سامية صلوحي.. أول رئيسة محجبة لتنزانيا تواجه "تحدي القبول" من المجتمع

12

طباعة

مشاركة

أدت سامية صلوحي، الجمعة 19 مارس/آذار 2021، اليمين الدستوري، لتصبح بذلك أول رئيسة لتنزانيا، وأول سيدة مسلمة محجبة تتولى رئاسة دولة إفريقية.

ظهرت صلوحي (61 عاما) خلال المراسم في مقر الحكومة بمدينة دار السلام في تنزانيا، أكبر مدن البلاد، حاملة نسخة من القرآن الكريم في يدها اليمنى.

وحضر مراسم اليمين أعضاء من الحكومة، ورؤساء سابقين لتنزانيا، بينهم علي حسن مويني (1985 - 1995)، وجاكايا كيكويتي (2005 - 2015).

وأعلن في 17 مارس/آذار، خبر وفاة رئيس تنزانيا جون ماغوفولي عن عمر 61 عاما، إثر إصابته بأزمة قلبية؛ وتولي نائبته، صلوحي، رئاسة البلاد.

ووفقا للدستور، تشغل صلوحي منصب الرئيس لما تبقى من ولاية ماغوفولي الثانية والمقرر انتهاؤها في العام 2025.

"ماما سامية"

حملت صلوحي لقب "ماما سامية"، والذي يعكس في الثقافة التنزانية الاحترام الذي تحظى به، منذ أن دخلت معترك السياسة قبل 20 عاما، لتصعد درجاته بسرعة وتشغل مناصب وزارية عديدة.

تنحدر خبيرة الإحصاء من جزيرة زنجبار، وتعد سادس رئيس لتنزانيا، ولكن أول امرأة تشغل المنصب.

وقد اختارها ماغوفولي لمنصب نائب الرئيس في عام 2015، وأعيد انتخابها لذات المنصب في 2020، ليمثل ذلك تحولا كبيرا في المشهد السياسي بتنزانيا، الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم منذ استقلال البلاد في العام 1961.

وانتخبت سامية لأول مرة لمنصب عام في سنة 2000، وبرزت على الصعيد الوطني في عام 2014 كنائبة لرئيس الجمعية التأسيسية، التي تم إنشاؤها لصياغة دستور جديد للبلاد.

 وكانت صلوحي وزيرة دولة في مكتب نائب الرئيس، وانتخبت لعضوية مجلس النواب عن مدينة ماكوندوتشي من عام 2010 حتى 2015.

ومثلت سامية تنزانيا في جميع اجتماعات الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجماعة الإنمائية لجنوب إفريقيا، ومجموعة شرق إفريقيا التي تعقد خارج البلاد.

درست صلوحي الإدارة العامة في تنزانيا، ثم التحقت بجامعة مانشستر بالمملكة المتحدة.

 وفي عام 1978، تزوجت من حافظ أمير، وهو مسؤول متقاعد في قطاع الزراعة ظل بعيدا عن الأنظار، ولديهما 4 أبناء، أشهرهم موانو حافظ أمير، التي سارت على خطى والدتها في ميدان السياسة، حيث تشغل حاليا منصب عضو بمجلس النواب في زنجبار.

قدرات عالية

بحسب وكالة بلومبرغ الأميركية، ينظر إلى صلوحي على نطاق واسع على أنها سياسية ذكية، إلا أنها تفتقر إلى تأييد قوي على مستوى الدوائر السياسية وتحتاج إلى الفوز بدعم حزب "تشاما تشا مابيندوزي" الحاكم، إذا كانت تعتزم الاحتفاظ بالسلطة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2025.

ووصفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" صلوحي، بأنها "مختلفة كثيرا عن ماغوفولي على الصعيد الشخصي، حيث كان الأول يبدو متسرعا لا يخشى التحدث بتلقائية والإفصاح عن مشاعره، بينما تبدو (الرئيسة الجديدة) أكثر تمهلا وتعمقا".

وقال عضو البرلمان جنوري ماكامبا، الذي عمل معها في مكتب نائب الرئيس، إنها "السياسي الأقل تقديرا في تنزانيا، لكنها بالفعل قائدة ذات قدرة بالغة".

وتساءلت تقارير صحفية، إن كانت الرئيسة الجديدة ستستمر في نهج سلفها الذي أنكر فيروس كورونا، وقال في العام 2020 إن تنزانيا قضت على المرض من خلال الصلاة الوطنية لمدة 3 أيام، وقد يبدو الجواب واضحا إذ حرص الحضور إلى جنازة الرجل على الالتزام بوضع الكمامة.

