قاعدة عسكرية في سقطرى.. هكذا تعزز الإمارات وجود إسرائيل في اليمن

12

طباعة

مشاركة

تتجاوز العلاقات بين الإمارات وإسرائيل أخيرا التطبيع السياسي والاقتصادي، لتصل إلى درجة تمكين الأخيرة من وضع أقدامها في المنطقة العربية.

وكانت آخر الخطوات في هذا الصدد، ما كشفته صحيفة "معاريف" العبرية بشأن تسريع العمل في قاعدة عسكرية استخباراتية في جزيرة "عبد الكوري" اليمنية في أرخبيل سقطرى، بمدخل باب المندب.

قالت الصحيفة في 29 يوليو/تموز 2024 إن إسرائيل والإمارات "تجهزان كابوساً لإيران والحوثيين على مقربة من حدودهما، تحت المظلة الأميركية بعد تزايد هجمات الجماعة في البحر الأحمر".

وجاء ذلك "بعد لقاء رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي مع قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريل، وقادة عسكريين من الإمارات ودول أخرى في يونيو/حزيران 2024"، وفق ذات المصدر.

قصة القاعدة

عقب تدخلها في اليمن بدعوى محاربة الحوثي، احتلت الإمارات جزيرة سقطرى، وسيطر الانفصاليون المدعومون منها عليها بالقوة وطردوا القوات الموالية للرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في 21 يونيو 2020.

كانت الخطة الإماراتية هي السيطرة على أهم مواني اليمن، لذا سيطرت على 12 ميناء قبالة سواحل البلاد.

وهي موانئ عدن، والمخا، والمكلا، والضبة، وبير علي، وبلحاف، ورودوم، وزوباب، والخوخة، والخوبة، وقنا، والنشيمة. 

كما عملت على بناء ميناء جديد في "المهرة" بتكلفة تقدر بنحو 100 مليون دولار، بحسب صحيفة "ذا كرادل" 24 مارس/آذار 2023.

ومن خلال التحكم بهذه الموانئ ومضيق باب المندب، تستطيع الإمارات السيطرة على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم، مما يرفع مكانتها في التجارة العالمية والإقليمية إلى لاعب إستراتيجي.

وتُعد جزيرة "عبد الكوري" ثاني أكبر جزر أرخبيل سقطرى الواقعة بين خليج عدن والقرن الإفريقي.

وسعت الإمارات لاحتلال هذه الجزيرة اليمنية لأهميتها حيث تقع ضمن ممر شحن رئيس يربط أوروبا وآسيا، بالقرب من باب المندب.

ثم بدأت أبوظبي بإنشاء وتطوير قاعدة عسكرية مشتركة مع إسرائيل في "عبد الكوري" في ديسمبر/كانون أول 2021.

وقد جرى الكشف عن الوجود الإسرائيلي في أرخبيل سقطرى وقاعدة "عبد الكوري" في البداية من خلال موقع المنتدى اليهودي الفرنسي "JForum".

الموقع التابع للجالية اليهودية الفرنسية أكد في 30 أغسطس/آب 2020 أن الإمارات وإسرائيل تخططان لإنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى.

قال: “وفقا لمصادر يمنية، تجري إسرائيل والإمارات كل الاستعدادات اللوجستية لإنشاء قواعد استخباراتية لجمع المعلومات في جميع أنحاء خليج عدن من باب المندب في جزيرة سقطرى”.

وفي أغسطس 2020، كشف موقع "ساوث فرونت" الأميركي للتحليلات الاستخبارية أيضا عن نية الإمارات وإسرائيل إنشاء مرافق عسكرية واستخباراتية في جزيرة سقطرى.

ونقل الموقع عن مصادر عربية وفرنسية قولها إن وفدا من الضباط الإماراتيين والإسرائيليين زار الجزيرة، وتفقد عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخباراتية.

كما أكد موقع "إنتليجنس أونلاين" الفرنسي في 9 سبتمبر/أيلول 2020، وصول ضباط من المخابرات الإماراتية والإسرائيلية إلى سقطرى، في نهاية أغسطس 2020.

