خلافات داخل حزب "البديل من أجل ألمانيا".. ما علاقتها بالمسلمين؟
النقاشات داخل حزب "البديل من أجل ألمانيا" بشأن المسلمين أثارت الانقسام
“أفضل التعامل مع المسلمين المحافظين على التعامل مع النخب الليبرالية”.. هذا ما صرح به صراحة ماكسيميليان كراه، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب "البديل من أجل ألمانيا (AFD)" المنتمي لأقصى اليمين.
إذ يؤكد كراه على وجود أرضية مشتركة، قد تدفع إلى التحالف بين أحزاب اليمين المتطرف وبين المسلمين المحافظين.
في المقابل، هناك تيار آخر داخل الحزب يتزعمه تيم كراوس، المتحدث الرسمي باسم كتلة حزب البديل في برلمان ولاية براندنبورغ، يرفض تماما فكرة التعاون مع الإسلاميين، في مواجهة الليبراليين والشواذ، وفق ما يستعرض موقع "تيليبوليس" الألماني.
تباين وانقسام
وتحدث الموقع عن حالة الجدل الدائر داخل أروقة الحزب بين الفريقين، محللا دوافع وحقيقة دعوة ماكسيميليان كراه للتحالف مع المسلمين، ويناقش مدى واقعية وفرص نجاح هذه الرؤية المغايرة لتوجه الحزب.
كما سلط الضوء على موقف التيارين من قضايا الهجرة واللاجئين، والدين الإسلامي، وكيفية التعامل مع المسلمين داخل البلاد، والموقف من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإستراتيجية الحزب في التعامل مع التيار الليبرالي.
وشهدت ولاية "ساكسونيا أنهالت" الألمانية، حلبة صراع بين الفريقين المختلفين داخل الحزب.
وأعلن مركز الأبحاث اليميني "معهد السياسة الوطنية (IFS)، عن تنظيم مناظرة مثيرة للجدل في مهرجان الصيف لهذا العام في قرية شنيلرودا، حيث دأب المركز كل صيف على عقد فعالية صيفية جماهيرية.
وفي المناظرة، ناقش اثنان من أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا (AFD) قضية الإسلام في البلاد، وذلك بإدارة الناشر وأحد مؤسسي IFS، غوتز كوبيتشيك".
ورأى الموقع أن "المناقشة كانت مثيرة للجدل، حيث توجد قضايا عديدة تزعج فئة الرافضين للتحالف مع المسلمين.
في الوقت ذاته هناك تقاطعات مع المسلمين المحافظين وحتى الإسلاميين، فيما يتعلق بقضايا مثل النسوية والشواذ.
فمن جانبه، أعلن مكسيميليان كراه، بشكل واضح أنه يرى في المسلمين حلفاء محتملين.
حتى وصل الأمر إلى نشره فيديو على تيك توك نهاية عام 2023، يشيد فيه بأردوغان، واصفا إياه بأنه “نموذج يُحتذى به للسياسيين الألمان (الضعفاء)”.
في المقابل، كان تيم كراوس، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا في برلمان ولاية براندنبورغ، يلعب دور المحذر من الإسلام على منصة كوبيتشيك.
وأضاف: "شارك كراوس في الاجتماع السري في مدينة بوتسدام بداية عام 2024، الذي جمع سياسيين من حزب البديل، وممثلين عن الحركة اليمينية الهوياتيون، لمناقشة موضوع الهجرة".
وبحسب الموقع الألماني، تناول الحضور ظاهرة وجود المسلمين من منظور واقعي، بعيدا عن الأطر النظرية.
إذ "ركز المشاركون على الجانب العملي من مسألة وجود أعداد كبيرة من المسلمين، بدلا من التحدث عن الأبعاد النظرية أو الدينية للإسلام".
وأشار المشاركون إلى ضرورة التعامل مع الوضع، بدلا من التفكير في إعادة التوطين بشكل كبير.
ولفت الموقع إلى أن "المنظمين دعوا خبيرا في إعادة التوطين، لكنهم مع ذلك سيتعاملون مع الوضع، كما لو أن جزءا كبيرا من هؤلاء الأفراد سيبقى".
