الطالبي العلمي.. وزير مغربي سابق وقيادي بـ"الحمامة" تطارده ملفات فساد
حذر حزب الاستقلال المغربي المعارض من "تلاشي منسوب الثقة" في الحكومة الحالية، فيما دعا حزب الأصالة والمعاصرة المعارض إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في ما وصفها بـ"فضائح" الوزير السابق والقيادي بحزب التجمع الوطني للأحرار "الحمامة" المشارك في الائتلاف الحكومي، رشيد الطالبي العلمي.
بدأت القصة عندما كشفت البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (داخل الحكومة)، ابتسام مراس، عن خلاصات تقرير المفتشية العامة للمالية (مؤسسة للرقابة) الذي بيّن اختلالات في تدبير شؤون وزارة الشباب والرياضة في عهد العلمي.
رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي للحزب، وصف اتهامه بصرف 250 مليون سنتيم (ما يقارب 250 ألف دولار) على موقع إلكتروني بـ"الكلام الفارغ الذي لا أساس له من الصحة"، واعتبر في حوار صحفي، أنه "كلام غير دقيق مبني على تقرير غير موجود للمفتشية العامة للمالية".
وزير الشباب والرياضة الأسبق ذهب إلى حد القول: إن وثيقة المؤسسة الرسمية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية طالها التزوير، وأفاد بأنه سيلجأ للقضاء لأخذ حقه ممن شوهوا سمعته.
شدد الوزير السابق على أن الأمر لا يتعلق بموقع إلكتروني، بل بمنصة تحتوي على منظومة متكاملة، تتوفر عليها معطيات 4300 جمعية على الصعيد الوطني، بما يفوق 20 ألف وثيقة، و250 ألف مستفيد، و400 شخص له الحق في ولوج هذه المنصة.
لكن تبرير العلمي لم يعفه من هجوم نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تداولوا الخبر على نطاق واسع. لكن فضيحة الموقع الإلكتروني ليست الوحيدة، فقد ارتبط اسم العلمي بفضائح أخرى سابقة، جعلت اسمه يطفو على السطح بين الحين والآخر.
"خروج عن النص"
على خلفية دعوته تشكيل لجنة لتقصي الحقائق هاجم العلمي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبد اللطيف وهبي، معبرا عن أسفه لما أسماه "المستوى الذي وصل له الحزب بقيادة وهبي، في الوقت الذي كان يستحق فيه، زعيما في مستواه ومستوى فريقه البرلماني".
رأي العلمي في وهبي لا يقره كثيرون رأوا في تعيين الأخير أمينا عاما لحزب الأصالة في فبراير/ شباط 2020، بأنه "يشكل تحولا، لأنه الوحيد الذي قدم نقدا ذاتيا جريئا لمسلك حزبه، ونادى بتغيير المسار، حيث دعا إلى القطع مع حزب الدولة وحزب التعليمات، وإلى التخلي عن أيديولوجيا العداء للإسلاميين، التي قام عليها الحزب منذ تأسيسه في 2008".
في يناير/ كانون الثاني 2019، خلق العلمي أزمة مع حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، عندما صرح بأنه "سيخرب البلاد"، وفي سبتمبر/ أيلول 2019، هاجمه أيضا، معتبرا أنه يقلد نظيره التركي، ليرد عليه الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران قائلا: "ذلك الإنسان الوضيع ليس له مصداقية ولن ينتبه له أحد".
تصريحات الطالبي خلقت أزمة للحزب الذي سارع إلى حذف كلمته من موقعه الرسمي على الإنترنت وكذا قناته على موقع "يوتيوب"، وهو ما قالت عنه إحدى الصحف المغربية: "اعتراف ضمني بخروج الوزير عن النص وعدم مراعاته لصفته الحكومية".
"لاتتوالد الحكومات كما تتوالد الأجناس"، جملة قالها العلمي عندما كان رئيسا لمجلس النواب (البرلمان)، ونشرتها الصفحة الرسمية للحزب على "فيسبوك"، في يناير/ كانون الثاني 2017، وتحولت إلى موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
عدد من الناشطين شبه جملة العلمي السريالية بـ"خطابات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وسفسطاته التي كان يطلقها في كل خطاب يريد أن يتفلسف فيه".
فساد بالجملة
في 2014 فاز رشيد الطالبي العلمي برئاسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لما تبقى من الولاية التشريعية (2011 - 2016)، ليثير الجدل من جديد عبر صفقة باهظة مع شركة وطنية للاتصالات.
من خلال الصفقة، مكن العلمي جميع البرلمانيين من حمل هواتف ذكية باشتراكات شهرية، وأجهزة "آيباد" وبطاقات للبنزين وليالي مبيت مجانية بفنادق الرباط من أجل التحفيز على الحضور لأشغال البرلمان.
الصفقة تكلفت 140 مليون سنتيم (ما يقارب 140 ألف دولار)، وفي 2016 فوجئ البرلمانيون المنتهية ولايتهم بانقطاع خط الاتصالات، فيما احتفظوا بالهواتف وأجهزة "الآيباد".
في سبتمبر/ أيلول 2016، حجزت الخزينة العامة للمملكة على رواتب 10 نواب برلمانيين، بعد صدور أحكام قضائية ضدهم بخصوص تملصهم من أداء الضرائب للدولة، من بينهم رشيد الطالبي العالمي.
