بعد سيطرة المجلس العسكري على حكم مالي.. ما مصير "اتصالات المغرب"؟
“باماكو تعمل على تقليص نفوذ شريكها المغربي الخاص”
وضعية غامضة عن مستقبل شركة "اتصالات المغرب" في دولة مالي بعد أن قررت الحكومة بقيادة المجلس العسكري، استعادة السيطرة على شركة الاتصالات "سوتيما".
ورأت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز "السيادة الوطنية" على قطاع الاتصالات، حيث تعهدت الحكومة المالية بتحسين جودة الخدمة وحماية بيانات المستخدمين.
ورغم هذا التوجه، لم تعلن "اتصالات المغرب" عن خططها المستقبلية للبقاء أو الانسحاب من السوق المالية، مما يثير تساؤلات حول إستراتيجيتها طويلة الأمد في البلاد.
وعام 2009، أعلنت شركة "اتصالات المغرب" شراء حصة 51 بالمئة في شركة "سوتيلما" للهاتف مقابل 382.8 مليون دولار، في إطار توسعها خارج المغرب إلى أسواق إفريقية تتمتع بفرص نمو.
مفاوضات جديدة
ووصفت "جون أفريك" الشراكة بين باماكو وشركة "مووف أفريكا" المغربية بأنها "تسير بسرعتين مختلفتين".
وذكرت أنه بعد تأميم منجم ذهب كان مملوكا للشركات الأجنبية "أنغلو غولد" و"آيام غولد"، وضعت السلطات المالية يدها على أحد المعالم الوطنية الأخرى، وهي "سوتيما"، شركة الاتصالات التي تأسست عام 1989.
وفي حديثها عن "استعادة السيادة"، أشارت المجلة إلى أن الحكومة المالية أوضحت أنها "استحوذت على الشركة ضمن إطار مفاوضات لتجديد رخصة الشركة، التي كانت مملوكة من قبل شركة اتصالات المغرب، وانتهت صلاحيتها في يوليو/ تموز 2024".
وأضافت المجلة أنه بالنسبة لباماكو، أتاحت هذه المفاوضات التي قادها وزير الاقتصاد الرقمي، الحمدو أغ إيلين، التوصل إلى اتفاق مع الشريك الإستراتيجي.
وجُددت الرخصة لمدة 15 سنة، مقابل مبلغ يُقدر بـ160 مليار فرنك إفريقي، أي حوالي 244 مليون يورو.
ومن ناحية أخرى، قالت المجلة إن "المجموعة المغربية يجب عليها دفع هذا المبلغ القياسي، الذي سيُسدد على ثلاث دفعات، للحصول على الترخيص الجديد".
وفي هذا الصدد، نوهت "جون أفريك" أنه "لا يمكن التأكد من تسديد الدفعة الأولى، المقدرة بـ 80 مليار فرنك إفريقي (122 مليون دولار)، والتي كان من المتوقع دفعها قبل 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024".
ومن المقرر أن "تُسدد الدفعتان الأخيرتان، بقيمة 40 مليار (61 مليون دولار) لكل منهما، قبل نهاية عام 2024 و31 مارس/ آذار 2025".
سيادة مستعادة
ونقلا عن أحدث البيانات الصادرة عن هيئة تنظيم الاتصالات في مالي، أشارت المجلة إلى أن “هذا النظام الجديد يتيح للحكومة المالية تعزيز سيطرتها على قطاع حقق إجمالي إيرادات بلغ 586 مليار فرنك إفريقي عام 2022”.
ولفتت إلى أنه مع هذه الصفقة الجديدة، تعد السلطات بـ"بدء حقبة رقمية جديدة لمستخدمي البلاد".
وبهذا الشأن، قالت السلطات المالية إن "تجديد الترخيص هذه المرة يتضمن التزامات صارمة ودقيقة تتعلق بجودة الخدمة وحماية بيانات المستخدمين والأمن الوطني، كما ورد في النظام الذي وضعته هيئة تنظيم الاتصالات المالية (AMRTP)".
كما أشادت السلطات بـ"استعادة سيادتها"، مشيرة إلى أن "الشركة ستواصل استثماراتها في البنية التحتية لتقديم خدمات عالية السرعة وطرح منتجات جديدة مبتكرة".
وفي الواقع، لفتت المجلة الفرنسية النظر إلى أن "باماكو تعمل على تقليص نفوذ شريكها المغربي الخاص، حيث رفعت حصتها إلى 56 بالمئة، مقارنة بحصة 49 بالمئة التي كانت مملوكة للدولة منذ بيع (سوتيما) لشركة (اتصالات المغرب) عام 2009".
وفي هذا السياق، صرح سليمان ديالو، الرئيس السابق لشركة "تيليسيل مالي" التابعة لمجموعة "بلانور إفريقيا" البوركينية قائلا: "تدفع اتصالات المغرب ثمن الترخيص وتتنازل عن 7 بالمئة من الأسهم لتصبح الدولة المساهم الأكبر في (سوتيما)".
ومع هذه المعطيات، تساءلت المجلة "عما إذا كانت المجموعة المغربية ستبقى على المدى الطويل".
"صفر فرنك"
ومن ناحية أخرى، أضاف ديالو أن "اتفاق المساهمين قد يتيح موافقة أحد الطرفين على القرارات الإستراتيجية والاستثمارات وتنظيم الحوكمة، لكنهم لا يذكرون ذلك، وإن كان الأمر كذلك، فسيكون خطوة جيدة".
وللتأكد من صحة المعلومات المنتشرة، قالت "جون أفريك" إنها "حاولت التواصل مع "اتصالات المغرب" عدة مرات، لكن لم تتلقّ أي رد".
وفيما يخص عملية الاستحواذ، يرى الحمدو أغ إيلين أن "هذه العملية التي كلفت الدولة المالية (صفر فرنك) تتيح لشركة (سوتيما) مواصلة إنشاء وتشغيل شبكات وخدمات الاتصالات الثابتة والمحمولة من الجيل الثاني والثالث والرابع، إضافة إلى خدمات نقل البيانات وخدمات الاتصالات الدولية في مالي".
كما تمنح -وفق ما ذكرته المجلة- هذه العملية للحكومة قوة إستراتيجية أكبر، حيث تحصل على الحق في تعيين الكوادر القيادية، بما في ذلك نائب المدير العام والمدير الإداري والمالي.
وسلطت المجلة الفرنسية الضوء على أن "مالي، بأكثر من 8.5 ملايين عميل حتى الربع الثالث من عام 2024، تُعد ثالث أكبر سوق لشركة (اتصالات المغرب) في إفريقيا جنوب الصحراء، بعد كل من كوت ديفوار وبوركينا فاسو".
وفي سبتمبر/ أيلول 2024، سجلت المجموعة المغربية، المدرجة في بورصة الدار البيضاء، إيرادات بلغت 27.46 مليار درهم -2.57 مليار يورو- لأكثر من 80 مليون عميل.
وبالعودة إلى عام 2022، نوهت المجلة أن "سوتيما" كانت تحتل المرتبة الثانية في السوق بنسبة 37 بالمئة من حيث عدد العملاء، بعد شركة "أورنج" التي تُعد أكبر جهة توظيف في البلاد، كما أنها لازالت تحافظ على علاقة هادئة مع حكومة عاصمي غويتا.