إماراتيون ارتكبوا جرائم حرب في عدن.. هل تقودهم للجنايات الدولية؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

يواجه مسؤولون وضباط إماراتيون تهما بارتكاب جرائم حرب في اليمن، ومطالبات بالملاحقة الدولية عبر أجهزة الضبط القانونية في كافة دول العالم.

وكالة ستوك وايت البريطانية (حقوقية مقرها لندن)، سبق أن وجهت تهما لمسؤولين إماراتيين بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني، مضيفة في مؤتمر صحفي عقد في 11 فبراير/شباط 2020، أن لديها أدلة كافية لإدانة مسؤولين إماراتيين بارتكاب جرائم حرب، من بينها القتل خارج القانون، وممارسة التعذيب، واستخدام مرتزقة لارتكاب انتهاكات جسمية بحق مدنيين في اليمن.

وأضافت الوكالة أنها قدمت أدلتها إلى دائرة شرطة العاصمة البريطانية في لندن، بالإضافة إلى وزارتي العدل الأمريكية والتركية، وطالبت بمنح صلاحيات وولايات قضائية دولية لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا، للقبض على المسؤولين الإماراتيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، على اعتبار أن المتهمين يتنقلون في تلك الدول.

ضباط متورطون

لم تورد الوكالة الحقوقية بيانات عن الضباط الإماراتيين، لكن القيادي الجنوبي عادل الحسني، قال لـ"الاستقلال": "كنت ضمن الأشخاص الذي قدموا شهادتهم لوكالة ستوك وايت في بريطانيا، وأعطيتهم توكيلا للترافع عني، بصفتها وكالة محاماة قانونية، وأنا على ثقة بأنها ستقوم بخطوات إيجابية تثبت جرائمهم وانتهاكاتهم ضد المعتقلين في السجون السرية".

يضيف الحسني: "الضباط الإماراتيون الذين قدمت أسماؤهم في محاضر الوكالة من بينهم، أبو خليفة سعيد محمد خميس النيادي، أبو ماجد البلوشي، أبو عبدالله الطنيجي، ناصر المشبب وأبو سلامة الإماراتي".

الحسني تابع: "اتهام ضباط إماراتيين قد سبق في تقارير لمجلس الأمن ولجنة الخبراء، لكن الجديد في اتهام وكالة ستوك وايت أن لديها أدلة واضحة وأسماء وصور موثقة لضباط إماراتيين تابعين لمحمد بن زايد، وكذلك ضباط من دول خارجية وجنسيات متعددة عملت مع الإمارات في عدن، من بينها محاولة اغتيال القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح أنصاف مايو".

الحسني أكد أن "الإمارات دولة تربطها علاقات اقتصادية مهمة، ولديها شركات عالمية في هذه الدول، وتضرر سمعتها في هذه الدول سيكون له أثر اقتصادي، بالإضافة إلى ذلك، فإن الضباط الذين وردت أسماؤهم في محاضر التحقيق للوكالة تم تقديمها للمدعي العام في بريطانيا وكذلك أمريكا وتركيا، وهذا سيجعلهم عرضة للاعتقال في تلك الدول". 

فريق الخبراء 

في 8 فبراير/شباط 2020 أصدر فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة والمعني باليمن، تقريرا سنويا قدمه إلى مجلس الأمن، يقع في 214 صفحة، وركز في أحد فصوله على الانتهاكات الإنسانية.

يقول التقرير الذي حصلت "الاستقلال" على نسخة منه: إنه "وثق انتهاكات إنسانية تراوحت بين الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي لمعتقلين مدنيين على يد قوات الحزام الأمني في عدن بين عامي 2016 و2019، من بينهم 10 أشخاص كانوا معتقلين، وغدوا في عداد المفقودين، فضلا عن غارات جوية شنتها أبوظبي في 28 و29 أغسطس/آب الماضي من أجل استرجاع السيطرة على عدن"، بحسب التقرير.

يضيف التقرير: أن "حوالي 146 مدنيا قتلوا، بالإضافة إلى إصابة 133 آخرين في عدة مدن يمنية، بطائرات التحالف العربي"، الذي تقوده السعودية والإمارات.

ويسرد الفريق الأممي في تقريره أنه "يرى أن قوات الساحل الغربي والحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية جماعات مسلحة غير تابعة للدولة أنشأتها وتدعمها الإمارات".

محمد دحلان

وكالة أسوشيتد برس الأمريكية كشفت في وقت سابق أن 15 ضابطا إماراتيا ارتكبوا جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية بحق مئات المعتقلين في 5 سجون سرية في عدن جنوبي اليمن. 

