كيف فشلت قمم مكة الثلاث في التصدي للحوثيين؟

آدم يحيى | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشر معهد "بروكنجز" الأمريكي، تقريرا سلط فيه الضوء على قمم مكة الثلاث، والنتائج التي خرجت بها حيال الهجمات الحوثية على المملكة العربية السعودية، مشيرة في الوقت ذاته إلى حجم الخسائر التي تكبدتها الرياض جراء قرار الحرب في اليمن عام 2015.

وقال التقرير: إنه "بفضل القرار السياسي الذي اتخذه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تحولت المدن السعودية والبنية التحتية لها، إلى أهداف مكشوفة لصواريخ وطائرات مسيرة طورتها ميليشيا بمساعدة من إيران وحزب الله".

وأضاف، أن "القمة أتت بعد تعرض المملكة لعدة اعتداءات من الحوثيين، وفشل القرار السياسي السعودي  الذي قاد إلى التدخل في اليمن عام 2015،  وتم اختيار مكة (المدينة المقدسة) لعقد ثلاث قمم خليجية وعربية وإسلامية، للتذكير بدور الملك سلمان بن عبد العزيز كحامٍ للحرمين الشريفين في مكة والمدينة".

مستنقع اليمن

وعلى ذكر نتائج قم مكة، قال التقرير: "إنها لن تكون قادرة على حل المشكلة الأكبر المتمثلة بإخراج السعودية من المستنقع الذي تورطت به في اليمن. وإنها لن تكون قادرة على كسب الحرب بمزيد من الأسلحة التي تشتريها".

وأضاف التقرير، أنه "مع بيع إدارة ترامب أسلحة بمليارات الدولار للرياض، دون موافقة الكونجرس، شجع ولي العهد السعودي على مواصلة الحرب، إلا أن أربع سنوات كانت كافية للحكم على فشل الدعم الأمريكي للسعودية في حسم الحرب، ولا الحيلولة دون استهداف مدنيين من قبل السعودية والتسبب بمذابح".

وذكّر "بروكنجز" بالحرب التي خسرتها السعودية في اليمن قبل نحو نصف قرن، عندما قام الملك فيصل بدعم الملكيين في اليمن، إلى جانب الأردن وإسرائيل وبريطانيا، وقال: يبدو أن السعودية نسيت الدروس من تلك الحرب التي خسرتها في اليمن.

و أردف التقرير: يبدو أنها في طريقها لخسارة حرب أخرى، فالحوثيون استطاعوا تشكيل تهديد حقيقي، عبر طائرات مسيرة هاجموا بها خطوط الأنابيب التي تضخ النفط من المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر، كما استخدموا صواريخ مطورة لضرب المدن السعودية القريبة من الحدود اليمنية.

وتوصّل "بروكنجز" في ختام تقريره، إلى أن كل هذا يحدث، بينما تستمر السعودية في إلقاء اللائمة على إيران على دورها في دعم المتمردين الحوثيين، الذين ينكرون صلتهم بطهران، غير أنهم ينسقون بشكل واضح مع حليفهم الإقليمي إيران. 

شعور بالورطة

بحسب إشارة تقرير "بروكنجز"، فقد حاول العاهل السعودي، باختياره مكة مكانا لعقد القمم الثلاث، إضفاء بعد ديني لطبيعة التحديات التي تواجه المملكة، من أجل حشد دعم إسلامي وعربي للسعودية، واستغلال القدسية الدينية لكل من مكة والمدينة، وحديث البعض عن تعرضهما للخطر الإيراني.

ويبدو أن السعودية، بدأت تشعر بأنها تواجه ورطة حقيقية، فإلى جانب كون القمتين العربية والخليجية طارئتين،  تجلى ذلك من خلال الدعوة التي وجهها العاهل السعودي للمجتمع الدولي بضرورة استخدام كل الوسائل لمنع إيران من التدخل في شؤون الدول الأخرى، وضرورة الخروج بموقف حاسم ضد طهران. وتوقف إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة، وإيقاف دعمها للجماعات والميلشيات الإرهابية، بحسب نص البيان، وكذلك التوقف عن تهديد أمن الممرات البحرية والملاحة الدولية.

وشدد البيان على أن "أمن دول مجلس التعاون الخليجي جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة، وأن أي اعتداء على أي دولة هو اعتداء على دول مجلس التعاون جميعا."

عدم اتساق 

أما القمة الإسلامية، فقد خرجت ببيان، أشارت فيه إلى رفض "الخطة الأمريكية المرتقبة بشأن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي" (صفقة القرن)، ولم تصرح بذلك الرفض، غير أنها نصت على رفض الحلول التي لا تضمن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف .

