لماذا رفض هؤلاء النجوم الدخول إلى حظيرة السيسي؟
أحمد عيد، عمرو واكد، فاروق الفيشاوي، محمود حميدة، خالد أبو النجا، خالد الصاوي، خالد يوسف، محمد العدل، محمد عطية، فنانون مصريون يمكن أن يطلق عليهم من ذوي النفس المعارض سياسيا أو ممن يتبنون آراءً فكرية وقضايا وطنية.
هؤلاء الفنانون وغيرهم ممن هاجموا قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي، منهم من بدأ رحلة المعارضة مبكرا، قبيل أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، كأحمد عيد وخالد أبو النجا، ومنهم من اكتشف الخدعة بعد أن سار في طريق الانقلاب.
بين أزمتين
ورغم أن المطربة شيرين عبد الوهاب لا يمكن تصنيفها من بين هذا القطاع الفني المعارض، لكنها تعرضت لموقفين لا يمكن تجاوزهما عند رصد مواقف بعض الفنانين المنتقدة للسلطة في عهد السيسي.
شيرين وفي حفل لها قبل أيام قلائل بالبحرين، قالت أمام الجمهور: "هنا ممكن أتكلم براحتي.. فى مصر ممكن يسجنوني"، لتأخذ الكلمات منحنى لم يكن يخطر لقائلتها على بال؛ حيث أقيمت ضدها دعوى قضائية، وأوقفتها نقابة المهن الموسيقية عن الغناء وأحالتها للتحقيق بتهمة الإساءة للأمن القومي.
حديث شيرين عبدالوهاب الذي اعتبره
شيرين التي وقفت لتغني وقالت جملتها الشهيرة عندما طلب منها غناء: "ما شربتش من نيلها"، فأجابت دون تفكير:" هيجيلك بلهارسيا"، هذه المرة قد لا تنجو من مقصلة القمع، على يد نظام، لا يقبل أي نقد ولو جاء عابرا دون قصد، فالعيب في النيل الذي غنت له شيرين، لا يقارن أبدا بالعيب في الذات العسكرية.
بعد الواقعة مباشرة والحملة المسعورة التي طالتها اضطرت المطربة المشهورة للظهور على الهواء مع عمرو أديب على قناة إم بي سي لتعتذر قائلة: "أنا مظلومة وحسبي الله ونعم الوكيل، وبناشد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أبونا كلنا وبستنجد بيك؛ لأني مظلومة وأنا آسفة".
اعتذار شيرين قد يفتح الباب لخيارات يستطيع النظام أن يختار منها الأفضل له، إما الاستمرار في الإجراءات القاسية ردعا لغيرها، وتأكيدا لأن بقاء فنانين معارضين للنظام بعد أزمة خالد يوسف صار أمرا صعبا، أو أن يميل للعفو تحسينا لصورته.
تصفية معنوية
قبل أزمة شيرين بأسابيع ثارت أزمة المخرج والبرلماني خالد يوسف ومعارضته التعديلات الدستورية وأبرزها مد فترة الرئاسة لـ 6 سنوات، وإتاحة الفرصة للسيسي للترشح مرات أخرى.
وعقب فرار يوسف إلى فرنسا، ألقت السلطات القبض على فتاتين قالت إنهما كانتا معه في فيديو غير لائق، وألقت القبض عليهما وأودعتهما رهن الحبس على ذمة التحقيق، كما تم تقديم بلاغ لرفع الحصانة البرلمانية عن يوسف، وتقديمه لمحكمة الجنايات.
يوسف الذي لم تشفع له اللقطات المفبركة لتضخيم أعداد المشاركين في أحداث 30 يونيو/حزيران 2103 التي مهدت للانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز، أكد تعرضه لتصفية معنوية، معلنا عدم ندمه على مؤازرة السيسي، وعودته إلى مصر، وهو الأمر الذي لم يحدث بعد.
قتل ممنهج
فاروق الفيشاوي، من أشهر الفنانين المعارضين للسيسي من داخل مصر، إذ قال بعد انتخابات الرئاسة في 2014، في لقاء تليفزيوني: إنه "كان يتمنى أن تبقى المؤسسة العسكرية كما كانت تحمي الحكم المدني في مصر"، وأضاف أن "غياب معاوني ومستشاري السيسي يجعل الحكم يبدو كأنه عسكري".
الفيشاوي في نفس اللقاء أكد أن صوته ذهب للمرشح حمدين صباحي، "من أجل أن يصير الحكم مدنيا".
أما الفنان أحمد عيد، وهو ممن شاركوا في ثورة يناير 2011، رفض المشاركة في 30 يونيو 2013، وفسر موقفه في تصريحات صحفية قائلا: "أرى أن الخروج من الأزمة الحالية في مصر هو الحوار البناء، وعدم تهميش أحد من أبناء الوطن، لذلك لن أشارك في 30 يونيو، فهذه وجهة نظري ويجب احترامها".
وفي ديسمبر/كانون الثاني 2017 وعقب الإعلان عن تأخر الحالة الصحية للرئيس محمد مرسي في محبسه، وتعرضه للإهمال الطبي، كتب عيد على صفحته بتويتر: "أختلف كثيرا مع الإخوان، ولكن لا يمكن أن أقبل كإنسان ما يحدث مع الرئيس السابق مرسي"، مؤكدا أنه "قتل ممنهج للرئيس مرسي".
أما عمرو واكد أحد المشاركين في ثورة يناير، فاعتبر ترشيح السيسي في 2014 تأكيدا على أن 30 يونيو مؤامرة وليست ثورة شعبية، ومؤخرا تلقى تهديدًا من إحدى الجهات (لم يُفصح عنها) في حال رجوعه لمصر، مشيرًا في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر- أنه يصدق هذه التهديدات.
