خاصة أميركا وفرنسا.. لماذا أثارت أحداث الأردن الأخيرة قلق الحلفاء؟
.jpg)
لم تثر الأحداث الأخيرة في الأردن قلق الأسرة المالكة فحسب، بل أثارت قلق الحلفاء خاصة واشنطن وباريس، إذ تعتمدان على استقرار عمان في تنفيذ عملياتهما في المنطقة، وتخشيان أن يصبح الأردن بيئة متغيرة أكثر هشاشة.
وحسب الدورية الاستخباراتية الفرنسية "إنتليجنس أونلاين"، في عددها الخاص بشهر أبريل/نيسان 2021، فإن الولايات المتحدة تعول على الأردن في نشر قواتها المسلحة التي ستتمتع بحرية الحركة الكاملة في البلاد بموجب شروط اتفاقية الدفاع الجديدة التي وافقت عليها عمان مؤخرا.
وكان الأردن قد شهد أحداثا في 3 أبريل/نيسان 2021 قالت عنها الحكومة إنها "مخططات آثمة" تهدف لـ "زعزعة أمن الأردن واستقراره".
عقب ذلك اعتقل نحو 20 شخصا، بينهم رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله ومبعوث الملك عبد الله الثاني السابق للسعودية الشريف حسن بن زيد، في حين وضع الأمير حمزة ولي العهد السابق تحت الإقامة الجبرية.
اتفاقية خاصة
في 17 فبراير/شباط 2021، وقعت الحكومة الأردنية على اتفاقية مكونة من 19 مادة وملحقا تمنح القوات الأميركية الحق في حيازة وحمل الأسلحة على الأراضي الأردنية أثناء تأدية مهامها الرسمية.
الاتفاقية التي لم تعرض على مجلس النواب (البرلمان) تضمن توفير جميع المرافق والمناطق المتفق عليها للولايات المتحدة دون إيجار أو تكاليف أخرى، بالإضافة إلى السماح لقوات الولايات المتحدة وأفرادها بالدخول إلى الأراضي الأردنية والخروج منها والتنقل بحرية.
وحسب بنود الاتفاقية، التي نشرت في الجريدة الرسمية 16 مارس/آذار 2021، فإنه يسمح للطائرات والمركبات والسفن التي يتم تشغيلها بواسطة القوات الأميركية أو بالنيابة عنها بالدخول إلى الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية الأردنية والخروج منها والتنقل بحرية فيها دون إبراز جوازات سفر أو تأشيرات لدخول وخروج الأفراد العسكريين والمدنيين المتعاقدين مع الجيش الأميركي من وإلى الأراضي الأردنية.
وأعفت الاتفاقية أفراد الولايات المتحدة من جميع ضوابط الهجرة داخل الأراضي الأردنية بما فيها دفع أية ضرائب أو جمارك أو رسوم يتم تقاضيها عند نقاط الدخول أو الخروج من الأردن.
وتسببت تلك الاتفاقية بمعركة داخل البرلمان الأردني، حيث اعتبرها بعض أعضاء البرلمان "تفريط واضح بسيادة المملكة"، في حين دافع وزير الخارجية أيمن الصفدي عنها قائلا إنها: "لا تنتقص من سيادة المملكة ولا تمنح القوات الأميركية الحق في القيام بأعمال قتالية داخل الأردن، بل جاءت في إطار التدريب والتعاون في مواجهة الإرهاب"، حد قوله.
قاعدة خلفية
علاوة على ذلك فإن المملكة الأردنية تعد بمثابة القاعدة الخلفية لأنشطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في سوريا، منذ عدة سنوات، حيث يعرف مدير الوكالة الجديد ويليام بيرنز البلد على نحو جيد، حسب "أنتلجنس أونلاين".
الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس قال في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" إن المخابرات الأردنية حليف عربي مميز للولايات المتحدة، وشريك مهم في محاربة الإرهاب، موضحا أن أجيالا من منتسبي المخابرات الأميركية صنعوا أنفسهم أثناء مشاركاتهم في عمليات ضد الجماعات الإرهابية والقاعدة وتنظيم الدولة.
وأضاف إغناتيوس في مقاله المنشور 6 فبراير/شباط 2018 أن أحد أسباب عدم قدرة أميركا على التخلي عن الأردن، أن الأخير أثبت أن لديه قدرة على زرع العناصر الاستخباراتية في مناطق لا يمكن لواشنطن أن تصلها، مؤكدا في المقابل أن الدعم الأميركي كان دوما مساندا للأردن، بفضل تأييد الكونغرس، ودعم المخابرات الأميركية الـ (CIA) ووزارة الخارجية والبنتاغون، حد قوله.
إغناتيوس أكد أن السلاح يبقى عنوان العلاقة بين الدولتين، بحسب مصادر، وأن وزارة الدفاع الأميركية أنفقت نحو 300 مليون دولار لتوسيع قاعدة "موفق السلطي" في الأردن، وبناء قاعدة أخرى في منطقة "H-4" بجانب سوريا، التي ستستخدم لتسيير طائرات بدون طيار.
وختم اغناتيوس مقاله بالقول: "من السهل النظر الى الأردن بأنه مضمون سياسيا، نظرا لأنه أقام سلاما مع إسرائيل وعلاقات جيدة مع العالم العلماني، حيث يبدو أن الأردن يعمل على وضعية الطيار الآلي في سياساته".، حد قوله.
