بعد 14 عاما.. لهذا عادت "شارلي إيبدو" إلى الإساءة للنبي محمد
أعادت صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية، نشر الكاريكاتيرات المسيئة، للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي أثارت موجة غضب واسعة في العالم الإسلامي عام 2006، ولاحقا وقع هجوم مسلح على مقر الصحيفة بسببها.
ويتزامن إعادة نشر الصور المسيئة للرسول مع بدء المحاكمة لهجمات كانون الثاني/ يناير سنة 2015 في فرنسا.
وهذه الرسوم الاثنا عشر، التي نشرتها في البداية صحيفة يلاندس بوستن الدنماركية في 30 أيلول/سبتمبر 2005، ثم شارلي إيبدو في عام 2006، تُظهر النبي يعتمر قنبلة بدلا من العمامة، أو مسلحا بسكين محاطا بامرأتين منقبتين.
وقالت صحيفة إلموندو الإسبانية: إن شارلي إيبدو استنسخت غلاف العدد 712 مع رسم توضيحي للرسام كابو، الذي رسم الكاريكاتور وقُتل إلى جانب 11 شخصا، في السابع من كانون الثاني/ يناير سنة 2015 في الهجوم على غرفة التحرير.
تسببت بمذبحة
ونقلت إلموندو أن مجلة شارلي إيبدو أرادت تبرير إعادة نشر الصور المسيئة للرسول، وكتبت العبارات التالية: "الرسومات تنتمي إلى التاريخ من الآن فصاعدا، ونحن لا نعيد كتابة التاريخ ولا يمكننا محوه".
ونوهت الصحيفة بأن هيئة تحرير تشارلي إيبدو تدرك أن نشر هذه الرسوم الكاريكاتورية قد اعتبره "عدد معين من المسلمين بمثابة الإساءة لدينهم"، كما كانت "الدافع وراء مذبحة السابع من كانون الثاني/ يناير".
وترى شارلي أنه "من المهم إعادة نشر هذه الرسوم الكاريكاتورية في ذكرى مرور 14 عاما على نشرها لأول مرة". ويعتقدون أنه من الضروري أن يكون الشباب الفرنسي الذي سيتابع أخبار محاكمة اعتداءات 2015 على دراية بما يجري الحديث عنه.
ونقلت الصحيفة عن رئاسة تحرير المجلة الفرنسية الهزلية قولها: إن "المجلة تلقت الكثير من طلبات إعداد رسومات كاريكاتورية أخرى للرسول محمد، لكنها لطالما رفضت ذلك، ليس لأنه محظور، حيث يسمح القانون بذلك، ولكن لأن هناك حاجة لسبب وجيه للقيام بذلك، كما يجب أن يكون هذا السبب منطقيا ويحقق إضافة للنقاش".
من ناحية أخرى، يبدو أن إعادة نشر هذه الرسوم الكاريكاتورية في هذا الأسبوع، الذي بدأت فيه محاكمة اعتداءات كانون الثاني/ يناير من سنة 2015، أمر لا غنى عنه، بحسب شارلي إيبدو.
وأوردت الصحيفة أن شارلي إيبدو علقت متسائلة: "هل نريد أن نعيش في بلد يفتخر بكونه ديمقراطيا عظيما وحرا وحديثا ويرفض في نفس الوقت تأكيد أعمق قناعاته؟ من جهتنا، لا توجد إمكانية لذلك. وخلافا لهذا، سنعيش في بلد آخر، أو في نظام آخر، أو في عالم آخر".
وذكرت أنه بهذه الكلمات: "لن نستسلم أبدا، لن نتراجع أبدا"، يبرر رئيس تحرير المجلة الأسبوعية الساخرة لوران سوريسو، إعادة نشر الصور الساخرة.
وتجدر الإشارة إلى أن سوريسو أصيب بجروح خطيرة منذ خمس سنوات في الهجوم، ونشر في عام 2019 كتابا بعنوان "دقيقة واحدة و 49 ثانية"، حيث روى كيف كان الهجوم بالداخل ومحاولات إعادة إحياء المجلة من جديد.
استطلاع التعبير
ونقلت الصحيفة أن شارلي إيبدو تنشر أيضا في هذا العدد نتائج استطلاع نشره المعهد الفرنسي للرأي العام حول حرية التعبير.
وفي هذا الاستطلاع، يرى 59 ٪ من الفرنسيين أن الإعلام "كان على حق" في نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد "باسم حرية التعبير"، بينما يعتقد 31 ٪ أنهم كانوا مخطئين لأنها كانت "استفزازا لا فائدة منه"، بينما فضل 10 ٪ عدم الإدلاء بآرائهم.
في المقابل، يعتقد 69 ٪ من المجيبين الذين أعلنوا أنهم مسلمون أن الإعلام الفرنسي أخطأ عند نشر الرسوم الساخرة وأن ذلك كان استفزازا.
وبدأت فرنسا في الثاني من سبتمبر/ أيلول في محاكمة المتواطئين الأربعة عشر المزعومين مع الأخوين كواشي وأميدي كوليبالي، الذين قتلوا 17 شخصا بين السابع والتاسع من كانون الثاني/ يناير سنة 2015 في ثلاث هجمات: الهجوم على شارلي إيبدو، واحتجاز الرهائن في سوبر ماركت ومقتل ضابط شرطة في مونتروج.
وقتل الإرهابيون الثلاثة المسؤولون عن الهجمات على أيدي الشرطة بعد الهجمات. وتجدر الإشارة إلى أن هجمات كانون الثاني/ يناير سنة 2015 نقطة البداية لموجة من الهجمات في فرنسا.
من ناحية أخرى، نقلت صحيفة البايس عن المحامية سامية مقطوف، التي تنوب أحد ضحايا السوبر ماركت، أن "عملية المحاكمة ستصور من أجل التاريخ والضمير والذاكرة الجماعية. ومن المهم أن يتم تصويرها حتى تتذكر الأجيال القادمة أنه في عام 2015، ارتكب بعض البشر أعمالا غير إنسانية ضد أشخاص تمتعوا بحرية التعبير والدين".
وأضاف المحامي باتريك كلوغمان: أن "جميع موكليه، من ضحايا الهجوم على السوبر ماركت، لم يتمكنوا من العودة إلى الحياة الطبيعية، كما أنهم في وضع سيئ، وأصبحوا اليوم أسوأ مما كانوا عليه خلال يوم الهجوم، لأنهم أصبحوا ضحايا النسيان".
وذكرت البايس أن هجمات كانون الثاني/ يناير من سنة 2015 أطلقت العنان لموجة من الهجمات الإرهابية التي قتلت بالفعل أكثر من 250 شخصا.
وعلى الرغم من أن هزيمة تنظيم الدولة في سوريا قد أضعفت هذا التنظيم الإرهابي، الذي يعتبر أحد التهديدات الرئيسية للغرب، إلا أن "الخطر الإرهابي يظل التهديد الرئيسي" في فرنسا.
ووفق ما صرح به وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، عشية المحاكمة، فإن "التهديد الإرهابي مستمر على مستوى عال للغاية". ومنذ عام 2017، وقعت 10 هجمات في فرنسا أسفرت عن مقتل 20 شخصا، وكان من الممكن أن يكون العدد أسوأ.
فبحسب ما كشف دارمانين، فإنه منذ عام 2013، تم إحباط 61 هجوما، 32 منها كانت خلال السنوات الثلاث الماضية، وآخرها في بداية عام 2020. وحاليا، يوجد 8132 شخصا مدرجين في ملفات الشرطة الفرنسية، يمثلون تهديدا محتملا للأمن.