بعد عقد على الثورة ضد الأسد.. إعلام إسباني يرصد "الخراب" في سوريا

12

طباعة

مشاركة

قالت وسائل إعلام إسبانية إن عقدا من الحرب إلى جانب أزمة اقتصادية خطيرة وآثار جائحة كورونا، جعلت سوريا تسجل أسوأ البيانات حول الفقر وانعدام الأمن الغذائي والاعتماد على المساعدات الإنسانية، بينما لا يزال ملايين من المدنيين نازحين في البلاد.

ووفقا لبيانات أممية، يعيش أكثر من 80 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، ويحتاج أكثر من 11 مليون من السكان الذين يزيد عددهم قليلا عن 17 مليون نسمة، إلى مساعدات إنسانية، فيما لا يستطيع 60 بالمئة تحمل تكلفة وجبة اليوم؛ ويسجل أيضا حوالي 6.2 ملايين نازح في البلاد، بالإضافة إلى عدد مهول من السوريين الفارين من البلاد.

أزمة رهيبة

ونقلت صحيفة "بوبليكو" عن مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر للشرق الأوسط، فابريزيو كاربوني، قوله: إن "آثار وعوامل الأزمة السورية تتمثل أساسا في: الدمار، والأثر النفسي للصراع، والأزمة الاقتصادية والمالية الرهيبة، وأزمة كورونا وتأثيرها المترتب عنها". 

وفي هذا السياق، قال كاربوني: "بالنسبة لنا في أوروبا، لا يوجد سوى فيروس كورونا، حيث أنه أصبح حديث الساعة وكل ما يشغل بالنا، أما في سوريا، فيعد كورونا مصدرا آخر للبؤس؛ ومصدرا آخر للمخاطر؛ وللوفاة والمرض".

وأوردت الصحيفة أن المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في سوريا، جيسيكا لوسون، أكدت أنه "بعد عقد من الصراع، تشهد سوريا حالة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني 12.4 مليون شخص، أي حوالي 60 بالمئة من السكان، من انعدام الأمن الغذائي، وهو أعلى رقم منذ بدء الأزمة".

وخلال السنة الماضية فقط، انضم حوالي 4.5 ملايين سوري إلى قائمة أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكلفة وجبة بسيطة.

وأضافت لوسون: "تسبب الصراع والنزوح وفقدان الوظائف بسبب فيروس كورونا، والأزمة المالية في لبنان المجاور، والارتفاع الهائل في أسعار المواد الغذائية، وانخفاض قيمة الليرة السورية، في خلق عاصفة كاملة من الجوع والفقر".

وأشارت الصحيفة إلى أن "أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت بنسبة صادمة، وصلت إلى 222 بالمئة في العام الماضي، وسط أزمة اقتصادية حادة، وفي ظل هذا الوضع، أبلغت العائلات السورية برنامج الأغذية العالمي بأنها لم تتمكن من شراء اللحوم والألبان والفاكهة منذ شهور".

وأكدت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي أن العديد من بين 4.8 ملايين سوري يتلقون الغذاء من برنامج الغذاء العالمي كل شهر "يعتمدون على المساعدات كليا للبقاء على قيد الحياة" ويحتاجون "الآن أكثر من أي وقت مضى" إلى الدعم بعد "الفرار من الصراع وفقدان منازلهم وذويهم". 

إدلب "الأسوء"

وأوردت الصحيفة أن محافظة إدلب، آخر معقل للمعارضة في شمال غرب البلاد، هي المنطقة الأكثر احتياجا للمساعدات، ورغم وجود المعارضة المسلحة، إلا أنه يوجد أيضا عدد كبير من المدنيين.

وفي السياق، أشار فؤاد سيد، مؤسس منظمة "فيوليت"، وهي منظمة غير حكومية تتعاون مع عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة وتعمل في إدلب، إلى أن الفترة بين نهاية العام الماضي وبداية عام 2021 "كانت من أسوأ فترات الأزمات الإنسانية التي شهدتها المنطقة".

ويعزو ذلك إلى النزوح الداخلي الجديد الذي سجل عام 2020، وهو "الأسوأ"، وإلى تأثير الوباء على إمدادات المحافظة، حيث يقطن نحو 4 ملايين نسمة، تقريبا "جميعهم" يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، بحسب السيد.

من جهتها، تحدثت صحيفة "الباييس" عن العاصمة دمشق التي تسودها حياة طبيعية غريبة رغم انخفاض الأجور التي بالكاد تكفي لتغطية تكلفة الغذاء.