وأوضح أن "المجلس الانتقالي" الجنوبي يتعرض لضغوط من الإمارات للموافقة على إنشاء قاعدة استخباراتية إماراتية إسرائيلية مشتركة.

أيضا أكد تقرير لـ "المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أن سقطرى تضم قاعدة استخباراتية إماراتية بالتعاون مع إسرائيل، يمكن أن تنشر بها أجهزة استشعار إسرائيلية الصنع لمواجهة الصواريخ والمسيرات الإيرانية.

تسليم مفتاح

وفي 13 يناير/كانون ثان 2022 كشفت منصة تحقيقات "استخبارات المصادر المفتوحة"، "إيكاد"، عبر صور أقمار صناعية حصلت عليها من موقع Planet، عن بناء قاعدة عسكرية إماراتية في جزيرة عبد الكوري القريبة من باب المندب.

ثم أظهرت صور أقمار صناعية جمعها فريق إيكاد من الأقمار الصناعية Maxar و"Sentinel Hub" عام 2023 أن الإمارات بدأت ببناء مدرج جديد للطائرات في جزيرة عبد الكوري بجانب المدرج القديم الذي بدأ بناؤه في ديسمبر 2021.

ونشر في 27 مارس 2023، تفاصيل القاعدة التي تبنيها الإمارات في عبد الكوري من خلال صور الأقمار الصناعية.

كل هذه التطورات كشفت إجراء الإمارات تحديثات عسكرية متسارعة في جزيرة "عبد الكوري" اليمنية، ثاني أكبر جزيرة في أرخبيل سقطرى.

بينت أن تسارع تطوير القاعدة ووجود سفن مجهولة تحمل العلم الإماراتي وإمدادات مستمرة للقاعدة الإماراتية العسكرية، تزامن مع عملية طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووجود أصابع إسرائيلية هناك.

إذ جرى رصد زيادة في طول المدرج الرئيس للقاعدة، بحيث يصبح قادرا على استيعاب طائرات الشحن العسكرية والقاذفات الإستراتيجية.

كما تزامن مع سعي الإمارات لطرد السكان الأصليين للجزيرة عبر تقديم عروض مالية مغرية لهم للرحيل.

أيضا تزامن تطوير هذه القاعدة الإماراتية الإسرائيلية، مع تطوير قواعد عسكرية أخرى توجد بها قوات أميركية مثل قاعدة الريان جنوب اليمن ، وقواعد عملت الإمارات على تطويرها وبنائها خلال الأعوام الماضية، مثل "ميون" عند بوابة باب المندب، و"المخا" المطلة على البحر الأحمر.

وهو ما أظهر أن ما يحدث هو تسريع لعملية الطوق الأمني لصد هجمات الحوثيين وردع إيران.

ويقول خبير سياسي مصري لـ "الاستقلال" إن ما فعلته أبو ظبي في هذه القاعدة أشبه بـ "تسليم مفتاح" لدولة الاحتلال، وإحضار إسرائيل إلى قلب المنطقة العربية لتتحكم في منطقة باب المندب.

وعدّ ما يحدث في هذه القاعدة العسكرية خطة إماراتية لإهداء الاحتلال الإسرائيلي قاعدة عسكرية في اليمن لمواجهة الحوثيين، بعدما دخلها حكام أبوظبي بحجة تحرير صنعاء، لكنهم سلموا مفتاح البلاد للإسرائيليين في صورة قواعد عسكرية مشتركة. 

وهو ما يعني أن الأمن القومي العربي بات مهددا أكثر من أي وقت مضى، بعد أن جلبت الإمارات، إسرائيل إلى اليمن، وتحديدا إلى جزيرة سقطرى الواقعة في المحيط الهندي، وفق تقرير سابق لـ "الاستقلال".

وفي 24 مارس 2023، نشرت صحيفة "ذا كرادل" ​​تحقيقاً معمقاً يشرح الوجود الإماراتي الإسرائيلي في أرخبيل سقطرى، وجزيرة "عبد الكوري".

