مكثوا في العراق.. لماذا لم تنسحب مليشيات "زينبيون وفاطميون" إلى إيران؟
"مصادر عدة أكدت تواجد مليشيات زينبيون وفاطميون على الأراضي العراقية"
مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، انفرط عقد المليشيات الإيرانية التي كانت تدافع عنه منذ اندلاع الثورة عام 2011، بحجة الدفاع عن "المراقد الشيعية المقدسة". فبينما عاد “حزب الله” إلى لبنان، فإن غالبيتها فرّت إلى الأراضي العراقية.
ولم تكن المليشيات العراقية هي التي انسحبت إلى بلاد الرافدين فحسب، وإنما تلك التي تأسست في إيران وصلت هي الأخرى إلى العراق، بالتزامن مع فرار الأسد إلى روسيا في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، وسيطرة فصائل المعارضة على دمشق.
وصول العديد من المليشيات الإيرانية إلى العراق، فتح باب التساؤل واسعا عن ماهية هذه التشكيلات العسكرية وأسباب عدم عودتها إلى إيران، وهل سيجرى توطينها في الداخل العراقي، لا سيما مع غياب أي رواية رسمية عراقية عن مصير الآلاف من هؤلاء المقاتلين.
"تشكيلات إيرانية"
وتركز الحديث خلال الأيام الماضية على مليشيات "زينبيون" الباكستانية، و"فاطميون" الأفغانية، اللذين شكلتهما طهران من شيعة البلدين حيث كانوا يقيمون على أراضيها، وزجت بهم مع مليشيات عراقية ولبنانية للقتال إلى جانب نظام الأسد إبان اندلاع الثورة السورية.
وفي عام 2014، كشفت دراسة أصدرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن أعداد المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا لا تقل عن 35 ألف مقاتل، وينتمي أغلب هؤلاء بالترتيب إلى العراق ولبنان وإيران وأفغانستان.
وأفادت وكالة "بغداد اليوم" العراقية بأن "عناصر من مليشيات زينبيون وفاطميون، يوجدون في محافظة ديالى العراقية المحاذية لإيران، بعد عودتهم من سوريا؛ إذ طلبت طهران من حلفائها في العراق التأني في إرسالهم وإعادتهم إلى بلدانهم".
وأوضح تقرير الوكالة في 22 يناير/ كانون الثاني 2025، أن "هذه المليشيات استقرت في معسكر أشرف بمحافظة ديالى، الذي كانت توجد فيه قوات مجاهدي خلق المعارضة لإيران قبل ترحيلهم من العراق عام 2013".
وعلى الصعيد ذاته، قالت الصحفية الإيرانية المعارضة، تروسكا صادقي عبر منصة "إكس" في 22 يناير، إن "قوات فاطميون وزينبيون دخلت العراق بعد انسحابها من سوريا إثر سقوط نظام الأسد، وتمركزت في معسكر أبي منتظر المحمداوي أو أشرف السابق".
ونقلت صادقي عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة" (لم تسمها)، أن "طهران طلبت منهم (العراق) الصبر في إعادتهم".
بدوره، أكد مصدر سياسي عراقي لـ"الاستقلال"، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن "مليشيات زينبيون وفاطميون، إضافة إلى فصائل أخرى، موجودة في العراق منذ سقوط نظام الأسد، وبالتالي هي توجد بعلم السلطات العراقية التي تلتزم الصمت عنها".
وبحسب المصدر، فإن "هذه المليشيات ذات الجنسيات الباكستانية والأفغانية ستستقر في العراق، لأسباب غير معلومة، وهذا مدعاة للقلق لدى الكثير من السياسيين العراقيين، خصوصا مع تولي دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض؛ كونه معبأ ضد الأذرع الإيرانية وقد يستهدفها".
"استعداد للمواجهة"
لكن المتابع لتصريحات قادة مليشيات شيعية موالية لإيران تجاه سوريا، ربما يفسّر أسباب بقاء مسلحي "زينبيون" و"فاطميون" في العراق، إذ توعدوا بهجوم محتمل لقتال الإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، وذلك بخطاب يحمل تهديدات مباشرة للأخير.
وفي هذه النقطة تحديدا، أكد مصدر عراقي آخر لـ"الاستقلال"، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن "مليشيات عراقية موالية لإيران قد تتدخل في الشأن السوري للعبث في أمنها، لا سيما تلك التي عرفت بقتالها السابق إلى جانب نظام الأسد إبان الثورة السورية عام 2011".
وأوضح المصدر أن "تدخّل المليشيات العراقية قد يكون عبر مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك بترتيب بين حزب العمال الكردستاني وإيران، فثمة علاقات بين الطرفين؛ لأن الأخيرة تدعم مسلحي (بي كاكا) الذين تضعهم تركيا على لوائح الإرهاب".
وفي 22 يناير، خرج أكرم الكعبي زعيم مليشيا النجباء العراقية الموالية لإيران بخطاب تلفزيوني، قال فيه إن "البعض ربما يتصور للوهلة الأولى أن المحور (الإيراني) خسر في سوريا، لكن صبرا قليلا وربما يربح المحور سوريا وغيرها.. ورهاننا على الشعوب الحرة الغيورة".
وبعدها بيوم واحد، توعد القيادي في مليشيا "كتائب الإمام علي" العراقية الموالية لإيران، أيوب الربيعي، المعروف إعلاميا بـ"أبو عزرائيل"، بمواجهة حتمية مع أحمد الشرع، المعروف سابقا باسم “أبو محمد الجولاني”.
