عملاق الدواء.. هل تدفع "سانوفي" فاتورة إهانة الأطباء في مصر؟

5 years ago

12

طباعة

مشاركة

بسبب اللا مبالاة التي تعاملت بها الحكومة المصرية مع الأطباء، لوح العديد منهم بتقديم استقالتهم إذا لم تقم الدولة بدورها في توفير الأدوات التي تساعدهم على حماية أنفسهم أثناء التعامل مع فيروس كورونا مثل الكمامات والقفازات الطبية والألبسة الواقية.

لم تعجب تحذيرات الأطباء، الأذرع الإعلامية التابعة للنظام الذي يقوده عبد الفتاح السيسي، لتبدأ بشن حرب ضد العاملين في القطاع الطبي وتتهمهم بالتقاعس عن أداء عملهم. 

لكن الأزمة أخذت بعدا آخر وتحديا جديدا بين الأطباء وشركة سانوفي للأدوية بعد نشر المدير العام للشركة نيبال دهبة عددا من التغريدات تحت هاشتاج #تذمر_الطاقم_الطبي.

في التغريدات، تهكمت دهبة على الأطباء قائلة: "يعني إيه زعلانين من الموت؟ هو القسم اللي أقسمنا عليه كان أوله إننا نموت عشان ننقذ المرضى زيينا زي الجيش! مكنش فيه مكاسب العيادات ودمتم؟!".

وضمن محاولات تقليب الرأي العام ضد الأطباء لإسكاتهم ودفعهم للعمل في ظل ظروف صعبة، قالت دهبة على حسابها بموقع تويتر: "كل مهنة ولها رسالتها لو أنت مش أدها يبقى لا تصلح لهذه المهنة (...) يعني إيه معترضين".

وتظهر صفحة دهبة على موقع "لينكد إن" أنها خريجة كلية صيدلة جامعة القاهرة، وبعد 6 سنوات من تخرجها، تولت منصب علاقات عامة في الحزب الوطني، لتترقى سريعا في المناصب حتى أصبحت عضوا في مجلس أمناء جامعة زويل.

ردود فعل

تسببت تغريدات دهبة في ردود فعل غاضبة واسعة في أوساط القطاع الطبي في مصر وطالب العديد منهم شركة سانوفي باتخاذ موقف واضح من هذه التغريدات. 

ومن خلال هاشتاج #مقاطعة_سانوفي عبر الأطباء على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تلك التغريدات التي اعتبروها إهانة لهم خاصة وأن الأطباء في مصر يعملون في ظل ظروف صعبة لا تتوافر فيها المقومات الأساسية للعمل. 

وقال صاحب حساب "طبيب مصري معاصر" تنتظر الأوساط الطبية في مصر من شركة سانوفي باستر إجراء فوريا ضد المديرة العامة نيبال دهبة كرد فعل على مضايقتها للأطباء الذين يعملون في ظروف غير مواتية للغاية".

بدوره، طالب رئيس نقابة أطباء أسيوط الفرعية في مصر ضياء عبدالحميد، الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي بصفته ممثلا لثمانية آلاف طبيب باتخاذ الشركة الإجراءات التأديبية الصحيحة ضد دهبة وتوصيلها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي. 

وقال في رسالته: إن "دهبة اتهمت الأطباء المصريين بالجبن لأنهم يطلبون معدات الوقاية الشخصية والاختبارات التشخيصية وحقهم في توفير أماكن الحجر الصحي من الحكومة خلال مواجهة وباء كوفيد 19".

وأوضح أن موقف دهبة من الأطباء هو مبني على أسباب سياسية، مؤكدا أن تعليقاتها تسببت في غضب كبير بين المهنيين الصحيين في مصر على وسائل التواصل الاجتماعي ما دفعهم إلى شن حملة مقاطعة لمنتجات سانوفي. 

 

وشن العديد من الأطباء حملة مقاطعة واسعة لجميع العقاقير التي تنتجها شركة سانوفي وتداولوا قوائم بأسماء الأدوية البديلة لأدوية الشركة في مصر تحت هاشتاج #مقاطعة_سانوفي وهاشتاج آخر باللغة الإنجليزية #boycott_sanofi.

 
 ودعا أطباء آخرون زملاءهم إلى الاستمرار في التدوين عبر هاشتاج المقاطعة لزيادة الضغط على الشركة لمعاقبة دهبة، وإرسال رسائل مباشرة عبر الإيميل إلى الرئيس التنفيذي لشركة سانوفي باول هدسون، فيما أكد آخرون أنها تجاوزت الحدود وسعت وراء أطباء مصر لأسباب سياسية. 

