فنانو لبنان.. كيف دعموا حراكهم وهاجموا ثورات الربيع العربي؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مع اندلاع الثورات العربية في 2011، أبدى أغلب الفنانيين والإعلاميين اللبنانيين وقوفهم مع الأنظمة الحاكمة ضد ثورات الشعوب وتبنى معظمهم خطاب الثورات المضادة.

غير أن الحراك الثوري الذي تشهده بيروت حاليا حظي بدعم وتأييد فنانين ونجوم بارزين في لبنان كانوا من قبل ضد ثورات الشعوب العربية، وتراوحت مسانداتهم بين دعم وتأييد الثوار على مواقع التواصل الاجتماعي وبين المشاركة معهم في الميادين والساحات، في تناقض واضح يصعب فهمه أو تفسيره.

علامة فارقة

كان الفنان اللبناني راغب علامة أبرز المؤيدين للثوار في لبنان، وبدا متحمسا لمطالبهم بالتغيير، ومحاسبة النظام، ورأى الحراك الثوري نتيجة منطقية للعزلة التي فرضتها الطبقة الحاكمة بينها وبين الشعب، والفساد التي أحاطت به نفسها، وكتب على تويتر: "عندما تعيش الطبقة الحاكمة في برج عاجي ولا تشعر بوجع المواطن ستكون النتيجة ثورة، الجوع والحاجة لن يرحمها أحد، استفيقوا يا أهل السلطة قبل فوات الأوان".

وتعليقا على رد الحكومة باستعدادها القيام بإصلاحات لتخفيف العجز في المنظومة الكهربائية، كتب الفنان اللبناني تغريدة: "فجأة صاروا قادرين يجيبوا الكهرباء ويخففوا العجز، وين كنتو من 30 سنة، عم ندفع 2 مليار دولار كل سنة عجز عن الكهرباء، ما منصدقكن، انتو كذابين، 60 مليار دولار صرنا دافعين بس للكهرباء الغير موجودة، هلق بدكن يانا نصدقكن؟ من سنين عم نقول: طار البلد، وطبقوا قانون من أين لك هذا.. ؟

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018 خرج راغب علامة بأغنية "طار البلد" يتحدث فيها عن القهر والجوع وضياع البلد وتجاهل المسؤولين لمعاناة الشعوب.

يمكن تفهم مواقف الفنانين المؤيدين للثورة، كونها مطالب مشروعة، ولكن ما لا يمكن فهمه هو أن راغب الذي أعلن تأييده للثورة في لبنان، قد بدا غير متسق مع موقفه الذي أعلن فيه دعمه لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي ضد المطالبين برحيله في حراك 20 سبتمبر/أيلول الماضي

قال راغب في رسالته التي أعلن من خلالها تأييده للسيسي: "أنا راغب علامة أنا مواطن لبناني عربي لكن اعتبر مصر بلدي.. أنا أدعم مصر رئيسا حكومة وشعبا وربنا حاميها بإذن الله".

وفي وقت سابق، عقب اندلاع الثورة السورية، أبدى راغب علامة في إحدى حفلاته دعمه للرئيس السوري، ووجه التحية لسوريا الأسد، ودعا بأن يديم الله سوريا لشعبها ولرئيسها القائد الدكتور بشار الأسد، ضد كل الحاقدين، حد قوله.

إذا الشعب يوما

عقب الثورة السورية، تبنى الفنان اللبناني من أصل عراقي عاصي الحلاني موقفا مؤيدا لبشار الأسد، ضد الثوار السوريين، وظهر في إحدى حفلاته، معلنا تأييده للأسد، ومخطابا جمهوره الذي هتف حينها (الله ..سوريا.. بشار وبس).

لكنه مع اندلاع ثورة لبنان، فوجئ الجميع بالحلاني يتبنى شعارات ثورية ويرددها مشاركا في الحراك اللبناني بهذه الأغنية القديمة له في تغريدة.

