الجارديان ترصد نتائج "كذبة" رامسفيلد التي دمرت العراق ومزقته
توفي وزير الدفاع الأميركي الأسبق دونالد رامسفيلد، في 30 يونيو/ حزيران 2021، عن عمر ناهز الـ"88"، إلا أن الضمير الغربي لم يعترف بعد بشكل كاف بأدوار ذلك الرجل في دمار العراق وتمزيق أوصاله بكذبته الشهيرة بوجود سلاح نووي هناك مطلع القرن الـ20.
صحيفة "الغارديان"، البريطانية، اعترفت بأن الغزو الأميركي للعراق وما خلفه من دمار في ذلك البلد العربي في قارة آسيا؛ سيبقى إرثا دمويا يلاحق وزير الدفاع الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد.
التقرير الذي حمل هذا المعنى أعده الصحفي في "Harper’s Magazine" بالعاصمة الأميركية واشنطن، "أندرو كوكبيرن"، مؤلف كتاب “The Spoils of War: Power Profit and the American War Machine"، "غنائم الحرب: ربح القوة، وآلة الحرب الأميركية"، والمقرر نشره 21 سبتمبر/ أيلول 2021.
حذاء البطة
كوكبيرن، قال إن وزير الدفاع في عهد جورج دبليو بوش، رامسفيلد، الذي توفي في 30 يونيو/ حزيران 2021، عن عمر يناهز 88 عاما، تميز بميزة واحدة مهمة للغاية، كانت تبدو أكبر مما كان عليه في الواقع.
وأضاف: "لقد عزز مكانته الضئيلة نسبيا، بمساعدة الأحذية المبطنة بكعب عال والتي يبلغ طولها 5 أقدام و8 بوصات، مما جعله يتمايل عندما يمشي، ما دفع فريقه كي يطلق عليه اسم "حذاء البطة".
الكاتب الأميركي، أكد أن رامسفيلد، قام بتضخيم وجوده بطرق أخرى، من خلال الترويج لصورة قائد حازم وواضح التفكير، بينما يعمل على صرف الانتباه عن مسؤوليته عندما تتحول المبادرات التي يدافع عنها إلى كارثة.
وعندما تحطمت طائرة "أميركان إيرلاينز" رقم "77" في مبنى وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، في 11 سبتمبر/ أيلول 2001، سارع بالخروج من مكتبه وتوجه إلى موقع الحادثة، حيث أمضى دقيقة أو نحو ذلك يساعد في حمل نقالة تحمل أحد الضحايا.
وأوضح كوكبيرن، أنه "في غضون ذلك، كانت البلاد (أميركا) تتعرض للهجوم، لكن لم يعرف أحد مكان وجود الرئيس التنفيذي للقوات المسلحة الأميركية".
وأكد أن مسؤولا كبيرا في البيت الأبيض أكد له لاحقا أن رامسفيلد "تخلى عن منصبه"، في قرار رفعه إلى مكانة بطولية، كقائد حاسم، يتولى المسؤولية.
ولفت إلى أن "هذه الصورة التي استمرت جزئيا بفضل جهاز الدعاية الذي يمتلكه، والذي لعب دورا كبيرا في تشتيت الانتباه عن إهماله للتحذيرات قبل 11 سبتمبر/أيلول 2001، من احتمال وقوع هجوم إرهابي".
وعندما تولى منصبه في عام 2001، أعلن بصوت عال نيته "تحويل" الجهاز العسكري في البلاد من أعلى إلى أسفل.
لكنه وفق الكاتب الأميركي، بدا بعدها وكأنه يتراجع عن اتخاذ قرارات بشأن الأسلحة التي يجب شراؤها، بعد أن باع أسهمه في شركات الدفاع التي كانت قيمتها ترتفع بفضل وعده بزيادة الميزانية.
كوكبيرن، واصل سرد سقطات رامسفيلد، وأشار إلى فضيحة حدثت بالقوات الجوية الأميركية تنصل منها وزير الدفاع الأميركي حينها.
وردا على سؤال المحققين في فضيحة توقيع عقد قيمته "26 مليار دولار"، (19 مليار جنيه إسترليني) لناقلات التزود بالوقود للقوات الجوية، والتي أدت إلى محاكمات جنائية ادعى رامسفيلد أنه غير مدرك تماما للأحداث.
ونفى لقاءه مقاولي الدفاع الذين سجن العديد من المتورطين منهم، ما لم "يصادفهم في حفلة ما في مكان ما".
غزو العراق
وبشأن دوره في غزو العراق، أكد أن رامسفيلد، روج بقوة لغزو العراق واحتلاله مطلع الألفية الجديدة وتحديدا بالعام 2003.
