أغلبية ضده.. لماذا تعجل قوى سنية وشيعية للإطاحة برئيس برلمان العراق؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

الساحة السياسية في العراق تشهد حراكا واسعا، هدفه الإطاحة برئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية المبكرة، المقررة في يونيو/ حزيران 2021.

"الجبهة العراقية" السنية بالبرلمان (35 نائبا) المكونة من 5 قوى "المشروع العربي، الجماهير الوطنية، جبهة الإنقاذ والتنمية، الحزب الإسلامي، والكتلة العراقية المستقلة"، أخذت على عاتقها التواصل مع باقي مكونات العملية السياسية الشيعية والكردية، لإنهاء قيادة الحلبوسي للبرلمان.

تأييد واسع

مصادر في "الجبهة العراقية" كشفت خلال حديثها لـ"الاستقلال" أن "القوى السنية الرافضة للحلبوسي مصممة على إقالته من رئاسة البرلمان قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة".

وأوضحت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن "الحلبوسي بات يهدد جميع القوى والأحزاب السنية المنافسة له، كونه يتعامل بعقلية تلغي الآخر، فإما معي أو أنت ضدي، وعلى هذا الأساس يشن حملات في مواقع التواصل على جميع المنافسين ويتهمهم بالفساد والإرهاب".

ولفتت المصادر إلى أن "رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عقد في منزله اجتماعا للمصالحة بين الأطراف السنية في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، حضره الحلبوسي وعدد من قادة الجبهة العراقية، أبرزهم أسامة النجيفي، لكنه انتهى دون التوصل إلى نتيجة".

ونوهت المصادر إلى أن "الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، فقط هم من يساندون الحلبوسي ويرغبون في بقائه ويطرحون مبادرات للمصالحة، أما باقي الكتل السياسية فهناك تأييد كبير للمضي بمشروع الإقالة".

وأكدت أن "180 نائبا في البرلمان مع إقالة الحلبوسي، من ضمنهم تحالف الفتح بقيادة هادي العامري، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وكذلك كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني".

وحسب المصادر، فإن "اجتماعا للكتل الشيعية عقد في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، حسم الأمر لصالح الإقالة وبانتظار طلب (الجبهة العراقية) عقد جلسة استثنائية للبرلمان للإطاحة بالحلبوسي".

وتعليقا على هذا الحراك، أعرب أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور خالد عبد الإله خلال تصريحات صحفية في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 عن اعتقاده بنجاح مساعي القوى السياسية الساعية لإقالة الحلبوسي.

وقال عبد الإله: "تلك التكتلات سواء كانت شيعية أم سنية، تسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، وهذه الصراعات ليست جديدة، والجديد فيها توافق السنة والشيعة على الأمر".

ورجح المحلل السياسي "نجاح هذا الحراك لوجود حراك مشابه في اتجاه رئيس الجمهورية، فمعادلة عادل عبد المهدي (رئيس الحكومة المقال) حاضرة بقوة، لأن الجميع جاء بسلة واحدة والجميع يخرج بسلة واحدة، بالتالي قد يتم التوافق على هذه المسألة بين السنة والشيعة".

الفرصة الأخيرة

وبخصوص أسباب تخوف الأحزاب والقوى السنية، أكدت المصادر السياسية أن "الجبهة العراقية" متواصلة في تحركاتها للإقالة لأن التراجع يمنحه فرصة لـ"الانتقام" من جميع قيادات ونواب الكتلة الـ35، وبالتالي تنقلب النتائج إلى صالحه.

وأوضحت أن "القوى السنية تتخوف من إقدام الحلبوسي على إقصائها بشتى الطرق من العملية الانتخابية، سواء بتلفيق اتهامات للشخصيات المنافسة أو عن طريق التزوير، إذ تدور أحاديث عن توفر نحو مليون بطاقة انتخابية لدى جهات قريبة من رئيس البرلمان لاستخدامها في الانتخابات".

وفي المقابل، أكدت المصادر أن "الحلبوسي التقى بشخصية إيرانية من سفارة طهران في بغداد، للاستنجاد بها وإيقاف التحرك ضده في البرلمان، وكذلك أجرى لقاءات عدة مع كتل وشخصيات سياسية، إلا أنها لم تأت بنتيجة لصالحه".

وفي 27 أغسطس/ آب 2020، اتهم النائب السني علي الصجري في تغريدة على "تويتر"، الحلبوسي بتزوير الانتخابات النيابية عام 2018، بالقول: "الحلبوسي اشترى 75 ألف بطاقة ناخب، كون الأخير لا يستطيع الحصول على ألف صوت".

