باحث سوري: فتح المعابر بين مناطق المعارضة والنظام مفيد اقتصاديا ومقلق أمنيا (خاص)
المعابر هي إحدى النقاط التفاوضية الأساسية بين النظام السوري وتركيا وتمثل بالون اختبار لمجمل العملية
حذر الباحث الإستراتيجي السوري أيمن الدسوقي من التبعات الأمنية لفتح المعابر البرية الداخلية بين مناطق المعارضة السورية ونظام بشار الأسد رغم الفائدة الاقتصادية للخطوة.
وفي حوار مع "الاستقلال"، أشار الدسوقي، الباحث بـ"مركز عمران للدراسات الإستراتيجية"، إلى أن تركيا ترى في المعابر الداخلية فرصة لتعزيز دورها كوسيط بين النظام والمعارضة عوضا عن كونها طرفا في الأزمة السورية.
وأوضح الدسوقي أن هناك العديد من القطاعات التجارية والصناعية في الشمال لها مصلحة في فتح المعابر مع جميع المناطق لتنمية أعمالها وكذلك يستفيد المواطنون من دخول بضائع بأسعار تنافسية من مناطق النظام.
لكن رغم هذه الفوائد حذر الباحث السوري من دخول مواد الكبتاغون والمخدرات، فضلا عن دخول خلايا أمنية للنظام السوري تحت ستار التجارة إلى مناطق المعارضة نتيجة خطوة كهذه.
وتشهد الأيام الأخيرة دعوات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لرئيس النظام السوري بشار الأسد لزيارة تركيا أو اللقاء في بلد ثالث، لإطلاق "حقبة جديدة" من العلاقات مع سوريا المنقطعة بين أنقرة ودمشق منذ عام 2011 عقب اندلاع الثورة.
وتعد المعابر من أهم النقاط والقوى التي ستسيطر عليها وأهم النقاط المنتظر التفاوض بشأنها.
وتتصل مناطق المعارضة شمال غرب سوريا مع الأراضي التركية عبر 7 معابر برية رئيسة هي: باب الهوى، وباب السلامة، والراعي، وجرابلس، وحمام، وتل أبيض، ورأس العين.
أما المعابر البرية بين مناطق النظام السوري والمعارضة فهي: أبو الزندين، وسراقب، ومعارة النعسان، وجميعها مغلقة.
وأيمن الدسوقي، حاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة دمشق، وعمل معيدا بين أعوام 2010-2013 في جامعة دمشق.
كما عمل كمساعد باحث في مركز الشرق للدراسات بين عامي 2009-2010، وهو أحد مؤسسي مركز شام للبحوث والدراسات (2012-2014)، وهو كاتب مساهم في مشروع زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا.
ومركز عمران مؤسسة بحثية مستقلة (مقره تركيا)، ويلعب دورا رائدا في البناء العلمي والمعرفي للمنطقة وسوريا دولة ومجتمعا وإنسانا.
"عامل قوة"
ما أهمية المعابر البرية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية بريفي إدلب وحلب من ناحية معادلة النفوذ مع نظام الأسد؟
تعد المعابر الحدودية في مناطق الشمال والشمال الغربي مع تركيا عامل قوة لمناطق المعارضة السورية، من حيث إمكانية تأمين السلع والمواد الأساسية سواء من السوق التركية أو عبر تركيا (ترانزيت).
في وقت تعاني فيه منطقتا قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والنظام السوري من صعوبات في التواصل مع الأسواق الخارجية، وتأمين احتياجاتها لأسباب تتعلق بالعقوبات أو لأسباب ميدانية.
كذلك الحاجة إلى هذه السلع والمواد الأولية في ظل تزايد الحديث عن التعافي المبكر في سوريا.
أيضا، تعد هذه المعابر مهمة خاصة الحدودية منها من جهة تسهيل دخول المساعدات الإنسانية لمنطقة يقطنها أكثر من 5 ملايين نسمة في الشمال والشمال الغربي، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا".
وتتيح هذه المعابر الحدودية فرصة للمعارضة السياسية للوجود في الأرض السورية وممارسة نشاطها ما أمكنها.
وموضوع المعابر مرتبط بأولويات كلا الطرفين، فالنظام السوري يراها فرصة لإنعاش اقتصاده من جهة، كذلك الدفع لدخول "مؤسسات الدولة" لمناطق الشمال السوري لاحقا من باب إدارة الترتيبات المتصلة بالمعابر (حركة السكان والبضائع).
"فرصة للتفاوض"
لماذا يعد فتح المعابر البرية بين مناطق المعارضة والنظام أحد المواضيع الرئيسة المطروحة على طاولة النقاشات الجارية بين أنقرة ودمشق؟
تركيا ترى المعابر الداخلية فرصة للتفاوض بين النظام والمعارضة، واستثمار ذلك لتعزيز دور تركيا كوسيط عوضا عن طرف في الأزمة السورية.
كذلك إنعاش الوضع اقتصاديا لما فيه فائدة تركية تتمثل في تعزيز فرص عودة اللاجئين من تركيا لسوريا خاصة إذا ما تم ضمان حركة السكان بين المناطق بشكل آمن.
كذلك هناك مصالح للسوق التركية عبر منحها قدرة أكبر للوصول إلى جغرافيا أوسع داخل سوريا.
المعابر هي إحدى النقاط التفاوضية الأساسية بين النظام السوري وتركيا وهي تمثل بالون اختبار لقياس ردود الفعل والتحديات ومعرفة الآليات، وهذه تتم من خلال عملية تفاوضية.
لذا فإن التجربة بحد ذاتها تشكل محددا للمسار التفاوضي بين الطرفين لجهة الخوض في ملفات تفاوضية أخرى أو العدول عنها.
مخاوف المعارضة
هل يعود افتتاح المعابر البرية بين المعارضة وقوات الأسد بالفائدة على مناطق الشمال السوري من ناحية الأسعار وتوفر بعض المواد؟
هناك العديد من القطاعات التجارية والصناعية في الشمال لها مصلحة في فتح المعابر مع جميع المناطق لتنمية أعمالها وتعزيز مكاسبها.
كذلك يجب عدم إنكار أن هناك فوائد للسوريين في الشمال من جهة دخول بضائع بأسعار تنافسية من مناطق النظام السوري.
لماذا يرفض الشارع السوري الثائر فتح المعابر البرية مع النظام السوري؟
أعتقد أن الرفض مرده عدة أسباب من أبرزها؛ الخشية من التبعات الأمنية لفتح المعابر مثل دخول مواد الكبتاغون والمخدرات، فضلا عن دخول خلايا أمنية للنظام السوري تحت ستار التجارة.
كذلك الخشية من الخطوات اللاحقة لفتح المعابر وأسئلة مصير المنطقة وعودة النظام لها، أيضا مسألة تجاوز الشارع السوري الثائر في عملية التفاوض التي تمت.