وفي ظل فقدان الليرة السورية ما يقرب من 99 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار وأزمة الوقود الخانقة؛ أصبحت دمشق عبارة عن انعكاس لخراب الحرب الأهلية.

وأشارت الصحيفة إلى أن طرق التهريب غير القانونية المزدحمة تبدأ من لبنان لبيع الوقود في سوريا، وكذلك الأرز أو الأدوية.

وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن أحمد، الذي لم يذكر اسمه الحقيقي خوفا من الانتقام، وهو مسؤول في الخمسينيات من عمره في دمشق، أن "هذا العام كان صعبا للغاية بالنسبة للسوريين في دمشق… بالكاد نستطيع تغطية نفقاتنا أو تدفئة غرفة في المنزل بالوقود".

وأضاف أحمد: "بينما يزداد معظمنا فقرا، يزداد ثراء أقلية من أعضاء النظام المميزين".

ورغم عدم وجود نقص في المواد الغذائية في محلات السوبر ماركت؛ إلا أن جيوب المدنيين تكاد تكون فارغة بعد معركة تسببت في مقتل نصف مليون من المدنيين ودمرت 27 بالمئة من المنازل ونصف البنية التحتية.

الخوف من النظام

من ناحية أخرى، لا يزال الخوف من التعبير عن الأفكار السياسية موجودا في الأماكن العامة؛ فقط أولئك الذين يدعمون رئيس النظام بشار الأسد يجرؤون على الكلام.

وأفادت الصحيفة بأن "المقاتلين الروس كانوا على وجه التحديد هم الذين قلبوا ميزان القوى عام 2015 لصالح الأسد عندما كانت المعارضة على أبواب العاصمة، وقبلهم في عام 2012، جاء الإيرانيون لمساعدة الأسد من خلال نشر شبكة من الإستراتيجيين والمليشيات على الأرض، بما في ذلك حزب الله اللبناني".

وفي هذا السياق، قال السفير الإيراني بدمشق، جواد ترك آبادي: "كان الانتصار في سوريا حاسما لبقية العالم لأنه لو لم يتم إيقاف الإرهابيين، لكانوا قد انتشروا"، ويشير بالإرهابيين إلى جميع المجموعات المعارضة المسلحة.

وأفاد الدبلوماسي بأنه "لا يوجد حل سياسي سوى التفاوض الداخلي بين السوريين"، مضيفا أن "الحرب استمرت لعقد من الزمان بسبب التدخل الأجنبي في البلاد"، دون اعتبار إيران قوة تدخلت من الخارج لأنها، في رأيه، لا تتدخل "في الشؤون الداخلية للبلاد".

وبينت الصحيفة أن إيران لا تفكر في الانسحاب في ظل سيناريو تحاول فيه إسرائيل إخراج طهران من سوريا.

وأفاد السفير بأن طهران "ستبقى في البلاد وستواصل دعم الشعب السوري والحكومة الشرعية"، قائلا: "لدينا علاقات جيدة مع روسيا، المجاورة كما في بحر قزوين، ونشترك في نقاط إستراتيجية مشتركة، لذلك سنبقى متحدين في تلك المجالات التي نتفق عليها".

من جانبه، قال الخبير في الشأن السوري، جوشوا لانديس، عبر الواتساب من الولايات المتحدة: "روسيا وإيران حليفان إستراتيجيان، وبالطبع، تعد إيران دولة دينية على خلاف روسيا، مما يعني أن لديهم أيديولوجيات متباينة، لكن هذه الاختلافات لا تمثل عائقا أما الهدف المشترك المتمثل في الحفاظ على بقاء النظام السوري". 

ولفتت الصحيفة إلى أن "ترك آبادي" يتجنب تقييم تكلفة الدعم الإيراني الذي استمر عقدا لصالح نظام بشار اقتصاديا وعسكريا أو حتى تقدير عدد الخسائر البشرية في صفوف رجال المليشيات والجنود.

من جهتهم، يقدر الخبراء أن حوالي 30 ألف عنصر من المليشيات تم نشرهم في البلاد من قبل إيران، في حين أن موسكو نشرت أكثر من 48 ألف جندي.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "أما بالنسبة لتمويل إعادة إعمار البلاد، فلم تتحرك طهران ولا موسكو في الوقت الحالي، فيما يحاول سكان دمشق مواجهة الأزمة بقدر ما يستطيعون، خاصة انقطاع الكهرباء اليومي".