بوبليكو: هكذا تجبر إسرائيل المنظمات الإغاثية على مغادرة فلسطين
تطالب أكثر من 120 منظمة بالإفراج عن خوانا رويز، التي تعمل منذ 35 عاما في مشاريع الرعاية الصحية للشعب الفلسطيني التي تدعمها الإدارات العامة الإسبانية كمساعدات تنموية لفلسطين.
وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية إن اعتقال الإسبانية خوانا رويز في سجن إسرائيلي (منذ 13 أبريل/نيسان)، أثار ناقوس الخطر في المنظمات التعاونية الإسبانية، التي تعمل في تلك المنطقة.
اتهمت خوانا رويز بالانتماء إلى منظمة أعلن فجأة أنها غير قانونية، وهي مؤسسة لجان العمل الصحي، على الرغم من أنها طورت برامج صحية على مدى عقدين من الزمن بمساعدة البلديات والمقاطعات المتمتعة بالحكم الذاتي وحكومة إسبانيا.
قصة رويز
خلف هذه الملاحقة، لا ترى المنظمات غير الحكومية سوى محاولة لتجريم عملها حتى تتوقف ببساطة عن القيام بتقديم الدعم لفلسطين.
وأشارت الصحيفة إلى أن التهم الموجهة إلى هذه المرأة، التي تحمل جواز سفر إسباني، محيرة ومبهمة منذ اعتقالها.
في هذا السياق، أفادت الجهات الإسرائيلية في 6 مايو/أيار بأن الأموال المخصصة من الاتحاد الأوروبي للمشاريع الإنسانية والتعاونية، مثل تلك الخاصة بمؤسسة لجان العمل الصحي، تم استخدامها لدعم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي منظمة تصفها إسرائيل بأنها "إرهابية".
مع ذلك، وعقب حوالي شهر داخل السجن دون معرفة السبب، بعد أن قضت وقتا في سجن الرجال، معزولة دون أن تتمكن من الخروج إلى الفناء أو استلام أي متعلقات شخصية، ولا حتى نظارة القراءة الخاصة بها، عرفت خوانا رويز التهم الموجهة إليها.
وأكدت المتحدثة باسم عائلتها في إسبانيا، بيغونيا لالانا، أن هذه التهم تتمثل في "الانتماء إلى جمعية غير قانونية، وانتهاك قوانين إدخال الأموال".
ونقلت الصحيفة أن العمل الذي تقوم به مؤسسة لجان العمل الصحي في غزة، وفقا لبلانكا أورتيجا، من منظمة التضامن من أجل التنمية والسلام الإسبانية؛ هو عمل إنساني من الدرجة الأولى لمساعدة "شعب ترتكب مجزرة في حقه"، ويقدم الدعم أيضا لنظام صحي ضعيف للغاية.
وأضافت أورتيجا أن "إسرائيل تحاول بهذا الشكل تجريم التعاون مع الشعب الفلسطيني لمنع استمرار المساعدات الأوروبية.
كما أن عرقلة مساعدة الشعب الفلسطيني يحكم عليه بوضع مأساوي. وبالتالي، لن يكون هناك أمل بالنسبة لهم.ونقلت الصحيفة أن خوانا رويز معروفة جيدا في عاصمة مقاطعة قشتالة وليون الإسبانية وفي أجزاء أخرى كثيرة من إسبانيا، والتي تسافر إليها كل عام لإلقاء محاضرات حول وضع الشعب الفلسطيني وللاتصال بالمنظمات غير الحكومية التي تنفذ برامج التعاون وتتعاون مع مؤسسة لجان العمل الصحي في غزة.
في هذا المعنى، تقول أورتيغا متحدثة عن خوانا: "إنها السفيرة العظيمة للقضية الفلسطينية، وأفضل من يمكنه شرح الوضع الفلسطيني في إسبانيا".
ولهذا السبب يتصلون بها من جميع أنحاء البلاد لإلقاء محاضرات. إنها امرأة رائعة وسعيدة، على الرغم أنه ليس عليها أن تعيش هناك، وفق قولها.
وتابعت: "هذا يؤلمنا كثيرا، ويبدو أنه غير عادل، ولن نتوقف حتى يتم إطلاق سراحها".
وفي حوار الصحيفة مع ناشطي إحدى الجمعيات الحقوقية في إسبانيا، عن السبب الذي يجعل إسرائيل تسجن أحد الأعضاء الفاعلين في غزة، قال إنه "عندما ينجح شيء ما في فلسطين، يبدو أنهم يريدون إدانته والقضاء عليه".
وحول عمل خوانا رويز، أبلغت مصادر دبلوماسية إسبانية صحيفة بوبليكو أن مؤسسة لجان العمل الصحي هي كيان مشارك في اتفاقية الإجراءات المتعلقة بالعنف ضد المرأة وحقوق المرأة مع منظمة تعمل بدورها مع جمعية اتحاد لجان العمل الصحي.
وتلك المؤسسة تشكل "فاعلا رئيسا في قطاع الصحة والطوارئ في غزة، مع "دور مهم" في تنسيق الخدمات التي يتم تقديمها في القطاع، وفق المصادر.
ونقلت الصحيفة أن المنظمات الإسبانية التي تطالب بالإفراج عن خوانا رويز، والتي يزيد عددها عن 120، تؤكد أنها طلبت بالفعل تنظيم لقاء مع وزيرة الخارجية، أرانشا غونزاليس لايا، دون الحصول على رد على طلبها.
ومن جهتها، تعتبر المتحدثة باسم هذه المنظمات، ساندرا باريلارو، أن على الحكومة الإسبانية ضمان سلامة واحترام حقوق المواطن الإسباني، "لأنه في إسرائيل تعد حقوق الإنسان غير مضمونة، ويتم انتهاكها بشكل منهجي".
