"تحول تاريخي" بين الانفصاليين والوحدويين بأيرلندا الشمالية.. ما القصة؟

منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

بعد عامين من انتهاء الحصار السياسي في أيرلندا الشمالية، تمر الحكومة المستقلة في بلفاست مرة أخرى بلحظة حرجة. 

إذ اضطر جيفري دونالدسون زعيم الوحدويين الديمقراطيين (DUP)، الحزب الرئيس للمعسكر البروتستانتي الموالي لبريطانيا، إلى الاستقالة من منصبه بشكل غير متوقع نهاية مارس/آذار 2024.

وخرجت أيرلندا الشمالية في فبراير/شباط 2024، من أزمة حادة عصفت بها لمدة عامين، بعد أن جرى التوافق على تنصيب ميشيل أونيل زعيمة الحزب القومي الأيرلندي "شين فين" وزيرة أولى.

وهو تحول تاريخي أنهى الخلافات الحادة بين القوميين الداعمين للانفصال والوحدويين المؤيدين للتاج البريطاني بشأن وضعية البلاد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ونظرًا لأن الترتيبات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تشكل تهديدًا للمقاطعة الأيرلندية، قاطع الحزب الوحدوي الديمقراطي المؤسسات الأيرلندية الشمالية لمدة عامين، نتيجة لاتفاقية سلام الجمعة العظيمة لعام 1998، والتي تم التوقيع عليها بعد ثلاثة عقود من الصراع الدموي حول الحكم البريطاني على هذا الجزء من الجزيرة. .

وانتهت المقاطعة في فبراير، وسمحت لميشيل أونيل (شين فين) بأن تصبح أول رئيسة لحكومة أيرلندا الشمالية تؤيد توحيد أيرلندا.

ضربة قوية

وفيما يخص جيفري دونالدسون، توضح صحيفة "فرانكفورتر" الألمانية أنه "يواجه تحقيقات في مزاعم الاغتصاب والاعتداء الجنسي التي طال أمدها".

بالإضافة إلى ذلك، عُلقت عضوية دونالدسون بالحزب الذي يدعو إلى استمرار الاتحاد مع بريطانيا حتى انتهاء التحقيقات.

وفي بيان له، قال الحزب: "وفقا لقواعدنا، أُوقفت عضوية السيد دونالدسون، ونحن في انتظار حكم القضاء".

ووفقا لما ذكرته الصحيفة، عُين النائب البرلماني عن الحزب، جافين روبنسون، رئيسا مؤقتا للحزب الديمقراطي الوحدوي.

وفي هذا السياق، تذكر أن "دونالدسون كان في السابق المفاوض الرئيس إلى جانب الوحدويين، الذين منعوا الحكم الذاتي في أيرلندا الشمالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من خلال ترك الحكومة المستقلة".

لكنهم تخلوا بعد ذلك عن مقاومتهم عقب القواعد الإجرائية الجديدة للجمارك والتجارة مع الاتحاد الأوروبي، بحسب الصحيفة.

وهنا، تلفت إلى أن "السلطة التنفيذية لأيرلندا الشمالية لا يمكن تشكيلها إلا من خلال ممثلين عن الوحدويين البروتستانت والقوميين الكاثوليك".

وكزعيم للحزب الديمقراطي الوحدوي، بدلا من الانتقال إلى الحكومة الإقليمية في بلفاست، احتفظ دونالدسون بولايته كعضو في مجلس العموم في لندن بعد إحياء السلطة التنفيذية، حيث كان حزبه الوحدوي ثاني أقوى قوة في المجلس. 

ولكن للمرة الأولى، كما توضح الصحيفة، فاز حزب "شين فين" الكاثوليكي في الانتخابات عام 2022 وحصل على أكبر عدد من الأصوات، مما أعطاه الحق في الحصول على منصب رئيس الحكومة.

