تدارك المجزرة.. هل يفرض عاهل الأردن رؤيته في لقائه بايدن لإنهاء الحرب؟

يوسف العلي | 6 months ago

12

طباعة

مشاركة

في زيارة هي الثانية له منذ أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التقى العاهل الأردني عبد الله الثاني، بالرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، للتباحث في ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع الاحتلال من تنفيذ عملية عسكرية في رفح.

اجتماع ملك الأردن مع بايدن، أثار العديد من التساؤلات عن الجديد الذي يحمله الأول خلال زيارته إلى واشنطن، وعن مدى نجاح مساعيه في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، خصوصا مع إصرار الاحتلال على اجتياح رفح التي تأوي النازحين الفلسطينيين في القطاع.

ومنذ 7 أكتوبر، يشن الاحتلال الإسرائيلي هجمات تدميرية على غزة أوقعت نحو 35 ألف شهيد وأكثر من 78 ألف مصاب، وذلك ردا على عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في القطاع، جرّاء الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين ومقدسات المسلمين في الأراضي المحتلة.

"تدارك المجزرة"

خلال اجتماعه مع الرئيس الأميركي في 6 مايو/ أيار 2024، حذّر ملك الأردن عبد الله الثاني، من أن أي هجوم إسرائيلي على رفح يهدد بـ"مجزرة جديدة"، في المدينة التي نزح إليها أكثر من 1.5 مليون فلسطيني.

يأتي ذلك بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اليوم نفسه، أن حكومة الحرب (الإسرائيلية) قررت مواصلة عملية رفح، وذلك رغم موافقة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار الذي تقدم به الوسطاء في مصر وقطر.

وأكد العاهل الأردني "ضرورة بذل كل الجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار في غزة"، مشيرا إلى أن “استمرار أعمال العنف التي يمارسها المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، تشكل انتهاكا للمقدسات الدينية في القدس المحتلة”.

وقال الديوان الملكي الأردني خلال بيان له في 6 مايو، إن الملك عبد الله، أكد أنه على المجتمع الدولي التحرك فورا لمنع حدوث كارثة جديدة في غزة، جراء هجوم إسرائيل على رفح، لافتا إلى أن "تبعات أي الاجتياح الإسرائيلي قد تؤدي إلى توسيع دائرة الصراع بالإقليم".

وذكر أن الملك عبد الله وبايدن أكدا التزامهما بالعمل للتوصل إلى "وقف مستدام لإطلاق النار في غزة"، مشددين على "أهمية تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع واستدامتها في ظل الحاجة الملحة لها".

كما شدد الجانبان على "ضرورة تجنب تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، والتزامهما بتحقيق السلام العادل والدائم"، وفق البيان.

وبحسب تقرير نشره موقع "المونيتور" الأميركي في 6 مايو، فإنه قبل تناول الغداء مع الملك عبد الله، "كرر بايدن موقفه الواضح بشأن رفح" في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول عملية رفح.

ونقل الموقع الأميركي عن مسؤولين أميركيين (لم يكشف هويتهم) قولهم إن "إسرائيل لم تقدم لهم بعد خطة ذات مصداقية لإجلاء المدنيين والحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية".

وفي 6 مايو، أمر الجيش الإسرائيلي نحو 100 ألف شخص في الأحياء الشرقية لمدينة رفح بالإخلاء "على الفور" إلى "منطقة إنسانية موسعة" في منطقة المواصي على ساحل البحر الأبيض المتوسط في غزة.

ونقلت وكالة "رويترز" البريطانية في اليوم نفسه عن القيادي في حركة “حماس”، سامي أبو زهري، قوله إن أمر الإخلاء يمثل "تصعيدا خطيرا" من جانب إسرائيل وشريكتها الرئيسة الولايات المتحدة، مضيفا أن "الأخيرة، إلى جانب الاحتلال، تتحمل مسؤولية هذا الإرهاب".

رؤية الأردن

وبخصوص الجديد في الزيارة، قال المحلل السياسي الأردني حازم عيّاد، إن "الأردن لديه رؤية لإنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وأن الزيارة تقع ضمن سياق جهده الذي بدأه منذ 7 أكتوبر، لإيقاف إطلاق النار وإيجاد حلول سياسية تنهي حالة التوتر وتفضي إلى الاستقرار".

وأوضح عيّاد لـ"الاستقلال" أن "الأردن يرى أن الاستمرار في الحالة القائمة حاليا في قطاع غزة، والتي لا يوجد فيها حل سياسي للقضية الفلسطينية قد تفضي إلى مزيد من المواجهات وحالة التوتر وعدم الاستقرار".

ولفت إلى أن "الجهد الأردني منصب حاليا -بعد العدوان الإسرائيلي على غزة- على إنهاء هذه الجولة من القتال، لأنها بدأت تؤثر على استقرار الإقليم وتضيف أعباءً كبيرة على الأردن".

