الاتحاد الأوروبي يسعى لتوسيع أعضائه شرقا ويعطي الأولوية لأوكرانيا قبل دول البلقان

a year ago

12

طباعة

مشاركة

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إدخال أعضاء جدد في مجموعته وذلك بعد التقلص الذي ظهر في خريطته بعد انسحاب بريطانيا مطلع فبراير/شباط 2020 والحرب الروسية على أوكرانيا بعدها بعامين والتي تشكل أكبر خطر يهدد الكتلة منذ تأسيسها. 

ففي 28 سبتمبر/أيلول 2023 ناقشت حكومات الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، إجراء بعض التعديلات على عمليات صنع القرار والتمويل بحيث تكون جاهزة لاستقبال أعضاء جدد. 

وبحسب وكالة رويترز البريطانية، أكدت المفوضية الأوروبية في بيان أصدرته 28 من سبتمبر 2023 أنها ستقترح تقديم الأموال وإتاحة الوصول إلى أسواق الاتحاد للدول المرشحة للعضوية بهدف تسريع استعداداتها.

 وقال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع "إن التوسعة ضمن التحديات الرئيسة التي يواجهها الاتحاد وعلينا أن نكون مستعدين للتوسع".

كما أعلن مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، في مؤتمر صحفي أن الاتحاد سيجري إصلاحات داخلية في وقت موازٍ مع استعداد الدول المرشحة للانضمام للالتزام بالمعايير الصعبة المطلوبة للانضمام إلى الكتلة.

وهناك ثلاثة أنواع رئيسة لعضوية الدول في الاتحاد الأوروبي، أولها، العضوية الأصلية وقد منحت للدول الأوروبية التي شاركت في تأسيس الكتلة.

وثانيا، العضوية بالانضمام: تعطى للدول الأوروبية فقط وتمنحهم عضوية كاملة بموجب شروط الانضمام المحددة من قبل الاتحاد الأوروبي.

وثالثا، العضوية بالانتساب: هذه العضوية متاحة للدول الأوروبية والدول غير الأوروبية على حد سواء، ولكنها عادة مصحوبة بحقوق أقل أو التزامات أقل من العضوية الكاملة. تُمنح للدول التي ترغب في التعاون مع الاتحاد الأوروبي بدون الانضمام بشكل كامل.

 وقد يتم تعليق عضوية أي دولة من الدول الأعضاء حال انتهاكها أحكام النظام الأساسي للاتحاد الأوروبي أو عند عدم الامتثال لالتزاماتها المالية. 

كما وضع الاتحاد الأوروبي معايير أكثر استفاضة تشمل مجموعة من القواعد السياسية، والاقتصادية، والقانونية، والجغرافية وتضمن تحقيق التكامل والتوافق بين الدول المرشحة للعضوية وتعرف بـ"معايير كوبنهاغن".

وجاءت هذه التسمية بعد اعتمادها من المجلس الأوروبي عام 1993 بعد قمة عقدت بالعاصمة الدنماركية، ولهذا سميت باسمها. 

وتنص "معايير كوبنهاغن" على أن الدول المرشحة يجب أن يكون لديها مؤسسات تضمن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك حقوق الأقليات، بالإضافة إلى سوق اقتصادي يعمل بشكل جيد، والقدرة على التعامل مع الضغوط التنافسية وقوى السوق داخل الاتحاد الأوروبي.

علاوة على ذلك، على تلك الدول الالتزام بأهداف الاتحاد السياسية والاقتصادية والنقدية.

وهناك ثماني دول تمتلك وضع مرشح رسمي للعضوية في الاتحاد الأوروبي، ومنها: تركيا (المفاوضات معها مجمدة منذ سنوات)، أوكرانيا، مولدوفا، ألبانيا، البوسنة والهرسك، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، وصربيا. بالإضافة إلى ذلك، هناك دولتان محتملتان للعضوية وهما جورجيا وكوسوفو. 

وفي 6 فبراير 2018 نشرت المفوضية الأوروبية خطتها التوسعية، لتغطي ما يصل إلى ست دول من غرب البلقان هي: ألبانيا، البوسنة والهرسك، كوسوفو، الجبل الأسود، مقدونيا الشمالية، وصربيا. 

