جثث نساء هرودة فضحتها.. لماذا حاصرت مليشيا الكاني ترهونة 8 سنوات؟

4 years ago

12

طباعة

مشاركة

جريمة جديدة تضاف إلى سجل جرائم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي لا يتوقف عن تنفيذ جرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين في مدن شرق ليبيا، تظهر الواحدة تلو الأخرى مع تكرار هزائمه وخروجه من هذه المدن.

بعد تحرير قوات حكومة الوفاق لمدينة ترهونة جنوب شرق العاصمة طرابلس، ظهرت العديد من الجرائم التي ارتكبتها المليشيات التابعة لحفتر بعد اكتشاف الكثير من المقابر الجماعية في هذه المدينة بالإضافة إلى أكثر من 100 جثة داخل ثلاجات الموتى بمستشفى ترهونة. 

أبرز هذه الجرائم التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، جريمة مليشيات الكاني بحق 3 نساء شقيقات هن "ليلى وحواء وريما هرودة" يقول ناشطون: إنهن قتلن عقابا على معارضتهن لخطط حفتر في الشرق الليبي، بالإضافة إلى مشاركة شقيقهن محمود هرودة مع قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا ضد مليشيات حفتر.

تضاربت الأنباء حول جثث النساء الثلاث، حيث قال مغردون: إنهم وجدوها داخل ثلاجات الموتى بمستشفى ترهونة، فيما شارك آخرون مقاطع مصورة لشقيقهن وهو يبحث عن جثامينهن بالمقابر الجماعية التي خلفتها ميليشيات الكاني بعد المجازر التي نفذوها بحق من يخالفهم في ترهونة. 

عائلة هرودة

اختطفت مليشيات الكاني المعروفة بكتيبة 9 التابعة لحفتر في شهر رمضان الماضي وتحديدا في 5 أبريل/ نيسان 2020، نساء عائلة ميلاد هرودة الثلاث وهن ريمة (38 عاما) وجرى اختطافها وهي حامل في طفلها الخامس، أما الثانية وتدعى حواء (45 عاما) والثالثة تدعى ليلى (46 عاما).

وحسب ما أورده حساب نسويات ليبيا - المهتم بحقوق المرأة والمجتمع الليبي - تم الهجوم على منزلهن وأثناء عملية الاختطاف حاولت إحداهن الهرب فقام أحد أفراد المليشيات بضربها بالسلاح الناري على رأسها واقتادوهن إلى منزل في مدينة ترهونة، وأكدت بعض المصادر للقائمين على الحساب أن النساء الثلاث تعرضن للتعذيب داخل هذا المنزل الذي سجنوا بداخله.

وروى البعض قصة الخلاف بين عائلة هرودة ومليشيا الكانيات حيث أكد أهالي ترهونة أن القصة بدأت قبل 5 سنوات عندما كانت تملك العائلة قطعة أرض واستولت عليها المليشيات وأقاموا عليها بعد ذلك "مول الشقيقة".

وعندما رفض ميلاد هرودة والد الفتيات الثلاث التنازل عن الأرض بدون مقابل قتلته المليشيات هو واثنان من أبنائه وحرقوا ممتلكاتهم 

ومحلاتهم في سنتر ترهونة، وهرب بعض أفراد الأسرة إلى مدينة بني وليد.

كان هذا هو السبب الرئيسي لإغلاق مليشيا الكاني وتجريف طريق بني وليد ترهونة، ومنع أهاليها من استخدام طريق طرابلس، مطالبة بتسليم عائلات هرودة وظل الطريق مغلقا لسنوات.

خلال العملية التي أطلقها حفتر للسيطرة على طرابلس انضم محمود ميلاد هرودة إلى القوات المشاركة في عملية بركان الغضب التابعة لجيش حكومة الوفاق، وعندما سمعت المليشيات بذلك قاموا بخطف شقيقاته الثلاث.

جرائم أخرى

جرائم مليشيا الكاني تكشفت الواحدة تلو أخرى وروى العشرات من الناشطين قصصا لنساء آخرين وأطفال وناشطين تم اختطافهم خلال الفترة الأخيرة ولم يعرف لهم أثر بعد ذلك.

مصادر بوزارة الصحة الليبية، أعلنت العثور على 11 مقبرة في مدينة ترهونة داخل مقرات سابقة لمليشيا الكاني، وأن الوزارة تسلمت 106 جثث وجدت داخل المقابر الجماعية وأنها حصيلة أولية.

معظم ما عثر عليه داخل هذه المقابر من جثث كانت لمدنيين من سكان المدينة المعارضين لحفتر بالإضافة إلى أسرى من قوات حكومة الوفاق. 

ونشر ناشطون على مواقع التواصل صورا مفزعة لجثامين القتلى واتهموا الإمارات والسعودية ومصر بالمشاركة في تلك الجريمة. 

في مؤتمر صحفي، في 10 يونيو / حزيران 2020، عقده الدكتور كمال أبو بكر رئيس الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين، أكد تلقي الهيئة العديد من البلاغات من الأهالي والجهات الأمنية والعسكرية تفيد بوجود أعداد كبيرة من الجثث والأشلاء بين المساكن وداخلها وبعض القبور الجماعية داخل المزارع وأرياف جنوب مدينة طرابلس. 

أبو بكر أشار إلى أن الهيئة استطاعت استخراج 15 جثة وبعض الأشلاء خلال الثلاثة الأيام السابقة، وأن الفرق مستمرة في التعامل بمناطق جنوب طرابلس بمنطقة صلاح الدين وعين زارة والمشروع وسوق الأحد، مشيرا إلى وجود بلاغات بأكثر من 100 جثة. 

