الأمم المتحدة: هكذا قتل النظام المصري الرئيس مرسي بالسجن

12

طباعة

مشاركة

كشفت تقرير أعدته مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين في مجال حقوق الإنسان، الجمعة، عن توصلها إلى "أدلة موثوقة" تؤكد أن: الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، تعرض إلى القتل التعسفي المباشر في يونيو/حزيران الماضي، بعد ست سنوات من السجن.

وقالت المجموعة في تقريرها: إن هناك "أدلة موثوقة" على أن ظروف السجن غير المناسبة التي احتُجز فيها الرئيس المصري الراحل محمد مرسي قد أدت "مباشرة" إلى وفاته في يونيو/حزيران الماضي، وقد يكون الآلاف من المعتقلين الآخرين في "خطر شديد".

احتجاز وحشي

ونقل عن أجنيس كالامارد، المقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج نطاق القضاء، جنبا إلى جنب مع  الفريق العامل التابع للأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي، قوله: "إن مرسي احتُجز في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها وحشية، ولا سيما أثناء احتجازه لمدة خمس سنوات في مجمع سجن طرة".

وأكد الخبراء في بيان صحفي: أن "وفاة مرسي بعد تحمل هذه الظروف يمكن أن تصل إلى حد القتل التعسفي الذي تقره الدولة، مؤكدين أن: "الزعيم المصري الراحل وضع في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة كل يوم، بينما كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة الإرهاب والتجسس والهروب من السجن، "لم يُسمح له برؤية سجناء آخرين، حتى خلال ساعة التريض التي يُسمح له بها".

وأضاف خبراء حقوق الإنسان المستقلين في خطابهم الرسمي إلى الحكومة المصرية: أن "مرسي أُجبر على النوم على أرضية خرسانية مع غطاء أو بطانية للحماية، إضافة إلى منع الكتب والصحف ومواد الكتابة والراديو من الوصول إليه".

وأشار التقرير إلى: أن مرسي، أول رئيس مدني ينتخبه المصريون إبان ثورة 25 يناير/كانون الأول 2011، في الفترة من 2012-2013 قبل استيلاء الجيش علي السلطة في انقلاب عسكري قاده وزير الدفاع آنذاك، عبدالفتاح السيسي، - تم "حرمانه من إنقاذ حياته ورعايته المستمرة لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم" أثناء احتجازه، وبالتالي "فقد تدريجيا الرؤية في عينه اليسرى، وأُصيب بغيبوبة متكررة من السكري وأغمى عليه مرارا وتكرارا، من هذا، إضافة إلى أنه عانى من تسوس الأسنان والتهابات اللثة".

وأكد الخبراء الأمميون في تقريرهم: أنه على الرغم من التحذيرات المتكررة للسلطات بأن مثل هذه الظروف ستقوض تدريجيا صحة مرسي، إلى درجة قتله، لا يوجد دليل على أنهم تصرفوا لمعالجة هذه المخاوف، رغم أن النتائج كانت متوقعة.

"قتل ممنهج للسجناء"

وأشار التقرير: إلى أن المستشار السابق للرئيس الراحل، الدكتور عصام الحداد، وابنه جهاد الحداد الذي كان كبير المتحدثين باسم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، والتي كانت المحاكم المصرية تعتبرها "جماعة إرهابية" من قبل، من بين الآلاف من السجناء الآخرين الذين يعانون من ظروف مماثلة.

ولاحظ خبراء حقوق الإنسان: أن الأجهزة المصرية تتعمد قتل هذين الرجلين بسبب الظروف التي يحتجزون فيها والحرمان من العلاج الطبي، يبدو أن هذا متعمد أو على الأقل يسمح بحدوث ذلك من خلال التجاهل المتهور لحياتهم ومصيرهم.

وواصل الخبراء في تقريرهم القول: "إنهم تلقوا أدلة موثوق بها من جهات متعددة تفيد بأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق البلاد، وأن الكثير منهم معرضين لخطر الموت".

