لليهود فقط.. صحيفة إيطالية: إسرائيل تشتري أضعاف حاجتها من لقاح كورونا
استنكرت صحيفة "إيل بوست" الإيطالية، إنكار إسرائيل مسئوليتها عن توفير لقاح فيروس كورونا للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، رغم شرائها أضعاف حاجتها منه ودعوات المنظمات الدولية بوجوب القيام بذلك وفق ما يقره القانون الدولي.
وقالت الصحيفة: إن "إسرائيل تتصدر المركز الأول عالميا من ناحية عدد الحاصلين على اللقاح ضد فيروس كورونا من إجمالي السكان، وهو ما يجعل حملة التطعيم التي تقوم بها حتى الآن، الأكثر فعالية في العالم".
وتخطط سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتطعيم جميع مواطنيها الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاما (نحو 7 مليون) مع نهاية مارس/آذار المقبل، وقد أدت هذه النتائج المحققة إلى انتعاش شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
بقوة القانون
من ناحية أخرى، ذكرت الصحيفة أن الاحتلال استبعد حوالي 5 ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من الحصول على اللقاح، مؤكدة أن القانون الدولي يلزم الاحتلال بمساعدة الفلسطينيين في الرعاية الصحية.
من جانبه، يرفض الاحتلال، الذي قام باقتناء 5 ملايين جرعة من لقاح "فايزر وبيونتك" الأميركي الألماني، وهو اللقاح الذي تم حقنه في الأسابيع الأخيرة، هذه المسئولية متعللا بـ"اتفاق أوسلو" (الموقع في 13 سبتمبر/أيلول 1993).
وفقًا لتقديرات وسائل الإعلام العبرية، سلمت شركة الأدوية "فايزر" 4 ملايين جرعة إلى إسرائيل وذلك بعد أن أبدت استعدادها اقتناء اللقاح بثمن يفوق ما دفعته الدول الأخرى، 62 دولارا للجرعة مقارنة بنحو 19 دولارا دفعتها الولايات المتحدة.
كما قامت باقتناء 6 ملايين جرعة من لقاح "موديرنا" و10 ملايين جرعة من لقاح "أسترازينيكا" البريطاني.
وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن "استبعاد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة من حملة التطعيم أثار الكثير من الجدل".
في هذا الاطار، أكدت أنه "يمكن لجميع الإسرائيليين، سواء كانوا يهودا أو عربا أو فلسطينيين، وكذلك الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس المحتلة أن يحصلوا على التطعيم، لكن ما يقرب من 5 ملايين فلسطيني لا يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعيشون في الضفة الغربية والقطاع لا يمكنهم القيام بذلك".
وفقاً للمؤسسات الدولية الرئيسة (الأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، الاتحاد الأوروبي)، تعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة أراضٍ محتلة، لذلك تلزم اتفاقية جنيف، الاحتلال بتوفير الرعاية الصحية لسكان الأراضي المحتلة.
في المقابل، تدعي إسرائيل أن هذا الالتزام لا يعنيها، لأن اتفاقيات أوسلو للسلام، الموقعة في التسعينيات، نصت على أن مسئولية القيام بحملات التطعيم والرعاية الصحية تقع على عاتق السلطة الفلسطينية التي لم تتقدم بأي طلب رسمي لسلطات الاحتلال للمساعدة في اقتناء وتوزيع لقاحات مضادة لكورونا، على حد مزاعم الكيان المحتل.
من جهتهم، يجادل النقاد بأن اتفاقيات أوسلو، التي نصت على إعادة تنظيم شاملة للعلاقات بين المحتل والفلسطينيين، كان يجب أن تكون مؤقتة فقط، وعلاوة على ذلك، لم تدخل حيز التنفيذ بشكل كامل، وعلى أية حال، تلزم الاتفاقية الطرفين بالتعاون في حالة الطوارئ، تؤكد الصحيفة الإيطالية.
