مقارعة سياسية.. إشادة بموقف حماس من المقترح الأميركي وتحذيرات من التفاصيل
"هذا القرار مقدمة هزيمة تاريخية تكتب نهايتها"
قدم ناشطون وباحثون قراءات عدة حول تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار أميركي يدعم التطبيق الكامل وغير المشروط لاقتراح قدّمه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 مايو/ أيار 2024 يقضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأيد 14 عضوا بمجلس الأمن في 10 يونيو/ حزيران 2024، مشروع القرار الأميركي، بينما امتنع المندوب الروسي للأمم المتحدة عن التصويت، مؤكدا أن هناك غموضا من الجانب الإسرائيلي بشأن الموافقة الرسمية على الاقتراح، بخلاف ما ادعى الجانب الأميركي.
ورغم أن بسببها تم عرقلة تمرير قرار يقضي بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلا أن المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد حملت مسؤولية عدم الموافقة على المقترح على حركة المقاومة الإسلامية حماس، ودعتها للموافقة عليه.
ومع ذلك، رحبت حماس بقرار مجلس الأمن، مؤكدة تأييدها وقف إطلاق نار دائم في غزة والانسحاب الإسرائيلي التام، إضافة إلى تبادل الأسرى وإعادة الإعمار، وأعلنت استعدادها للتعاون مع الوسطاء في المفاوضات غير المباشرة لتطبيق هذه البنود.
وأشاد ناشطون عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #مجلس_الأمن، #غزة، وغيرها بقرار مجلس الأمن الذي جاء بعد 8 شهور من الإبادة الإسرائيلية على غزة، معلنين توقعاتهم بألا يلتزم الاحتلال ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو بالقرار.
وسلطوا الضوء على ما يحمله قرار مجلس الأمن من إيجابيات وسلبيات، وأثنوا على ترحيب حماس بالقرار وعدوه بمثابة مقارعة سياسية تتسم بالذكاء والدهاء، ملمحين إلى أن مسارعة الإدارة الأميركية لتمرير المقترح تتعلق بانتخابات الرئاسة الأميركية المرتقبة.
"قرار إيجابي"
وتفاعلا مع قرار مجلس الأمن، كتبت الإعلامية خديجة بن قنة: "أخييييييييييييرا.. مجلس الأمن الدولي يعتمد مشروع القرار الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة".
من جانبه، رأى المحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن للقرار إيجابيات و"حماس" رحّبت، لكنه طالب الأميركان بأن يأتوا بموافقة من نتنياهو على كامل بنوده المتمثلة في “وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب كامل من القطاع، ووحدة بين الضفة والقطاع”.
وذكر الزعاترة، بأن هناك قرارا سابقا صدر في 25 آذار الماضي رقمه 2728، ولم تعطله أميركا بالفيتو، ورحبت به "حماس"، لكن "إسرائيل" لم تنفّذه، مؤكدا أن أميركا مهووسة بالموافقة لأغراض بايدن الانتخابية، وحسابات أخرى، لكن نتنياهو لا يأبه، ومعضلتهم معه.
ورحب الكاتب إبراهيم المدهون، بقرار مجلس الأمن لوجود إيجابيات واضحة وممكن استثمارها، ومنها أنه يؤكد على وقف إطلاق النار المؤقت وصولا للوقف الدائم والشامل، كما يؤكد على الانسحاب الشامل من قطاع غزة على مرحلتين، وينص على إعمار قطاع غزة.
وأشار إلى أن القرار يرفض المناطق العازلة وتقليص مساحة قطاع غزة، وضد التغيير الديمغرافي والتهجير لسكان القطاع، والأهم فيه إدخال المواد الإغاثية ومستلزمات الإيواء للفلسطينيين.
ولفت المدهون إلى أن القرار يدعو لحل الدولتين، ورغم أن حماس ضد حل الدولتين، إلا أنه يؤكد بأن الطوفان ألزم العالم بضرورة عد القضية الفلسطينية وإقامة دولة لشعبنا، داعيا لملاحظة أن أميركا هي من صاغت المشروع، وهي التي أرادت هزيمة المقاومة، ما يعني أن هذا تراجع أميركي واضح.
