جنون الكمامات.. هل تقي السلعة الأكثر استغلالا في العالم من "كورونا"؟

12

طباعة

مشاركة

"لا يوجد قناع للوجه قادر على حماية الإنسان من التقاط فيروس كورونا" هذه المعلومة أكدها البروفيسور في علم الأوبئة بكلية الطب في جامعة "أيوا" بالولايات المتحدة، إيلي بيرنسفيتش. 

لكن ومع ذلك تحولت الكمامات إلى أكثر ما يجري البحث عنه في العالم مع انتشار الفيروس في دول عديدة، ما جعل التضارب في أسعارها يزيد في السوق، ليعلن نفادها في الكثير من الدول فيما سارعت أخرى إلى استيرادها. 

وتلقت الشركات التركية طلبات من الصين - خلال الأيام الأولى من ظهور الفيروس - لشراء 200 مليون كمامة طبية. ولجأت بكين نفسها إلى استيراد الكمامات الطبية من الخارج بعدما عجزت عن تغطية الطلب الكبير عليها في الداخل رغم أنها أكبر منتج لها في العالم.

وعبّر العاملون في القطاع الطبي بدول عدة عن تخوفهم من عدم توفر الكمامات الطبية لحمايتهم من التعامل مع الحالات المصابة بسبب نفاد الكميات المتوفرة والمتاحة للقطاعات الطبية المختلفة.

مضاربة تجارية

رُصد ارتفاع سعر الكيس المكون من 100 كمامة من 4 إلى 149 يورو، ما جعل عملاق تكنولوجيا البيع عبر الإنترنت "أمازون" يتعقب المتلاعبين في الأسعار، بحسب صحيفة "إلباييس" الإسبانية.

انتشار فيروس كورونا خارج الصين رفع الطلب على الكمامات بنسبة 10 آلاف بالمئة مقارنة ببداية العام، ما تسبب في نفاد الأقنعة ووسائل تعقيم اليدين من الصيدليات.

وقال المتحدث باسم الشركة: "إن الشركاء التجاريين لأمازون يحددون أسعارهم بأنفسهم في متاجرنا، ولكن رغم ذلك يجب عليهم الالتزام بسياسة التسعير العادل التي تم فرضها". وأضاف: "نعمل جديا على مراقبة الموقع وسنقوم بحجب وإلغاء كل العروض التي تنتهك سياستنا".

أكثر من نصف المنتجات المتوفرة في موقع "أمازون" يعرضها باعة يستخدمون المنصة للترويج لبضائعهم، رفع كثير منهم الأسعار بشكل مبالغ فيه خلال الأيام الأخيرة.

الموقع ليس الساحة الوحيدة للمضاربة، فقد فتحت السلطات في إيطاليا التي تشهد أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في أوروبا، تحقيقا في أسعار بيع المعدات الطبية عبر الإنترنت. 

مدى فعالياتها

البروفيسور إيلي بيرنسفيتش، قال لمجلة "فوربس" الأمريكية: إن الكمامة غير ضرورية، وأن من يتمتع بصحة جيدة لا يحتاجها، وأن من يجب عليه ارتداؤها هم المصابون بالفيروس أو بالإنفلونزا حتى لا ينقلوا العدوى.

وشدد على أن ارتداءها لا يحمي من التقاط العدوى، خاصة وأن الأغلبية لا ترتديها بشكل صحيح، وأن خطر الإصابة يظل قائما رغم لبس الكمامة مع لمس الوجه.

وفي بعض الحالات التي ذكرها بيرنسفيتش، أوضح أن مستخدم الكمامة وعندما لا يضعها بالطريقة الصحيحة يضطر إلى لمسها باستمرار وهو ما يعرضه إلى خطر أكبر بسبب التقاط اليد أولا للفيروس.

