"تركيا وراء غياب نتنياهو عن قمة غزة".. كاتب مقرب من أردوغان يكشف الحقيقة

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

ادعت وسائل إعلام دولية في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يقف وراء إلغاء مشاركة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في قمة شرم الشيخ للسلام بشأن غزة في مصر.

وفي السياق، نشرت صحيفة “حرييت” التركية مقالا للكاتب "عبد القدير سيلفي"، المقرب من أردوغان، ذكر فيه أنّ قمة شرم الشيخ تحوّلت إلى ساحة اختبار حقيقي للدبلوماسية التركية، وذلك بعد أن تفجّرت أزمة غير متوقعة إثر دعوة نتنياهو إلى المشاركة في القمة. 

فالأزمة كادت أن تتسبب في انسحاب تركيا وعدة دول أخرى، لولا التحرك السريع والحازم من الرئيس أردوغان الذي أعاد رسم مسار الحدث بدقة سياسية لافتة. بحسب ادعاء الكاتب.

دعوة مفاجئة

فبينما كانت طائرة الرئيس أردوغان في طريقها إلى شرم الشيخ، وردت معلومات مؤكدة بأن نتنياهو تلقى دعوة رسمية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وهذا الخبر أشعل توترا داخل الطائرة الرئاسية التركية؛ إذ رأى بعض المسؤولين أن مشاركة “جزّار غزة” تُفقد القمة معناها الإنساني والسياسي، لذلك فقد ارتفعت أصوات تطالب بعدم السماح بظهور أردوغان ونتنياهو في مشهد واحد.

عقب تأكيد المعلومة اتخذ أردوغان موقفا حاسما، وأصدر تعليمات مباشرة لوزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن بالتحرك الفوري.

 وقال أردوغان بوضوح: “يجب منع نتنياهو من الحضور. إذا لزم الأمر فسأتحدث بنفسي مع رؤساء الدول”.

وهكذا بدأت سلسلة اتصالات دبلوماسية مكثفة مع عواصم عدة، أبرزها قطر، والعراق، وباكستان، وإندونيسيا، التي أبدت دعما كاملا للموقف التركي، فيما أُرسل إلى واشنطن تحذير مباشر مفاده: “إذا حضر نتنياهو، لن نحضر نحن.”

وفي خضم هذه التحركات، كانت طائرة أردوغان تقترب من مطار شرم الشيخ عند الساعة 12:44 ظهرا. لكن فجأة، وبينما كانت على وشك الهبوط، عادت للتحليق مجددا.

وقد فسّر الوفد الصحفي المرافق الموقف بأنه عودة إلى تركيا احتجاجا على دعوة نتنياهو، فيما أعلن الجانب الرسمي لاحقا أن السبب “تقني”، فقد كان ناتجا عن وجود طائرة أخرى على المدرج. 

ومع ذلك، أصبحت هذه اللحظة رمزا للتوتر السياسي الذي بلغ ذروته في تلك الدقائق.

انتصار دبلوماسي

وأردف الكاتب: بينما كانت الطائرة التركية تلمس مدرج مطار شرم الشيخ عند الساعة 13:06، صدر بيان رسمي من مكتب نتنياهو يعلن عدم مشاركته في القمة. 

وبهذا الإعلان أنهت أنقرة الأزمة بانتصار دبلوماسي واضح، بعد أن نجحت في إفشال خطة ترامب لإضفاء شرعية على نتنياهو في الساحة الدولية.

ويصف مراقبون هذه الخطوة بأنها “الـ One Minute الثانية” في مسيرة أردوغان، بعد موقفه الشهير في منتدى دافوس عام 2009.

وأفادت مصادر تركية بأن وفد أردوغان أعدّ خطة بديلة على متن الطائرة تنص على أنه في حال إصرار الجانب الأميركي على حضور نتنياهو، فسيتم الانسحاب الفوري من القمة والعودة إلى أنقرة. 

كما تم الاتفاق على تأجيل التوجه إلى موقع القمة بعد الهبوط، وذلك لإتاحة مزيد من الوقت للضغط الدبلوماسي.