ولخص الباحث نجاح واكيم، القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بكلمتين هما "المقاومة انتصرت"، موجها ألف تحية للمقاومة.
ورأى الصحفي ماهر جاويش، قرار مجلس الأمن بأنه يبدو مفيدا من حيث المبدأ لأن فيه كسر لعنجهية نتنياهو وإصراره على استمرار الحرب ويعبر عن تصادم معلن مع بايدن على فرض أن القرار مطروح ومقدم من أميركا.
وأضاف: لا شك أن القرار يحتاج إلى استكماله عبر مفاوضات مرتبطة بآليات تطبيقه فهو جيد كأرضية ومنطلق للتفاوض.
وقال إن الامتناع الروسي عن التصويت يحتاج توضيح أكثر، متوقعا رفض نتنياهو وحكومته، ومؤكدا أن الترحيب الفلسطيني مطلوب ومهم.
وعد الباحث فهد العراب الحارثي، القرار الذي صوت عليه مجلس الأمن الليلة "إيجابي"، مؤكدا أن مشاعر المندوبة الأميركية مشاعر "منافقة ووقحة".
دهاء حماس
وعن مفاجئة حركة حماس الجميع بترحيبها بالقرار، قال الباحث علي أبو رزق، إن هذا الترحيب لا يرمي الكرة في الملعب الإسرائيلي فقط ولا يُظهر الحركة أنها تتصرف ببراغماتية سياسية عالية فحسب، بل يُمعن في إحراج الداعم الأميركي الذي كان يتوقع أن يكون الرفض فلسطينيا وليس إسرائيليا.
وأضاف أن ترحيب حماس يزيد من مأزق الولايات المتحدة الدعائي أمام العالم، بتقدير أن نتنياهو يتقاذف رئيس أكبر دولة بالعالم كما الكرة البالية المتهالكة،
وتابع أبو رزق: "صحيح أن الحل لن يكون عبر مجلس الأمن، أبدا، ولكن أقله أن تظهر المقاومة أمام شعبها وحاضنتها أنها تتصرف بمسؤولية عالية وأن المشكلة الأولى والثانية والعاشرة تكمن في غطرسة هذا العدو وداعمه الأميركي الذي يقتلنا وشعبنا ثم يخبرنا، بمنتهى الوقاحة، أننا نحن السبب".
وأكد الصحفي أحمد منصور، أن ترحيب حماس يضع إسرائيل وحكومة نتنياهو في مأزق كبير لا سيما أن المشروع الأميركي هدفه إنقاذ إسرائيل من حالة الانتحار والعجز والتشرذم التي يقودها إليها نتنياهو وحكومة مجرمي الحرب معه.
وقال الإعلامي جمال ريان، إن حماس بذكاء رحبت بقرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار المفخخ ، لكشف إصحاب الفخاخ، وهذا يعتمد على التزام نتنياهو بالقرار" متسائلا: "هل سيلتزم نتنياهو بالقرار؟".
ورأى الكاتب ياسر أبو هلالة، أن اللافت أكثر من ترحيب حماس بقرار مجلس الأمن، هو الصمت الإسرائيلي!
وقال الباحث خليل نصرالله، إن القرار غامض جدا، وترحيب حماس يحرج "إسرائيل" مجددا، والكرة رميت مجددا في ملعب "أميركا" و"إسرائيل".
وعلق محمد السنهاوي، على ترحيب حماس بقرار مجلس الأمن قائلا: "هتعمل نفسك بتحبني.. هاعمل نفسي باموت فيك".
قراءات وتحليلات
وفي قراءة لقرار مجلس الأمن، أوضح الباحث سعيد زياد، أن من الإشكالات الرئيسة في القرار هو عدم تحديد وقت لانتهاء المرحلة الأولى، بمعنى أن تستمر المفاوضات، بلا عودة للقتال، لحين التوصل إلى اتفاق.