وترى ساندرا باريلارو أن العملية القضائية التي فتحت ضد امرأة تعمل منذ أكثر من 30 عاما بمشاريع مدعومة من البلديات والمجالس والمجتمعات المتمتعة بالحكم الذاتي في إسبانيا، والتي تعمل في كنف الشفافية، ليس لها أي أساس.
وبحسب رأيها، يرجع سبب سجن خوانا رويز، إلى استمرار عدم الامتثال لقرارات الأمم المتحدة التي سمحت بقيام "كيان إسرائيل".
وعلقت قائلة: "أن تكون دولة ديمقراطية، لا يكفي إجراء انتخابات؛ يجب علينا أيضا احترام حقوق الإنسان لجميع السكان وعدم السماح بتطبيق سياسة الفصل العنصري ضد جزء منهم".
إجراءات منددة
وأوردت الصحيفة أن مجالس مدينة برشلونة وبامبلونا وسان سيباستيان وبرلمان نافارا أصدروا إعلانات مؤسسية تطالب بالإفراج عن خوانا رويز، وهو أمر طلبته أيضا عدة مجموعات من مجلس (برلمان) الباسك في اقتراح.
وطلبه أيضا أكثر من ثلاثين نائبا من الكونغرس في رسالة موجهة إلى السفارة الإسرائيلية في إسبانيا ومجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي في رسالة موجهة إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل.
وطلب منسق الدولة للمنظمات غير الحكومية التعاونية، والذي يمثل 17 منسقا إقليميا مع 550 منظمة مساعدات إنمائية، من الوزير "الإدانة والتنديد الصارم بالاتهامات الكاذبة التي تزعم عدم المراقبة والإشراف على أموال التعاون و"العمل الإنساني" الذي تديره هذه المنظمات".
كما طلب المنسق من وزارة الخارجية استدعاء السفير الإسرائيلي لدى إسبانيا للتشاور "لتقديم توضيحات حول الاتهامات" الموجهة لخوانا رويز وقطاع التعاون في "الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وأوضحت الصحيفة أن المنظمات غير الحكومية الإسبانية تعتبر أن الحكومة الإسرائيلية تمارس ضغوطا على الأشخاص والمنظمات التي تعمل في فلسطين في إطار "إستراتيجية لتجريم" العمل الذي يقومون به للدفاع عن حقوق الإنسان للسكان الفلسطينيين.
ومن جهته، أشار المنسق إلى أنه "يتم استغلال قضية خوانا رويز لإعادة تنشيط حملة لتشويه سمعة التعاون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلة وتجريمها ومقاضاتها".
وأضافت الصحيفة أن قضية خوانا رويز ليست حالة معزولة، حيث إن أريتز غارسيا، المتحدث باسم حملة تحرير خوانا رويز، يعد شخصا آخر من بين الذين عانوا من السجن في إسرائيل بسبب عمله كمتعاون في الأراضي الفلسطينية.
حدث ذلك في أغسطس/ آب 2011، عندما كان يرافق مدرسا في مدرسة ريفية في قرية بالضفة الغربية وواجهوا تدخلا عسكريا ضد احتجاج على احتلال المستوطنين اليهود للأراضي الفلسطينية.
بدأ التسجيل بالكاميرا وانتهى به المطاف في سجن بالقدس بتهمة إلقاء زجاجات حارقة، وهي "جريمة إرهابية".
ويضيف غارسيا معلقا: "في البلدان الأخرى، يرحبون بعمال الإغاثة، وهنا يسلطون عليهم الرقابة".
وأضاف: "أمضيت ثماني ساعات في المطار مع الاستجوابات، والتعرض لكشوفات جسدية. وإذا فعلوا هذا بالأوروبيين، فلك أن تتخيل ما يحدث مع الفلسطينيين".
ونوهت الصحيفة بأن المراقبة التي تفرضها إسرائيل إضافة إلى سجن خوانا رويز، أثارت مخاوف عمال الإغاثة الإسبان الذين يعملون في الأراضي الفلسطينية.
لهذا السبب، يتحدث علوا، الاسم الوهمي لأحدهم، إلى هذه الصحيفة عن عملها دون الكشف عن هويتها، ورفض الزملاء الآخرون القيام بذلك، خوفا من أعمال انتقامية محتملة ضدهم أو ضد منظماتهم، لأن معظم عمال الإغاثة من النساء.
وعمل علوا في مشاريع التعاون التنموي في الأراضي الفلسطينية لعدة سنوات. لم يذكر بالضبط كم عدد هذه السنوات، خوفا من أن يعطي هذا أدلة لأولئك الذين قد يقرؤون كلماته.
وصرح عامل الإغاثة للصحيفة أنه لا يسمح له بدخول إسرائيل مرة أخرى، وأنه "يعتبر عدوا للكيان الصهيوني".
ويقول: "من الخطر العمل هناك، لأنك إذا كنت تعيش في الأراضي المحتلة فأنت خاضع لنظام عسكري".
ونقلت الصحيفة أن العيش في ظل هذا النظام العسكري، بعد مرور الوقت، وفقا لعامل الإغاثة هذا، يجعلك تدرك "التجريد المطلق من الإنسانية الذي يتعرض له السكان الفلسطينيون".
وواصل: "إنهم يعاملونهم أسوأ من الكلاب. لقد كان هذا أكثر ما يؤلمني عندما كنت أعيش هناك وما زال يؤلمني".
وتابع: "كل شيء يتم تنفيذه بنية واضحة ومنهجية لكسر كرامة الفلسطينيين، حتى أنهم يجعلونك تؤمن أن الجيش موجود لحمايتك لأن الفلسطينيين متوحشون".