وعلى الرغم من ذلك الموقف الذي نص على إقامة دولة فلسطينية، إلا أنه لا يعد متسقا مع تحركات ولي العهد السعودي، ولا يمكن قراءته ضمن المشهد الحالي للسياسة السعودية تجاه فلسطين والقدس، حيث كان ولي العهد السعودي قد أدلى بتصريح  في مقابلة له مع صحيفة "ذا اتلانتيك" الأمريكية في أبريل/ نيسان من العام الماضي، تحدث فيه عن حق الإسرائيليين في العيش بسلام على أرضهم الخاصة، وعن تصالحه مع اليهود، وبدا متحمسا، بحسب "الميدل ايست آي"، لخطة ترامب، وأعلن عن تقديمه مبالغ مالية هائلة لدعم الخطة.

وكان موقع "الخليج أونلاين"، قد كشفت في يونيو/ حزيران من العام الماضي، عن توجه وفد إسرائيلي إلى العاصمة السعودية الرياض، لوضع اللمسات الأخيرة على صفقة القرن وتجاوز عقبة تمويل الصفقة ماليا، وأضافت أن هناك إجماعا "عربيا ، إسرائيليا أمريكيا " على كل بنود الصفقة، رغم الرفض الفلسطيني القاطع. 

ونقل موقع "ميدل إيست آي" عن دبلوماسي غربي، أن "محمد بن سلمان أبلغ كوشنر أنه مستعد لاستثمار كميات ضخمة من رؤوس الأموال في الصفقة وسيعطي القيادة الفلسطينية الحوافز اللازمة للاستجابة الإيجابية".

ونقل الموقع ذاته، عن مسؤولين فلسطينيين، أن عباس التقى بن سلمان خلال زيارته للرياض في 8 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، وأن هناك عرضا لزيادة الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية بثلاثة أضعاف تقريبا مقابل الموافقة على صفقة القرن .

تضمنت مبادرة ترامب مقترح إنشاء حلف إستراتيجي عربي إسرائيلي لمواجهة إيران، وهو المقترح الذي قوبل بالترحيب من القيادة السعودية التي تقود المفاوضات العربية الإسرائيلية، وقد نقل "ميدل إيست آي"، أن محمد بن سلمان أفاد بأنه حريص على التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل أولا، ثم بين إسرائيل والدول العربية كخطوة أولى لتشكيل ائتلاف بين السعودية وإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني.  

كذلك الحال بالنسبة للإمارات، الوجهة الأولى التي اختارها كوشنر في جولته الأخيرة، فقد كشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" في يونيو/حزيران من العام الماضي، أن مسؤولين كبارا من مصر والسعودية والإمارات والأردن أكدوا لجاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولمبعوثه للمنطقة جيسون غرينبلات، دعمهم لطرح "صفقة القرن" لتسوية القضية الفلسطينية، بغض النظر عن الموقف الرافض لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.  

تصعيد حوثي 

أعلن الحوثيون، الأسبوع الماضي، عن تصعيد مفاجئ إذ أعلنوا السيطرة على 20 موقعا عسكريا جديدا في محافظة نجران السعودية على الحدود اليمنية، الأمر الذي لم تنفه الرياض، ما ينبئ عن تصعيد عسكري جديد لم تكن السعودية قادرة إزاءه على تأمين حدودها ومنع الحوثيين من تنفيذ مزيد من الهجمات.

وكانت مصادر حوثية، قد أوضحت لـ"الموقع بوست"، أن المعارك تمحورت حول وقرب منطقتي الصوح والسديس، وهما منطقتان على الشريط الحدودي لنجران السعودية مع محافظة صعدة (معقل الحوثيين)، لم يصدر أي تعليق من قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية أو القوات السعودية ينفي ما أعلنه الحوثيون الذين بثوا مشاهد مصوّرة قالوا إنها توثق خسائر خصومهم في جبهة نجران.

وتعليقا على هذا الحدث، قال الكاتب والصحفي شاكر خالد لـ"الاستقلال"، إنه "من الطبيعي أن تفقد السعودية مواقع لها على الشريط الحدودي، إذ أنها انشغلت بأجندة أخرى لا تتعلق بحرب الحوثي، الذي جعلته غطاء لمشاريعها الاستراتيجية في اليمن، ففقدت مواقعها، وقللت من قدرة من الحوثي على استهدافه، غير أنه استطاع أن يهدد العمق السعودي بطائراته المسيرة التي حصل عليها من إيران".

وأضاف شاكر: "لن تكون المملكة قادرة على مواجهة التحدي الإيراني، إلا بتأمين البوابة الجنوبية لها المتمثلة باليمن، وذلك لا يأتي إلا من خلال النية الصادقة في تمكين السلطة الشرعية من محاربة الحوثي، والقضاء على الانقلاب، وهو السبيل الوحيد الذي سيضمن قطع ذراع إيران في اليمن".