حضره الكاظمي.. لماذا نفذ الحشد الشعبي أول عرض عسكري لقواته بالعراق؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد سبعة أعوام من تأسيسها، نظمت قوات الحشد الشعبي في العراق، لأول مرة، استعراضا عسكريا في 26 يونيو/ حزيران 2021، بحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ومشاركة نحو 20 ألف مقاتل، وذلك بعد تأجيله مرتين ومقاطعة وانسحاب عدد من الفصائل للاستعراض.

وغرد الكاظمي: "حضرنا استعراض جيشنا البطل في 6 يناير/ كانون الثاني (2021)، وأيضا الشرطة الباسلة، واليوم حضرنا استعراض أبنائنا في الحشد الشعبي". وأضاف: "نؤكد أن عملنا هو تحت راية العراق، وحماية أرضه وشعبه واجب علينا".

إصرار الحشد الشعبي على إقامة استعراض عسكري، ونقله من العاصمة بغداد إلى مدينة ديالى المحاذية لإيران لأسباب غير معلنة، أثارت تساؤلات كثيرة عن الهدف من وراء إجراء هذه الفعالية بمعزل عن الجيش العراقي، لأول مرة رغم مرور سبعة سنوات على التأسيس.

إضعاف الجيش

تعليقا على ذلك، رأى الباحث في الشأن العراقي لطيف المهداوي أن "تصميم الحشد الشعبي على الاستعراض يأتي ضمن مشروع تقوده إيران لإضعاف الجيش العراقي، والهدف منه جعل له عيدا خاصا بمعزل عن عيد الجيش، فكيف يكون جزءا من القوات المسلحة ويقيم عيدا خاصا به؟".

وأضاف المهداوي لـ"الاستقلال": "هناك مطالبات من نواب في البرلمان ينتمون إلى تحالف الفتح الذي يعتبر الذراع السياسي للحشد الشعبي، طالبوا بتأسيس طيران حربي للحشد وقوة جوية ودفاعاتها وأنظمتها الرادارية، وقوة بحرية، وذلك على غرار ما يمتلك الحرس الثوري الإيراني".

وحسب الباحث العراقي، فإن "كل ذلك الهدف منه تهميش الجيش العراقي بتشكيلاته العسكرية، وتصدير الحشد الشعبي وجعله القوة الضاربة في البلد، حتى يمحى تاريخه العريق ومن إحدى بطولاته هو مقاتلة إيران لمدة ثمان سنوات في ثمانينيات القرن العشرين".

وبين أن "من شارك بالاستعراض هي الفصائل الولاية (الموالية لإيران) أغلب قادتهم كانوا يحاربون في صفوف الجيش الإيراني ضد الجيش العراقي خلال الحرب الإيرانية العراقية، لذلك فالاستعراض لم يقم تحت أقواس النصر في ساحة الاحتفالات ببغداد المخصصة لاستعراض الجيش".

لكن فصيل "سرايا السلام" التابع للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر لم يشارك في استعراض الحشد.

وقال النائب في البرلمان عن "التيار" رياض المسعودي إن "سرايا السلام وحشد العتبات (تابعة للمرجعية الشيعية بالنجف)، يمثلان نسبة كبيرة داخل منظومة الحشد الشعبي.

وأضاف المسعودي خلال تصريحات صحفية في 27 يونيو/ حزيران 2021، أن "التيار الصدري أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة أن يدار الحشد الشعبي مركزيا من الحكومة، كما يدار جهاز مكافحة الإرهاب والجيش العراقي بكل صنوفه، وكذلك وزارة الداخلية".

وتابع: "نحن نؤمن أن تكون الأجهزة الحكومية تحت سلطة الحكومة، والحشد الشعبي اليوم ليس تحت هذه السلطة، فهو عبارة عن ألوية متعددة تنتمي إلى جهات سياسية في البلد".

وأشار المسعودي إلى أن "التيار الصدري يرغب في أن يكون الحشد بعيدا عن سلطة الأحزاب، وأن لا يستغل إعلاميا وسياسيا وانتخابيا وماليا، وذلك على غرار الجيش العراقي الذي هو بعيد كل البعد عن هذه الممارسات".

ولفت إلى أن "هناك أطرافا سياسية تسعى إلى الاستفادة من الحشد الشعبي، فيما كان موقف الصدر عام 2007 واضحا عندما طالب بتنظيم هذه المليشيا باعتبارها منظومة عقائدية، لكن ذلك لم يتحقق".

وبين أن "العشرات من عناصر الحشد الشعبي هم موظفون في دوائر أخرى تابعة للدولة، فكيف يستمر مثل هذا الحال في مؤسسة عسكرية يفترض أنها تابعة للقوات المسلحة؟".

تجربة الحوثي

في المقابل، يلاحظ الناشط السياسي ناجح الميزان أن الفصائل الولائية هي التي شاركت حصرا في استعراض الحشد الشعبي، ملمحا إلى أن ما حصل تم بأوامر إيرانية امتثلت لها هذه الفصائل ورئيس الحكومة أيضا.

