عودة الاهتمام الروسي باليمن.. ماذا وراءه؟

آدم يحيى | 6 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثارت زيارة السفير الروسي في اليمن، فلاديمير ديدوشكين إلى عدن، تساؤلات عدة حول الاهتمام الروسي باليمن، لاسيما وأنها جاءت عقب زيارة عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات، إلى روسيا، حيث التقى بعدد من المسؤولين ودعاهم للعب دور فعّال بالجنوب، مذكّرا بدور الاتحاد السوفيتي المدني والعسكري سابقا، في الشطر الجنوبي قبل الوحدة.

وكانت تصريحات سابقة للسفير الروسي، قد أغرت المجلس الانتقالي ودفعته لزيارة روسيا ومقابلة مسؤولين للبحث عن دعم لدعوات الانفصال الذي يسعى إليها المجلس المدعوم من الإمارات، حيث قال السفير الروسي ديدوشكين تعليقا على مفاوضات ستوكهولم التي رعتها الأمم المتحدة واستبعدت المجلس الانتقالي من المشاركة، إن "جنوب اليمن منطقة مهمة في البلاد، ويجب تمثيلها كما يجب في تسوية سلمية محتملة".

موقف داعم للوحدة

بالرغم من الدعوات والعروض المقدمة لروسيا من المجلس الانتقالي للقيام بدور فعال في جنوب اليمن، ومحاولة استمالتها لدعم دعوات الانفصال، والاستقبال الرسمي الذي حظي به السفير الروسي من المجلس بمراسم رفعت علم الانفصال، إلا أن السفير الروسي صرح في لقاء له أنه لا يرحب بتقسيم البلاد، ولا بالإجراءات الانفصالية، وأن موقف روسيا في هذا الشأن معروف وواضح، وهو يدعم يمنا واحدا وموحدا، حسب قوله.

وبحسب مركز "كارينجي للسلام"، فإن موسكو تحاول ردم الهوة بين دعم حكومة هادي لدولة وحدوية، وبين رغبات حلفائه في الائتلاف، بتوسيع مشاركة جنوب اليمن في عملية تسوية النزاع". وأضاف أن "روسيا تقدم نفسها في صورة الوسيط الذي يتمتع بالمصداقية في هذا النزاع، فيما تبقي على علاقات وثيقة مع المسؤولين في حكومة هادي، وتحتفظ بالعلاقات غير النظامية التي بنتها خلال الحرب الباردة مع السياسيين اليساريين في جنوب اليمن".

تحرك أمريكي

بعد يوم واحد فقط من زيارة السفير الروسي لعدن، وتصريحاته بشأن عزم موسكو إعادة فتح القنصلية الروسية في عدن،  زار السفير الأمريكي ماثيو تولر عدن، لأول مرة منذ الانقلاب في 2015، حيث التقى رئيس الوزراء معين عبد الملك، وأكد أن واشنطن لا تدعم الجماعات التي تسعى لتقسيم اليمن، وأن أمريكا والعالم كله يدركون أن مصلحتهم تكمن في يمن موحد آمن ومستقر. وأضاف: ندرك أهمية عدن، ونعمل مع الحكومة على إعادة بناء المؤسسات، ولقاءاتنا هنا تبحث تعزيز التعاون في مختلف المجالات.

وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب والصحفي شاكر خالد، لـ"الاستقلال" إن "مجيء الزيارة بعد يوم واحد من زيارة مماثلة للسفير الروسي، يؤكد أن هناك تنافسا لتعزيز النفوذ في هذه المنطقة الإستراتيجية". وأضاف: "التنافس غير معلن، لم يصل بعد إلى درجة الاحتكاك والتصادم، ولا أعتقد أنه سيكون كذلك، لكن كل دولة تسعى لتعزيز نفوذها، وضمان الحصول على موطئ قدم في بلد أصبح قراره الوطني مختطفا، وصار مصيره في مهب ريح التنازعات الإقليمية".

مصالح روسيّة

في تقرير لمركز "كارينجي للسلام"، ومقره في واشنطن، قال: "تعكس درجة الاهتمام الذي توليه روسيا لجنوب اليمن أهداف موسكو الجيوسياسية، واهتمامها التاريخي بالمنطقة، وتطلعاتها إلى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، حيث تعتبر روسيا بسط الاستقرار في جنوب اليمن شرطا مسبقا أساسيا لتحقيق هدفها المتمثل بالحصول على دائرة نفوذ في منطقة البحر الأحمر".