أكدت أن الوجود الإماراتي على متن جزء من "الاستبداد الإماراتي على المياه"، واحتلال الإمارات وإسرائيل لجزيرة سقطرى اليمنية

حذرت من أن تحويل جزيرة سقطرى اليمنية ذات الموقع الإستراتيجي إلى مركز استخباراتي عسكري إماراتي إسرائيلي أثار مخاوف جماعة الحوثيين وحلفائها، وقد يؤدي إلى زيادة كبيرة في المخاطر الجيوسياسية لحرب اليمن.

لخدمة من؟

والجديد هو كشف وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في 28 مارس 2024 عن صور أقمار صناعية تبين بناء مهبط طائرات في جزيرة عبد الكوري اليمنية، وصور بجانب المدرج مكتوب عليها عبارة "أحب الإمارات"، في إشارة لهوية المكان.

وقالت أسوشيتد برس إن تكثيف العمل في هذه القاعدة العسكرية الإماراتية الإسرائيلية، جاء بالتزامن مع تصعيد جماعة أنصار الله الحوثية هجماتها ضد السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها كجزء من حملة أطلقت تضامنا مع شعب غزة.

وفي محاولة من إعلام الإمارات للتغطية على حقيقة القاعدة والهدف منها، زعم تقرير بثته قناة "سكاي نيوز عربية" الإماراتية مارس 2024 أن واشنطن ترسل قوات وبطاريات دفاع صاروخي إلى جزيرة سقطرى.

وذلك للإيحاء أن القاعدة الإماراتية لخدمة أميركا أو أنها حصيلة تعاون إماراتي أميركي لا بين الدولة الخليجية وإسرائيل.

لكن متحدثا باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاعون)، نفي لموقع "ريسبونسيبل ستاتكرافت" الأميركي 26 مارس 2024 أي وجود أميركي في جزيرة سقطرى أو في أي مكان آخر في اليمن.

وأشار تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، إلى أنه رغم الحرص على محاولة إبعاد إسرائيل عن الواجهة في هذا المشروع، إلا أن هدف القاعدة النهائي هو الربط بين جيوش وأجهزة أمن تل أبيب والدول العربية المعنية، تحت مظلة "القيادة المركزية الأميركية".

الصحيفة، القريبة من حزب الله، أوضحت 29 يوليو 2024 أنه "لا يُلاحظ وجود مباشر لإسرائيل في أرخبيل سقطرى، ولكن كل ما يجري فيه مصمم لخدمة أمنها عن طريق الحليف الإماراتي".

كشفت أن تل أبيب تعمل على توفير معظم المعلومات الاستخباراتية لمن يقاتلون جماعة الحوثيين في اليمن، من دون أن تنخرط بصورة مباشرة في المواجهة. 

أكدت أن أميركا أيضا ليس لها وجود دائم وظاهر في سقطرى، لكن وفوداً أميركية وبريطانية تأتي أحياناً بطائرات خاصة وبغطاء إماراتي أو سعودي، وتستمر زيارتها ساعات ثم تغادر. 

وخلال تلك الزيارات، أشرف الأميركيون على إعادة تأهيل موقعين أساسيين كانا تابعين للاتحاد السوفياتي سابقاً.

الأول يقع في منطقة رأس موفي، وهو عبارة عن مرتفع شرق الجزيرة يطل على البحر العربي والمحيط الهندي شرقاً.

والثاني يقع عند رأس قطينان غرب الجزيرة ويطل على المحيط الهندي ومدخل خليج عدن غرباً. 

وكان الموقعان يحتويان على رادارات سوفياتية كبيرة تسيطر على المحيط الهندي.

لكن العناصر الموجودة فيهما حاليا تتبع للإمارات التي تعمل منذ نحو عام ونصف على بناء محطة رادارات لرصد حركة الملاحة البحرية في المحيط الهندي والبحر العربي ومدخل خليج عدن.

وتقول الصحيفة إنه نظراً إلى الأهمية الإستراتيجية لأرخبيل سقطرى، فقد نسقت الإمارات، مع إسرائيل للسيطرة عليه لضمه إلى موانئها وقواعدها العسكرية المستحدثة في خليج عدن والبحر الأحمر والقرن الإفريقي.

وتهدف الإمارات من خلال ذلك إلى إحكام السيطرة العسكرية والاقتصادية والملاحية من شمال بحر العرب حتى خليج عدن، وصولاً إلى البحر الأحمر فخليج السويس.