وتذكر الخطة أن جميع المتقدمين من الدول الست يمكنهم تحقيق الانضمام كأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد عام 2025.

تركيا وأوكرانيا ومولدوفا

وأرسلت تركيا طلبا رسميا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1987، عندما تقدمت إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية.

 وفي عام 1999 قدمت طلبها إلى الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من بدء مفاوضات الانضمام في عام 2005، فقد توقفت لعدة سنوات ولم تحقق أي تقدم يذكر.

 وفي 6 سبتمبر 2023 أكد المفوض المجري أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن "مفاوضات الانضمام متوقفة حاليا ولاستئنافها، هناك معايير واضحة للغاية يجب تحديدها: الديمقراطية وسيادة القانون". 

ورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 16 سبتمبر قائلا إن "الاتحاد الأوروبي يسعى للانفصال عن تركيا". وأفاد بأن بلاده ستجري تقييمها للتطورات، مضيفا "إذا لزم الأمر يمكن أن نفصل طريقنا عن طريقهم".

وبدورها، بدأت أوكرانيا في عام 2008 خطتها للانضمام للاتحاد الأوروبي، وفي 2010 جرى تعليق الخطة بعد انتخاب فيكتور يانوكوفيتش رئيسا للبلاد بدعوى اتباع سياسة عدم الانحياز. 

وفي أسرع وقت لحصول دولة على صفة مرشح مُنحت أوكرانيا رسميا وضع دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي٬ وهو قرار سريع إلى حد غير عادي بالنسبة للكتلة ونهجها البطيء في التوسع، والذي حفزته الحرب في أوكرانيا.

ففي 23 يونيو/حزيران 2022، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على ترشّح أوكرانيا لعضوية الاتحاد. من جهتها، وعلى الفور أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الاتفاق على تقديم 9 مليارات يورو لدعم كييف.  

أما مولدوفا، فقد افتتح الاتحاد الأوروبي لها مكتبا في العاصمة كيشيناو أكتوبر/تشرين الأول 2005، وحصل على وصف بعثة دبلوماسية ويمثل الكتلة رسميا. 

وفي 3 مارس/آذار 2022 تقدمت مولدوفا بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعد أسبوع من بدء الغزو الروسي على أوكرانيا. 

وفي 23 يونيو 2022، وافق زعماء الاتحاد الأوروبي على ترشّح مولدوفا لعضوية الكتلة.

دول البلقان

أما عن ألبانيا، ففي 28 أبريل/نيسان 2009 تقدمت بطلب رسمي للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، ومنذ 23 يونيو 2014 وهي مرشح رسمي للانضمام.

 وفي 25 مارس 2020 قرر مجلس الاتحاد الأوروبي فتح مفاوضات الانضمام مع ألبانيا، وأقرها المجلس الأوروبي بعدها بيوم.

وعن رحلة البوسنة والهرسك، قدمت سراييفو طلبا رسميا في 15 فبراير 2016 للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد سنوات من الإصلاحات الدستورية والالتزام باتفاقية دايتون للسلام. 

في 21 سبتمبر 2016 قرر الاتحاد الأوروبي قبول طلب البوسنة والهرسك، بخصوص الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد.

وفي 16 ديسمبر/كانون الأول 2022 منح رؤساء دول الاتحاد الأوروبي رسميا سراييفو وضع دولة مرشحة للانضمام للتكتل.

وبدورها، تقدمت الجبل الأسود في 15 ديسمبر 2008 رسميًا بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. 

وفي 23 أبريل 2009 دعا الاتحاد مجلس المفوضية الأوروبية لتقديم رأيها بشأن الطلب. وقدمت اللجنة إلى الجبل الأسود في 22 يوليو/تموز 2009 استبيانا لتقييم طلبها. 

في 9 ديسمبر 2009، سلم الجبل الأسود إجاباته على استبيان المفوضية الأوروبية. وفي 17 ديسمبر 2010 منحت الجبل الأسود رسميا وضع المرشح.