وبين أن هذا من شأنه تعليق وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الكامل لجيش العدو من غزة، وعدم البدء في مسألة الإعمار، مؤكدا أن المطمئن في هذه النقطة، أن الأسرى الجنود والضباط لن يتم الإفراج عن أحد منهم قبل إعلان وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من غزة.
وأكد زياد أن هذه غلّة مركزية، وضاغطة على العدو، ومن شأنها خلق ثورة حقيقية في مجتمع العدو، خاصة مع توقف العملية العسكرية تماما.
ودون عدد من الملاحظات على القرار، منها أن بايدن انتقل من مربع المشاركة في مجلس الحرب، وإقرار خطط القضاء على حماس، إلى مربع مفاوضة حماس والقبول بها كأمر واقع في اليوم التالي لغزة.
وعد زياد، القرار الذي تم صياغته وتنسيبه من قبل الولايات المتحدة الأميركية بمثابة إقرار بسقوط الحل العسكري، وعدم جدوى الحرب، وإعلان هزيمة إسرائيل أمام المقاومة، قائلا: “لست متفائلا بمضي المفاوضات بسلاسة وإيجابية، لكني مؤمن بأن القرار قلّص هامش مناورة نتنياهو، وزاد من أزمته الداخلية والخارجية.”
وأكد الصحفي أحمد فوزي، أن صمت قادة الكيان أمام قرار مجلس الأمن دليل أزمة.
ولفت فوزي إلى أن المندوبة الأميركية قالت إن "اسرائيل" وافقت على مقترح "بايدن" وهو كذب واضح ومفضوح ولم يعلن أي مستوى سياسي أو دبلوماسي في الاحتلال عن موافقته على المقترح.
وقال الناشط بلال نزار ريان، إن القرار يعد خطوة مهمة تجسد انتصارًا للشعب الفلسطيني ونضاله العادل من أجل الحرية والكرامة وهناك العديد من النقاط الإيجابية التي تعزز مسيرته نحو النصر والتحرير بإذن الله.
وأوضح أن وقف إطلاق النار يُؤكد القرار على وقف إطلاق النار بشكلٍ مستدام مع العمل على تحويله إلى وقفٍ دائم وشامل، مما يُتيح لأهلنا ومقاومتنا فرصةً لالتقاط الأنفاس، مشيرا إلى أن القرار يُلزم إسرائيل بالانسحاب الشامل من قطاع غزة على مرحلتين، ويفشل مخطط تقسيم القطاع.
وأكد أن القرار يُمثل اعترافا دوليا بمعاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه، مما يُشكل ضغطًا على إسرائيل لتغيير سياستها تجاه الفلسطينيين، ويُتيح فرصةً للتفاوض غير المباشر بين المقاومة ودولة الاحتلال.
وقال الباحث ماجد أبو دياك، إن قرار مجلس الأمن بالتطبيق غير المشروط للصفقة الأميركية، هو مؤشر آخر للخلافات مع الكيان الذي قال إن لديه تفسيرات مختلفة عن التفسير الأميركي، ولكن بلينكن اليهودي يصر على توجيه تهمة الرفض لحماس التي بدورها سارعت بالترحيب بالقرار لأنه يؤكد على وقف الحرب والانسحاب الكامل من غزة.
وأضاف أن الضغوط تتزايد على الكيان الذي تتعرض حكومته لهزات داخلية قد تؤدي لانفراط عقدها بعد التصويت على تجنيد الحريديم في الكنيست.
وأوضح أبو دياك، أن بالنسبة لحماس، فهي ستخوض مفاوضات صعبة لتثبيت وقف إطلاق النار في اتفاق التبادل الشامل، ولكنها تتمتع بموقف قوي على الأرض، ولا تحتاج إلا لتثبيت مكاسب الإغاثة والإيواء ومعادلة تبادل قوية.
وقال الطبيب يحيى غنيم: "لا يهمني في قرار مجلس الأمن الليلة: أنه يأمر بإيقاف الحرب على غزة، ويمنع تهجير أهلها، ويعيدهم إلى مناطقهم، ويمنع المناطق العازلة فيها، ويُدخل المساعدات لأهلها، ويعيد إعمارها، ويردد أسطوانة حل الدولتين الذي سئمناه".