وأضاف التقرير، أن "روسيا تسعى إلى توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر، وتأمل بأن يساهم التوسط في النزاعات الداخلية في اليمن، في جعل المنطقة أكثر أمانا، وأن المنافع الإستراتيجية التي يحتمل أن تحققها روسيا من توسيع نفوذها في جنوب اليمن هي التي تدفع بها إلى ممارسة جهود دبلوماسية تصب في هذا الاتجاه".

وكانت وكالة "ايتار تاس" الروسية، قد أكدت أن موسكو لديها تطلعات أعلنت عنها في 2009، تقضي بإقامة قواعد بحرية في ليبيا وسوريا واليمن في غضون سنوات، ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم البحرية الروسية، أنه "من الصعب تحديد مقدار الوقت الذي يستغرقه إنشاء قواعد للأسطول الروسي في هذه البلدان، لكن ذلك سيحدث دون شك في غضون سنوات قليلة، والقرار السياسي بشأن هذه القواعد قد تم اتخاذه، ضمن مساعي الكرملين إلى توسيع النفوذ وتعزيز حضورها في المنطقة العربية".

قاعدة عسكرية

وكان موقع "برس تي في" الروسي، قد نقل عن القائد الأعلى السابق للقوات البحرية الروسية، الأدميرال فيليكس جروموف، قوله إن "إنشاء قاعدة عسكرية في اليمن له أهمية استراتيجية، وأن خليج عدن نقطة التقاء الطرق التجارية الرئيسية، ونقل التلفزيون أن بعض الدوائر الروسية عبرت عن استعداد روسيا لإنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي اليمنية؛ نظرا لأهمية الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلاد في خليج عدن والبحر الأحمر".

وأضاف الجنرال الروسي: "يعتقد الخبراء أن مشروع بناء قاعدة بحرية في اليمن يتبع هدفا إستراتيجيا؛ لأنه يسمح لروسيا بتمديد وجودها إلى البحر الأحمر ومضيق باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر في خليج عدن".

جزيرة سقطرى

ظلت سقطرى مقرا لقاعدة عسكرية سوفيتية خلال حكم الحزب الاشتراكي للجنوب في عدن،  وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي، ومن ثم قيام الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1990.

وكان الخبر الذي كشفت عنه مجلة "نيوزويك" الأمريكية  بأنه جرى اتفاق بين قائد القيادة الوسطى الأمريكية الجنرال ديفيد بتريوس، والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، في يناير/كانون الثاني 2010، على إنشاء قاعدة عسكرية ومهبط للطائرات وقاعدة لإطلاق الصواريخ المحمولة في جزيرة سقطرى، قد أثار الموقف الروسي فأعلنت بعد أسبوع من إعلان الاتفاق أنها لن تتخلى عن خططها في امتلاك قواعد بحرية لسفنها في جزيرة سقطرى اليمنية، التي كانت قد خرجت منها، إثر تفكك الاتحاد السوفيتي وقيام الوحدة اليمنية بعد ذلك.

وكان مركز "كارينجي  للسلام"، قد نقل عن معهد "الدراسات الشرقيّة" التابع للأكاديميّة الروسيّة للعلوم، أنّ "جزيرة سقطرى ستكون المكان المثالي لأوّل قاعدة عسكريّة روسيّة في اليمن".

مصالح أمريكية  

في الزيارة التي جاءت بعد يوم من واحد من زيارة السفير الروسي لعدن، قال السفير الأمريكي: إن "مصلحة أمريكا تكمن في بقاء اليمن موحدا، وهو ذات التصريح الذي أدلاه السفير الروسي فلاديمير ديدوشكين".

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الغني الماوري، لـ"الاستقلال": إن "بقاء اليمن موحدا يتقاطع مع المصلحة الأمريكية، فانفصال الجنوب لو تم، سوف يخلق ثغرات في الجنوب تملؤها تنظيمات إرهابية كالقاعدة وداعش التي تمتلك محاضن في عدد من المحافظات الجنوبية، لا سيما وأن الأجنحة السياسية في الجنوب لها تاريخ معروف بالصراع، الأمر الذي سيشغلها عن مواجهة التنظيمات الإرهابية".

وأضاف: "فضلا عن الأهداف الإستراتيجية التي تتماثل مع التطلعات الروسية الهادفة لتوسيع النفوذ في الشرق الأوسط، والتي تعتبر الاستقرار في جنوب اليمن شرطا أساسيا لتحقيق هدفها المتمثل بالحصول على دائرة نفوذ في منطقة البحر الأحمر".