غزة وأفغانستان وإفريقيا.. الأولويات الإستراتيجية لمنظمة الدول التركية

9 days ago

12

طباعة

مشاركة

ركزت القمة الأخيرة لمنظمة الدول التركية على عدة ملفات أبرزها العدوان الإسرائيلي على غزة والتعاون مع كل من إفريقيا وأفغانستان.

وسلطت صحيفة يني شفق التركية في مقال للكاتب "مصطفى أوزتوب" الضوء على قمة بيشكك والقرارات الإستراتيجية التي اتخذت لمستقبل منظمة الدول التركية وتوسيع التعاون الدولي.

وانعقدت القمة الحادية عشرة لرؤساء دول منظمة الدول التركية في العاصمة القرغيزية بيشكك في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، تحت شعار "تعزيز العالم التركي: التكامل الاقتصادي، والتنمية المستدامة، والمستقبل الرقمي، والأمن للجميع".

وحدة المصير

وتأسست منظمة الدول التركية (المجلس التركي سابقا) في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2009، وتضم تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، فيما تحمل كل من المجر وتركمانستان وشمال قبرص التركية صفة عضو مراقب فيها.

وفي هذه السنوات التي يمر فيها العالم بأزمة، تعمل المنظمة على تعزيز التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء والمراقبة بأسرع شكل ممكن.

وقد كان لدى العالم التركي توقعات كبيرة لتقدم منظمة الدول التركية. وبالفعل يمكن القول إنها تتطور بسرعة، وتترسخ بشكل مؤسسي، بل وتحقق تقدما ملحوظا. وكانت قمة بيشكك واحدة من القمم التي اتُّخِذَت فيها قرارات مهمة.

فقد قدم الرئيس رجب طيب أردوغان في القمة عملة تذكارية لقادة الدول التركية، تحمل عبارة شهيرة لإسماعيل غاسبرالي (مفكر ينحدر من القرم) وهي "الوحدة في اللغة والفكر والعمل" التي كان قد قالها لأجل وحدة العالم التركي.

وقد لفتت هذا الخطوة الرمزية الانتباه بصفتها تعكس الرغبة في تعزيز الروابط والاتحاد بين أبناء العالم التركي منذ الماضي وحتى اليوم.

وأردف الكاتب التركي: يتضح من بيان قمة بيشكك أن بعض القرارات الإستراتيجية قد جرى اتّخاذها أو التأكيد عليها لمستقبل منظمة الدول التركية. 

فقد شهدت القمة توقيع 16 اتفاقية وقرارا وبروتوكولا لتعزيز التعاون التركي، فضلا عن توقيع مجلس رؤساء الدول الأعضاء على إعلان بيشكك.

ويتضمن الإعلان نقاطاً عدة أبرزها اعتماد علم جديد للمنظمة، واستضافة المجر للقمة غير الرسمية لها عام 2025، وتأسيس آلية الحماية المدنية لها وإنشاء مجلس التمويل الأخضر، وإطلاق شبكة بين جمعيات الهلال الأحمر في الدول الأعضاء.

كما ينص على إنشاء مجلس بنوك مركزية مشترك، والتعاون في مجال الاقتصاد الرقمي والأنشطة الفضائية، وتطوير نموذج لغوي واسع للمنظمة.

وتابع الكاتب: جرى الإعراب عن الرضا إزاء الاتفاقية المتعلقة بإنشاء "آلية الدفاع المدني" التي وُقعت من قبل دول المنظمة، وتم الإشادة بمساهمات المجر في تطوير التعاون المؤسسي مع أوروبا.

حل الأزمات

كما أُشير إلى الخطوات المتخذة لتنظيم قمة مشتركة لتعزيز التعاون بين المنظمة والاتحاد الإفريقي. 

إضافة إلى ذلك، جرى التأكيد على أهمية إنشاء مجموعة عمل للمنظمة بشأن أفغانستان، وصدر قرار بإعداد بيان وزراء الخارجية من أجل اعتماده في القمة غير الرسمية المزمع عقدها في المجر عام 2025.