وأضاف التقرير: أنهم، علاوة على الحقائق الكارثية التي أدرجوها في تقريرهم و خطابهم الرسمي للحكومة المصرية، فقد حثوا مصر على معالجة أوضاعها في السجون على الفور "وعكس ما يبدو أنه ممارسات راسخة" بشأن حق الناس في حياة خالية من التعذيب وسوء المعاملة والحق في محاكمة عادلة ورعاية طبية.

وتابع التقرير: تعرّض هذه الانتهاكات سجناء مصر لخطر الوفاة أو "إلحاق أضرار بالغة لا يمكن علاجها بصحتهم"، وبالتالي، كما دعا الخبراء إلى: إجراء "تحقيق فعال ونزيه في ظروف وملابسات وفاة الرئيس السابق لمصر، محمد مرسي، غير القانونية، وجميع السجناء الآخرين الذين ماتوا في الحجز منذ عام 2012".

وقال الخبراء: إنهم أرسلوا خطابا رسميا إلى الحكومة المصرية، وسيواصلون مراقبة الوضع، وعرضوا مساعدتهم للتعاون مع أصحاب المصلحة المعنيين لمعالجة المشكلة الأكبر المتمثلة في ظروف السجن القاسية في البلاد.

وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ميشيل باشيليت، قد أعربت في السابق عن قلقها البالغ إزاء مقاضاة البلاد، بعد أن أكدت المحكمة المصرية أنها ستحكم على 75 شخصا بالإعدام، و47 بالسجن مدى الحياة في حملة على الاحتجاجات التي قادتها جماعة الإخوان المسلمين. في عام 2013، ووصفت المحاكمات المصرية:  بأنها "إجهاض صارخ لا رجعة فيه للعدالة".

مطالبات سابقة

توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي في 17 يونيو/حزيران 2019 أثناء حضوره جلسة المحكمة، إذ سقط مغشيا عليه وتوفي بعدها. وقالت السلطات المصرية إن مرسي أصيب بنوبة قلبية.

بعد يوم من وفاة مرسي كشفت منظمة "العفو" الدولية بعض التفاصيل عن ظروف اعتقاله. وجاء في مطالبة المنظمة للسلطات المصرية بإجراء تحقيق في وفاته ما يلي: "تعرض محمد مرسي للاختفاء القسري لعدة أشهر بعد اعتقاله، قبل مثوله لأول مرة أمام قاض في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2013.

وأضافت: "احتُجز مرسي في الحبس الانفرادي لمدة ست سنوات تقريبا، مما وضع ضغطا كبيرا على صحته النفسية والبدنية، وانتهاكا للحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بموجب القانون الدولي. وخلال فترة السنوات الست هذه، عزل فعليا عن العالم الخارجي، ولم يُسمح له سوى بثلاث زيارات عائلية، ومُنع من الاتصال بمحاميه أو الطبيب".

وكانت لجنة برلمانية بريطانية قد أصدرت تقريرا من 53 صفحة عن ظروف اعتقال مرسي ووضعه الصحي بناء على شهادات ذويه الذين التقوا به وطبيبه السابق.

اللجنة التي رأسها عضو البرلمان عن حزب المحافظين كريسبين بلانت، قد قدمت طلبا للحكومة المصرية عن طريق السفارة المصرية في لندن في 5 مارس/آذار 2018 للسماح بزيارة مصر للاطلاع على ظروف اعتقال مرسي في سجن طرة، لكن اللجنة لم تتلق ردا من الحكومة المصرية.

وأعدت اللجنة البريطانية تقريرها بعد الاطلاع على الشهادات والوثائق والتقارير التي لها صلة بالموضوع حسبما قالت. واقتبست عن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" عام 2016 الذي تناول أوضاع سجن العقرب وحمل عنوان "حياة القبور".