صحيفة تركية: هكذا يمكن الرد على إزالة الرياض اسم سليمان القانوني
تزامنت إزالة السلطات السعودية لافتة كتب عليها اسم السلطان العثماني سليمان القانوني من أحد شوارع العاصمة الرياض، مع إطلاق ذات الاسم على أهم الطرق في ليبيا.
وفي 14 يونيو/حزيران 2020، نشرت حسابات سعودية ووسائل إعلام محلية خبرا يفيد بإزالة أمانة الرياض لوحات باسم السلطان العثماني من أحد الشوارع إيذانا بتغيير اسم الشارع.
ورغم أن الصور حظيت بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل واحتفى بها مغردون سعوديون، إلا أن السلطات المحلية لمنطقة الرياض لم تعلن بشكل رسمي عن إعادة تسمية أي شارع من شوارع المدينة.
الحكومة السعودية تزيل لافتة تحمل اسم السلطان العثماني "سليمان القانوني" من أحد شوارع #الرياض وذلك مع تصاعد توتر العلاقات بين المملكة و #تركيا pic.twitter.com/OtAycOe73O
— صحيفة الاستقلال - ميديا (@alestiklal) June 14, 2020
وأثارت تلك الأنباء جدلا واسعا على مواقع التواصل، خاصة مع توتر العلاقات بين الرياض وأنقرة، وقيام وسائل الإعلام السعودية الموالية للسلطات بشن حملات مستمرة ضد تركيا.
بعدها بيوم واحد، أطلقت بلدية تاجوراء الواقعة شرقي العاصمة الليبية طرابلس، اسم "السلطان سليمان القانوني" على أهم الطرق الموجودة في المدينة.
وتعتبر فترة السلطان سليمان بمثابة العصر الذهبي للدولة العثمانيّة، حيث حكم لمدة 46 عاما، وشهدت الدولة في عهده توسعا كبيرا في أوربا وآسيا وإفريقيا. كما اشتهر بقدراته الإدارية والقوانين التي أصدرها، حتى أطلق عليه لقب "القانوني".
وأفاد رئيس بلدية تاجوراء حسين بن عطية: قررت رسمياَ تسمية الطريق الذي يبدأ من منارة الحميدية "الفنار" وصولا إلى جزيرة الدوران المعروفة بـ"جزيرة إسبان"، باسم "طريق السلطان سليمان القانوني".
خطوة بلهاء
صحيفة يني شفق التركية علقت على ما فعلته السعودية بالقول: إنها "خطوة غير متوازنة"، متسائلة: هل يمكن لدولة أن تتصرف بهذا الشكل؟
وقال الكاتب محمد شكر في مقال له بالصحيفة: "من الواضح أن أمرا ما أزعج الرياض من أنقرة. ما حدث يسمى فضيحة بلغة الدبلوماسية، وبلغة أخرى هو بلاهة".
وأضاف: "لقد كبروا المسألة كثيرا فرفعوا اللوحة وألقوها على الرصيف ومن ثم صوروا هذه العملية وجعلوا الصحافة تنشر هذا الحديث وكأنه حدث جلل. يا لها من جسارة ويا له من عار!".
وذكر أن ما حدث لا يؤثر على تركيا بشيء ولا مواطنيها ومن باب أولى أنه لا يؤثر البتة على السلطان القانوني وتاريخه الحافل.
وتساءل: كيف يمكن أن نقرأ خطوة كهذه؟ ما الذي يعنيه تغيير اسم شارع؟ في الحقيقة حتى نحن كدولة قمنا بهدم الكثير من الآثار العثمانية وليس واحدة فقط".
وتابع: "حاليا فتح النقاش مرة أخرى من جديد للحديث عن آيا صوفيا وهل سيعود ليصبح مسجدا أم يبقى متحفا، وهذه بالمناسبة ليست المرة الأولى التي تحدث مثل هذه النقاشات فهي قديمة جديدة".
وبحسب الكاتب: "نحتاج للكثير من الوقت والجهد لرصد الدمار الذي لحق بالآثار العثمانية في مدينة إسطنبول وحدها سواء المساجد أو المآذن والأسواق والحمامات والمضافات وغيرها".
