لتجنب الحرب.. خبير أميركي يدعو بايدن لسحب قواته من العراق وسوريا
دعا الجنرال الأميركي السابق دانيال دايفز، الرئيس الجديد جو بايدن، إلى سحب قوات بلاده من العراق وسوريا؛ لـ"تجنب سيناريو الحرب في الشرق الأوسط"، بعد فشل سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعها سلفه دونالد ترامب مع إيران.
وأوضح الخبير السابق في مؤسسة "أبحاث أولويات الدفاع"، أنه وللمرة الخامسة خلال أسبوعين، أجرت إيران تدريبات عسكرية كبيرة في 19 يناير/كانون الثاني 2021، مع عرض لترسانتها العسكرية بعد يومين من تسيير الولايات المتحدة مقاتلتها B-52 ستراتوفورتيرس، قرب المجال الجوي الإيراني".
واعتبر دايفز، في مقال نشره على موقع "Military.com"، أنه "إذا كانت أهداف إدارة بايدن هي تجنب الحرب في الشرق الأوسط والحفاظ على أمن أميركا، فإن الاستمرار في تطبيق حملة (الضغط الأقصى) المشوهة تماما هو آخر شيء يجب على الرئيس الجديد فعله".
فشل ذريع
وشدد الخبير الأميركي على أن "سحب جميع قواتنا القتالية من العراق وسوريا هو أفضل قرار يمكن أن يتخذه بايدن، رغم أن المقترح قد يبدو غير منطقي".
وقال دايفز: "فيما يشير بعض المحللين إلى أن أفضل طريقة يمكن لبايدن أن ينتهجها للرد على تصرفات إيران هي الاستمرار في الضغط، إلا أن هناك أدلة دامغة تشير بأن الضغط الأقصى على إيران حقق فشلا ذريعا".
وأضاف أنه "رغم خلل خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، المعروف بالاتفاق النووي، فقد نجحت في وضع قيود كبيرة على الجيش الإيراني وخفضت ماديا مخزوناته من المواد النووية، كما أنها حدت - وإن لم تنته - من تصرفات إيران المقلقة في الشرق الأوسط".
وفيما زعم المدافعون عن حملة الضغط الأقصى التي انتهجها ترامب أن عملية الضغط الاقتصادي من شأنه "تغيير سلوك إيران الهدام، وتدفع النظام الإيراني إلى احترام حقوق شعبه، والعودة إلى طاولة المفاوضات، إلا أن النتائج الفعلية -التي كانت متوقعة تماما- كانت معاكسة تقريبا"، وفق الخبير الأميركي.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي عام 2018، زادت إيران بشكل كبير من إنتاجها من المواد النووية المعاد معالجتها، وصعدت من سلوكها العدواني في المنطقة، ووسعت تدريباتها العسكرية في الأشهر الأخيرة.
ويستشهد المدافعون عن خطة "الضغط الأقصى" بانتظام بهذه الإجراءات كدليل على ضرورة ممارسة المزيد من الضغط، لكن إيران أشارت علانية إلى أن "سلوكها الاستفزازي مؤقت ويمكن عكسه"، بحسب دايفز.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أقر البرلمان الإيراني قانونا جديدا يقيد بدرجة أكبر الالتزام بخطة العمل الشاملة المشتركة، مؤكدا أنه سيعود إلى الامتثال "إذا نفذ الموقعون الآخرون التزاماتهم بالكامل".
وقال رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف: إن القيود جاءت نتيجة سنوات لما أسماها "لعبة من جانب واحد" إثر انسحاب واشنطن من خطة العمل الشاملة المشتركة مع مطالبة طهران بالامتثال الكامل.
وأكد دايفز أن "الضغط الأقصى لم ينتج عنها أيا من الفوائد التي ادعى المدافعون عنها أنها ستحدث، وعلى العكس من ذلك، فقد وفرت حافزا كبيرا لإيران للقيام بعكس ما تنتظره واشنطن، مما أدى إلى تصعيد التوترات لدرجة أن مخاطر الحرب - سواء عن طريق التصميم أو سوء التقدير أو الخطأ - مرتفعة بشكل غير ضروري".
خطر غير ضروري
وأفاد الخبير العسكري الأميركي بأن "إيران قوة ضعيفة ومنحدرة في الشرق الأوسط أكثر من كونها متوازنة مع دول أخرى في المنطقة، ولا تشكل تهديدا كبيرا لأميركا، جيشها لديه قدرة محدودة على إبراز قوته خارج حدوده ومياهه الساحلية".
واستدرك قائلا: "مع ذلك، يمكن لطهران إطلاق عدة أنواع من الصواريخ الباليستية وكروز في جميع أنحاء المنطقة، وتوظيف قوات العمليات الخاصة والميليشيات الأخرى، والطريقة الوحيدة تقريبا التي تشكل بها إيران تهديدا لأميركا هي من خلال قواتنا المكشوفة نسبيا في العراق وسوريا".
وأضاف دايفز: "قواتنا في هذين البلدين لا تفعل شيئا لحماية المصالح الأميركية أو الدفاع عنها، المستفيدون الوحيدون هم الحكومة في بغداد والأكراد في سوريا".
وتابع: "تخاطر قواتنا في الوقت الحاضر بحياتها بشكل يومي، ولكن ليس لديها أهداف عسكرية يمكن تحقيقها وقد تشير إلى نهاية العملية، إنهم بالمعنى الحرفي للكلمة، يجلسون في الصحراء ويقومون بأعمال تكتيكية منفصلة عن أي أهمية إستراتيجية".
وأكد الخبير الأميركي أن هذه الأهداف "يسهل تحديدها ويمكن الوصول إليها من قبل الجيش الإيراني أو الميليشيات التابعة له".
ودعا دايفز إلى "استخدام القوات المسلحة الأميركية فقط في المهام المتعلقة مباشرة بأمننا، ولا ينبغي أبدا مطالبة الرجال والنساء الذين يرتدون الزي العسكري بالمخاطرة بحياتهم في مهام غير مهمة من الناحية الإستراتيجية".
وشدد على أن "سحب القوات الأميركية من العراق وسوريا سيقلل بشكل كبير من تعرض الولايات المتحدة لأي مغامرة إيرانية في المنطقة، ويقلل بشكل كبير من خطر اندلاع حرب غير ضرورية للولايات المتحدة".
وتابع دايفز: "لن يزيد ذلك من خطر التعرض لهجوم إرهابي، حيث أن قدراتنا الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع القوية، جنبا إلى جنب مع قدرتنا العالمية على ضرب أي هدف إرهابي ستستمر في الدفاع عن وطننا بنجاح"، وفق تعبيره.
وفيما يعتقد الكثيرون في واشنطن أن سحب أي قوات أميركية من أي انتشار سيزيد من خطر تعرض الولايات المتحدة للهجوم، يؤكد الجنرال الأميركي المتقاعد أن "الأدلة التي تراكمت على مدى العقدين الماضيين تدحض بشدة هذا الادعاء".
وختم دايفز مقاله بالقول: "لدى إدارة بايدن فرصة لإنهاء مثل هذه السياسات الفاشلة، وسحب القوات الأميركية من الخطر غير الضروري، وتعزيز الأمن القومي الأميركي".