نتيجة مدوية.. لماذا ترفض ألمانيا تسليم صواريخ "توروس" إلى أوكرانيا؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

في قرار صادم لأوكرانيا، رفضت ألمانيا إرسال صواريخ "توروس" إلى كييف وحذرت من تأثير الغزو الروسي منذ 24 فبراير/ شباط 2022 على استقرار العالم المتعدد الأقطاب.

وفي 17 يناير/ كانون الثاني 2024، رفض البوندستاغ (البرلمان) الألماني بأغلبية ساحقة مشروع قانون إرسال صواريخ "توروس" إلى أوكرانيا، وذلك في نتيجة مدوية بلغت 485 صوتا مقابل 178 صوتا.

تحمل المسؤوليات

وقال مركز "أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية" ("أنكاسام) في مقال للكاتب التركي، جينك تامر، إن "حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس كانت مترددة في قبول مثل هذه المطالب منذ بداية الحرب، ورغم ذلك، استمر دعم برلين لكييف بلا هوادة".

وأضاف تامر: "في الواقع وافق الائتلاف الحاكم بزعامة شولتس من حيث المبدأ على مضاعفة المساعدات العسكرية التي تقدمها البلاد لأوكرانيا في عام 2024 إلى ثمانية مليارات يورو (8.5 مليار دولار)، لذلك بدأت مناقشة وجهات النظر في ألمانيا حول الحرب في أوكرانيا".

وتابع: "ترغب ألمانيا في إنهاء الآثار المدمرة لاستمرار الحرب على الاقتصاد الأوروبي، وتهتم بشكل خاص بتأثيراتها على اقتصادها الخاص".

وأفاد تامر بأن "ألمانيا تدرك أن استمرار الحرب يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاستقرار في المنطقة، ويبدو أنها قد أدركت أنه لا توجد طريقة لوقف روسيا بالوسائل العسكرية". 

واستطرد: "لهذا تحاول برلين تحويل عبء هذه الحرب تجاه الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، وتدعو لتقاسم الدعم بالتساوي بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)". 

وقال الكاتب التركي إن "ألمانيا تعتقد أنه ينبغي على الدول الأعضاء في الناتو تحمل مسؤوليتها والمشاركة بشكل عادل في دعم أوكرانيا وتقديم المساعدة اللازمة لها في هذا الصدد".

ووفقا لحكومة شولتس، فإن زيادة تسليح أوكرانيا "ليست طريقة مؤكدة لإنهاء الحرب في المنطقة، بل يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى استمرار الصراع وتصعيده بالإضافة إلى إطالة أمد الحرب". 

ولهذا فقد أصرت حكومة برلين، وفق تامر، على عدم إرسال دبابات "ليوبارد-2" إلى كييف لفترة طويلة. 

ورغم ذلك وخصوصا بعد أن وافقت الولايات المتحدة على إرسال دبابات "أبرامز" الخاصة بها إلى كييف، اتخذت ألمانيا خطوة مماثلة ووافقت على إرسال دبابات "ليوبارد 2".

تعدد الأقطاب

وقال تامر إن "ألمانيا تعارض تقسيم العالم الغربي بين روسيا والصين، وفي هذا السياق، فهي تشعر بعدم الارتياح لحقيقة أن عضوية أوكرانيا في الناتو مدعومة بدوافع سياسية وتعد عملية العضوية هذه غير مقبولة". 

وأشار إلى أن "الحرب في أوكرانيا كشفت عن حقيقة عسكرية مهمة عن ألمانيا، وهي أنها لم تكن مستعدة للحرب". 

ولفت الكاتب إلى أن "بعد إجراء صيانة لدبابات ليوبارد ظهر أن معظم دبابات ليوبارد 2 غير صالحة للاستخدام وتحتاج إلى تحديث، مما يكشف عن إهمال المخزون العسكري في الجيش الألماني، وقد تسببت هذه المشكلات في زيادة اعتماد برلين على واشنطن".

ونبه إلى أن "المستشار شولتس يحاول تجنب اتباع السياسة العالمية للولايات المتحدة قدر الإمكان". 

وفي هذا السياق، يمكن القول إن ألمانيا "يمكن أن تكون فعالة في العالم الأوراسي من خلال سياسة خارجية مستقلة"، وفق تامر.

واسترسل: "تشعر حكومة شولتس، التي تعارض عقلية الكتلة التقليدية للغرب، بالقلق من أن الناتو سيصبح أكثر استقطابا مع روسيا حول أوكرانيا وسيتم جره حتما إلى حرب". 

وذكر أن "الكتلة التقليدية للغرب ترى أن الحرب ضد روسيا سياسة أوروبية يجب على ألمانيا اتباعها".

واستطرد تامر: "لهذا فإن حكومة برلين تعد ملزمة بالمشاركة في الدفاع عن أوكرانيا واستعادة أمن أوروبا، وبالتالي، قد تكون مضطرة للتحول إلى القتال ضد روسيا إذا استدعت الحاجة". 

وأضاف: "من المعروف أن هناك اختلافات في الرأي داخل الحكومة الائتلافية في ألمانيا حول مسألة الحرب مع روسيا".

نظر سلبية

ولكن السؤال المهم هنا هو هل يمكن أن يؤدي هذا إلى تغيير في سياسة ألمانيا بشأن دعم أوكرانيا؟

وقال الكاتب التركي إن "موقف ألمانيا متميز بشكل واضح عن الجهات الفاعلة الغربية الأخرى، وذلك بسبب موقفها الحذر من أوكرانيا".

وأضاف أن "ألمانيا التي عارضت إرسال دبابات ليوبارد-2 إلى أوكرانيا لفترة طويلة عام 2023، لديها أيضا وجهة نظر سلبية عن هجوم أوكرانيا على الأراضي الروسية هذه المرة".

وأشار تامر إلى أن "رفض إرسال صواريخ توروس بعيدة المدى القادرة على ضرب الأراضي الروسية إلى أوكرانيا هو مؤشر واضح على ذلك". 

وفي هذا السياق، قد تعتقد ألمانيا أن الهجوم المضاد الذي تشنه أوكرانيا "لن يكون مجديا". 

وقال تامر: "في الواقع، قد تكون هذه الإستراتيجية خطة تم وضعها بدعم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتظهر ألمانيا بوضوح أنها تعارض ذلك".

وأوضح أنه "عندما طلبت أوكرانيا صواريخ توروس ذات المدى البعيد لشن هجوم على روسيا، قامت ألمانيا بإجراءات لجعل هذه الصواريخ قصيرة المدى قبل تسليمها إلى كييف". 

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا إن "ألمانيا تشعر بالقلق من الاستقطاب في النظام العالمي خلال السنوات الأخيرة، وقد خلقت الحرب الروسية الأوكرانية حالة من التوحيد والانفصال داخل العالم الغربي".  

ولفت إلى أن "ألمانيا تعد التعاون مع القوى الأوراسية في المستقبل البعيد وسيلة للتحرر من هيمنة القوى الأطلسية". 

وتابع: "لهذا السبب، تضيء ألمانيا الضوء الأخضر لعالم متعدد القطبية من خلال التحذير من خطورة التصعيد الناجم عن التحالفات الناشئة بسبب الحرب في أوكرانيا، لكن في النهاية ستظل وجهة نظر برلين تتّسم بطابع الحذر تجاه أوكرانيا".