وأشار عيّاد إلى أن "الأردن يواجه الكثير من التحديات الاقتصادية في السابق، نتيجة الأزمة السورية عام 2011 والأوضاع في الإقليم بشكل عام، وتضاعفت اليوم بشكل كبير مع العدوان على غزة، لذلك يوجد حرص كبير لدى المملكة على متابعة جهود وقف الحرب ،وأنها تضغط بقوة في هذا الاتجاه".

وأكد أن "الأردن لا يكاد يكف عن التواصل مع الجانب الأميركي أو الأوروبي، فقد أجرى العاهل الأردني العديد من الجولات إلى القارة الأوروبية، وأظن أن هذا يؤثر إلى حد ما في الرؤية الأميركية بأن الاستقرار في الإقليم بات مهددا، وأن المملكة تتحمل أعباء كبيرة".

ونوه عيّاد إلى أن "أي دور سياسي يمكن أن يلعبه الأردن في تسوية سياسية أوسع بالإقليم لابد من أن أحد شروطها الأساسية هو وقف التصعيد في المنطقة وتوفير البيئة السياسية المناسبة للتوصل إلى حل سياسي".

وتابع: "لذلك الأردن يرى أن وقف القتال في قطاع غزة يعد شرطا أساسيا في تحقيق الاستقرار والوصول إلى حل سياسي في المدى المنظور، وأن الجانب الأميركي لا يبتعد كثيرا عن هذه الروية، لا سيما ما يتعلق بضرورة وجود الحل السياسي".

ويرى عيّاد أن "واشنطن أصبحت أكثر اقتناعا بضرورة الحل السياسي، من خلال الحديث مع السعودية أو إدماج الإقليم بأكمله بحل مستقبلي، وأعتقد أن أحداث 7 أكتوبر، أثبتت أنه لا يمكن تجاهل الحقوق الفلسطينية، لذلك الأردن يدفع باتجاه وقف إطلاق النار كونه النقطة الأساسية الوصول إلى الحل السياسي".

وفي 3 مايو، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أن الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية "قريبون جدا" من التوصل إلى اتفاق بشأن "الأجزاء الثنائية" من صفقة أكبر تهدف إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة.

وأوضح ميلر أن السعودية كانت "واضحة للغاية" في تحديد مطلبين كجزء من أي صفقة تطبيع مع إسرائيل، الأول أن يسود الهدوء في غزة، والثاني وجود مسار نحو قيام دولة فلسطينية مستقلة.

"جهود متفائلة"

وعلى الصعيد ذاته، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية أيمن البراسنة، إن "لقاء الملك مع بايدن وقادة من الكونغرس، عنوانها الرئيس البحث في الحرب على غزة، وفي سياق جهود الأردن المستمرة لمحاولات التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في القطاع".

ونقلت صحيفة "الغد" الأردنية عن البراسنة في 4 مايو، أن "هدف الزيارة الأساسي سيكون البحث في سبل تحقيق وقف إطلاق نار ووضع حد للكارثة الإنسانية في غزة، والتأكيد على أنه لا بديل عن تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس حل الدولتين".

وأعرب البراسة عن اعتقاده أيضا بأن "هذه الزيارة التي تأتي ضمن أجواء الوساطة القطرية والمصرية والأميركية بين حركة حماس والاحتلال، تحمل آمالا بالتوصل إلى هدنة تتضمن، صفقة لتبادل الأسرى، بحسب ما علمنا من تسريبات".

وتابع: "الملك سبق أن أكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى عمّان، في الأول من مايو، والتحرك لوقف الكارثة الإنسانية على سكان القطاع، وحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية بشكل مستدام، محذرا من دخول رفح بعملية عسكرية".

وأردف البراسنة، قائلا: "بالتالي أعتقد أن هناك جهودا متفائلة للتوصل إلى هدنة بين الجانبين، حيث تأتي زيارة الملك ضمن هذه الأجواء الإيجابية لوضع حد لما يحدث في غزة، وهناك زيارات متكررة للأخير إلى عواصم غربية وأوروبية، ناقش خلالها جهود تحقيق نهاية دائمة للأزمة، وعرض رؤية لحل دائم يضمن حل الدولتين".

وبيّن المحلل السياسي الأردني أن "القضية الفلسطينية ليست قضية مركزية فقط في السياسة الأردنية الخارجية، بل هي قضية وجودية، ولذلك يحاول الأردن دفع العالم إلى تبني المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن في المنطقة".

وعن آثار زيارة العاهل الأردني ومآلاتها، توقع البراسنة، أن "تتضمن الكثير من الرسائل، أولها رسالة للمسؤولين الأميركيين، من خلال اللقاءات معهم، وبالتالي تعطي إشارات على مكانة الأردن الجيوسياسية، ودوره كعامل استقرار مركزي في منطقة الشرق الأوسط".

وفي 13 فبراير/ شباط 2024، التقى الملك عبد الله بالرئيس بايدن في البيت الأبيض، وطالب حينها بـ"وقف إطلاق نار فوري ومستدام بين إسرائيل وحركة حماس"، محذرا في الوقت ذاته من أن أي هجوم بري إسرائيلي على مدينة رفح "ستنتج عنه بالتأكيد كارثة إنسانية جديدة".