بين 80 يوتيوبر.. هكذا قبل "الدحيح" العمل مع منصة للتطبيع ورفض آخرون

12

طباعة

مشاركة

جدل وغضب احتدم عبر منصات التواصل الاجتماعي، عقب بث الحلقة الأولى من برنامج "الدحيح" الذي يقدمه صانع المحتوى المصري (اليوتيوبر) أحمد الغندور، من خلال مؤسسة "نيو ميديا" الإماراتية المعروف عنها الترويج للاحتلال الإسرائيلي.

ودعا ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة الحلقة عبر هاشتاج #قاطع_الدحيح، متهمين الغندور بالتعاون مع منصة "نيو ميديا" التابعة لشركة إماراتية تشجع على التطبيع.

وعقب عودته، بث الدحيح الحلقة الأولى بعنوان "الملل"، وشهدت تفاعلا كبيرا بنسبة بلغت 3 ملايين مشاهدة على "يوتيوب" خلال 48 ساعة، وأكثر من 100 ألف تفاعل على "فيسبوك".

واشتهر الدحيح بتقديم محتواه المرئي لـ4 سنوات في "العلوم" وقدم مادة شهدت تفاعلا واسعا على "+Aj" الرقمية، وهي منصة تتبع شبكة الجزيرة للإعلام الرقمي، قبل أن ينهي تعاقده مع المنصة قبل نحو عام.

وكشفت "الاستقلال"، قبل أشهر، دور "نيو ميديا" في الترويج لإسرائيل بالعالم العربي، ومحاولة استقطاب 80 من صناع المحتوى العربي، وهو ما رفضه البعض، وقبله "الدحيح".

نفوذ رقمي

منصة "نيو ميديا" أكاديمية إماراتية للإعلام الرقمي، افتتحها حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم قبل عام، وتحديدا في يونيو/حزيران 2020، بالتزامن مع جهود الإمارات الإعلامية للترويج للتطبيع مع إسرائيل واستيعابها في المنطقة العربية ضمن مبادرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب التي سميت "صفقة القرن".

وكرست الإمارات التي كانت الراعي والمروج الأبرز للمبادرة جهدها لتسخير نفوذ صناع المحتوى العرب والاستفادة من المحتوى الذي يقدمونه بما يخدم مصالحها ورؤيتها للقضايا.

ونتيجة لهذا الجهد، قامت أكاديمية "نيو ميديا" بالتعاون مع منصة "ناس ديلي" التي يمتكلها صانع المحتوى الإسرائيلي نصير ياسين، وطرحت مشروعا في سبتمبر/أيلول 2020  تستهدف من خلالها صناع المحتوى العرب عبر الإعلان عن تقديم دورات تدريبية لهم والتحكم في محتواهم.

وتلقت الأكاديمية التي تضم مدربين إسرائيليين وعربا انتقادات حادة وانسحب عدد من صناع المحتوى بعد أن عرفوا أن الأكاديمية تسعى لتبييض صورة إسرائيل بحجة القضاء على خطاب الكراهية.

وفي سبتمبر/أيلول 2020، حذرت حركة "BDS" العالمية التي تدعو إلى نصرة القضية الفلسطينية ومقاطعة إسرائيل، صناع المحتوى من المشروع التدريبي الذي تقدمه "ناس ديلي" وتضم طاقم إشراف وتدريب يرؤسه الإسرائيلي جوناثان بيليك، وبتمويل من أكاديمية "نيو ميديا".

"الدحيح" يرد 

بعد الانتقادات الحادة، كتب الدحيح منشورا عبر صفحته في "فيسبوك" رد فيه على الاتهامات بالتعاون مع منصة متهمة بالتطبيع مع إسرائيل والترويج ولها، وأكد بأن موقفه ثابت في دعم القضية الفسطينية وانحيازه للفلسطينيين.

وقال الدحيح: "من ساعة عرض الحلقة الأولى من برنامج الدحيح، وهناك مساحة واسعة ومتباينة من ردود الأفعال، بعضها كان إيجابيا، وأنا ممتن جدا وشاكر جدا لها، وبعضها كان سلبيا وعنيفا وتتفاوت فيه مساحات الاتهام..".

وأضاف".. وهذا السبب جعلني اليوم أقرر كسر عادتي على مدار الأربع سنين الماضية، وأرد بشكل مباشر وواضح على الاتهامات، لأنها بالذات اتهامات صعب جدا أسمعها وأسكت وأقول الزمن كفيل بالرد، مثل ما كنت أعمل في الاتهامات السابقة اللي أغلب حضراتكم عارفينها..".

وتابع الدحيح: "باختصار ووضوح موقفي كالآتي، موقفي من القضية الفلسطينية واضح ومعلن، وهو الموقف الوحيد اللي أعلنته، لأن صحيح أنا لا أفهم في السياسة ولا أحب الكلام فيها، لكني قررت إعلان موقفي من اللي بيحصل في فلسطين الفترة اللي فاتت".

وشدد على أن "الإجرام اللي كان يحصل على أهلنا هناك تجاوز كل تخيل، وعبرت عن مشاعري وقتها دون مواربة، وقلت إني منحاز لهم. هل هذا كلام يصدر من شخص مطبع أو ناوي يبقا مطبع؟".