وأوضح أن ما يهمه في القرار أن أميركا هى من قدمته لتحمى به إسرائيل من نفسها، فهي مقدمة على هزيمة تاريخية تكتب نهايتها، وأن من كانوا يحلمون بالقضاء على المقاومة الفلسطينية ويتكلمون عن اليوم الثاني أصبحوا يتسولون منها قبول مقترحهم وعن طريق مجلس الأمن.
وأكد أن الأحداث تثبت أن عرب الردة قد أتعبوا كتبة الخيانة وتخطوا كل حدود اللامعقول فى التآمر على فلسطين وأهلها، ولولاهم لما قامت إسرائيل على أرض فلسطين يوما واحدا.
أميركا شريكة
وهجوما على أميركا ومندوبها في مجلس الأمن وتشكيكا في نواياها، انتقد علي حاتم ترحيب بايدن بقرار مجلس الأمن ومطالبته حماس بقبول الصفقة.
وأكد الكاتب رفيق عبدالسلام، أن الإدارة الأميركية كانت في غنى عن كل هذه المجازر المفتوحة وحرب الإبادة الجماعية المنقولة على الهواء التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وكان يسعها المصادقة على قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي بوقف العدوان منذ نهاية الشهر الأول.
واستدرك: لكنها أصرت على استخدام حق الفيتو وإعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو كي يتمادى في عدوانه ولم يخرجوا اليوم سوى بسوء السمعة وسواد الوجه أمام كل العالم.
وذكر بأن من اتخذ موقفا بتمرير قرار مجلس الأمن اليوم هو نفسه من عطل القرارات الدولية واستخدم حق النقض في مواجهة إرادة كل العالم هو وحليفه الصغير، وهما وجهان لعملة واحدة وشريكان كاملان في العدوان، وهذا الأمر لن يمحا من ذاكرة الفلسطينيين والعرب وكل شعوب المنطقة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقال أستاذ القانون الدولي عبدالستار الجميلي، إن مجلس الأمن يضفي شرعية زائفة على مشروع بايدن الذي يَصْب لصالح الكيان الصهيوني بكامله.
وذكر بأن مجلس الأمن سبق أن عطل كل قرارات إنهاء العدوان على الشعب العربي الفلسطيني، ما يؤكد أنه ليس خيارا صائبا في ظل الهيمنة الأميركية على المجتمع الدولي، وإنما تفعيل مصادر القوة العربية هو الخيار الوحيد.
وتساءل عادل مختار، عن أسباب عجلة مجلس الأمن في إصدار قرار يقضي بوقف إطلاق النار في غزة الآن.
وواصل تساؤلاته: "هل من أجل إنقاذ بايدن من خسارة محققة في انتخابه رئيساً لولاية ثانية لمساعدته نتنياهو في عدوانهما على غزة هروبا من ضمه بجانب نتنياهو في ملفات الإبادة؟، أم لخسارة إسرائيل عسكريا أمام المقاومة في غزة والمساندة في لبنان واليمن والعراق بضربات موجعة".
وعرض الباحث معاذ حمزة، صورة لمندوبة أميركا في مجلس الأمن، معلقا عليها بالقول: "هذه العجوز الشمطاء التي تتباكي على فلسطيني غزة من أطفال ونساء وشيوخ، وتدعوا المجلس على التصويت لوقف إطلاق النار، هي نفسها من رفعت يدها ضد قرار وقف إطلاق النار سابقاً".
وتساءل أستاذ العلوم السياسية عبدالله الشايجي: "هل يجرؤ أحد بفرض عقوبات على المدللة إسرائيل ؟!!!"، مشيرا إلى أن أميركا وبايدن وبلينكن الذي يزور المنطقة للمرة الثامنة والمندوبة الأميركية، لم يوضحوا موقف نتنياهو الرافض لوقف إطلاق النار إذا لم يلتزم بنص قرار مجلس الأمن.