أعلن الحلاني تأييده لثوار لبنان، ورافقت أغانيه المتظاهرين في مختلف المناطق اللبنانية، وكتب تغريدات مؤيدة لمطالبهم.

وشارك فيديو يظهر ابنيه وليد الحلاني وماريتا الحلاني وهما يشاركان في المظاهرات ويؤديان الدبكة على إيقاع الأغاني الثورية . 

كلنا معاك ياريس

الفنان اللبناني وائل جسار كان هو الآخر ممن أيدوا المظاهرات اللبنانية، وشارك مع زوجته في المسيرات المنادية بإسقاط النظام.

واحتفل وأدى الدبكة اللبنانية مع المتظاهرين، وأظهرت مقاطع فيديو الفنان اللبناني وهو يتوسط المتظاهرين.

جسار كان له موقف مختلف من الثورة المصرية، حيث  أبدى معارضته لثوار مصر، الذين طالبوا برحيل السيسي، وظهر في فيديو حديث تزامن مع التحركات التي طالبت مؤخرا برحيل السيسي، قائلا: "مصر هي أم الدنيا مش ممكن تنكسر كلنا معاك يا ريس.. كلنا مع الجيش المصري.. مع الشعب المصري العظيم"، وغنى النجم اللبناني "بحبك يا مصر وخيرك عليا وبعشق ترابك يا أم الدنيا ديا". 

إعلاميون أيضا

لم تحظ الثورة اللبنانية بدعم ومساندة الفنانين والمطربين، فحسب، بل حظيت بدعم إعلاميين عرفوا بتأييدهم للأنظمة السابقة، أو عملوا في مؤسسات إعلامية تتبنى خطاب الثورات المضادة، وتهاجم ثورات الربيع.

من أولئك الإعلامي اللبناني طاهر بركة الذي يعمل في قناة العربية الناطقة باسم النظام السعودي، ومع أن القناة هاجمت ثورات الربيع العربي، إجمالا، وثورة يناير في مصر على وجه الخصوص، ودعمت، إعلاميا، الانقلاب العسكري في مصر، إلا أن مذيع العربية تبنى موقفا مناقضا في الحراك الثوري اللبناني.

بركة أيد الثورة في لبنان وكتب عشرات التغريدات على تويتر، وسخر من الدعوات التي تتحدث عن انهيار البلد، وخطورة تلك المطالبات على لبنان، فقال في إحدى تغريداته: "لا لمشاركة الأحزاب في التظاهرات ولا لأعلام حزبية أو رموز طائفية، إلا بعض ممن يلبسون لباسا دينيا نحترمه . العلم فقط، من يريد أن يعبر ينزل بصفته كمواطن، مين بينتخب بعدين وعلى مين يرتضي أن يُحسب هو حر، حلوا عنا.. هالأيام الحلوة الناصعة النقية هيدي مش إلكن.. هيدي للناس".

ودعا بركة إلى مضاعفة الجهد في نقل الحدث، ومواصلة الليل بالنهار، لاستمرار زخم الثورة، قائلا: "يجب إبقاء فاعلية وتأثير وهول الحدث اللبناني ليلا أيضا ليس فقط في الساحات بل على التلفزيونات والإذاعات والسوشيال ميديا.على التلفزيونات والإذاعات زيادة طواقمها بالقدر الممكن وعلى الناشطين على وسائل التواصل أن يقسموا جهدهم من خلال دوامات ليلية نهارية ليستمر الزخم".