وفي 14 يناير/كانون الثاني 2019، كشف موقع "ذا درايفر" الأميركي في تقرير له أن الولايات المتحدة توسع بشكل كبير حضورها العسكري في قاعدة "موفق السلطي" الجوية في الأردن، لتصبح جاهزة لاستقبال مجموعة مختلفة من الطائرات المقاتلة.
وذكر الموقع أن من بين هذه الطائرات ما هي مخصصة للغارات الأرضية، وأخرى مسلحة من دون طيار، وأيضا طائرات الشحن، مؤكدا أن المجموعة الجوية الاستكشافية 407 التابعة للقوات الجوية الأميركية تشرف حالياً على العمليات اليومية في القاعدة.
تحت الخدمة
فرنسا هي الأخرى أثارت الأحداث الأخيرة في عمان قلقها بحسب "أنتجلنس أونلاين" التي أضافت أن فرنسا تحتفظ بانتشارها العسكري، كما في قاعدة الأمير الحسن الجوية (H5) العسكرية، وتتعاون بشكل وثيق مع "دائرة المخابرات العامة (GID)"، والمخابرات العسكرية، الأردنيتين، لاسيما من خلال عملية دمج الاستخبارات السيبرانية التي تسمى "جالانت فونيكس Gallant Phoenix".
ومنذ إعلان الحرب على الإرهاب في 2014، تنطلق طائرات فرنسية من قاعدة الأمير الحسن الجوية الواقعة في محافظة المفرق شمال شرقي الأردن، وكان لها دور بارز في تراجع قوة ونفوذ تنظيم الدولة، من خلال الضربات الجوية التي استهدفت معاقل التنظيم في كل من العراق وسوريا.
ورغم انحسار وتراجع العمليات ضد تنظيم الدولة إلا أنه تم تخصيص هذه القاعدة الأردنية للعمليات الفرنسية، وما تزال الطائرات الفرنسية تربض في القاعدة الجوية حتى الآن.
تعاون استخباراتي
على صعيد التعاون الاستخباراتي فإن فرنسا تعد شريكا بارزا للأردن، وكشفت صحيفة "لوموند" في تقرير لها أن فرنسا تشارك في برنامج استخباراتي ضخم مقره في موقع سري بقاعدة عسكرية بالأردن، يسمى جالانت فونيكس (Gallant Phoenix).
ويهدف الموقع إلى جمع وفرز وتشغيل ملايين الأدلة في "مركز بيانات" ضخم، من أجل التمكن من تحديد ومركزية جمع الآثار التي خلفها المسلحون من جميع الأطياف، في كل مكان في العالم.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي نشرته في 25 مارس/آذار 2021، أن 27 دولة تشارك في هذا البرنامج السري، الذي ترعاه الولايات المتحدة من خلال البنتاغون، وتعد فرنسا أبرز الفاعلين والمشاركين فيه.
وحسب الصحيفة فإن هذا المشروع الاستثنائي قد ظل سريا تماما منذ انطلاقه عام 2016، مضيفة أن البيانات التي تم جمعها تصل للملايين، ويمكن للمرء أن يجد أي شيء وكل شيء، كبيانات الهواتف المحمولة والكاميرات وأجهزة الكمبيوتر ووحدات يو إس بي.
كان مقاتلو القاعدة وتنظيم الدولة قد تركوا العديد من هذه العناصر وراءهم، بعضها في حالة جيدة، والبعض الآخر أتلف عمدا أو دمر جزئيا حتى لا يتم استغلاله.
هذه العملية تركزت في البداية على مقاتلي القاعدة وتنظيم الدولة في المنطقة العراقية- السورية، غير أنها توسعت لتشمل كل التنظيمات والجماعات التي تعد هدفا لكل من الولايات المتحدة وفرنسا وكل الدول المشاركة في البرنامج في كل من أفغانستان واليمن وليبيا وعدد من الدول الإفريقية.
المصادر
- Royal clash concerns Amman's allies
- منسق الاستخبارات الفرنسي: 160 جهاديا فرنسيا ما زالوا في سوريا
- هل تستبدل أميركا أنجرليك بقاعدة موفق السلطي في الأردن؟
- Operation Gallant Phoenix
- Exclusive: The Secret Global Data Cell Infiltrating Jihadists
- “لوموند” تكشف تفاصيل عملية دولية مركزها الأردن وتقودها واشنطن لجمع البيانات السرية للجهاديين
- فالس زار قاعدة عسكرية اردنية تتمركز فيها طائرات حربية فرنسية
- رئيس أركان الجيش الأردني يلتقي قائد القوات المسلحة الفرنسية
- The biggest potential danger to Jordan’s King Abdullah II is himself
- Opinion: Trump shouldn’t take this U.S. ally for granted
- الأردن: انتقادات نيابية ضد الاتفاقية الدفاعية مع الولايات المتحدة.. والحكومة تعلق
- انتقادات لاتفاقية تعاون دفاعي بين الأردن والولايات المتحدة
- Docs Show US To Massively Expand Footprint At Jordanian Air Base Amid Spats With Turkey, Iraq