ولوح الصجري بـ"الكشف عن جميع الخفايا التي جاء بها الحلبوسي للبرلمان، أمام الشعب"، متهما إياه بـ"اللصوصية، وأنه ضغط لنشر وثائق للادعاء العام من أجل رفع الحصانة عنه".

وعن علاقة رئيس البرلمان بإيران، قال السياسي العراقي مشعان الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: "الحلبوسي جاء به أعداء أهل السنة، وتحديدا قاسم سليماني (قائد فيلق القدس الإيراني السابق) بعدما أدى القسم بالولاء في بيت نائب رئيس الحشد الشعبي السابق أبو مهدي المهندس".

الجبوري كشف أن "أغلب القوى السياسية السنية تعرضت للتقويض من الحلبوسي، وأنه لن يكمل دورته في رئاسة البرلمان، إذا لم يترك سياساته الحالية واستحواذه على القرار السني، والمناصب في الدولة المخصصة للمكون، والتي أشغلها من شخصيات مواليه له".  

وأوضح الجبوري أن "الحلبوسي تجاوز على مرجعية السنة وهي المجمع الفقهي العراقي، والتي لها الحق في ترشيح شخصية رئيس ديوان الوقف السني، لكنه مصر على ترشيح شخصية قريبة منه، وهو ما لم يفعله أي رئيس برلمان قبله، فهو يستحوذ على كل شيء مخصص للسنة".

استئثار بالقرار

في المقابل، قال النائب عبد الله الخربيط عن كتلة "اتحاد القوى العراقية" بزعامة الحلبوسي: "محاولة إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان ما هي زوبعة في فنجان، وأن وتشكيل جبهة للإطاحة به جاءت قبل الانتخابات، وربما تتكرر هذه المحاولات ألف مرة، وحتى لو أبعد من منصبه فإننا باقون في البرلمان نزيد ولا ننقص".

وأضاف الخربيط خلال مقابلة تلفزيونية في 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2020: "نحن خلقنا قيادة وارتضيناها لأنفسنا، ومن يقول إنها قيادة في محافظة الأنبار فقط، نقول له إن الرمادي (مركز محافظة الأنبار) بمثابة نجف السنة، فليعلم ذلك من يعلم ولا يعلم، ونحن نقرر أين يذهب السنة في العراق".

لكن النائب رياض المسعودي عن تحالف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر، أكد خلال تصريحات صحفية في 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أن بعض القوى الشيعية، لم يسمها، تعمل بدعم كتلة أسامة النجيفي (الجبهة العراقية)، للإطاحة برئيس البرلمان لأسباب عدة.

وأوضح المسعودي أن "ترشيح، محمد الحلبوسي، لمنصب البرلمان كان بأغلبية بسيطة جدا، حيث حصل على 174 صوتا، أي 50 زائد واحد، وهذا يعد رقما قلقا لأن وجود من يعترض عليه من جميع المكونات، خاصة من المكون السُني، التي كانت غير راضية لأنها ترغب في تولي أسامة النجيفي أو خالد العبيدي أو أحمد الجبوري، المنصب".

وبيّن أن "الحلبوسي عندما تسلم المنصب، استحوذ على أغلب المناصب لكتلته، ضاربا عرض الحائط الكتل السُنية الأخرى، مما تسبب في حالة من الاستياء، وبالتالي شرعوا في تشكيل جبهة سياسية، مدعومة من بعض القوى الشيعية للإطاحة به"، مشيرا إلى أن "سائرون" كان لها موقف سلبي مع الحلبوسي، قبل 6 أشهر، "لاستغلاله لمنصبه والاستئثار ببعض القرارات السياسية".

وفي هذا الصدد، أوضح الخبير القانوني العراقي طارق حرب خلال تصريحات صحفية في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أن إقالة رئيس البرلمان تكون بالأغلبية البسيطة، وهي 50 زائد واحد أيضا، وهي تتمثل بحضور 165 نائبا، يستطيع 83 منهم التصويت على الإقالة، مؤكدا أن "الإقالة تعني أن الحلبوسي سيكون عضوا في البرلمان كبقية الأعضاء".

من جهته، كشف السياسي وائل الحازم خلال تصريحات صحفية في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عن السيناريو المحتمل ما بعد سحب الثقة من الحلبوسي، قائلا: "قانونيا إذا نجحت عملية سحب الثقة فستكون رئاسة البرلمان بيد النائب الأول للرئيس حسن الكعبي، وحينما واجهنا أحد قادة (الجبهة العراقية) بذلك، أجاب بأن هذا الأمر ليس مهما، وأن الإقالة أهم".