لم تخش صلوحي اتخاذ مواقف معاكسة لاتجاه الرئيس الراحل رغم ولائها له، وأهم دليل على ذلك هو زيارتها لزعيم المعارضة، توندو ليسو، في مستشفى بالعاصمة الكينية نيروبي بعد أن نجا من محاولة اغتيال عام 2017، وتسببت صور الزيارة في إحداث صدمة في جميع أنحاء البلاد.

وقد شهدت البلاد توترا بعد إعادة انتخاب ماغوفولي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2020 بنسبة 84.39 بالمئة من الأصوات، بينما فاز حزب الرئيس أيضا بالأغلبية الساحقة من المقاعد البرلمانية البالغ عددها 264 مقعدا خلال الانتخابات التشريعية التي رافقت الرئاسية، بحسب النتائج التي تم وصفها بأنها مهزلة من قبل المعارضة والدبلوماسيين.

وعقب إعلان النتائج، تم تقييد دعوات المعارضة للتظاهر، باعتقال نحو 150 من أعضائها، بمن فيهم تندو ليسو، الخصم الرئيس لماغوفولي في الانتخابات الرئاسية. 

قال ماجوفولي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إن "مبدأ الحرية والديمقراطية هو التنمية وليس الفوضى"، مضيفا أن "الحرية والحقوق والديمقراطية لها مسؤوليات، ولكل منها حدود، آمل أن تكون كلماتي مفهومة".

وقالت رئيسة تنزانيا يوم تنصيبها: "اليوم ليس يوما جيدا بالنسبة لي، لأني أتحدث إليكم ولدي جرح في قلبي"، مضيفة أنه يجب على الجميع في البلاد العمل في الفترة القادمة لتوحيد الأمة، وأنه حان الوقت لتجاوز الخلافات والمضي قدما إلى الأمام.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تسود فيه حالة من عدم اليقين بشأن سبب وفاة الرئيس الراحل جون ماغوفولي، وسط تكهنات بأنه كان مصابا بفيروس كورونا، وخاصة بعد غيابه عن الحياة العامة لنحو 3 أسابيع.

تحديات صلوحي

عقب أدائها اليمين حضرت الرئيسة الجديدة للبلاد أول نشاط رسمي لها، إذ ظهرت في مراسم عرض عسكري، وذلك بعد يومين من وفاة الرئيس.

ستكون صلوحي أول رئيس للبلاد يولد في زنجبار، الأرخبيل الذي يشكل جزءا من اتحاد جمهورية تنزانيا، وينظر إلى أسلوب قيادتها على أنه مختلف مع ماغوفولي، وهو شعبوي حصل على لقب "البلدوزر" بسبب سياساته القوية والذي وجه انتقادات لعدم تسامحه مع المعارضة.

وقال محللون لرويترز إنها ستواجه مهمة تقرير مصير البلد فيما يتعلق بالجائحة، وإن كانت ستشتري لقاحات لعدد سكانه الذي يبلغ 58 مليون نسمة.

 ففي عهد ماغوفولي، قالت الحكومة إنها لن تشتري أي لقاحات حتى يقوم خبراء البلاد بمراجعتها. 

المحلل السياسي جافاس بيجامبو، قال لوكالة الأنباء الفرنسية إن التحدي الأول الذي يواجه الرئيسة الجديدة، هي كونها (امرأة)، وهو ما قد يسلب الثقة الشعبية في قدراتها ما لم تتقدم لإثبات خلاف ذلك.

وأوضح المحلل، أن "الشعب التنزاني لم يبرهن على أنه يثق كثيرا في امرأة كرئيسة، ولهذا السبب يبدو أن الأحزاب السياسية في البلد تخجل من ترشيح امرأة لخوض انتخابات الرئاسة". 

زعم زعيم المعارضة التنزاني تندو ليسو، الموجود حاليا بالخارج في المنفى، أن ماغوفولي استسلم لكوفيد 19. ويخشى المحلل السياسي الكيني من أن الرئيسة غير مستعدة لمجابهة مثل هؤلاء المعارضين "الأشداء".

وحذر المتحدث من مهارة زعيم المعارضة السياسية وشغفه، "اللذان قد يخلقا مشكلة للرئيسة الجديدة"، ورأى أنها "بصفتها أول رئيسة دولة في تنزانيا، والأولى في شرق إفريقيا، فإن صلوحي لديها مسار سياسي طويل يشق طريقه" على حد تعبيره.