ترامب وإعادة احتلال قاعدة "باغرام" الأفغانية.. الاحتمالات والعقبات

"من المبالغة توقع أن تقدم طالبان تنازلات بشأن باغرام"
وسط التوترات المتصاعدة بين واشنطن وكابل، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلا جديدا بإعلانه أن بلاده تسعى لاستعادة قاعدة باغرام الجوية، وهو ما سلّط الضوء عليه تقرير نشرته صحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية.
وحسب التقرير، فإن التصريح الذي جاء خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أعاد تسليط الضوء على الصراع الجيوسياسي في آسيا الوسطى.
وأشار إلى أن محللين يرون أن عودة أي قوات أجنبية إلى الأراضي الأفغانية تبدو شبه مستحيلة، لما تحمله من مخاطر على شرعية طالبان وعلاقاتها مع الصين وروسيا.

احتمالية مستحيلة
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن واشنطن تحاول استعادة قاعدة باغرام الجوية، الواقعة قرب العاصمة الأفغانية كابل، والخاضعة حاليا لسيطرة حكومة طالبان.
وجاءت تصريحاته خلال مؤتمر صحفي في المملكة المتحدة إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، حيث قال: "لقد سلمناها مجانا. وفي الحقيقة، نحن نحاول استعادتها".
وحسب ما أورده تقرير لصحيفة "إي ريفرانسيا" البرتغالية، تعد باغرام القاعدة العسكرية الأميركية الأبرز في أفغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، لما لها من موقع إستراتيجي في آسيا الوسطى.
وفي ظل هذه التصريحات، سلطت الصحيفة الضوء على احتمالية عودة قوات أجنبية إلى أفغانستان، وترى أن حدوث هذا الأمر "شبه مستحيل".
وفي ذات السياق، أكد سهيل شاهين السفير المعين من حكومة طالبان لدى الأمم المتحدة، أن كابل تسعى لعلاقات ودية مع واشنطن. لكنه حذر قائلا: إن "أي طموح جشع يجب أن يأخذ تاريخ أفغانستان في الحسبان".
كما شدد خبراء مجموعة الأزمات الدولية (Crisis Group) على أن "فرص أي وجود عسكري أجنبي في أفغانستان تكاد تكون معدومة".
ويتفق مع هذا الرأي منصور أحمد خان، السفير الباكستاني السابق في كابل، مشيرا إلى أن "قبول طالبان بوجود قوات أميركية في قاعدة باغرام أو أي مكان آخر، سيقوض مشروعية قتالهم ضد القوات الأجنبية. وحينها، سيكون من المستحيل تبرير قتالهم ضد هذه القوات".
وتلفت الصحيفة البرتغالية إلى أن "قاعدة باغرام التي بناها الاتحاد السوفيتي ووسعتها الولايات المتحدة، تعد نقطة إستراتيجية حساسة، لكنها تمثل أيضا خطرا سياسيا على طالبان".
ولذا، شدد المحلل الأفغاني المقيم في المملكة المتحدة أحمد وليد كاكار على أن "سماح حركة طالبان بوجود قوات أميركية سيقوض شرعيتها كقوة وطنية ودينية".

عقبات جيوسياسية
من جانب آخر، لفت التقرير كذلك إلى وجود عقبات جيوسياسية أمام استعادة القوات الأميركية للقاعدة الجوية المهمة.
حيث أوضح التقرير أن روسيا كانت الدولة الوحيدة التي اعترفت بحكومة طالبان رسميا منذ عودتها إلى سدة الحكم عام 2021، فيما كانت الصين أول مَن قَبِل سفيرا للحركة لديها.
وفي ضوء ذلك، يرى خبراء أن استعادة واشنطن لقاعدة باغرام الجوية قد تضعف علاقات طالبان الدبلوماسية مع بكين وموسكو.
ولذا، يرى المستشار السياسي نور أحمد أن "التنازل عن باغرام أمر مستحيل".
وأشار التقرير البرتغالي إلى أن ترامب صرح سابقا بأن قلقه لا يقتصر على أفغانستان فحسب، بل يتعلق بشكل عام بتمدد النفوذ الصيني في المنطقة.
وحسب رأي محللين، يهدف الضغط الأميركي على ملف "باغرام" إلى موازنة كل من النفوذ الصيني والروسي في منطقة آسيا الوسطى.
وخلصت "إي ريفرانسيا" إلى أنه "من المبالغة توقع أن تقدم طالبان تنازلات بشأن باغرام، خاصة أنها لم تقدم تنازلات حتى الآن في قضايا تتعلق بحقوق الإنسان".