وهذه الخطوات الجادة دفعت واشنطن إلى التحرك السريع لتجنب مقاطعة محتملة من عدة دول، والتي كانت ستحول القمة التاريخية إلى فشل ذريع.

وأشار الكاتب التركي إلى أنه هذه الأزمة برهنت أن تركيا أصبحت لاعبا لا يمكن تجاوزه في أي ملف إقليمي حساس؛ فقد تمكنت من حشد دعم عربي وإسلامي واسع خلف موقفها، وأثبتت أن أنقرة قادرة على حماية مواقفها الأخلاقية دون خسارة وزنها السياسي.

وعزز هذا الانتصار صورة أردوغان كزعيم مؤثر يمتلك القدرة على تغيير مجرى الأحداث الدولية من الجو قبل أن تهبط طائرته إلى الأرض. 

فعقب انتهاء القمة، وجّه ترامب رسالة ودية إلى أردوغان قال فيها: “لنبقَ على اتصال دائم، ولا نهمل دبلوماسية الهاتف.”

ويرى مراقبون أن ترامب بات ينظر إلى أردوغان كزعيم قوي وفعّال، قادر على التأثير في الملفات الحساسة، خصوصاً بعد نجاح تركيا في دفع الجهود نحو وقف إطلاق النار في غزة.

وهكذا أظهرت الأزمة مدى قدرة أنقرة على التأثير في الميدان الدبلوماسي الإقليمي، ليس فقط عبر مواقفها الأخلاقية من الحرب على غزة، بل أيضاً بقدرتها على تشكيل تحالفات آنية مؤثرة مع دول مسلمة رئيسية مثل قطر وباكستان وإندونيسيا. 

وقد أدركت واشنطن أن تجاوز أنقرة في أي ملف إقليمي حساس لم يعد ممكناً.

التحديات لا تزال قائمة

ولفت الكاتب التركي النظر إلى أنه رغم الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار، فإن التحديات لا تزال قائمة. 

وأكد على أن المرحلة المقبلة تتطلب التركيز على ثلاثة محاور أساسية: الأمن، المساعدات الإنسانية، وإعادة الإعمار.

وأشار إلى ضرورة الحذر من احتمال شن إسرائيل هجوماً جديداً، مؤكداً أن الاتفاق الحالي لا يمثل سلاماً دائماً.

وفيما يتعلق بإمكانية مشاركة قوات تركية في غزة، أوضحت مصادر رسمية أن الحديث لا يدور حول “قوة مهام” بل عن “قوة استقرار” تحت مظلة الأمم المتحدة. 

حيث تُجرى حالياً مشاورات لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحدد مهام هذه القوة، بهدف منع تقسيم غزة وضمان عدم تكرار العدوان الإسرائيلي.

وفي الجانب الفلسطيني، بدأت جولة جديدة من المفاوضات في فرنسا. 

حيث أعلنت حركة حماس استعدادها لتسليم إدارة غزة إلى حكومة تكنوقراط، لكنها ربطت نزع سلاحها بتحقيق حل الدولتين، مؤكدة أن تجريدها من السلاح دون ضمان سياسي سيكون بمثابة استسلام لإسرائيل.

وختم الكاتب مقاله قائلا: أثبتت أزمة شرم الشيخ أن الدبلوماسية التركية تمتلك القدرة على فرض “فيتو أخلاقي”، في مواجهة محاولات التطبيع مع إسرائيل وسط العدوان على غزة. 

فتحرك أردوغان السريع حمى القمة من الانهيار، وأعاد لتركيا مكانتها كقوة إقليمية قادرة على قيادة الموقف الإسلامي والدفاع عن العدالة السياسية والإنسانية في المنطقة.

فلقد كانت تلك اللحظات فوق سماء شرم الشيخ دراما سياسية مكتملة الأركان، جسّدت كيف يمكن لزعيم أن يغيّر مسار قمة بأكملها بقرار واحد، لتكتب الدبلوماسية التركية فصلاً جديداً من فصول “one minute” في التاريخ.