ومع تزايد الضغوط على دهبة اضطرت إلى حذف التغريدات التي أهانت فيها الأطباء بعدما وصل الأمر إلى مطالبة سانوفي بإقالتها. وقدمت دهبة اعتذارا للأطباء أكدت فيه أنها تحترم المهنة ومن يعمل فيها وأنها لم تقصد أبدا إهانتهم ووصفتهم بأنهم حماة الوطن. 

وخوفا على منصبها قالت: إن ما كتبته كان على حسابها الشخصي لا يعتبر وسيلة تواصل رسمية لسانوفي أو سانوفي باستر ولا يعبر عن رأي الشركة. 

وفي تغريدة له على تويتر تساءل الطبيب المصري مينا مقار عن الأسباب التي دفعت دهبة لحذف التغريدات التي تهكمت فيها على الأطباء قائلا: "هي راحت فين التويتات دي مدام حضرتك بتحترمي أهلك الأطباء !؟

 ويظهر الحساب الشخصي لدهبة على موقع (لينكد إن) توصيفها على أنها مدير عام شركة سانوفي باستر في مصر والسودان وإريتريا منذ فبراير/شباط 2018، بالإضافة إلى أنها شغلت منصب سكرتير السياسات العامة في الحزب الوطني الديمقراطي المنحل في الفترة من 2006 وحتى عام 2010 . 

كما يظهر الحساب عضويتها للمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للشباب خلال فترة حكم المخلوع حسني مبارك، بالإضافة إلى مشاركتها في مشروع مصر الخير الذي يترأسه مفتي مصر السابق علي جمعة. 

أصل الأزمة

انتشرت خلال الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي استقالات لأطباء مصريين من المستشفيات الحكومية بعد وفاة العديد من زملائهم بعد إصابتهم بفيروس كورونا أثناء أداء المهنة بسبب عدم توافر الحماية اللازمة لهم. 

ومع تزايد حالات الإصابة بين المواطنين، اتخذت وزارة الصحة المصرية قرارا بتخصيص جميع المستشفيات المركزية والعامة للتعامل مع المصابين بفيروس كورونا دون تأهيل الأطباء في التخصصات المختلفة للتعامل مع الفيروس ومن دون أن تقوم الوزارة بتجهيز تلك المستشفيات بالمستلزمات الواقية للأطقم الطبية.

هذا الأمر أدى إلى اتساع دائرة الإصابات بين أفراد الطواقم الطبية ووفاة 19 طبيبا على الأقل وإصابة المئات من الطواقم الطبية.

وتقول منظمة الصحة العالمية: إن 13% من المصابين بالفيروس في مصر هم من الكوادر الطبية وطالبت المنظمة السلطات باتخاذ إجراءات سريعة لحمايتهم وتكثيف عمليات الكشف عن الحالات المشتبه في إصابتها على غرار ما تقوم به جميع دول العالم. 

وحمل الدكتور أسامة عبد الحي وكيل النقابة العامة للأطباء في مصر المسؤولية لوزارة الصحة بسبب تعنتها في توفير التحاليل للأطباء والتقاعس عن أخذ المسحات من الأطباء المخالطين لمرضى كورونا بدون استعمال وسائل الحماية الكافية. 

وطالب في تصريحات لقناة الحرة الأميركية بتخصيص مستشفيات لعزل الأطباء والطاقم الطبي مؤكدا أن النقابة طالبت الوزارة بذلك منذ بداية الأزمة.

وفي تصريحات لقناة الحدث، أكد أمين عام نقابة الأطباء إيهاب الطاهر على ضرورة توفير جميع وسائل الحماية للأطباء حتى يتمكنوا من العودة سريعا إلى الصفوف الأولى في مكافحة الوباء.

وشدد على أن النقابة طالبت وزارة الصحة منذ بداية الأزمة بتوفير الحماية اللازمة وعمل تحاليل للكشف المبكر لجميع أعضاء الفريق الطبي حتى لا يتحولوا إلى مصدر للعدوى بدلا من علاج المواطنين، مضيفا: "مينفعش جندي ينزل الحرب من غير سلاح، ولو أصيب في أرض المعركة لا أعالجه وأقول هذا واجبه".

وأكد على ضرورة سرعة معالجة المصابين من أفراد الأطقم الطبية حتى يتمكنوا من العودة سريعا وممارسة مهنتهم وعلاج المرضى.