ثم تلقى القوميون المؤيدون للتاج البريطاني في أيرلندا الشمالية "ضربة قوية" بعد عجزهم عن تصدر الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد في 2023، مقابل تصدر حزب "شين فين" للمرة الثانية على التوالي.

إبقاء الحكم الذاتي

وبشأن الحكم المستقل لأيرلندا الشمالية، صرحت ميشيل أونيل، الوزيرة الأولى للحكومة الإقليمية والزعيمة السابقة لحزب "شين فين"، بأنها مصممة على الحفاظ على الحكم الذاتي "وظيفيا". 

وقدمت الوزيرة وعودا بأنها "ستكرس جهودها لضمان استمرار تقسيم السلطة بين البروتستانت والكاثوليك".

وبحسب "فرانكفورتر" الألمانية، "ناقشت أونيل هذا الأمر بالفعل مع زعماء الأحزاب الأخرى، بما في ذلك جافين روبنسون، الزعيم المؤقت للحزب الديمقراطي الوحدوي". 

وفي المقابل، أكدت كذلك نائبة الوزير الأول للحزب الديمقراطي الوحدوي، إيما ليتل بينجيلي، على أن "المهم الآن هو الاستقرار".

وتعتقد الصحيفة أن "هذه المناشدات تستهدف من ناحية بعض الأعضاء والمسؤولين الوحدويين الذين لم يتفقوا مع المسار البناء لزعيمهم السابق دونالدسون". 

وأوضحت: "إذ كانوا يفضلون الاستمرار في اتباع نهج المواجهة من أجل تقليص القواعد الخاصة التي ستُطبق على أيرلندا الشمالية عند التجارة مع المملكة المتحدة في المستقبل".

وتوضح الصحيفة أنهم "يهدفون بهذا الموقف الصارم إلى تحقيق رأس مال سياسي ليصبحوا الطرف الأقوى في أيرلندا الشمالية في أقرب وقت ممكن، وذلك من أجل استعادتها".

ومن ناحية أخرى، تقول إن تلك المناشدات تستهدف أيضا الإستراتيجيين الحزبيين في الـ "شين فين"، القوة الرائدة في المعسكر الكاثوليكي.

والذين قد يميلون -في رأي الصحيفة- إلى "استغلال لحظة الفوضى في المعسكر المعارض، مما يدفعهم إلى فرض انتخابات مبكرة من أجل تعزيز قوة الحزب وموقفهم الخاص.

يحارب الاتهامات

وفي ضوء هذه الأحداث، أعلن وزير أيرلندا الشمالية في الحكومة البريطانية، كريس هيتون هاريس، الذي لعب دورا صبورا ومهما كشريك مفاوض لدونالدسون في كسر الجمود السياسي في بلفاست، أنه "يرحب بإعلانات الجانبين بأن العمل المشترك سيستمر في الحكم الذاتي". 

ويؤكد هاريس أن الحكومة في لندن تريد مواصلة العمل مع الجميع "لجعل أيرلندا الشمالية مكانا رائعا للعيش والعمل والاستثمار".

وفي غضون ذلك، تذكر الصحيفة الألمانية أن دونالدسون أعلن أنه يريد محاربة الاتهامات الموجهة إليه "بكل ما أُوتي من قوة". 

وبعد عزل الحزب له من جميع المناصب، تتوقع الصحيفة أن "تصبح الخلافات داخل الحزب الوحدوي الديمقراطي حول المسار التعاوني أو المواجهة واضحة في الأسابيع المقبلة، لا سيما عندما يتعين بدء عملية انتخاب زعيم جديد للحزب". 

وحتى من دون هذه المواجهة، تخلص الصحيفة إلى أن "التنافس على منصب الزعامة سيتطلب طاقة واهتمام الحزب الوحدوي الديمقراطي". 

وتوضح أنه "بالإضافة إلى إيما ليتل بينجيلي، قد يرغب إيان بيزلي جونيور، نجل مؤسس الحزب، في الاستيلاء على قيادته".