الإمارات تفرج عن معتقلين سياسيين.. بمناسبة رمضان أم ضغوط دولية؟
أعاد إفراج السلطات الإماراتية عن معتقلين سياسيين، فتح ملف اعتقالات الرأي في دولة لا تسمح بتشكيل أحزاب سياسية ولا تتهاون مع المعارضة.
وقالت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان في 12 أبريل/نيسان 2021، إن الإمارات العربية المتحدة أطلقت سراح 4 ناشطين سياسيين، كانوا قد سجنوا بتهم تتعلق بأمن الدولة وظلوا رهن الاحتجاز رغم انتهاء فترة عقوبتهم.
وذكر مركز "الخليج لحقوق الإنسان" أنه كان من المقرر الإفراج عن فيصل الشحي وأحمد الملا عام 2017، وسعيد البريمي في 2018، ومنصور الأحمدي في 2019، لكن السلطات الإماراتية رفضت الإفراج عنهم ووضعتهم في "مراكز مناصحة".
وقال مركز "الإمارات لحقوق الإنسان" و"الحملة الدولية من أجل الحرية" في الإمارات إن السلطات أطلقت سراح الأربعة.
وكان رئيس البلاد خليفة بن زايد آل نهيان قد أصدر أوامر قبلها بيوم بالإفراج عن 439 سجينا بمناسبة حلول شهر رمضان، لكن لا يعرف إذا كان ضمن هذا العفو أم بسبب انتقادات دولية مستمرة لإبقائهم في السجون بعد انتهاء محكومياتهم.
"برنامج المناصحة"
في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011، أدانت الإمارات عشرات الإسلاميين، كثيرين منهم للاشتباه في انتمائهم إلى جمعية الإصلاح، بتهم التآمر للإطاحة بالحكومة في محاكمات انتقدتها منظمات حقوقية.
واتهمت جمعية الإصلاح بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في الإمارات. وهي حركة سياسية إسلامية غير عنيفة مسجلة قانونا، حظرتها الإمارات عام 2014 على أنها "إرهابية" ردا على الاضطرابات في تونس ومصر وأماكن أخرى.
وقال المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، الذي يتخذ من جنيف مقرا، إن السلطات واصلت احتجاز الأربعة بموجب برنامج للمناصحة يخضع له من يعتبرون "خطرا إرهابيا"، وفق قوله.
وقال الناشط الإماراتي إبراهيم آل حرم، إن الأربعة الذين أفرج عنهم كانوا في مراكز المناصحة مع 9 معتقلين آخرين انتهت محكومياتهم، وترفض السلطات الإفراج عنهم.
وأكد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، في بيانات سابقة أن المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات تواصل احتجاز المعتقلين الذين انتهت محكومياتهم في مركز للمناصحة بسجن الرزين الصحراوي بدعوى "خطورتهم الإرهابية"، بناء على الفصل 40 من القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن "الجرائم الإرهابية".
وقال المركز في أحد بياناته: "مركز المناصحة يقدم تقريرا دوريا إلى النيابة كل 3 أشهر عن الشخص المودع، ثم ترفعها إلى المحكمة لاتخاذ القرار بإخلاء سبيل المعتقل أو تجديد إيداعه، بينما لم يطلع المودعون للمناصحة ولا محاموهم ولا أسرهم على فحوى هذه التقارير، ولم توجه لهم أي تهمة جديدة".
وأضاف في البيان ذاته: "لم يحدد القانون مدة قصوى للإيداع بمراكز المناصحة، بل تركها مفتوحة وهو ما يترتب عنه حبس المعتقل لفترات طويلة والتجديد دون ضوابط".
وهو ضرب من ضروب الاعتقال التعسفي في ظل غياب أية تهمة موجهة للمعتقلين، وذلك لمزيد التنكيل بالمعارضين والمدونين والناشطين السياسيين، هذا فضلا عن تحكم السلطة التنفيذية في القضاء الإماراتي، وفق قوله.
وأوضح المركز في تغريدة منفصلة على تويتر: "يجب على السلطات الإماراتية الإفراج فورا عن النشطاء الذين انتهت فترة محكومياتهم، ونذكر بأن سبب اعتقالهم من البداية لم يكن متعلقا بالإرهاب بل بممارسة حرية التعبير وهو ما ينفي ذريعة الخطورة الإرهابية التي تبرر بها تمديد حبسهم في مراكز مناصحة".
يجب على السلطات الإماراتية الإفراج فورا عن النشطاء الذين انتهت فترة محكومياتهم ونذكر بأن سبب اعتقالهم من البداية لم يكن متعلقا بالإرهاب بل بممارسة حرية التعبير وهو ماينفي ذريعة "الخطورة الإرهابية"التي تبرر بها تمديد حبسهم في مراكز مناصحة.#معتقلي_الرأي #الإمارات pic.twitter.com/KSaMmuPOVb
— ICJHR.ORG (@ICJHR_ORG) April 9, 2021
وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن مئات من الناشطين والأكاديميين والمحامين يقضون عقوبات مطولة في سجون الإمارات، بعد محاكمات غير عادلة في كثير من الحالات بناء على تهم غامضة وغير محددة.
ويقول موقع "الإمارات 71" ضمن خبر الإفراج عن الأربعة أشخاص: "عمد جهاز أمن الدولة، على إطلاق برنامج عبري يدعى المناصحة تستخدمه دولة الاحتلال (الإسرائيلي) بحق المعتقلين الفلسطينيين (تحت مسمى الاعتقال الإداري) للإبقاء عليهم حتى أطول فترة زمنية داخل سجونها دون تهمة محددة أو ملف قانوني".