وقد أشاد مدير التجمع كوبيتشيك، ببعض الأشخاص المسلمين "الذين قد يظهرون بشكل أكثر تحفظا وتماشيا في مظهرهم مع تقاليد وثقافة المجتمع الألماني، بينما في الوقت ذاته يعمد بعد المواطنين الألمان الآخرين إلى ارتداء ملابس غريبة".
غير تقليدي
من جهة أخرى، يشير الموقع إلى اعتراف كراه منذ البداية بأن موقفه "غير تقليدي" بالنسبة لحزب البديل لألمانيا، لكنه يعتقد أن هذا الموقف سيكون هو الاتجاه الذي سيتبعه الحزب في المستقبل.
وأضاف: “أمل كراه أن يستمر التصفيق له كما كان في البداية”، وأضاف "إن شاء الله" بشكل هزلي.
كما أكد أنه "يرى أن الإسلام مرتبط بالسعودية، حيث يرى أن العرب هناك، يتمتعون بحقهم في الحفاظ على هويتهم، حيث يجب أن يكون لدينا هنا، نفس الحق أيضا".
وأكمل الموقع: "فقد رفض كراه فكرة وجود ملاعب كرة قدم مضيئة بألوان قوس قزح (التي ترمز للشواذ) في ميونيخ أو قطر".
وشرح كراه الفرق بين نقد الإسلام من قبل المحافظين الليبراليين، ونقده من قبل حزب البديل من أجل ألمانيا؛ حيث يعد نقد الأخير بالأساس نقدا للهجرة، وللنخبة الليبرالية التي تدفع باتجاهها.
في الوقت ذاته، يؤكد كراه رفضه "للهجرة الإسلامية"، قائلا: "ولا نريد لمنطقة متأثرة تقليديا بالثقافة الألمانية والأوروبية، أن يكون لديها فجأة مساجد وثقافة إسلامية في المناطق الحضرية بألمانيا الغربية".
في المقابل، يشير الموقع إلى نقد المحافظين الليبراليين الأيديولوجية الإسلامية، التي يرون أنها نظام ثقافي ديني تقليدي غير أوروبي، يُقبل في السعودية وإيران وتركيا، وليس في أوروبا.
بينما يشير كراو، إلى أنه “يمكنه التعايش بشكل أفضل مع رجال الأعمال الإسلاميين المحافظين الذين هاجروا منذ عقود”.
أما كراوس فينتقد الإسلام بشكل أكثر حدة، ويعده غير متوافق مع الديمقراطيات الغربية.
كما عده نوعا من الهستيريا الجماعية، وقال إن هناك "سيادة إلهية" في التفكير الإسلامي تتعارض مع "السيادة الشعبية"، وفق زعمه.
ويوضح الموقع أن كراوس استند إلى خبرته بالعيش عدة سنوات في دول ذات طابع إسلامي، مع نفيه القاطع لشائعة اعتناقه الإسلام، حتى يتمكن من الزواج من امرأة "من الطبقة العليا" في المغرب.
وأضاف كراوس: "إن هذه المرأة، بالمناسبة، لن تهاجر إلى ألمانيا، أبدا بسبب الضرائب الباهظة وأسعار الطاقة المرتفعة".
وأردف: "إن المسلمين المعتدلين سيتعرضون للهجوم من المتطرفين أولا، وسيغيرون موقفهم في النهاية".
ويؤكد على رؤيته بأن “الإسلام السبب الرئيس في الوفيات الناتجة عن الإرهاب على مستوى العالم”، وفق زعمه.
وواجه كراه هجوم كراوس الحاد قائلا: "إن المشكلة تكمن في أن هناك أعدادا كبيرة من الأشخاص القادمين من دول إسلامية، مما يستدعي النظر بشكل أكثر دقة".
ويبدو أن كراه تحركه المصلحة البراغماتية في المقام الأول، من أجل التحالف مع المسلمين.
فوفقا للموقع، انتقد كراه كذلك تنامى وجود المسلمين في ألمانيا، كما هاجم تدفق اللاجئين السوريين إلى ألمانيا، واصفا إياهم بـ"المتطرفين".
وقال كراه: "المشكلة هي أننا لدينا الآن الكثير من الأشخاص في البلاد، الذين جاءوا من دول إسلامية، ولا يمكننا تجاهل ذلك".