أما مقدونيا الشمالية، فقد تقدمت في 22 مارس 2004، طلبها لعضوية الاتحاد الأوروبي. 

وفي 6 سبتمبر 2004، تبنت الحكومة المقدونية إستراتيجية وطنية للتكامل الأوروبي، بدعم من برلمان البلاد من خلال المفوضية الأوروبية للقضايا. 

بدأت الحكومة بعد ذلك إجراءات الرد على استبيان المفوضية الأوروبية بشأن أدائها استعدادًا للعضوية. 

ومنح المجلس الأوروبي رسميا وضع مرشح في 17 ديسمبر 2005، بعد مراجعة وتوصية إيجابية للترشح من قبل المفوضية الأوروبية.

ومن جانبها، تقدمت صربيا رسميا بطلب عضوية الاتحاد الأوروبي بعد القمة التي عقدت في ثيسالونيكي اليونانية في 22 ديسمبر 2009.

وفي 12 أكتوبر 2011 أوصت المفوضية الأوروبية بجعل صربيا مرشحا رسميا. وبعد توصية المجلس في 28 فبراير 2012، حصلت صربيا على وضع المرشح الكامل في 1 مارس 2012. 

ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي على فتح مفاوضات لانضمام صربيا في ديسمبر 2013.

وتعد العلاقات المتوترة مع دولة كوسوفو التي أعلنت استقلالها في 17 فبراير 2008 أكبر عقبة لانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي.

المرشحون القادمون

تعد كوسوفو من المرشحين المحتملين لنيل صفة مرشح للانضمام إلى الكتلة الأوروبية.

وبعد إعلان استقلال كوسوفو عن صربيا بتصويت أعضاء جمعية كوسوفو، لم تعترف بلغراد بالاستقلال، فهي تعد الدولة المذكورة جزءا من أراضيها.

 وبدءا من مايو/أيار 2020، تعترف 22 دولة من أصل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي بجمهورية كوسوفو كدولة مستقلة. 

والدول التي تعرف باستقلالها هي إسبانيا وسلوفاكيا، وقبرص، ورومانيا، واليونان٬ ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى عدم وصفها بدولة والاكتفاء بإطلاق عليها لفظ "كوسوفو" فقط. 

ولم يمنع هذا كوسوفو من الاستمرار في برنامج آلية تتبع الاستقرار (STM) الذي أقره الاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى دمج سياساتها الوطنية بشكل تدريجي فيما يخص المسائل القانونية والاقتصادية والاجتماعية مع الكتلة.

وهدفت كوسوفو من ذلك إلى أن تصبح في مرحلة ما مستقبلا مؤهلة لعضوية الاتحاد الأوروبي.

ويذكر أن الحكومة الكوسوفية، اقترحت على الاتحاد الأوروبي أن يتوسع ليشمل صربيا وكوسوفو في وقت واحد بسبب مخاوف من أنه إذا تم قبول بلغراد أولا، فيمكنها نقض عضوية خصمها. 

ومن جانبها، تقدمت جورجيا في 3 مارس 2022 رسميا بطلب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بعدما طلبت أوكرانيا ضمها بعد الغزو الروسي لأراضيها.

وفي 23 يونيو 2022، رفض الاتحاد الأوروبي منح جورجيا صفة مرشح للانضمام بخلاف ما فعله حيال أوكرانيا ومولدوفا.

ويطالب الاتحاد الأوروبي المسؤولين الجورجيين بإصلاحات على صعيد القضاء والنظام الانتخابي وحرية الصحافة والتصدي الأوليغارشية (المتنفذين في السلطة).

وواجهت الجمهورية السوفيتية السابقة تدخلا مباشرا من موسكو في 2008، حين أرسلت روسيا قواتها دعما لمنطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية، بعدما بدأت فيها تبليسي عملية عسكرية. 

وخلال خمسة أيام، تكبد الجيش الجورجي خسائر كبيرة، وهددت موسكو باحتلال تبليسي.