وعن "نيو ميديا"، قال الدحيح: "المنصة اللي رجعت عليها، منصة تعليمية في الأساس، لا علاقة لها بناس ديلي، مفيش تمويل ولا دعم ولا غيره".

واستدرك: "لكن بالفعل كان في شراكة بين المنصتين لتدريس كورس صيفي، وانتهت العلاقة تماما السنة الي فاتت، وبالتالي الكلام عن أن المنصة الأولى تمول الثانية، أو الثانية تمول الأولى هو كلام خاطئ تماما، وبناء على هذه المعلومات قررنا بدء التعامل معاهم".

وعن محاولات الاستقطاب والاستغلال لترويج التطبيع وتحويل المحتوى من محتوى في العلوم لأي محتوى آخر يخدم رؤية أي طرف، كتب الدحيح: "مقدر خوف الناس وقلقهم من أن يبقا في محاولات استغلال أو دس للسم في العسل زي ما بيقولوا، وبناء على كده أؤكد على أمرين".

‏الأول، أن "محتوى برنامج الدحيح لن يتغير، ولن يتحول مع الوقت لأي شيء آخر، وأنه لن يكون بوقا إعلاميا لأي جهة، زي ما عمره ما كان بوق لأي جهة قبل كده".

والثاني، وفق الغندور، "وهذه حاجة بديهية، وغير محتاج أقولها، لكني بقولها حتى تبقى كل حاجة واضحة: إني عمري بأي شكل ما هكون مطبع، ولا المحتوى اللي بقدمه هيكون تطبيعي، أنا أقدم محتوى علمي وهفضل أعمل كده، ومش ناوي أغير دا، لأني مبعرفش أعمل حاجة تانية".

وقد تباينت الآراء إزاء ذلك الرد والموقف، فبنظر البعض "كان الرد والإيضاح" من قبل الدحيح كافيا، وحظي بتفاعل وترحيب من قبل كثيرين.

فيما رأى آخرون، أنه بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمه حاليا، فإن "استمرار تعاون الدحيح مع منصة إماراتية تتبع بلدا سياسته قائمة على ترويج التطبيع مع إسرائيل بكافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والإعلامية يعد عملا مشبوها، ومع الوقت سيخدم الرؤية الإماراتية والمصالح الإماراتية، بشكل أو بآخر".

أكاديمية مشبوهة

في 28 سبتمبر/أيلول 2020، نشرت "الاستقلال" حوارا مع صانع المحتوى اليمني عبدالرحمن الجميلي، تحدث فيه عن تجربته مع المنصة الإماراتية.

وقال الجميلي، في الحوار، إنه تلقى دعوة من فريق منصة "ناس ديلي" للمشاركة في برنامج تدريبي مدته 6 أشهر تقوم به المنصة بالتعاون مع "نيو ميديا" وتستهدف نحو 80 صانع محتوى عربي.

وأضاف الجميلي بعد التواصل طلبوا مني أن أوقع عقدا سموه "عقد السرية" لضمان أن الكلام الذي سيقولونه لن يتسرب، وفي ذات الوقت حاولوا تطميني أن العقود لن تقيد طبيعة المحتوى الذي سأقدمه بعد ذلك، لكنهم قالوا أنني سأكون ملزما بعدم مدح أو ذم أي دولة، ورفضوا إعطائي أي تفاصيل إلا بعد توقيع "عقد السرية".

وتابع الجميلي: "أفادوا أنه بعد 6 أشهر من التدريب سيتم توقيع عقد مع صناع المحتوى المميزين والذين يقدمون محتوى مميزا، وسوف تقوم أكاديمية "نيو ميديا" بإدارة قنوات صناع المحتوى، وتتشارك معهم الأرباح مناصفة بينها وبينهم.

وعن المشروع الذي تقوم به هذه الأكاديمية المشبوهة، يقول الجميلي: "برأيي هذا المشروع الذي استهدف نحو 80 من أهم صناع المحتوى من الوطن العربي، يسعى بشكل أو بآخر للسيطرة عليهم، ثم خلق وعي معين تجاه بعض القضايا من خلالهم، وكلنا نعلم هؤلاء دورهم كبير ومؤثر وفاعل".

وتابع: "هذا المشروع يتغلف بغلاف التعايش والقيم، لكني أرى أن له مخاطر كبيرة، كلنا نريد التعايش، لكن ليس ذلك التعايش الذي تريده دولة تظلم وتحتل وتهجر الشعوب، وفي نفس الوقت تريد أن يتم القبول بممارساتها باسم التعايش.

وختم بالقول: "لا يمكن أن أتعايش مع طرف بهذا الشكل، كما ليس من المقبول التخلي عن القضية التي تربينا عليها، وأدركنا مآسيها، وعرفنا أن مئات الآلاف بل الملايين تم تشريدهم، أنا كصانع محتوى لدي وعي تجاه هذه القضية، وأفترض أن الآخرين لديهم وعي كاف تجاه هذه القضية أيضا".