وطلب في تغريدة أخرى إعادة تعريف الانهيار، في إشارة إلى أن البلد منهارة في الأساس، وقال بركة: "له اللي عم بيهوِّل ب "انهيار" البلد، أعطونا أمثلة. شو يعني "انهيار" بالنسبة إلكن؟

اللي عم بيهوِّل ب "انهيار" البلد ، أعطونا أمثلة . شو يعني "انهيار" بالنسبة إلكن #لبنان_ينتفض #لبنان_يثور #كلن_يعني_كلن

— طاهر بركة (@taherbaraka) October 21, 2019

ومثل طاهر بركة، كان موقف زميلته الإعلامية في قناة "العربية الحدث" اللبنانية نجوى قاسم، التي كتبت سيلا من التغريدات أيدت فيها الثوار ومطالبهم ضد السلطة، من تلك التغريدات قولها: "30 سنة من عدم الثقة بين الشعب والسلطة" هي خطاب التيار العوني في هذه المرحلة.. طيب فهمنا!! على الأقل من 10 سنين لليوم أنتم في السلطة لماذا لم تغيروا شيئا؟ ولماذا صرتم عنوانا لهذه المنظومة؟ 

من سيقتل المليون؟

بطل الحكاية الأبرز هو الإعلامي الشهير مقدم برنامج "من سيربح المليون" جورج قرداحي، حيث شارك الثوار اللبنانيين مخاوفهم، وتفهم مطالبهم، وطالب باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، وشفاء غليل الناس، وتنفيس احتقان الشارع.

وقال قرداحي في تغريدة له: "استمعت إلى كلمة رئيس الحكومة السيد سعد الحريري، فقرأت فيها اعترافا بالعجز، وبانسداد الأفق أمام الحلول المنتظرة، طبعا ألقى اللوم على من سماهم الشركاء في الوطن، ولكن هذا الكلام ليس كافيا، لأنه غير مقنع، ولن يشفي غليل الناس الذين احتلوا الشوارع والساحات".

وأضاف: "كنت أتوقع من الرئيس الحريري أن يفهم الرسالة التي وجهها إليه المتظاهرون الغاضبون وأن يخرج كبيرا من المشهد بإعلان استقالة حكومته، وإفساح المجال أمام تشكيل حكومة جديدة، من شأنها تنفيس الاحتقان في الشارع، كان لازم يخاطب المتظاهرين بأربع كلمات ja vous ai compris (لقد فهمتكم) ويستقيل".

لم يكن هذا الموقف متسقا مع مواقف قرداحي السابقة من الثورات العربية بكاملها، حيث عُرف قرداحي بعدائه الشديد لثورات الربيع العربي، ولم يدع إلى تفهم مطالب الناس في سوريا ومصر وبقية دول الربيع العربي، كما هو الحال في لبنان، بل اعتبرها مؤامرة على الشعوب العربية، كما لم يدع إلى تغيير الحكومات والأنظمة، بل أيد بشدة الأنظمة، متجاهلا إجرام (من يقتل المليون) ويعتقل الآلاف ويتسبب بسقوط آلاف الضحايا.

 في ديسمبر/كانون الأول 2018 أشاد قرداحي ببشار قائلا: "بشار الأسد هو رجل العام"، وتم تداول المقطع على نطاق واسع في القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي.

وظهر في فيديو آخر تزامن مع حراك الشارع المصري مؤخرا عبّر فيه عن دعمه وتأييده للسيسي، واصفا إياه بـ"الرجل الذي لا ينام، منشغلا ليله ونهاره بتطوير مصر، لجعلها واحدة من الدول المتقدمة".

وزاد قرداحي: "مصر حاليا تعيش حالة غليان، لكنه غليان في المشاريع والإنجازات العظيمة التي لا يمكن تجاهلها".

صمت وحياد

إزاء ذلك الزخم الثوري، الذي حظي بدعم نجوم من الوسط الفني اللبناني، آثر فنانون لبنانيون الصمت، غير أن الصمت هذا لم يكن هو نفس الموقف عندما هاجموا ثوار سوريا.

من أولئك الفنان السوري اللبناني جورج وسوف، الذي هاجم ثوار سوريا، وطال هجومه الفنانة السورية أصالة، التي آثرت خيار الثورة، ودعمت الثوار، حيث شتمها "وسوف" في أكثر من لقاء تلفزيوني، واتهمها بـ"الخيانة".