الموقف من الدين
وأضاف قائلا: "إن الدين لا يحدد الهوية بالكامل، وهناك فرق بين الأشخاص ذوي العرق التركي، وأي سوري متطرف تم دعوته هنا في عام 2015"، في إشارة إلى سياسة الحدود التي اتبعتها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل خلال أزمة اللاجئين.
ورأى كراه "أن معاناة تركيا من انخفاض المواليد كما تعاني ألمانيا، يضع حدودا فعلية لتوسع الإسلام".
وألقى مسؤولية زيادة أعداد المسلمين على اليساريين قائلا: "إن الأعداء الحقيقيين هم النخب اليسارية الليبرالية، التي تحلم بإدخال الملايين إلى هنا".
مع ذلك، هاجم بشكل عنصري المسلمين المهاجرين واللاجئين، قائلا: "ولا ينبغي أن يُلقى باللوم على (الخنزير المسكين الذي جُلب إلى هنا)"، وفق تعبيره.
وينقل الموقع عن كراه حديثه عن ضرورة إيجاد "مودوس فيفيندي (Modus Vivendi)"، أي البحث عن أسلوب حياة وطريقة للعيش مع المسلمين المحافظين الذين يعيشون في ألمانيا منذ فترة طويلة، مفضلا هؤلاء على (الهجينين الذين يتخلون عن كل شيء)".
على الجهة الأخرى، يقول إن كراوس يؤكد عداءه لما يسمى بـ "الماركسية الثقافية ذات الطابع الأخضر"، مع إصراره على أن "الإسلام يمثل تهديدا هائلا"، مستخدما كلمات مثل "جنون جماعي"، ومضيفا: "التهديد الذي نواجهه الآن لا ينبغي التقليل من شأنه".
وفي رده على كراوس، يقول كراه: "إن (النقد الديني) من هذا النوع، يقود حزب البديل من أجل ألمانيا مباشرة، إلى إجراءات الحظر".
وتقوم رؤية كراه على الاستفادة من المسلمين أصحاب الدخل المتوسط والمرتفع فقط، وانتقائهم للبقاء في ألمانيا، مع العمل على ترحيل المسلمين من الطبقات الدنيا.
ويعقب الموقع: "ولهذا السبب، يريد كراه استخدام طريقة خفض المساعدات الاجتماعية، كوسيلة لإعادة ترحيل المسلمين الأفقر والذين هاجروا إلى ألمانيا في وقت لاحق، ورأى أن هذا الأمر قد يكون له توافق مع أكثر من حزب من الأحزاب البرجوازية".
ويتحدث عن موقف حزب البديل من أجل ألمانيا من الدين، فعندما اعتنق عضو الحزب في براندنبورغ، آرثر فاغنر الإسلام عام 2018، واتخذ اسم أحمد، وأراد "بناء الإسلام الألماني"، كانت ردود فعل رئيس دائرته، كاي بيرغر، سلبية بوضوح.
واستدرك الموقع: "لكن شروط طرده من الحزب لم تكن متوفرة، لأن حزب البديل من أجل ألمانيا لا يتعامل رسميا مع حرية الدين".
وقال بيرغر لصحيفة بيلد آنذاك: "كثير من الأعضاء يتوقعون منه أن يغادر حزب AFD، للأسف لا يمكن طرده".
وتابع الموقع: “العديد من وسائل الإعلام اعتقدت في البداية أن المؤتمر الصحفي الذي عقده فاغنر لإعلان إسلامه كان مجرد مزحة”.
ولكن فاغنر أكد أنه جاد، مشددا على أن الإسلام يحظر بشدة السخرية من الدين.
وكان تأييد الكنيسة الإنجيلية للشواذ، وتمسك الإسلام بموقفه من ذات القضية، سببا رئيسا لاعتناق فاغنر له، حسب الموقع.
ويقول: "ومن بين الدوافع الرئيسة التي جعلته يترك الكنيسة الإنجيلية ويعتنق الإسلام، ما ذكره فاغنر في تقارير إعلامية، من انزعاجه لرؤيته سيارة تابعة للكنيسة الإنجيلية، تشارك في مسيرة للمثليين في برلين".
وأشار الموقع إلى ابتعاد أضواء الشهرة من على فاغنر بعد وقت قصير من متابعة العديد من الصحفيين ووسائل الإعلام لقضية إعلان إسلامه.