واكد أعلن قبلها رفضه التعديلات الدستورية، كما أعلن معارضته لأحكام الإعدام الجماعية التي جرى تنفيذها نهاية فبراير/شباط الماضي بحق 9 متهمين في قضية اغتيال النائب العام السابق هشام بركات.
فشل كامل
الفنان خالد أبو النجا من أوائل معارضي السيسي، وعلا صوته عقب مجزرتي رابعة والنهضة قائلا: "رغم اختلافي في الرأي مع المتظاهرين في رابعة العدوية، إلا أنّ فض الميدان بالقوة مثّل خطوة إلى الوراء، ولا حل حاليا إلا بخروج السيسي من المشهد".
وبعد إعلان السيسي ترشحه للرئاسة قال أبو النجا: "نذكر المشير السيسي بوعده عندما قال لن أترشح للرئاسة، لن أسمح للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية".
ورغم خروج أبو النجا في 30 يونيو، لكنه عاد بعدها وقال: "البلاد وصلت إلى حالة يرثى لها بعد تغيير السيسي لوعده وقراره الترشح للرئاسة، وبسبب الفكر الأمني الذي يتبعه"، معتبراً أنّ هذا الفكر "فشل كامل وخطوات إلى الوراء"، مطالبا السيسي بالرحيل.
وفي مؤتمر صحفي بداية 2014 أعلن الفنان محمود حميدة أن "الثورة الوحيدة هي 25 يناير"، مشيرًا إلى أن 30 يونيو لم تكن ثورة مثل يناير، والتي وصفها حميدة بأنها "أعظم ثورة في التاريخ المصري على الإطلاق"، مؤكدا أنه لم يشارك بها، ولكن الشباب فقط هم من صنعوها.
أما خالد الصاوي الذي شارك في ثورة يناير، فعندما سئل عن رأيه في الرئيس مرسي في حواره مع جريدة الوطن المصرية (خاصة موالية للانقلاب) في ديسمبر/كانون أول 2017 قال: "مرسى لم يكن خائنا كالخديوي توفيق، مرسي كان مؤمنًا بمشروع وانتُخب عليه، ومضمونه عدم التوقف كثيرا عند مصر؛ لأن نصرة الإسلام فى الخلافة".
وأضاف: "كنت معارضًا لهذا المشروع جملة وتفصيلاً، وعلى أساسه قد تكون حركة حماس أقرب إليه من بلده، وهنا لن أعلق على موقف الفلسطينيين إلا حينما نؤدي دورنا التاريخي بحق القدس، التي سندافع عنها بغض النظر عن موقفنا من حماس".
لماذا الانتظار؟
أما المنتج محمد العدل المشارك في أحداث 30 يونيو والمؤيد لتفويض السيسي بسحق المعارضين عقب الانقلاب، فانتقد الأخير بشدة قائلا على صفحته بفيسبوك: "لم أفاجأ بمستوى ردود السيسي التي أرى أنها أقل من المتوقع، المفاجأة في حاجتين أنه كان رئيس مخابرات ودماغه غير مرتبة بالمرة، والثانية دماغ مؤيديه اللي شافته عبقري".
فيما أعلن المطرب محمد عطية على صفحته على فيسبوك رفضه ما حدث بعد الانقلاب قائلا: "في دولة قمعية مثل مصر الآن.. أنت لست بمأمن من ذلك الظلم.. فما بررته اليوم لا تستبعد أن يقع عليك غداً.. سواء كان حبساً أو قتلاً أو قمعاً أو أو… فلماذا الانتظار؟ ولماذا الصمت؟".
مضيفا: "أرفض الظلم لأن الدول القمعية ليست لها عزيز أو غالٍ.. اتّعِظُوا من التاريخ الحديث.. فهل كان لعبد الناصر عزيز؟ هل كان لهتلر عزيز؟". معلنا في تدوينة أخرى: "أنا ضد عبد الفتاح السيسي (وصفه بالفاشي) منذ التفويض، وأنا ضد حكم العسكر".
وفي النهاية، يمكن القول بأن الفنانين كغيرهم من شرائح المجتمع المختلفة، بعضهم عارض النظام العسكري ولم يخرج من مصر مثل الصاوي وعيد وأبو النجا، وبعضهم هرب بعد أن ضاق عليهم الخناق ولاحت في الأفق مؤشرات حبسهم مثل خالد يوسف وعمرو واكد، فيما آثر آخرون الابتعاد عن البلاد مبكرا لينضموا لصفوف المعارضة الصريحة من الخارج، مثل وجدي العربي، وهشام عبد الحميد، ومحمد شومان، وهشام عبد الله.
المصادر
- شيرين تسخر من "مشربتش من نيلها": هيجيلك بلهارسيا... وهجوم عليها
- شيرين تعترف بخطئها وتستنجد بـ«السيسي»
- خالد يوسف يشكو من تصفية معنوية.. ماذا عن دعمه للسيسي؟
- بالفيديو.. 15 فنانًا تمردوا على نظام«السيسي»
- إبداعٌ ضدّ الانقلاب [2/2]
- عيد والصاوي يدافعان عن مرسي: ليس خائنا ويتعرض لقتل ممنهج
- بالأسماء.. فنانون ضد "السيسي"!
- خالد الصاوى: "محمد مرسى ليس خائنا"
- إبداعٌ ضدّ الانقلاب [1/ 2]
- عمرو واكد: تلقيت تهديدات بالسجن إذا عدت لمصر