مستقبل الاتحاد

وبحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، 16 سبتمبر 2023 فإن عددا من زعماء دول غرب البلقان يشعرون بالإحباط من أن أوكرانيا تتجاوز بلدانهم في عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ووفق التقرير، سخر رئيس الوزراء الألباني إيدي راما في القمة التي عقدت بين الاتحاد الأوروبي وقادة دول البلقان من سرعة إجراءات انضمام أوكرانيا. وقال ساخرا" على ما يبدو أن الحرب يمكن أن تسرع العضوية". 

ومزح أيضا مع زعماء آخرين خلال فعالية أُقيمت 23 يونيو 2022 في سلوفينيا، قائلا: "من يجب أن يهاجم من في هذا الفريق للحصول على العضوية بشكل أسرع؟ بلغاريا يمكن أن تهاجم مقدونيا الشمالية بسهولة حتى نتمكن جميعا من الاستعداد للانضمام إلى القطار مع أوكرانيا".

فيما قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش لصحيفة فاينانشال تايمز: "ليس لدي أي شيء ضد الأوكرانيين". 

وقال إن مستوى دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، الذي يمنحها وضع مرشح للاتحاد الأوروبي في غضون عام من طلبها وربما بدء محادثات العضوية في العام المقبل، "يظهر لنا أن مثل هذا الدعم السياسي لم يكن قبل ذلك من أجلنا". 

ويذكر أن كييف تقدمت بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي بعد أقل من أسبوع من اندلاع الحرب في 24 فبراير 2022، وتم إعطاء صفة الترشح في 23 يونيو من نفس العام، بدون النظر والتدقيق في معايير كوبنهاغن للموافقة على النظر في طلب الدولة.

وفي مقال لها بمركز أنقرة لدراسة السياسة والأزمات عن إشكالية عضوية دول البلقان، قالت الباحثة سناء بيرينجي: "يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ على الفور الخطوات اللازمة للاستعداد للتوسع، بدلا من ترك وعود عضويته عقيمة ومخيبة للآمال في المنطقة".  

وبحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية 19 سبتمبر 2023 فقد كلف الاتحاد الأوروبي فريق عمل مؤلف من 12 أكاديميا ومحاميا بإعداد دراسة شاملة حول مستقبل الكتلة.

وأوصى التقرير الذي قدمه خبراء فرنسيون وألمان بأن ينفذ الاتحاد الأوروبي مجموعة من الإصلاحات بحلول عام 2030، بهدف تجهيز المؤسسات الأوروبية للتعامل مع هذه التحديات الجديدة وإتاحة الفرصة لاستقبال أعضاء جدد مثل أوكرانيا.     

وتضمنت الاقتراحات فئات مختلفة من العضوية. على سبيل المثال، جرى اقتراح إنشاء دائرة داخلية تضم البلدان التي تتميز بـ "التكامل العميق" في مناطق مثل منطقة اليورو ومنطقة شنغن.

 بالإضافة إلى ذلك، تشمل الدائرة الثانية الدول الحالية في الاتحاد الأوروبي، في حين تضم الدائرة الثالثة "الأعضاء المنتسبين" الذين يشاركون في السوق الموحدة ويمكن أن تشمل دولا مثل النرويج، وهم يندرجون ضمن المنطقة الاقتصادية الأوروبية ولديهم إمكانية الوصول إلى السوق التجارية.

 وأخيرا، جرى اقتراح إنشاء الدائرة الرابعة كفرصة للدول مثل المملكة المتحدة، حيث يمكن لهذه الدول التعاون السياسي دون الالتزام بقوانين الاتحاد الأوروبي.     

وعن رؤيته لضم دول البلقان قال جاسمين موجانوفيتش، المتخصص في شؤون غرب البلقان، إن "تاريخ انضمام هذه البلدان إلى الاتحاد في عام 2030 غير منطقي، حيث إن الوضع الجيوسياسي موجه نحو أوكرانيا، ولكنه صعب للغاية بالنسبة لبقية البلدان".

وأضاف مويانوفيتش وهو ومؤلف كتاب "أزمة الديمقراطية في البلقان" لصحيفة "فاينانشال تايمز" 16 سبتمبر 2023: "لقد رأينا الاتحاد الأوروبي يخالف كل وعد ويفشل في كل تهديد، ولكن هناك أملا ضئيلا جدا في أي تحسن موثوق به".