وأشار الميزان، خلال تصريحات صحفية في 27 يونيو/ حزيران 2021، إلى أن الكاظمي يصور الأمر وكأنه في سياق "وحدة الدولة"، لكنه يشدد على أن القضية ليست كذلك.

ويقول: "لطالما أهانوا الكاظمي، كما هددوه ووصفوه بأبشع الأوصاف وطوقوه في الخضراء وكادوا أن يقتلوه أو يعتقلوه".

وأعرب عن اعتقاده بأن حضور الكاظمي اليوم جاء وفق قاعدة "مجبر أخوك لا بطل"، ويحذر من أن ما يحصل في الساحة العراقية قد يكون مقدمة لتطبيق تجربة الحوثيين في اليمن وطالبان في أفغانستان.

ولفت الميزان إلى أن الاحتفال هو "تمرين أو استعراض قوة لإخافة الجيش ومكافحة الإرهاب"، واضعا ذلك في سياق "الاستعداد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي للسيطرة على الحكم وتطبيق التجربة الحوثية والطالبانية بحذافيرها".

من جهته، رأى الخبير الأمني والإستراتيجي العراقي مؤيد الجحيشي، خلال تصريحات صحفية في 18 يونيو/ حزيران 2021، أن "وصول إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة في إيران سيقوي موقف الحشد الشعبي أكثر ، ويجعله ذراع طهران الثورة الفاعل بالعراق".

وبناء على ذلك، لا يستبعد الجحيشي أن "تدعم إيران المليشيات الموالية لها في العراق، لتنفيذ سيناريو انقلاب جماعة الحوثي في اليمن، وفرض سيطرتها على السلطة بقوة السلاح".

وربط الجحيشي "تأجيل استعراض الحشد الشعبي، الذي كان مقررا يوم 18 من يونيو/حزيران 2021، بالانتخابات الرئاسية الإيرانية (في 18 من الشهر ذاته)، وانتظار وصول المرشح إبراهيم رئيسي إلى الرئاسة".

ثلاث رسائل

في السياق، رأى الباحث السياسي، هيثم الخزعلي، أن "الحشد أراد من هذا الاستعراض أن يوصل رسائل عديدة، من بينها رسائل طمأنة للداخل، بأن هناك قوة عسكرية انتصرت على أعتى تنظيم إرهابي في العالم، في إشارة إلى "تنظيم الدولة"، وهي جاهزة لإعادة الكرة.

وأوضح الخزعلي، خلال تصريحات صحفية في 27 يونيو/ حزيران 2021، أن "رسالة الحشد بهذا المعنى هي أنه موجود ويمتلك القوة، وأنه استطاع أن يهزم تنظيم الدولة".

أما الرسالة الأخرى وفق الخزعلي، فهي أنه ملتزم بشرعية الدولة، لا سيما وأن رئيس الوزراء بنفسه حضر الاستعراض وبارك حضور الحشد. وتابع: الرسالة الثالثة للخارج، وهي أنه موجود في حال حاولت أي قوة خارجية أن تنتهك سيادة العراق وتضعفها.

ودافع الباحث السياسي عن الحشد الشعبي، بالقول إنه "جزء من القوات المسلحة العراقية"، لافتا إلى أنه كان "من الطبيعي" أن يستعرض الحشد عسكريا في ذكرى تأسيسه.

وفي المقابل، قال المحلل السياسي مثنى أركان خلال تصريحات صحفية في 27 يونيو/ حزيران 2021، إن "الفوضى التي عاشتها البلاد ما بعد 2003، وفرت لإيران الأجواء المناسبة لزرع تلك المليشيات في التربة العراقية، والتي باتت تمتلك الحصانات الاقتصادية والترسانات العسكرية".

ورأى أركان أن "فرص المعالجة والعودة بدولة المؤسسات في العراق ما زالت ممكنة وقد بدأت تظهر بشكل جلي من خلال حكومة الكاظمي ولكن إلى الآن لم ترتق للمستوى المطلوب والمأمول".

وكانت هيئة "الحشد الشعبي" قالت في بيان إن "الاستعراض أقيم برعاية وحضور رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بمناسبة ذكرى تأسيس (المليشيا) السنوية السابعة، وذكرى بدء عمليات التحرير الكبرى ضد تنظيم الدولة".

وأضافت: "هذا الاستعراض هو الأول لقوات الحشد الشعبي".

ويأتي الاستعراض بعد أزمة حادة اندلعت بين الكاظمي و"الحشد الشعبي" على خلفية اعتقال القيادي البارز بقوات الأخير قاسم مصلح، والتي انتهت بإطلاق سراحه في 9 يونيو/ حزيران 2021، بعد أسبوعين على توقيفه.

وأثار اعتقال "مصلح" غضب فصائل في "الحشد"، فحاصرت، آنذاك، مواقع في "المنطقة الخضراء"، وسط بغداد، بينها منزل مصطفى الكاظمي ومبنى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.