"مجلس عسكري انتقالي" في سوريا.. لماذا ترفض المعارضة الفكرة؟

12

طباعة

مشاركة

قال موقع "أتلانتيك كاونسل" الأميركي، إنه وعلى الرغم مما يتناقل من وجود تأييد دولي وإقليمي ومحلي لإنشاء مجلس انتقالي عسكري في سوريا فإن هذه الفكرة تواجه تحديات وعوائق.

أهم هذه العوائق هي "الفيتو" الروسي، وغياب رؤية واضحة حول كيفية الإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تصاعدا في الشائعات والتقارير بشأن الدعم المحلي والإقليمي والدولي المتزايد لإنشاء المجلس العسكري السوري الانتقالي.

وأضاف الموقع الأميركي: تدعي تلك التقارير أن العميد المنشق مناف طلاس هو من سيقود المجلس، بهدف نقل البلد الذي مزقته الحرب إلى مرحلة ما بعد بشار الأسد.

و"أتلانتيك كاونسل" مؤسسة بحثية غير حزبية، مؤثرة في مجال الشؤون الدولية، تأسست عام 1961 في واشنطن، وتدير عشرة مراكز إقليمية وبرامج وظيفية تتعلق بالأمن الدولي والازدهار الاقتصادي العالمي.

فكرة المجلس

فكرة المجلس العسكري الانتقالي السوري موجودة منذ عدة سنوات، فقد تم اقتراحها في مناسبتين سابقتين على الأقل (في عامي 2012 و2016)  على غرار التجربة المصرية إلى حد ما، بعد الإطاحة بحسني مبارك في عام 2011، حيث شهدت البلاد تولي مجلس القوات المسلحة مقاليد السلطة. 

لكن في سوريا، ظل تشكيل المجلس العسكري الانتقالي فكرة في وضع "الغيبوبة" إلى حد كبير داخل الدوائر الدبلوماسية، حيث أدت وحشية الصراع وصعوبة حشد الإجماع الدولي إلى تهميش هذا المقترح واستبعاده. ومع ذلك تشير عدد من التقارير إلى  أن الوضع يتغير. 

ووفقا لمقال نشر في 10 فبراير/شباط في صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تتخذ من لندن مقرا لها، تلقت روسيا الراعي الرئيس لنظام الأسد وصانع الملوك في مرحلة ما بعد الصراع، اقتراحا من أعضاء المعارضة المنفية لبناء مجلس عسكري سوري.  

وزعم المقال أن مسؤولين من منصة القاهرة عرضوا الخطة على وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

ومنصة القاهرة هي مجموعة، مقرها العاصمة المصرية، هدفها تسهيل الانتقال السياسي في سوريا، لكنها بشكل عام أكثر قربا لموقف روسيا من المعارضة المتمركزة في تركيا.

مع ذلك، بعد وقت قصير من نشر المقال، أصدر جمال سليمان، المسؤول السابق التابع لمنصة القاهرة، بيانا حاول فيه تصحيح الأمور بالقول إنه عرض الاقتراح على لافروف بصفته الشخصية  وليس كعضو في المنصة.

وادعت تقارير إعلامية أخرى أن هناك جهودا متضافرة تبذل خلف الأبواب المغلقة لإنشاء المجلس العسكري الانتقالي السوري وإضفاء الطابع المؤسسي عليه.  

وتشير هذه التقارير إلى أن المرشح المفضل لقيادة هذه المؤسسة هو صديق طفولة الأسد، المطلع على النظام السابق ، ولواء الحرس الجمهوري مناف طلاس الذي انشق وهرب إلى باريس في يوليو/تموز 2012.

وتلفت إلى أن المتحمسين لفكرة قيادة طلاس للمجلس، يرون أن مقالة الصحفي السوري ياسر بدوي في اليومية الروسية الموالية للنظام Nezavisimaya Gazeta دليل على تقبل الكرملين للفكرة. 

 كما جاء في مقال الشرق الأوسط "فسرت شخصيات المعارضة نشر روسيا لمقال بدوي على أنه إشارة على استعدادها رسميا لمناقشة هذه الفكرة".

وزعم باسل العودات من صحيفة الأهرام المصرية أن الفكرة "تحظى بتأييد واسع النطاق في سوريا"، فيما أكد خصوم النظام في المنفى مثل زعيم المعارضة السابق النقيب عمار الواوي بشكل قاطع أن ظهور المجلس "حتمي" في المقابلات التي أجراها. 

وفقا لهذه التقارير، فإن الهدف من إنشاء هيكل المجلس العسكري الانتقالي هو الإشراف على التحرك نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، والذي يدعو في جوهره، إلى وقف إطلاق النار على أن تليه انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، كجزء من تسوية سياسية أوسع للصراع.

ولا يبدو من المستبعد أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على استعداد لمنح مباركته للمجلس العسكري الانتقالي لرسم مسار للخروج بما أن الأموال اللازمة لإعادة بناء سوريا، والتي من شأنها أن تسمح لروسيا بتحريك تدخلها نحو نصر إستراتيجي طويل الأمد ودائم، لم يتم منحها من قبل الحلفاء الغربيين ولا من قبل معظم دول الخليج العربي.

وتتطلع هذه الأطراف المذكورة أخيرا إلى إنهاء حكم الأسد، كشرط مسبق لإعادة الإعمار.

في سياق متصل أوضح العميد طلال فرزات، رئيس حركة الضباط الأحرار وأحد المقربين من الجنرال طلاس، أن مشروع المجلس العسكري الانتقالي "حظي مؤخرا بتوافق ودعم أميركي روسي وكذلك بدعم من دول الجوار والمحور العربي". 