وأردف: "جاء في كتاب: اشرح إسطنبول، لكاتبه خلدون هورال؛ أن الكثير من هذه الآثار تحولت إلى مخازن أو للإيجار ومنافع أخرى، ناهيك عما جرى هدمه وتدميره أو تركه ليتحول خرابا. بعد إسطنبول تأتي مدينة أدرنة وفيها الكثير من الآثار التي تركت وأهملت ولحق بها الدمار".
إذا استطاعوا، فإنهم (لم يحددهم الكاتب) سيهدمون أيضا الجسور الرائعة فوق الأنهار ولكن لعدم وجود وسيلة أخرى للتنقل بين ضفافها، تركوها وشأنها وحتى هذا اليوم بقيت هذه الجسور العظيمة مكانها شامخة.
لا داعي للضجة
وما دام الوضع كهذا، والحديث للكاتب، لن يلتفت أحد لما فعلته السعودية في لوحة بشارع هناك، "ولا داعي للضجة وإثارة ردود فعل مبالغ فيها فما فعلناه نحن بتاريخنا يكفي".
ومع ذلك، يؤكد الكاتب أن ما فعلته السعودية كان مؤسفا ولا يجدر أن تصل الخصومة لهذه الحالة، لكن اللافت أيضا هو الرد الليبي على هذه الخطوة.
وأوضح رئيس بلدية تاجوراء أن سبب التسمية الجديدة للشارع يعود لعام 1551، حين أرسل السلطان سليمان القانوني جيشا لمساندة أهالي طرابلس في تحرير مدينتهم. وذكر أن الجيش العثماني دخل تاجوراء من ناحية الحميدية وأعد الأهالي لمواجهة الجيش الإسباني الذي كان يتمركز في المدينة، وتم تحرير طرابلس بعدها.
ونوه إلى أن القائد العثماني مراد آغا الذي كان على رأس الجيش، يوجد مسجد باسمه في تاجوراء.
وكان هناك رد آخر من لبنان بعد أن تهجم أحد الإعلاميين هناك وأصوله أرمينية على الرئيس رجب طيب أردوغان وتركيا، فعبر الكثير من المواطنين اللبنانين في مظاهراتهم بالشوارع عن حبهم لتركيا ورئيسها.
وفي 10 يونيو/تموز، وخلال حوار تلفزيوني وجه الإعلامي اللبناني نيشان ديرهاروتيونيان إساءات إلى كل من تركيا وشعبها ورئيسها والدولة العثمانية. هذه الإساءات استفزت عددا كبيرا من المتابعين، فأعادوا نشر الفيديو، منتقدين طريقة طرح الإعلامي والألفاظ الفظة والنابية التي أطلقها.
وعلق الكاتب التركي: "لا يجب الالتفات كثيرا لتصريح شخص هنا أو حركة لا قيمة لها هناك، ولا ينبغي أن نضيع الوقت على مثل هذه الصغائر".
ولكن لو كنا فاعلين، يقول الكاتب: "من الممكن القيام بذات الخطوة بإزالة لوحة شارع (جون) كنيدي (في إشارة إلى الرئيس الـ35 للولايات المتحدة) مثلا ولا أحد يقول ما علاقة السعودية بواشنطن فالإجابة واضحة".
وشهدت العلاقات بين الرياض وأنقرة توترات منذ سنوات عدة، فقد دعمت تركيا قطر بعد تعرضها للحصار من السعودية والبحرين ومصر والإمارات، وهي الدول التي قطعت في يونيو/حزيران 2017 علاقاتها مع الدوحة.
وتورطت وسائل إعلام مملوكة لسعوديين في الترويج لمحاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، في ساعاته الأولى بالتضامن مع أخرى مملوكة للإمارات.
كما توترت العلاقات بين البلدين عقب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وهي الجريمة التي تصر تركيا على كشف كافة المتورطين فيها، بما يشمل الشخص أو الجهة التي أصدرت الأمر، وليس فقط المنفذين.