ولفتت إلى أن "الأراضي المحتلة في الوقت الحالي، خالية من أي تلاقيح بينما قطعت إسرائيل أشواطا مهمة في حملة التطعيم التي شملت فقط المستوطنين المقيمين في الضفة الغربية".
إكراهات اقتصادية
على الطرف المقابل، بذلت السلطة الفلسطينية، التي تحكم بعض مناطق الضفة الغربية فقط، بعض الجهود لتأمين الجرعات، "إلا أن جهودها لم تسفر بعد عن نتائج تذكر".
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد وافقت في 11 يناير/كانون الثاني 2021 على استخدام لقاح "سبونتيك في" الروسي، الذي سيكون متاحا خلال الربع الأول من العام الجاري.
وقالت وزارة الصحة أيضا إنها اشترت مليوني جرعة من اللقاح الذي طورته شركة الأدوية "أسترازينيكا"، كافية لتطعيم مليون شخص، ومن المنتظر وصولها في موعد لا يتجاوز مارس/آذار المقبل.
وتابعت الصحيفة الإيطالية: "السلطة الفلسطينية تأمل في الحصول على 60 بالمئة على الأقل من احتياجاتها من اللقاحات من كوفاكس، وهو برنامج تابع لمنظمة الصحة العالمية لتزويد البلدان الفقيرة باللقاحات".
ومن المتوقع أن تصل 60 بالمئة من هذه اللقاحات إلى الضفة الغربية و40 بالمئة إلى قطاع غزة لكن لا يعرف بالتحديد موعد وصولها، في حين يؤكد مسئولو منظمة الصحة العالمية أن كوفاكس لن يرسل أي لقاحات قبل شهر مارس/آذار.
ولفتت "إيل بوست" إلى أن مشاكل السلطة الفلسطينية في اقتناء اللقاح ذات طبيعة اقتصادية بالدرجة الأولى خصوصا وأن الموارد المتاحة لا تكفي لضمان شراء اللقاح من السوق لجميع السكان.
وأضافت أن هناك مشاكل لوجستية وتكنولوجية، يتعلق أبرزها بـ"ضرورة تخزين لقاح شركة فايزر، على سبيل المثال، في درجات حرارة منخفضة للغاية. وفي حين لا توجد برادات مناسبة لذلك في الضفة الغربية، يُعد هذا المشكل أكثر خطورة في قطاع غزة، حيث لا تتوفر الكهرباء إلا لثماني ساعات في اليوم".
ويتعلق العائق الأخير بسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على حدود الأراضي الفلسطينية وهو ما من شأنه أن يعيق وصول أي لقاح يختاره الفلسطينيون، وفق الصحيفة الإيطالية.
من جانبه، قال رئيس الطب الوقائي في وزارة الصحة الفلسطينية علي عبد ربه، لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية: إن إسرائيل "ملزمة، كقوة احتلال، بتوفير اللقاحات للسكان الفلسطينيين".
بدورها، دعت عدة منظمات غير حكومية، مثل منظمة العفو الدولية، إسرائيل بالالتزام بالقانون تجاه الفلسطينيين، واتهمتها بممارسة "التمييز المؤسسي" لاستبعادهم من حملة التطعيم.
كما طلبت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة من إسرائيل منح الفلسطينيين حق الحصول على اللقاحات.
من جهته، قال وزير الصحة الإسرائيلي، يولي إدلشتاين: إن "إسرائيل ساعدت جيرانها الفلسطينيين منذ المراحل الأولى من هذه الأزمة"، لكنها قد تقرر المساهمة بالتطعيم فقط عندما تكمل تلقيح جميع مواطنيها.
وفي حديثه إلى صحيفة "وول ستريت جورنال"، قال إدلشتاين: "سنفكر في كيفية التعاون مع الفلسطينيين في موضوع التطعيمات، ليس لأن لدينا نوعا من المسئولية أو الالتزام، ولكن لأن ذلك في مصلحة إسرائيل"، في إشارة إلى عبور آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية الحدود كل يوم للعمل في إسرائيل خاصة في قطاع البناء.