وتمارس الإمارات تطبيق نفس السياسة بحق المعتقلين السياسيين والرأي، للإبقاء عليهم داخل سجونها حتى أطول فترة ممكنة، ودون تهمة محددة، وفق ما قال الموقع في 13 أبريل/نيسان 2021.
معتقلو الرأي
في فبراير/شباط 2021، حثت الخبيرة المستقلة بالأمم المتحدة ماري لولور في بيان لها، السلطات الإماراتية على الإفراج عن الناشطين الحقوقيين محمد الركن وأحمد منصور وناصر بن غيث.
وقالت لولور إن هؤلاء الأشخاص يواجهون معاملة سيئة في ظروف ربما ترقى إلى حد التعذيب. ونفت أبوظبي في السابق تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "كاذبة ولا أساس لها".
وإلى جانب هؤلاء الثلاثة، نشر مركز "مناصرة معتقلي الإمارات" على تويتر، قائمة من أسماء أخرى أطلق عليها اسم "معتقلو شهر رمضان" تضم 17 شخصا، قال إنهم اعتقلوا في إحدى ليالي الشهر خلال السنوات السابقة (دون أن يحددها).
لأن أحقّ الناس بالحريّة هم المضحّون لتحصيلها، ولأن رمضان شهرٌ يُستزادُ به من الخير، وخير الخير نصرة المظلومين
— مركز مناصرة معتقلي الإمارات (@EDAC_Rights) April 12, 2021
نستهلّ طريقاً لنصرة #معتقلي_الإمارات ونبدأ بمن اعتقلتهم السلطات الإماراتية في إحدى ليالي رمضان الساكنة
كونوا معنا على وسم #معتقلو_شهر_رمضان لتعرفوا عنهم أكثر pic.twitter.com/tNHLY7EPIB
وفي 16 فبراير/شباط 2021، نشر "المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان" صورة على حسابه بتويتر تضم 12 شخصا من معتقلي الرأي في الإمارات الذين انتهت محكومياتهم، لكن السلطات ترفض الإفراج عنهم.
وإذا جرى استثناء الـ4 أشخاص المفرج عنهم حديثا، فيبقى هناك 8 أشخاص تعتقلهم الإمارات رغم انتهاء محكومياتهم، وفق حسابات "الاستقلال".
لكن، يقول موقع "الإمارات 71" إن "سلطات أبوظبي تواصل احتجاز 11 معتقل رأي بشكل تعسفي رغم انتهاء أحكامهم منذ فترات تتراوح بين 3 أشهر و3 سنوات في انتهاك يعكس صورة مغايرة للمحاولات التي تبذلها سلطات أمن الدولة لإظهار نفسها على أنها دولة "تسامح وتعايش".
ووفقا لمنظمات حقوق إنسان دولية، فإن الإمارات متدنية المرتبة بملف الحقوق والحريات، بسبب سياساتها القمعية تجاه المطالبين بإصلاحات ديمقراطية، بينها ضمان حرية التعبير.
ومنذ سنوات، تزج السلطات الإماراتية في السجون بالمئات من الناشطين السلميين وناشطي حقوق الإنسان، المطالبين بإصلاح سياسي يفتح المجال أمام انتخابات ديمقراطية حقيقية، لكن لا يعرف على وجه الدقة عدد المعتقلين السياسيين في تلك الدولة الخليجية.
ويتم احتجاز المفكرين والناشطين في سجن "الرزين"، وهو يتمتع بإجراءات أمنية مشددة للغاية، ويقع على بعد 120 كم من أبو ظبي.
وقالت المقررة الخاصة للأمم المتحدة ماري لولور في البيان السابق، إن إصدار أحكام بالسجن لمدة 10 سنوات على الناشطين بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان لا يعد فقط محاولة لإسكاتهم وعرقلة جهودهم، لكنه أيضا محاولة لتخويف الآخرين وردعهم عن الانخراط في هذا العمل المشروع.
وفي يوليو/تموز 2019، قال مايكل بيج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "حرمان المعتقلين من الحرية لسنوات طويلة بعد انتهاء أحكامهم يظهر ازدراء صارخا لسيادة القانون".
وأكد أن "لهؤلاء الرجال جميعهم حياة وعائلات ليعودوا إليها، وينبغي ألا يواجهوا احتمال الاحتجاز إلى أجل غير مسمى، وهو أمر قاس وغير قانوني".
سبق أن وثقت "هيومن رايتس ووتش" مزاعم خطيرة بانتهاك الإجراءات القانونية وضمانات المحاكمة العادلة في الإمارات، خاصة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة.
يشمل ذلك الاعتقالات والاحتجازات التعسفية، وكذلك مزاعم التعذيب وسوء المعاملة في مراكز أمن الدولة.
قال بيج: "بينما تعلن الإمارات للعالم أنها تقود الحرب ضد الإرهاب، مكنت محاكمها من الأمر بالاحتجاز المستمر لأجل غير مسمى بحق المعارضين والمنتقدين على أسس قانونية واهية. تبدو سلطات أبوظبي ملتزمة تماما بسحق جميع أشكال المعارضة السلمية، سواء تم التعبير عنها اليوم أو في الماضي".