وأشار إلى نشر رامسفيلد، وحدة خاصة في البنتاغون تسمى "مكتب الخطط الخاصة" لتوليد معلومات استخبارية، تؤكد امتلاك الرئيس العراقي حينها صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل.
وعندما أصبح من الواضح أن صدام في الواقع لا يمتلك مثل هذه الأسلحة، تهرب رامسفيلد من المسؤولية عن المعلومات الاستخباراتية المزيفة، وفق الكاتب الأميركي.
وأشار إلى أنه "على نفس المنوال، فإن التعذيب الروتيني للسجناء العراقيين على أيدي القوات الأميركية ومقتل جنود أميركيين في مركبات مدرعة بدت وكأنها مسؤولية شخص آخر.
رامسفيلد المتعجرف
كوكبيرن، أكد كذلك أن أسلوب إدارة رامسفيلد المتعجرف وجهله ساعدا في ضمان وقوع كارثة.
وذهب إلى أن "رامسفيلد كان وراء التخطيط للانتشار العسكري قبل الغزو، وهو ما يعني أن الوحدات تصل غالبا بدون مركبات ومسعفين ومكونات أساسية أخرى".
وجزم بأنه "لم تكن هناك خطة لما يجب فعله بمجرد دخول القوات الأميركية العاصمة العراقية بغداد.
واتهم رامسفيلد، بأنه "لم يفكر في العواقب المحتملة لحل الجيش العراقي، أو كيفية التعامل مع أعمال الشغب التي دمرت ما تبقى من الإدارة العراقية".
بل إنه "أصر على أن الهجمات المتصاعدة على الوحدات الأميركية لا تمثل أي شيء سوى أنها رد فعل من قبل فلول النظام القديم.
تضخيم متعمد
الكاتب الأميركي، يرى أن "أهم إسهامات رامسفيلد كوزير دفاع في عهد الرئيس فورد، هي رعاية التضخم الفظيع في تقديرات التهديد العسكري السوفييتي، مع النتيجة الطبيعية الواضحة لزيادة الإنفاق الدفاعي لأميركا".
وجزم بأن "ميزانية البنتاغون، عانت من تخفيض لا مفر منه بعد الانسحاب من فيتنام، ولكن تحت رعاية رامسفيلد، بدأت في الصعود المستمر الذي توقف لفترة وجيزة فقط بسبب اختفاء العدو السوفييتي في عام 1991، ولكنه استمر حتى يومنا هذا".
الكاتب الأميركي، تحدث كذلك عن آراء الرؤساء الأميركيين عن رامسفيلد، وأوضاعه بعد خروجه من وزارة الدفاع.
وأشار إلى أنه لم يحصل على الثناء إلا من الرئيس الأميركي الـ37، ريتشارد نيكسون، الذي قال عنه، كما هو مسجل في نظام التسجيل السري بالبيت الأبيض، إنه "لقيط صغير لا يرحم".
وأضاف: "وبعد أن ترك منصبه عندما أصبح جيمي كارتر الرئيس الـ39 لأميركا، عينته عائلة (شيكاغو سيرل)، لإنقاذ شركة الأدوية (جي دي سيرل)".
ولفت إلى أن "المنتج الوحيد الذي كان يمكنه إنقاذ الشركة هو المحلي المكتشف حديثا والذي يدعى (الأسبارتام)".
وقال إنه "ولسوء الحظ، كانت هناك اختبارات تشير إلى أنه يصيب الفئران بسرطان الدماغ، ما دفع رفض التصريح به في السوق، وهو ما استغرق 4 سنوات قبل نجاح رامسفيلد، في مغازلة إدارة ريغان، والوصول للنتيجة المطلوبة".
الجانب الأكثر بروزا في إرث رامسفيلد، وفق كوكبيرن، "هو قدرته على التحمل، وهو الذي كان يردد دائما قصص التهديد العسكري السوفييتي، وما ترتب على ذلك من أرباح لشركات الدفاع".
وأشار إلى أن "حلفاءه استخدموا نفس الخطاب حول القوات المسلحة الروسية، وأطلقوا الإنذارات حول التهديد الصيني المزعوم، وهو ما جعل ميزانية البنتاغون ترتفع بشكل مطرد".
وختم حديثه بالقول: "فيما لا يزال أبناء وبنات الجنود ومشاة البحرية الأمريكيين الذين أرسلهم إلى الشرق الأوسط ينتشرون في المنطقة، فإن الأمر الأكثر كآبة هو أن العراق لا يزال في حالة خراب".