المتخصص أتى في حواره على ذكر نوع (N95) أو (FFP2) أو ما يعادلها، وهي ذات "الفلاتر" دون إغفال أن هذه الأخيرة صالحة لاستعمال واحد لا أكثر، وأنه على مستخدمها تغييرها وتعقيمها بعد كل استخدام، بالإضافة إلى ضرورة غسل اليدين قبل وضعها وبعد إزالتها. 

تشعر هذه الأنواع مرتديها بحرارة أثناء التنفس ما يجعل تحملها صعبا، وأيضا يصعب ارتداؤها بشكل صحيح من طرف غير المتخصصين دون تدريب على ذلك. 

أما كمامات غرف العمليات فقد صممت لمنع انتشار رذاذ مرتديها لمن حوله وليس العكس، إذ يرتديها الطاقم الطبي لحماية المريض خلال العملية في حال عطس أو سعل أحدهم. 

ونصحت الصين بارتدائها حتى لا تنتقل العدوى من شخص حامل للفيروس لم تظهر عليه الأعراض بعد إلى من حوله. البروفيسور ذهب إلى حد القول: إن "الخطورة في ارتداء الكمامات أنها تعطي شعورا زائفا بالأمان".

الأكثر طلبا

تعتبر الصين أكبر منتج للكمامات، إذ توفر 50 بالمئة من احتياجات العالم بإنتاجها 20 مليون قطعة يوميا و7 مليارات سنويا، بحسب صحيفة "إن بي إس نيوز" الأمريكية، التي أفادت بأن تايوان هي ثاني منتج، حيث توفر 20 بالمئة من احتياجات السوق، لكنهما وبعد انتشار الفيروس لا تستطيعان تغطية الطلب العالمي والمحلي.

الصحيفة تحدثت عن استغلال بعض الشركات للأزمة لطرح أقنعة مزورة في السوق وبيعها بخمسة أضعاف سعرها الأصلي، وذكرت تحديدا موقع "أمازون".

وفي الوقت الذي أكد فيه الخبراء على أن الكمامات قد لا تكون ذات فاعلية، لا يزال الطلب عليها متزايدا خصوصا في الصين حيث أصيب أكثر من 78.500 شخص.

وفي كوريا الجنوبية نفدت الكمامات من الأسواق، أما في إيطاليا، فقد لجأ الناس إلى أقنعة المصانع وتلك المستخدمة في مواقع البناء، بعد نفاد الطبية. 

وتوقعت مجلة "فوربس" أن الإقبال على سوق الكمامات الطبية سيحافظ على هذا الرواج، حتى بعد اختفاء الفيروس، فمنتجوها لم يعودوا مهتمين بالجانب الطبي فقط، بل أيضا بجعلها مريحة أكثر وإصدار ألوان منها بمواد مختلفة، وتوفير بذلك شروط أخرى مكملة غير الوقاية.

صحيفة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية ربطت ذلك بالحملات الواسعة التي أطلقها الممثلون والمشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عندما نشروا صورهم وهم يضعون الكمامات، وعقبت الصحيفة قائلة: "لو ظهروا وهم يغسلون أيديهم بالصابون لكان الأمر أفيد وأكثر وقاية لمتابعيهم".

فيما رأى موقع "سي إن إن" الأمريكي أن الهلع أدى إلى شراء الناس كميات كبيرة من الكمامات وتخزينها، وهم ليسوا في حاجة إليها أصلا، هو ما جعلها تنفد من السوق وترفع من قيمتها وتفتح المجال أمام المضاربين والمزورين.

كل هذه الأسباب تصعب مهمة العاملين في مجال الصحة، وهم الأحوج إلى هذه الكمامات. وشدد الموقع بدوره على أن الشخص المريض هو من عليه وضع الكمامة لا السليم، بل إنها قد تعرض الأخير لخطر أعلى.

أما الوسيلة المثلى للوقاية من الفيروس والتي أجمع عليها المتخصصون، فهي غسل اليدين أكثر من مرة في اليوم بالصابون وتجنب لمس الوجه.