وسط تناحر نخبه وأحزابه.. هل يجري جنوب السودان انتخاباته المنتظرة في 2024؟

10 months ago

12

طباعة

مشاركة

في أغسطس/ آب 2022، مددت الحكومة الانتقالية في جنوب السودان فترة ولايتها حتى فبراير/ شباط 2025، مع التخطيط لإجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2024.

ويثير البعض أسئلة حول احتمالية أن تؤجل الانتخابات مرة أخرى، في ظل صعوبات تعترض جنوب السودان، وقدرة أجهزتها الحكومية على عقد الانتخابات.

وفي تقرير له، أوضح معهد الدراسات الأمنية الإفريقي (ISS)، أن "من شأن هذا التمديد أن يتيح الوقت للتغلب على التحديات التي تواجه تنفيذ اتفاق السلام في البلاد لعام 2018".

وفي الأصل، فإن هذا الاتفاق كان قد حدد إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول 2022، قبل أن تؤجل.

وأصبح جنوب السودان دولة مستقلة عن السودان في 9 يوليو/ تموز عام 2011، في أعقاب الاستفتاء الذي حصل على موافقة بنسبة 98.83 بالمئة من الأصوات، ثم نال عضوية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

تأجيل متكرر

وأفاد المعهد الإفريقي بأنه منذ توقيع الاتفاق المنشط لحل النزاع في جمهورية جنوب السودان في عام 2018، تعرضت كل مرحلة من مراحل الاتفاق للتأجيل.

وأكد أن لهذا التأجيل "عواقب وخيمة على استقرار جنوب السودان وشعبه".

فعلى سبيل المثال، شُكّلت حكومة الوحدة الانتقالية في عام 2020، أي بعد أكثر من ستة أشهر من الموعد المقرر. كما كان من المقرر أن يتم توحيد ونشر 83 ألف جندي في غضون ثمانية أشهر من توقيع اتفاق السلام.

لكن الخلاف حول النسب والتصنيفات ونقص الموارد أدى إلى تخريج أول قوة موحدة مدربة فقط في أغسطس/ آب 2022.

ثم أُعلن عن عمليات النشر الأولى لهذه القوة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسط مشكلات مستمرة.

وشملت هذه المشكلات انعدام ثقة الجمهور في قوات الأمن؛ بسبب عدم تنفيذ عملية نزع السلاح وإعادة الإدماج بشكل سليم، ونقص الموارد والمهارات والكفاءة المهنية بين القوات المدربة.

علاوة على هذا، فإن تنفيذ بنود أخرى في اتفاق السلام شابه بعض القصور، مثل المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، وإدارة الشؤون المالية والموارد، والعدالة الانتقالية.

ويؤكد المعهد أن "الوعي بين الناخبين والأحزاب السياسية يعد أمرا حيويا في أول انتخابات منذ الاستقلال".

وقال المعهد: "عندما مُددت الفترة الانتقالية في عام 2022، فقد تضمنت خارطة طريق لإجراء الانتخابات في ديسمبر/ كانون الأول 2024".

ومع ذلك، لم تُلبّ العديد من المتطلبات، مثل تحسين الأمن، ووضع الأطر الانتخابية، وتعزيز قدرات المؤسسات.

ولم تُتخذ بعض الخطوات الحاسمة لتسهيل تلبية تلك المتطلبات إلا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، بما في ذلك إعادة تشكيل اللجنة الوطنية لمراجعة الدستور، والمفوضية الوطنية للانتخابات، ومجلس الأحزاب السياسية.

شبح العنف

وأشار المعهد الإفريقي إلى أن حل هذه المشكلات يتطلب وقتا، فعلى سبيل المثال، سوف يتطلب وضع الدستور مشاورات مطولة وموارد كبيرة، لحل الخلافات بين النخبة المستقطبة والأحزاب السياسية.

وأفاد بأن "المسؤولية عن الانتخابات تتقاسمها المفوضية الوطنية للانتخابات (المسؤولة عن التثقيف المدني وتثقيف الناخبين) ومجلس الأحزاب السياسية (المكلف بتسجيل وتنظيم أنشطة الأحزاب السياسية).

وشدد على أن "النجاح في توعية الناخبين وتسجيلهم حملات يتطلب توعية بين الناخبين والأحزاب السياسية".

وأوضح أن "هذا أمر حيوي بالنسبة لدولة تجري أول انتخابات لها منذ الاستقلال، وسيكون له آثار كبيرة على سلامة ونتائج الانتخابات".

كما تعد توعية المجتمعات المحلية والموالين للأحزاب أمرا ضروريا أيضا لقبول نتائج التصويت، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى منع أعمال العنف بعد الانتخابات.

ومع انتقال جنوب السودان من الحرب الأهلية إلى السلام والديمقراطية، فإن تطوير الفهم المدني للإجراءات والحقوق والمسؤوليات الانتخابية أمر ضروري لإجراء انتخابات سلمية.

ويرى المعهد أن "بدون ذلك، قد تتصاعد الخلافات إلى أعمال عنف، في وقت تحاول فيه النخب السيطرة على الخطاب والتلاعب بالطوائف المجتمعية".

وذكر المعهد سببا آخر يعرقل عقد الانتخابات وهو عدم إجراء التعداد السكاني؛ بسبب ضعف الأمن والبنية التحتية، رغم أن هذا التعداد شرط أساسي للانتخابات.

علاوة على ذلك، فإن الأجهزة الأمنية والقضائية ضرورية لضمان إجراء انتخابات سلمية، ولوضع آليات عادلة لحل النزاعات إذا لزم الأمر.

متنازع عليها

وانطلاقا من كل هذه العوامل، يرجح معهد الدراسات الأمنية الإفريقي أن تجري انتخابات متنازع عليها أو أن تؤجل مرة أخرى، الأمر الذي قد يقضي على المكاسب التي تحققت حتى الآن، ويحفز عودة الصراع.

ورأى المعهد أن جائحة كورونا كان لها تأثير سلبي أيضا، حيث تزامنت الآثار متعددة الأوجه للجائحة مع بداية المرحلة الانتقالية في جنوب السودان.

ونتيجة لذلك -حسب المعهد- حُوِّلت الموارد الدولية والإقليمية بعيدا عن توفير الرقابة الفعالة على تنفيذ اتفاق السلام.

من ذلك أن الاتحاد الإفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية (IGAD)، اللتين توسطتا في اتفاق السلام، واجها قيودا على وقتهما وقدراتهما ومواردهما.

أضف إلى ذلك أن حرب تيغراي في إثيوبيا والأزمة في السودان حولتا انتباههما بعيدا عن مراقبة تنفيذ اتفاق جنوب السودان، وعن ضمان تحديد المآزق وحلها في الوقت المناسب.

وأفاد المعهد بأن "لجنة المراقبة والتقييم المشتركة المعاد تشكيلها كُلِّفت بتقديم تقرير إلى الجهات الضامنة (الاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد") بشأن عدم الامتثال للاتفاق".

وأوضح أنه "يجب الإبلاغ عن الانتهاكات والقضايا إلى رئيس الهيئة الحكومية للتنمية، لاتخاذ قرار بشأن الإجراءات التصحيحية.

وختم بالقول: "لكن الهيئة الحكومية للتنمية متلكئة في تعبئة الوسائل والموارد اللازمة لتوفير المناخ اللازم لانتخابات ديسمبر/كانون الأول 2024".