وأصدرت المحكمة قبل ذلك حكما في حق العلمي يقضي بأداء مبلغ مليار و300 مليون درهم لخزينة الدولة، بعدما تهرب من أداء الضرائب مدة تزيد عن 25 سنة.
المحكمة نطقت بالحكم بعد اكتشاف معمل سري لإنتاج النسيج بمدينة تطوان في ملكية الوزير السابق منذ سنة 1991، ولم يصرح العلمي بمستخدميه (عماله) الذين يبلغ عددهم حوالي 100 عامل.
رغم كشف الصحافة ملفات الفساد التي تورط فيها العلمي وثبتت بأحكام قضائية، استمر القيادي بحزب الحمامة رئيسا لمجلس النواب حتى 2017 ثم وزيرا للشباب والرياضة إلى غاية 2019.
في 2013، وحين كان رئيسا لجهة (إقليم) طنجة تطوان، خصص 14 مليون درهم - أي ما يزيد عن مليون دولار - لفائدة جمعية للأعمال الاجتماعية لموظفي مجلس الجهة (الإقليم)، والتي تضم 40 شخصا، أغلبهم يتقاضون شهريا أزيد من 20 ألف درهم (2000 دولار)، من أجل "مساعدتهم على تملك السكن".
وبعد الضجة التي خلقها القرار بعد تسريبه لوسائل الإعلام، رفض العلمي التعليق عليه قائلا: "المغرب ليس دولة شيوعية حتى تُحاسب الجمعيات على 5 دراهم".
وبعد إثبات كل هذه الملفات المتعلقة بالفساد الحافل بها مسار الوزير السابق، خرج الطالبي العلمي في آخر حوار له مع موقع "هسبريس" ليقول: "أتحدى إثبات اختلالات بمساري".
ابن "تطوان"
ولد العلمي عام 1958 بمدينة تطوان (شمال المملكة)، تابع العلمي دراساته العليا بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، وحصل على دكتوراه في التدبير والمالية، تخصص المالية المحلية، من جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية.
ويعتبر العلمي خبيرا دوليا في اللامركزية والنظام المالي المحلي لدى الوكالات والبنوك المانحة، وأسس وأدار عدة شركات استثمارية بكل من الدار البيضاء وتطوان.
وفي عام 1992، انتخب عضوا ثم نائبا لرئيس الجماعة الحضرية "سيدي المنضري" بتطوان، وتبعا لذلك شغل عضوية المجموعة الحضرية بتطوان ورئاسة لجنة المالية والميزانية بكل من الجماعة والمجموعة.
وكان العلمي عضوا بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بولاية تطوان منذ 1992، وعضو المجلس الإقليمي بتطوان منذ 1997.
ساهم العلمي، في إطار مشاريع التعاون الدولي المتعدد الأطراف، في إنجاز عدة دراسات وتقديم خدمات للجماعات المحلية من أجل تقوية قدراتها في مجال تدبير الشأن المحلي على المستوى الوطني بوجه خاص وعلى مستوى عدد من الدول الإفريقية، كما تقلد مسؤولية إعادة تشييد البنيات التحتية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وعمل خبيرا بعدة مكاتب دراسات دولية.
أخذ العلمي عضوية في الجمعية الدولية للتخطيط الإستراتيجي من أجل محاربة الفقر في الحواضر، وانتخب عضوا في اللجنة المركزية لحزب التجمع الوطني للأحرار في المؤتمر الوطني الثالث المنعقد سنة 2001، كما يشغل مهام منسق الحزب بإقليم تطوان منذ 1996.
وتقلد العلمي ما بين 2004 و2007، مهام وزير منتدب مكلف بالشؤون الاقتصادية والعامة لدى الوزير الأول، وفي 2009 انتخب رئيسا لفريق حزب التجمع الوطني للأحرار في مجلس النواب.
ومن 2002 إلى 2004، تقلد منصب وزير الصناعة والتجارة والاتصالات، وفي 2009 انتخب العلمي رئيسا لمجلس جهة طنجة تطوان، ليعاد انتخابه على رأس هذا المجلس في 2012.
المصادر
- رشيد الطالبي العلمي.. إما وزير أو متورط في تبذير المال العام
- الدولة تحجز راتب العلمي لتهربه من أداء الضرائب
- من يكون رشيد الطالبي العلمي الرئيس الجديد لمجلس النواب ؟
- قطع التلفون عن البرلمانيين القدامى وتعثر الأجرة بالنسبة للنواب الجدد
- وزير الشباب المغربي يهاجم البيجيدي
- بن كيران يهاجم حزب الحمامة : الطالبي العلمي “وضيع” وحزب أخنوش له أجندة لتصفية البيجيدي
- الطالبي العلمي على خطى”القذافي”.. يتفلسف ويثير السخرية
- الطالبي: تقرير 250 مليون مزور .. وأتحدى إثبات اختلالات بمساري
- بعد فضيحة إنشاء موقع بـ250 مليونا.. “البام” يطالب بالتحقيق في مرحلة وجود الطالبي العلمي على رأس وزارة الشباب والرياضة
- الطالبي العلمي يهاجم وهبي ويقول البام يستحق زعيما في المستوى