يحركها الشباب.. سيناريوهات محتملة للاحتجاجات الشعبية في نيجيريا

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية الضوء على الاضطرابات الاجتماعية التي تشهدها منذ ثلاثة أسابيع دولة نيجيريا- أكبر دول قارة إفريقيا من حيث عدد السكان- بقيادة مجموعات من الشباب الذين يحتجون في الشارع ضد عنف الشرطة والبطالة المتفشية.

وتساءلت الصحيفة الإسبانية: "بعد أن فاجأت هذه المظاهرات السلطات، فهل يمكن أن تبشر بتغيير أوسع وأكثر ديمومة يطالب فيه النيجيريون الشباب بدور أكبر في تشكيل مستقبل البلاد؟".

حل "سارس"

وأضافت أن المسيرات انطلقت في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 في ولايتي إيدا والدلتا، احتجاجا على شريط فيديو انتشر كالنار في الهشيم لرجل يتعرض للضرب حتى الموت، على أيدي عناصر اللواء الخاص لمكافحة السرقة، المعروف بـ"السارس".

وفي تلك الأثناء، توضح الصحيفة، أنه سرعان ما انتشرت الاحتجاجات في لاغوس، أكبر مدينة ومركز اقتصادي في البلاد. وطالب المئات من الناشطين الحكومة بحل وحدة الشرطة الفيدرالية، التي اشتهرت بسهولة إطلاقها للنار واتهمت بارتكاب مئات عمليات القتل خارج نطاق القضاء منذ إنشائها في عام 1992.

وبعد أيام قليلة، نمت الاحتجاجات وشارك فيها عشرات الآلاف من المتظاهرين وانتشرت إلى مدن أخرى وفي العاصمة أبوجا. في الوقت ذاته، اكتسب هاشتاج "#إندسارس" شهرة على وسائل التواصل الاجتماعي وجذب الانتباه العالمي للشتات النيجيري في أوروبا والأميركتين، وكذلك لدى المشاهير والمؤثرين في الولايات المتحدة، بما في ذلك منظمة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمة)، والتي نشأت في أميركا للتخلص من عنف الشرطة ضد الأشخاص السود.

وبحسب الصحيفة، فإنه على الرغم من المراوغة، وافق الرئيس النيجيري محمد بخاري- الجنرال السابق الذي قاد المجلس العسكري الذي حكم نيجيريا في أوائل الثمانينيات ولكنه انتخب كمدني في عام 2015 - على حل قوات "السارس". لكن بدلا من تهدئة الشوارع، ألهم القرار جيلا جديدا من المحتجين الذين تتجاوز مظالمهم عنف الشرطة.

تغيير وشيك

وبينت "الكونفدنسيال" أنه على الرغم من أن نيجيريا هي واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، إلا أن الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية أهدرا تلك الثروة لعقود. وفي ظل الأزمة الاقتصادية لفيروس كورونا، يعاني قطاع النفط- الذي يمثل 60 بالمئة من إيرادات الدولة وهو مفتاح أي انتعاش اقتصادي- من انخفاض على مستوى عالمي في أسعار المواد الخام؛ مما تسبب في أزمة اقتصادية في البلاد.

وأوردت الصحيفة أن الأزمة الاقتصادية الحالية أثرت على الشباب بشدة؛ حيث إن 63 بالمئة من النيجيريين تحت سن الـ30، هم الآن عاطلون عن العمل أو ليس لديهم عمل كاف، وهو معدل يفوق متوسط ​​القوة العاملة بثماني نقاط.

وذكر التقرير أن أكثر من نصف 206 ملايين نيجيري هم تحت سن الثلاثين، ويبلغ متوسط ​​العمر في هذه البلاد حوالي 17.9 سنة. لكن في السابق، لم يهتم الشباب بالسياسة لأجيال طويلة، في بلد نادرا ما تتجاوز نسبة المشاركة فيه في الانتخابات الوطنية 40 بالمئة.

ومع ذلك، إذا زادت الاحتجاجات الحالية من مشاركة الناخبين الشباب، فقد يكون لذلك عواقب مهمة في المستقبل. وعلى وجه الخصوص، غالبا ما يعطي الشباب النيجيري الأولوية للعدالة الاقتصادية والاجتماعية ويفضلها على نمو الناتج المحلي الإجمالي والأمن، الأمر الذي يشغل الآن السياسيين التقليديين.

ونوهت الصحيفة إلى أنه مع اقتراب الانتخابات العامة في عام 2023، يمكن لأي حزب قادر على جذب "هذا الجمهور النائم العملاق" أن يغير السياسة النيجيرية بشكل أساسي.

ورأت "الكونفدنسيال" أنه على الرغم من حظر التجول في "لاغوس" والمراقبة الشديدة للشرطة، استمرت الاحتجاجات في المدن النيجيرية الرئيسية. وإزاء هذا الوضع، تشعر قوات الأمن بالقلق. في الوقت ذاته، عاشت البلاد يوما وصفته الصحافة المحلية بـ"الثلاثاء الأسود" بسبب القمع العنيف للاحتجاجات، حيث قُتل 12 شخصا على الأقل، وفقا لإحصاءات منظمة العفو الدولية.

وفي الوقت الراهن، تضيف الصحيفة، يبقى أن نرى ما إذا كانت القبضة الحديدية للجيش والشرطة ستخيف النيجيريين الشباب، الذين يمكن أن يصبحوا قوة سياسية هائلة في وقت أقرب مما يتصوره الجميع.

خيبة أمل

من جهتها، قالت صحيفة "لوبوان" الفرنسية: إن الانتقادات انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعية، شارك عبرها الشباب خيبة أملهم تجاه ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

وانتقد أحد الشباب بغضب خطاب الرئيس النيجيري، قائلا: "لم يقدم تعازي للعائلات ولم يتحدث عن مذبحة ليكي ولم يقدم وعودا بتحقيق العدالة، أو خطة متماسكة لإنهاء الأزمة. يجب عليه أن يرحل".

وبالنسبة لـ"حزب الشعب الديمقراطي" النيجيري، فيعتبر "خطاب الرئيس بخاري الذي طال انتظاره بشأن الاحتجاجات التي تهز البلاد مخيبا للآمال ولا صلة له بحقائق الأحداث المأساوية التي وقعت خلال الأسبوعين الماضيين". وأكد أن خطابه "صدم الحزب بأكمله وكل محبي السلام في البلاد، لأن الرئيس تجاهل العنف ضد المتظاهرين".

وصرح أحد الشبان لوكالة "فرانس برس"، معبرا عن غضبه، قائلا: "لقد أصبحت السلطات على وعي بما نحن قادرون على فعله الآن. لن نصدق هراءهم بعد الآن. نحن نعاني من الجوع، كما أننا متعبون من الوضع".

ونقلت "لوبوان" عن أوشيوكس فيليبس، السكرتير الوطني لمنظمة "مؤتمر العمل الإفريقي"، أنه "كان من الممكن أن تكون الحكومة متواضعة بما يكفي للاعتراف بالذنب، حيث توجد أدلة واضحة على أن المذبحة كانت مخططة. لكن، يواصل بخاري إهانة الاحتجاجات وانتهاك حقوق الناس بسبب معارضة نظام جعل من البلاد واحدة من أفقر الأقطار في العالم".

وواصل فيليبس، قائلا: "لم يصدم مؤتمر العمل الإفريقي مما حصل، لأن النظام أظهر أنه خالي من الضمير ويتمسك بفاشيته المعلنة. نحن نعلم أن نظام بخاري يكره الديمقراطية وهو مصمم على إجبار نيجيريا على الدخول في حرب".