ونشر "أبو عزرائيل" مقطع فيديو على منصة "إكس" في 23 يناير، يظهره وسط عناصره، وكتب قائلا: "لا تعطي الرحمة لمن لا يرحم، ولا تعطي الأمان لمن لا أمان له، ولا تعطي العفو لمن يسيء بلا ندم. فإن التساهل مع المجرمين يجعلك فريسة لهم".
ووجه كلامه إلى الشرع قائلا: "الجولاني.. مواجهتك معنا حتمية، لن ولم ننسَ ما تفعله بأهلنا في سوريا يا إرهابي"، حسب تعبيره.
وتشكلت مليشيا “النجباء” بقيادة أكرم الكعبي عام 2013 على يد الحرس الثوري الإيراني، وتحديدا قائد فيلق "القدس" السابق، قاسم سليماني، عام 2011، للقتال في سوريا، وكذلك الحال بالنسبة لـ"كتائب الإمام علي" بزعامة شبل الزيدي، التي تشكلت في 2014.
"منظمات إرهابية"
كل هذه المليشيات المسلحة الموالية لإيران والموجودة على الأراضي العراقية، صنفتها الولايات المتحدة الأميركية على “لائحة الإرهاب”، بعدما ظهرت للمرة الأولى في سوريا للقتال إلى جانب النظام عقب اندلاع الثورة وحتى فرار الأسد إلى روسيا.
وتشكّل “لواء فاطميون” عام 2014 المكون بالكامل من شيعة أفغان، على يد علي رضا توسلي (المعروف بأبو حامد) لقتال المعارضة السورية، وذلك بتمويل وتدريب من الحرس الثوري الإيراني.
وفي مارس/ آذار 2015، أعلنت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية عن مقتل علي رضا توسلي في تل قرين بمحافظة درعا، خلال معارك مع المعارضة السورية.
ويُقدر تعداد اللواء بنحو 3 آلاف مقاتل، مع أن المصادر الإيرانية تدعي أن العدد يصل إلى 14 ألف مقاتل، وهذا ما ادعاه نائب قائد لواء فاطميون، سيد حسن حسيني، المعروف أكثر بـ"سيد حكيم".
وفي 12 مارس 2017، أعلن محمد علي شهيدي محلاتي رئيس مؤسسة “الشهداء وقدامى المحاربين”، أن "المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، أصدر تعليمات بمنح جنسية البلاد للأفغان المقاتلين في صفوف لواء فاطميون التابع للحرس الثوري".
أما "لواء زينبيون"، فهد تشكل عام 2013، ويتكون من شيعة باكستانيين غادروا البلاد لأسباب، قيل إنها "طائفية أو سياسية" وتوجهوا إلى إيران، وتلقوا التعليم الديني في مدن مثل قم ومشهد.
جذب “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري بعض أفراد مجتمع الهزارة الشيعي الباكستاني إلى مليشيا "لواء زينبيون" من خلال تقديم الجنسية الإيرانية وفرص عمل مع رواتب شهرية مغرية، إذ تقدر بعض الإحصائيات أعدادهم بنحو 5 آلاف مقاتل.
وفي 12 أبريل/ نيسان 2024، أعلنت وزارة داخلية باكستان تصنيف “لواء زينبيون”، "منظمة إرهابية"، كونها "منخرطة في أنشطة معينة تضر بالسلام والأمن" في البلاد، وفقا لما ذكر موقع "صوت أميركا".
وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وضعتهم الولايات المتحدة مليشيا "النجباء" على قائمة الإرهاب، مؤكدة أنها تتلقى التسليح والتدريب من فيلق القدس الإيراني، والاستشارة من "حزب الله" اللبناني.
وأضاف الكونغرس الأميركي حينها، أن "النجباء أوفدت مقاتليها إلى سوريا للدفاع عن نظام الأسد، ومن ضمن عملياتها هي محاصرة مدينة حلب (شمالي سوريا) سنة 2016".
وشملت العقوبات الأميركية عام 2018، شبل الزيدي زعيم مليشيا "كتائب الإمام علي"، مع شخصيات أخرى؛ كونهم "يلعبون دورا أساسيا في أنشطة ميليشيا حزب الله اللبناني في العراق"، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية في حينها، أن "شبل الزيدي هو من المنسقين الأساسيين بين حزب الله وفيلق القدس ومؤيديهم في العراق".
المصادر
- نفي من جهة وتأكيد من جهة أخرى.. هل "زينبيون وفاطميون" استقروا بمعسكر اشرف بديالى أم لا؟
- قصة مليشيا "زينبيون" من الأضرحة إلى جبهات القتال
- "تقاتل في سوريا دعما للأسد".. باكستان تعلن "زينبيون" منظمة إرهابية
- عبر العراق.. مجموعات مدعومة إيرانيا تتوجه إلى سوريا لدعم النظام
- المليشيات الشيعية المقاتلة في سوريا
- حركة النجباء
- لواء زينبيون
- لواء فاطميون
- خامنئي يمنح الجنسية الإيرانية للمقاتلين الأفغان في "لواء فاطميون"
- فرض عقوبات أميركية على عناصر رئيسية من حزب الله في العراق
- حركة "النجباء".. أول فصيل شيعي عراقي على لائحة "الإرهاب" الأمريكية