من "رافال" فرنسا إلى مقاتلات الصين.. لماذا يشتري السيسي أسلحة معطوبة؟
"المقاتلة الصينية ليس لها قدرة شبحية قوية ومداها محدود نسبيا"
رغم مرور مصر بأزمة اقتصادية صعبة منذ سنوات، يستمر النظام في تسليح الجيش وتطوير وحداته خاصة سلاح الجو، في ظل واقع معقد.
ويزيد من تعقيداته تسريبات حول اتجاه النظام المصري نحو بكين لعقد صفقات أسلحة، والمفاجئ أكثر أن تقارير عسكرية تحدثت عن عيوب جمة تتضمنها المقاتلات الصينية.
عيوب خطيرة
وفي 16 يوليو/ تموز 2024، التقى قائد القوات الجوية المصرية، الفريق محمود فؤاد عبد الجواد، بنظيره الصيني الجنرال تشانغ دينج تشيو، في العاصمة بكين لبحث إمكانية شراء مجموعة من المقاتلات المتطورة.
بعدها في 15 أغسطس/ آب 2024 ذكر موقع "تاكتيكال ريبورت" الاستخباراتي المختص بشؤون الدفاع، أن القوات الجوية المصرية تتفاوض مع الصين على شراء طائرات من طراز J-10C وJ-31 وJ-20 لتدعيم أسطولها الجوي.
وبحسب الموقع فإن إجمالي قيمة الصفقات يصل إلى 2 مليار دولار بما يقارب (100 مليار جنيه مصري).
وهو ما يثير تساؤلات عن طبيعة وأسباب تلك الصفقة، ويعيد للأذهان صفقات سابقة مضت على نفس الوتيرة، مثل طائرات "رافال" الفرنسية.
وتأتي على رأس قائمة المقاتلات الصينية J-10C التي تروج لها بكين أنها “فخر الصناعة الوطنية” وأنها مقاتلة خفيفة الحركة وفعالة جدا مقارنة بتكلفتها.
أما الطائرة J-31، تعرف باسم FC-31، وتصفها الصين بـ"الطائرة الشبح"، وأعلنت أنها صممت خصيصا لمواجهة طائرات F-35 الأميركية.
لكن مواقع متخصصة في الشؤون العسكرية تتبعت مدى كفاءة تلك المقاتلات، لتكتشف مجموعة من العيوب الفنية فيها، ما يشكك في قدراتها.
ونشرت مجلة "ديفينس هير" لشؤون الدفاع تقريرها في 25 يوليو 2024 عن مشكلات المقاتلات الصينية.
وأوردت أن المقاتلة الرئيسة في الصفقة J-10C التي يصل سعر الواحدة منها إلى 80 مليون دولار، قد دخلت الخدمة في سلاح الجو الصيني عام 2017.
وحاولت بكين الترويج لها في آسيا والشرق الأوسط، لكن الدولة الوحيدة التي تعاقدت معها كانت باكستان.
وأرجعت "ديفينس هير" عدم رغبة الدول في الحصول على خدمات المقاتلة الصينية إلى “عدم تميزها بقدرة شبحية قوية، ومداها محدود نسبيا”.
إضافة إلى عدم استطاعتها حمل وقود أو أسلحة بكميات كبيرة، لذلك يعد خيارا غير مثالي وغير مرغوب فيها دوليا.
ثم تأتي المقاتلة الثانية J-31 ويقدر سعرها بنحو 90 مليون دولار، وفي عام 2019، رفضت القوات الجوية الصينية هذه الطائرة لصالح منافستها، Chengdu J-20.
ورغم هذه الانتكاسة، استمر تطوير طائرة J-31، وكانت آخر المؤشرات أنه يمكن تحويلها إلى مقاتلة بحرية للعمل على متن حاملات الطائرات التابعة للبحرية الصينية.
وآخر الطائرات المدرجة على قائمة صفقات السلاح المصرية الصينية، هي J-20 التي دخلت إلى الخدمة عام 2017، ويصل سعر المقاتلة منها إلى 120 مليون دولار.
ولا توجد دولة تمتلكها أو تريد التعاقد عليها حتى الآن سوى مصر، ومن العيوب الواردة في تقييمها أن تكلفتها مرتفعة جدا مقارنة بكفاءتها، كما أنها تواجه تحديات في الاعتماد على أنظمة إلكترونية معقدة.
رائحة الكبريت
ولطالما ارتبط اسم الجيش المصري بصفقات سلاح جدلية، على رأسها صفقة مقاتلات "رافال" الفرنسية الشهيرة.
ففي 7 فبراير/ شباط 2019 نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي، أن "رافال" مقاتلات ذات سمعة سيئة في سوق السلاح العالمية.
ووصفت الأمر بأنه أشبه بـ"رائحة الكبريت" التي تلاحق صفقاتها باهظة الثمن.
وضرب الموقع مثلا بالصفقة مع مصر، التي تضمنت توريد 30 طائرة بغلاف مالي يقارب 5 مليارات يورو.
وقال إن "رافال الموردة إلى القوات المسلحة المصرية، تعاني مشكلات تقنية عدة جعلتها تفقد قدراتها القتالية".
ورجح الموقع الفرنسي أن هذه المشكلات التقنية تسببت خلال يناير/ كانون الثاني 2019 في حادثة راح ضحيتها الطيار المصري مهدي الشاذلي، في تكتم كبير من السلطات المصرية والفرنسية على الأمر.
