحد قادتها فعل أوزجان. 

رئيس البلدية قال إنه "سيقترح على مجلس المدينة فرض رسوم 10 أضعاف على فواتير المياه الخاصة بالأجانب"، قاصدا السوريين. 

وعن اللاجئين أضاف: "إنهم لم يذهبوا عندما قطعنا المساعدات، ولم يذهبوا عندما توقفنا عن إصدار تصاريح العمل، لذلك قررنا الآن اتخاذ إجراءات جديدة".

أوزجان، اعترف أنه "كان يفعل ذلك ليغادر الأجانب المدينة، ثم أوضح: "إنهم تجاوزوا مدة الترحيب الخاصة بهم، لو كانت لدي السلطة، سأرسل مسؤولي البلدية لطردهم بالقوة". 

وأعاد نشر المؤتمر عبر "تويتر"، وضمن الفيديو تحت هاشتاغ "Bu Misafirlik Fazla Uzadı" وتعني بالعربية "لقد كانت هذه الاستضافة طويلة جدا"، قاصدا استضافة تركيا، ومدينة بولو للسوريين. 

بلدية "بولو" تستضيف عددا صغيرا من السوريين، وفقا للبيانات الرسمية لدائرة الهجرة 2020، إذ تستضيف 1500 سوري، في رقم أوردته صحيفة "صباح" التركية المحلية، عن بولو إحدى المحافظات الـ81 لتركيا. 

كراهية سابقة

تانجو أوزجان، عرف بسياسته المتطرفة المعادية للأجانب عموما والسوريين خصوصا، لا سيما قبيل حملته الانتخابية عام 2019، التي رفع فيها شعار "لا نريد رؤية السوريين في تركيا"، إذ تعهد آنذاك بقطع المساعدات للاجئي المدينة. 

بلدية "بولو" اعتادت تقديم مساعدات غذائية للمحتاجين من اللاجئين، لكن وصول أوزجان لرئاسة البلدية قطع تلك الإعانات بأول قرار اتخذه ضمن سياسته القاسية تجاه اللاجئين والمقيمين عموما. 

حينها قال تصريحه الشهير، الذي تم تداوله على نطاق واسع ضمن وسائل الإعلام التركية: "من الآن فصاعدا لن أعطي قرشا واحدا للاجئين السوريين من ميزانية بولو".

واستطرد: "سأرفض طلبات إصدار التراخيص التجارية لهم، بإمكانهم اللجوء للمحاكم، لأني لا أريد أن يستوطنوا بولو وتركيا.. أقولها: هؤلاء الضيوف مكثوا أطول من اللازم".

سياسة أوزجان دفعت منظمات حقوقية للتحرك ضده، ففي 27 يوليو/ تموز  2021، رفعت "الرابطة الرسمية لحقوق اللاجئين في تركيا"، دعوى قضائية ضد قراراته وتصريحاته ووصفتها بـ"العنصرية".

الرابطة قالت: إنها "تقدمت بدعوى قضائية بحق أوزجان، بعد أن أقر رفع تكاليف فواتير المياه 10 أضعاف على الأجانب بالمدينة، لدفع السوريين لمغادرة بولو قسريا".

وفي 28 يوليو/ تموز 2021، فتح مكتب المدعي العام في ولاية "بولو" تحقيقا بحق رئيس البلدية، بسبب تصريحاته التحريضية ضد اللاجئين السوريين.

يواجه أوزجان تهمة "إساءة استخدام المنصب"، وبث "الكراهية والتمييز"، وفق ما ذكرته وكالة "الأناضول" التركية الرسمية. 

وجه قبيح

الصادم في توجهات أوزجان أكثر من التصريحات العنصرية، هو ما كشفته صحيفة "هبرلار" التركية المحلية، في 27 يوليو/ تموز 2021، تحت عنوان "الاتهام الذي سيقلب حزب الشعب الجمهوري رأسا على عقب".

الصحيفة أوردت "أن تانجوز أوزجان كان يوظف اللاجئين في منزله بدون تأمينات أو رخصة عمل"، إذ استعان بأحد اللاجئين الأفغان الذي عمل عند رئيس بلدية "بولو" دون ترخيص.

وعلقت على الواقعة: "إذا كان لا يريد الأجانب، فلماذا قام بتوظيف لاجئ عنده في المنزل كخادم دون أن يدفع له أيا من أقساط التأمين؟ أليست هذه العنصرية بذاتها". 

أوزجان الذي أثار تلك الضجة في عموم تركيا، ولد في مدينة "بولو" 12 ديسمبر/ كانون الأول 1973، وتخرج من كلية الحقوق جامعة أنقرة، وبدأ حياته العملية كمحام مستقل.

شهد عام 2011، دخول أوزجان البرلمان لأول مرة كنائب "بولو"، عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، في الانتخابات العامة التركية، لينال نفس المقعد عام 2015، و2018 للمرة الثانية والثالثة.

في الانتخابات المحلية 31 مارس/ آذار 2019، ترشح لمنصب رئيس بلدية "بولو"، من حزب الشعب الجمهوري، وجرى انتخابه رئيسا للبلدية بنسبة 52.71 بالمئة من الأصوات. 

في 5 أبريل/ نيسان 2019، تولى رئاسة البلدية رسميا من سلفه علاء الدين يلماز، وشهد اليوم واقعة غريبة أثارت الرأي العام، إذ حرص أوزجان أن يؤدي اليمين كرئيس للبلدية على القرآن الكريم.

ذلك رغم أن الأمر يخالف سياسات حزب الشعب الجمهوري المنتمي إليه، والذي يعتمد العلمانية، وما جرى تفسيره بأن رئيس بلدية "بولو" الجديد يحاول اجتذاب الشرائح الشعبية المحافظة.