وذكر فرزات أن مناف طلاس مرشح بقوة لقيادة المجلس حيث "تلقى إشارات جادة على الصعيدين المحلي والدولي لبلورة المشروع وتسليط الضوء عليه".

وعلى وجه التحديد أكد فرزات كذلك وجود تفاعل جاد ومستمر مع الخطة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والعديد من الدول العربية. 

وأوضح أن الغياب الحالي لإعلانات الدعم لا ينبغي الخلط بينه وبين الافتقار إلى التأييد المتزايد من وراء الكواليس.  

وقال: "الأطراف الخارجية تدعم الاقتراح لكنها تفضل عدم إبداء الرأي الصريح بشأنه حتى الآن"، مضيفا أنه في الوقت الحالي تعتقد الدول الكبرى أن "هذا يساعد على صياغة المقترح من كل جوانبه وتطويره بطريقة هادئة ومدروسة".

إمكانية التنفيذ

على المستوى الإقليمي، أعرب المسؤولون القطريون والسعوديون عن اهتمامهم الشديد بالاقتراح، كما  أيدت كيانات المعارضة السورية الفكرة دائما، وفق فرزات.

وهناك إجماع ودعم من الفاعلين العسكريين والسياسيين على الأرض للمقترح، وخاصة من قبل الحكومة السورية المؤقتة والجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، من العناصر الحاسمة لجعل المجلس العسكري الانتقالي حقيقة واقعة.

وأكد فرزات أن "المؤشرات الحقيقية على الدعم الدولي الواسع" ساعدت على تشجيع قبول المبادرة من قبل "الأطراف السورية على الأرض".

مع ذلك، يبدو هذا الإجماع والتأييد بعيد المنال، حيث يدحضه ويعارضه عدد من مسؤولي المعارضة على الأرض الذين تحدث معهم كاتب المقال ماثيو أيتون وهو باحث دكتوراه يركز على الحرب السورية.

وتراوحت ردود ممثلي المعارضة إما بالتقليل من الجدوى السياسية للمجلس، أو رفضه تماما على أنها نتاج إشاعة.  

وقال أحد كبار المسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة بغضب: "نحن في الحكومة وفي فيالق وتشكيلات الجيش الوطني السوري، لم يسألنا أحد عن هذا المشروع ، وليس لنا دور أو أي منصب فيه".

وتابع: "مشروع مناف طلاس لا يحظى بأي دعم من المعارضة السورية، و98 بالمائة من السوريين المؤيدين للمعارضة لا يقبلون ما يسمى بالمجلس العسكري".

وردد أحد جنرالات الجيش الوطني السوري في إدلب هذه النقطة، قائلا: "الحديث عن المجلس العسكري الانتقالي مجرد آراء منتشرة في منتديات وسائل التواصل الاجتماعي.. ،لا يوجد اتفاق مع أحد". 

كما وصف جنرال آخر  من حماة المجلس العسكري  بأنه "شائعات وفقاعات من أشخاص يرغبون في الظهور كما لو كانوا مهمين لمستقبل سوريا - إنهم يعيشون في أوروبا ويستمتعون بجمع الإعجابات على وسائل التواصل الاجتماعي". 

مع ذلك، فقد أكد مسؤول أميركي سابق في إدارة باراك أوباما بملاحظة تتعارض مع تصريحات المعارضة السورية قائلا "يمكنني أن أؤكد لكم أن المسألة أكبر من مجرد فكرة تناقش في مواقع التواصل الاجتماعي".

في المقابل، تبدو قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر تقبلا ودعما للفكرة.

إذ أكد مسؤول رفيع المستوى من المجموعة أنه كانت هناك "اتصالات بين مناف طلاس وقوات سوريا الديمقراطية بخصوص الفكرة وكيفية تنفيذها، ونحن ندعمها". 

وشدد المتحدث على أن "هناك حاجة لمزيد من المحادثات والمزيد من التوضيح حول الفكرة وكيف سيتم تنفيذها".

ويشير التقرير "حتى لو وجد مهندسو المجلس العسكري الانتقالي أنفسهم في سيناريو عالم مثالي، حيث كانت تقف مجموعات المعارضة السورية متماسكة وراءهم  يبقى سؤال واحد ملح: كيف نبدأ الانتقال من الأسد؟".

وفيما من المقرر أن يترك الأسد منصبه تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، فإن مسؤولين يقفون وراء مشروع المجلس إما غير قادرين أو غير راغبين في توضيح المزيد من التفاصيل حول كيفية إزاحته، من خلال نوع من الاتفاق السياسي أو بالقوة.

وسيكون مفتاح العملية حتما هو الاستعداد الروسي للتخلي عن الأسد. ومن الناحية الواقعية، تبدو فرص ذلك ضئيلة.

إذ تلقي موسكو بثقلها وراء ما يسمى بالانتخابات السورية المقبلة (المقرر إجراؤها في 26 مايو/أيار 2021)، والتي من شبه المؤكد أنها ستمنح الأسد فترة رئاسية أخرى. 

ويختم التقرير: "يبدو أن المجلس العسكري الانتقالي، حاليا هو إلى حد كبير مجرد فكرة يكافح وجودها المادي لتجاوز الحبر على الورق".

إذ يواجه المقترح عوائق كبيرة أمام تنفيذه، مثل التعامل مع مصير الأسد وكسب دعم المعارضة السورية المدعومة من تركيا والذين يشككون في الرجال المتمركزين في أوروبا الذين يقفون وراء المجلس العسكري الانتقالي والجنرال طلاس.  

ناهيك عن عدم وجود دليل ملموس، بخلاف ادعاءات فرزات، بأن روسيا تدعم الاقتراح، يقول التقرير.