كما جرى التعبير عن الرضا إزاء توقيع "اتفاقية الشراكة في الاقتصاد الرقمي" بين الدول الأعضاء في المنظمة. 

وتم تشجيع التعاون لتنفيذ الإجراءات اللازمة لإنشاء منطقة اقتصادية خاصة تُعرف باسم "توران"، سيكون افتتاحها الرسمي في عام 2025 لزيادة فرص الاستثمار. وقد دُعِمَ أيضا تأسيس كلية طب للدول التركية.

وأضاف الكاتب: شمل البيان العديد من القرارات والتطورات، كما جرى الإعراب عن القلق إزاء الوضع الإنساني المدمر بقطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين منذ عام وشهر.

وأدان البيان الاستهداف العشوائي للمدنيين الفلسطينيين، وشدد على ضرورة التوصل إلى وقف عاجل ودائم لإطلاق النار وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ودعا الإعلان إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق، وإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

كما دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في لبنان الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي عنيف، وأعرب عن قلقه العميق إزاء الهجمات الإسرائيلية المتعمدة ضد قوات حفظ السلام الأممية جنوب البلاد.

وأكد البيان على مكافحة جميع أشكال الإرهاب والعنصرية والتمييز، ودعم تركيا في مواجهة الهجوم الإرهابي الذي استهدف شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (توساش)، في أكتوبر 2024، وأدى إلى مقتل 4 وإصابة 14 آخرين.

تعزيز العلاقات

واستدرك الكاتب: يُعد توجه منظمة الدول التركية نحو تعزيز علاقاتها مع المنظمات الأخرى مع الحفاظ على التأسيس المؤسسي أمرا مهما لتحديد الأولويات الإستراتيجية. 

فاختيار الاتحاد الإفريقي من بين العديد من المنظمات والاتحادات يلفت النظر، إذ يتماشى مع رؤى مستقبلية تتعلق بمستقبل العالم. 

ويبدو أن التضامن بين منطقتين جغرافيتين مؤثرتين -تركستان وإفريقيا- سيكون له دور أكبر في تشكيل توازن القوى في الفترة المقبلة. 

وبثرائها التاريخي والثقافي تحولت مدينة تركستان جنوب كازاخستان إلى نقطة جذب للسياح أخيرا، خاصة بعد إعلانها "عاصمة روحية للعالم التركي" بقرار من زعماء الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية.

ويتوقع أن تتخذ هاتان القوتان، اللتان تتقاطع أهدافهما ومصالحهما، خطوات مهمة مبنية على مبدأ تحقيق المصالح المتبادلة والفوز المشترك.

وأضاف الكاتب: يُعد تشكيل مجموعة عمل بشأن أفغانستان -التي تُعد نقطة تقاطع في العالم التركي الإسلامي وغالبا ما تكتسب أهمية في النظريات الجيوسياسية- أحد أهم نتائج القمة لمنظمة الدول التركية. 

إذ تواجه المنظمة فرصاً وتحديات محتملة من أهمها تحقيق استقرار مستدام، حيث يُعَدُّ استقرار أفغانستان أمرا حيويا لتمكينها من النمو الاقتصادي.

كما أن لأفغانستان حضورا كبيرا من السكان ذوي الأصول التركية، مما يجعل المنظمة الجهة الأكثر قدرة على دعم الاستقرار في كابول من خلال الوساطة والتعاون بين حركة طالبان والأتراك هناك.

وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: لقد أدرك العالم التركي قدراته في قره باغ، ثم تشكلت المنظمة في إسطنبول، ورسمت رؤيتها المستقبلية في سمرقند وبدأت تسير بخطى سريعة. 

وفي بيشكك حددت أولوياتها الإستراتيجية واتخذت قرارات تُشكّل مستقبلها مثل التعاون مع الاتحاد الإفريقي ومجموعة العمل بشأن أفغانستان، والتي تتماشى مع شعار "العصر التركي".