وأوضح أبو بكر قيام المليشيات قبل انسحابها بتلغيم هذه المناطق وتحذير القوات الأمنية المختصة وخاصة وزارة الداخلية بوجود مفخخات داخل هذه الجثث.

أبو بكر قال: إنه خلال اتصاله هاتفيا مع عميد بلدية ترهونة محمد الكشر أكد له العميد وجود بعض الجثث في مكبات القمامة وأخرى بالمقابر الجماعية.

وفي بيان للهيئة بتاريخ 11 يونيو / حزيران 2020، أكدت الهيئة العثور على 10 جثث بعد بلاغ قدمه أحد المواطنين بوجود مقبرة جماعية في أحد المزارع بمدينة ترهونة.

وألحقت الهيئة بهذا البيان بيانا آخر في اليوم التالي أكدت فيه مواصلة فرقها عمليات البحث والتعرف على المفقودين بعد ازدياد عدد الجثث مجهولة الهوية والمقابر الجماعية جنوب العاصمة طرابلس ومدينة ترهونة.

نعمان بن عثمان الباحث الليبي المتخصص في الجماعات الإسلامية يرى  أن المقابر الجماعية التي ارتكبتها المليشيات في مدينة ترهونة بمثابة نقطة تحول تاريخي في إدارة الصراع داخل ليبيا وخارجها.

وأكد في تغريدة على تويتر أن الكثير من الرؤوس "سوف تسقط على المستويين الوطني والدولي"، مضيفا: "أستغرب توفير قبائل برقة العربية الحماية لمرتكبي تلك الجرائم"، مشيرا إلى أنهم موجودون في مدينتي أجدابيا وبنغازي.

كما طالب العديد من النشطاء حكومة فايز السراج بدعوة صحفيين دوليين لتسليط الضوء على هذه الجرائم التي تمت بحق الأبرياء لتكوين رأي عام دولي وتوثيق تلك الجرائم.

كما طالبت البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبر صفحتها الرسمية بفيسبوك بإجراء تحقيق سريع وشفاف وفعال في التقارير حول ارتكاب حالات قتل خارج نطاق القانون.

وأكدت البعثة ترحيبها بقرار وزير العدل الليبي بتشكيل لجنة تحقيق ودعته لمباشرة العمل على حماية مواقع المقابر الجماعية من العبث والتعرف إلى الضحايا وأسباب الوفاة وإعادة الجثامين إلى ذويهم.

ونقلت البعثة عن الأمين العام للأمم المتحدة إعرابه عن صدمته من اكتشاف عدد من المقابر الجماعية معظمها في مدينة ترهونة ودعوته لإجراء تحقيق شفاف وشامل.

واعتبر رئيس منظمة ضحايا لحقوق الإنسان ناصر الهواري أن جريمة الإخفاء القسري هي من أصعب الجرائم وأكثرها إيلاما مشيرا إلى اختطاف المئات في كل مدن ليبيا وانقطاع أخبارهم.

واعتبر أن طول مدة اختفائهم تزيد من احتمال قتلهم وأن المقابر الجماعية في ترهونة أكدت المخاوف مشيرا إلى أن وزارة الداخلية إذا قامت بعملية مسح في كل مدن ليبيا ستجد الكثير من تلك المقابر.

مليشيا الكاني

تأسست مليشيا الكاني على يد عبد الخالق ومحمد ومعمر ومحسن والعظيم خليفة الكاني بعد مقتل أخيهم الأصغر علي، وقاموا بعدها بعمليات انتقامية جرى خلالها قتل عائلات بأكملها والسطو على مقر كتيبة الأوفياء والاستيلاء على جميع الأسلحة الثقيلة بها.

تقول منظمة ضحايا لحقوق الإنسان التي أعدت تقريرا مفصلا عن المليشيات: إنها وثقت عشرات عمليات القتل والتهجير التي قامت بها تلك المليشيات في تقرير نشرته في 19 أبريل / نيسان 2019. 

يؤكد التقرير أن مليشيا الكاني عزلوا مدينة ترهونة منذ عام 2012 وقاموا بالتعتيم على ما يحدث فيها من جرائم وانتهاكات لحقوق الإنسان. 

وأشار التقرير إلى أن تلك العصابة قامت بعمليات انتقامية بحق أهالي ترهونة ابتداء من أغسطس/أب 2014، تضمنت عمليات قتل وتعذيب وتهجير لمئات العائلات وحرق ممتلكاتهم لأسباب سياسية أهمها معارضة هؤلاء لمخططات تلك المليشيات التابعة لحفتر.

وأشارت المنظمة إلى أن تلك المليشيات استخدمت بعض المجرمين وأرباب السوابق لنشر الخراب والدمار والقتل والتهجير لكل من خالفهم ووقف بوجه مخططاتهم وقامت بتصفية كل الأصوات المعارضة لنفوذهم وأفكارهم ومخططاتهم.

وأشار التقرير إلى العديد من عمليات التصفية الموثقة أبرزها قتل 3 من عائلة هرودة، و5 أخوة من عائلة محمد عمار الدايمي، و4 أخوة ووالدهم من عائلة إبراهيم الكريد الحمادي، و6 أخوة ووالدهم وعمهم من عائلة الصيد، و4 من عائلة ونيس الدايمي، بالإضافة إلى قتل 12 شخصا بينهم أطفال وشيوخ من عائلة العواشير النعاجي، والشيخ عبد الحميد فرحات سفير ليبيا السابق بالأردن.