وذكر أن أقارب الضحية أكدوا أن الحادثة متعلقة فعلا بتحطم طائرة رافال كان ابنهم على متنها.
ومع إشكاليات الصفقات الفنية كان هناك شق آخر اقتصادي، مع ما تعانيه القاهرة من أزمات مالية تحذر كبرى المؤسسات الدولية على رأسها صندوق النقد الدولي من آثارها على الشعب.
لكن نظام عبد الفتاح السيسي يصر على عقد صفقات سلاح بمليارات الدولارات، في سياسة وضعته ضمن المراكز الأولى ضمن أكبر مستوردي الأسلحة بالعالم.
وهو ما أظهره أحدث تقرير صدر من قبل معهد "استوكهولم الدولي لأبحاث السلام" (سيبري)، الصادر في 18 مارس/ آذار 2024.
حيث كشف أن مصر جاءت ضمن ثلاث دول في الشرق الأوسط من بين أكبر 10 مستوردين للأسلحة في الفترة من 2019 إلى 2023، بعد السعودية وقطر.
وجاءت مصر في المرتبة السابعة عالميا، ضمن أكبر مستوردي الأسلحة في العالم بهدف زيادة نفوذها العسكري.
وكان تقرير سابق لـ"سيبري" أيضا، قد صدر خلال عام 2021، وذكر أن مصر زادت وارداتها من السلاح (الممول في معظمه بالقروض والديون) في السنوات الخمس الأخيرة بنسبة 136 بالمئة.
وهو ما جعل الحقوقي المصري، بهي الدين حسن، يكتب عبر منصة "إكس" قائلا: "كم حرب شنتها أو شاركت فيها مصر منذ 2011؟ بينما ظلت مبيعات السلاح في العالم كما هي خلال العشر سنوات الماضية، ارتفعت مشتريات مصر من السلاح بنسبة 136 بالمئة (!)..
وأضاف: "فشخرة كذابة على حساب إفقار المصريين!".
نقص كفاءة
على جانب آخر من صفقات السلاح الضخمة والمتكررة خاصة المتعلقة بالطائرات المقاتلة، هناك شكوك متعلقة بكفاءة إدارة واستخدام تلك الأسلحة ومدى استفادة الجيش وآلة الحرب المصرية منها.
وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، نشر موقع "ستراتفور" الأميركي تقريرا بعنوان “مصر وحمى الإنفاق على التسليح”.
وأرجع التقرير أن "الكم الهائل لصفقات السلاح التي عقدتها القاهرة في الآونة الأخيرة، إلى عوامل جيوسياسية أبعد من الحاجة العسكرية، في ظل توجه النظام إلى الاعتماد على مصادر متعددة للتسليح".
وأخطر ما ورد في التقرير، هي الجزئية المتعلقة بـ"ميكانيزم" الأسلحة التي حصل عليها الجيش في السنوات الأخيرة، حيث قال إن "الضرورات العسكرية ليست هي العامل الذي أدى إلى الزيادة الكبيرة في مشتريات النظام من الأسلحة، فرغم المعركة التي يخوضها الجيش في سيناء ضد المتمردين، إلا أن الأسلحة لا تناسب طبيعة القتال هناك".
ومع ذلك لابد من الإشارة أنه خلال السنوات الماضية تكررت أكثر من مرة، حوادث تحطم الطائرات العسكرية، ولقي كثير من الطيارين مصرعهم.
ودفع سقوط ذلك العدد من الطائرات، خلال فترة زمنية ليست كبيرة إلى التساؤل عن مدى نجاعة التدريبات، ودقتها داخل القوات المسلحة المصرية.
وفي 28 فبراير 2019، أصدر مركز "كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط"، تقريرا بعنوان "الجيش المصري.. العملاق المستيقظ من سباته"، للباحث روبرت سبرنغبورغ، ذكر فيه أن "معدل الاستخدام للمعدات والأسلحة المصرية يشير إلى مستوى منخفض من النشاط التدريبي".
وأضاف "ما يجعل المشكلة أكبر هو أن التدريب المصري غالبا ما يفتقر إلى مبدأ (اللعب الحر) لصالح سيناريوهات قاسية وغير مرنة وتم التخطيط لها مسبقا".
وأورد أنه "رغم كثافة برامج التدريب والتمارين التي أُجريت في مصر والولايات المتحدة على مدى السنين الماضية، ظلت العقيدة المصرية وسبل تنظيمها حتى وقت قريب تركز بشكل كبير على العمليات التقليدية واسعة النطاق".
ولعل الخسائر المادية وحدها لا تكفي، عند ذكر تلك الحوادث، فالأفدح هو الخسائر البشرية، المتعلقة بالطيارين المقاتلين، الذين شهد لبعضهم بالكفاءة وحسن الأداء.
المصادر
- Egypt-China Defense Relations: Talks to procure J-20 fighter jetsNOTE
- لماذا "رافال" الفرنسية هي الأسوأ في سوق الطائرات الحربية؟
- Le crash secret d’un Rafale en Egypte embarrasse Paris et Le Caire
- Egypt considers buying Chinese fighter jets to upgrade fleet
- معهد ستوكهولم يكشف عن أكبر مستوردي الأسلحة.. مصر والسعودية وقطر في الصدارة