اسم محمد دحلان الفلسطيني الذي يعمل مستشارا لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ورد في قائمة المسؤولين المتورطين في تحقيق الوكالة، بصفته مشاركا عن توظيف مرتزقة لاغتيال شخصيات في عدن.

كما ورد اسم دحلان أيضا في تحقيق آخر لوكالة بازفيد نيوز الأمريكية، الذي قالت إن شركة تعهدات أمنية أمريكية (الرمح) عقدت اتفاقا مع دحلان، في أبوظبي لتصفية قائمة مكونة من نحو 33 شخصية يمنية، في عدن والمناطق الجنوبية.

وحسب التحقيق، فإن "ضباطا من جنسيات متعددة بالإضافة إلى ضباط إماراتيين شاركوا في إدارة تلك العملية وعقدوا صفقات مع الشركة ونفذت بعض العمليات، فيما لم تتمكن من اغتيال شخصيات أخرى، من بينهم القيادي أنصاف مايو".

كشف المستور

لم تكن المعتقلات التي يمارس فيها ضباط إماراتيون التعذيب ضد يمنيين، معروفة من قبل، غير أن الناشطة اليمنية هدى الصراري أعدت تقريرا حقوقيا بمعية اثنين آخرين، كشفت فيه عن وجود سجون سرية تابعة للإمارات، تحتجز بداخلها مئات اليمنيين وتقوم بممارسة أسوأ أنواع التعذيب، منها طرق وحشية تمثلت بشواء المساجين على النار، وحصلت عقب ذلك التقرير على جائزة نوبل لحقوق الإنسان ( الأورورا) في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وإلى جانب السجون التابعة للأجهزة الأمنية للدولة، أنشأت الإمارات سجونا سرية وضعت فيها مخفيين قسريا، تم اعتقالهم عن طريق الوحدات المسلحة في الحزام الأمني، ومارست بحقهم أشد أنواع التعذيب.

أشهر هذه السجون، سجن "البريقة" في قيادة التحالف العربي بمنطقة البريقة بعدن، وسجن "بير أحمد" سيء السمعة، وسجن "الريان" في مبنى مطار الريان بحضرموت، بالإضافة إلى سجن "قاعة وضاح" وسجن "المنصورة".

سجون سرية

ورغم توثيق الحالات من قبل منظمات حقوقية تنفي الإمارات الاتهامات الموجهة إليها، وتنكر أن هناك سجونا سرية تحت إشرافها، وأن وجودها في اليمن يقتصر ضمن التحالف لدعم الشرعية في البلاد.

وهو النفي الذي أثار استهجان وسخرية عدد من المراقبين والمختطفين السابقين، من بينهم القيادي الجنوبي عادل الحسني، الذي اعتقل لمدة عامين في أحد تلك السجون السرية.

الحسني قال لـ"الاستقلال": إنه تعرض للتعذيب من قبل ضابط إماراتي، ومن قبل قوات تعمل تحت إشراف ضباط إماراتيين، وتم الإفراج عنه بعد ذلك بأوامر ضابط إماراتي.

وأضاف الحسني: "الضابط الإماراتي المسؤول عن تلك السجون وعن فرق الاغتيال في عدن يسمى أبو خليفة، واسمه الحقيقي هو سعيد محمد خميس النيادي، التقيت به شخصيا في المعتقل وكنت أتعرض حينها للتعذيب، وطلب مني اغتيال شخصية يمنية بارزة، وهو نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية ورجل الأعمال اليمني أحمد صالح العيسي، مقابل الإفراج عني، فوافقت في بداية الأمر حتى يفرج عني ثم رفضت تنفيذ الصفقة بعد ذلك".

وحسب الحسني، فإن (أبوخليفة) يشرف على فرق الاغتيالات في عدن التي تعمل تحت إشراف الإمارات، أشهرها فرقة يسران المقطرى، وفرقة هاني بن بريك، وفرقة شلال الشائع، وفرقة أبو اليمامة (منير اليافعي)، وهو الشخص الذي تم اغتياله مؤخرا في عرض عسكري في أغسطس/آب 2019.

تأتي تلك الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي في ظل تساؤلات كثيرين، هل سينفذ المسؤولون الإماراتيون بجلدهم، أم ستلاحقهم المحاكم الدولية ويخضعون للعدالة حتى ولو بعد مرور سنوات طويلة كما يحدث الآن مع الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، والحديث عن تسليمه من قبل السلطة الحالية إلى محكمة الجنايات الدولية، على خلفية ارتكابه جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية بحق مواطني دارفور عام 2003.