إسرائيل تستعين بطالبي اللجوء الأفارقة.. هكذا تجندهم للقتال بغزة
"هآرتس" تمكنت من جمع شهادة شاب طلب عدم الكشف عن هويته
مقابل الحصول على إقامة دائمة، تعمل إسرائيل على تجنيد طالبي اللجوء الأفارقة في الجيش الغارق بقطاع غزة دون تحقيق أهدافه العسكرية منذ عام.
وتسلط صحيفة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على مسألة التجنيد التي ينفي المسؤولون الإسرائيليون علمهم بها حتى الآن.
ويأتي هذا التطور في وقت وصل عدد قتلى جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر إلى 714، وفق ما أعلن في آخر إحصائية له في 18 سبتمبر/أيلول 2024.
وأكدت صحيفة هآرتس العبرية في 15 سبتمبر تلك الأنباء، كما أفاد بعض المهاجرين أنهم تلقوا عروضا للمشاركة في الحرب مقابل تسوية أوضاعهم القانونية.
وفي الوقت نفسه، تلفت إلى وجود مزاعم حول إمكانية تجنيد أبناء طالبي اللجوء المراهقين الذين يدرسون في المدارس الإسرائيلية.
تفكك إسرائيلي
ووفقا للصحيفة الإسرائيلية، التي تُعرف بخطّها التحريري الناقد للحكومة اليمينية المتطرفة الحالية، فإن "الدولة العبرية تجند طالبي اللجوء الأفارقة للمشاركة في الجهد الحربي في غزة".
وتذكر جون أفريك أنه "منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 انتقل جزء كبير من السكان الإسرائيليين أو مزدوجي الجنسية إلى الجبهة".
وهنا، تقول إن "هذا التجنيد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد وسير العمل الطبيعي في البلاد، التي تعاني من أزمة سياسية ومؤسسية غير مسبوقة، بالإضافة إلى حالة الحرب المستمرة منذ عام".
وفي هذا السياق المتفجر، توضح أن “طالبي اللجوء، ومعظمهم من إريتريا والسودان، تطوعوا للمساهمة في سد نقص اليد العاملة وتحسين أوضاعهم”.
وتؤكد "هآرتس" كذلك أن "بعضهم ذهبوا إلى حد اقتراح مشاركتهم المباشرة في الجهد الحربي، ضمن مبادرات كانت فردية في البداية"،
وأشارت جون أفريك إلى أن هذه المبادرات “يبدو أنها ألهمت وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي اللذين فكرا في تجنيد طالبي اللجوء مقابل الحصول على وضع الإقامة الدائمة، مستغلين بذلك آمالهم في الاستقرار الدائم في إسرائيل”.
وتحت غطاء من السرية، أوضح مسؤولون إسرائيليون، في أعمدة هآرتس أن "هذا المشروع يُدار من قبل مستشارين قانونيين في الوزارة "لكن خارج أي إطار أخلاقي وفي سرية تامة".
وعند سؤالهم من قبل "جون أفريك"، أكد مصدران، أحدهما من الدبلوماسية الإسرائيلية والآخر من حزب الليكود الحاكم، أنهما لم يسمعا من قبل عن مثل هذه المعلومات، ووصفاها بأنها "غريبة" على أقل تقدير.
إقامة غير مجانية
ومع ذلك، تلفت النظر إلى أن صحيفة "هآرتس" تمكنت من جمع شهادة شاب طلب عدم الكشف عن هويته إلا بالحرف الأول من اسمه "أ".
ووفق ما ورد، فإن هذا الشاب وصل إلى إسرائيل في سن 16 واستقر فيها لعدة سنوات، وهو يحمل تصريح إقامة مؤقتة يجب تجديده بشكل دوري.
وقبل بداية العدوان على غزة بوقت طويل، فكر هذا الشاب في الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي على أمل تسهيل وتعزيز "اندماجه".
وبعد شهر من بدء الهجمات الانتقامية ضد الفلسطينيين، تلقى الشاب مكالمة هاتفية من شخص يدعي أنه "ضابط شرطة"، يدعوه للقاء في أقرب وقت ممكن في "مركز مخصص لقوات الأمن"، دون تقديم مزيد من التوضيحات.
وتكمل الصحيفة قائلة إن "الشاب ذهب إلى الموعد ليجد نفسه أمام أشخاص مرتبطين بأمن الدولة".
وتوضح "هآرتس" أنهم قالوا له إنهم "يبحثون عن أفراد معينين للانخراط بالجيش"، مشددين على أن "هذه الحرب مسألة حياة أو موت بالنسبة لإسرائيل".
وتتابع الصحيفة: "ثم التقى الشاب بهؤلاء الأشخاص عدة مرات لإجراء مقابلات ومناقشة تفاصيل تجنيده في الجيش الإسرائيلي".
ووفقا لما قاله، فإن هؤلاء الأشخاص، الذين يرتبطون بأمن الدولة العبرية، عرضوا عليه بوضوح الحصول على وضع إقامة دائمة وكل الوثائق اللازمة للاستقرار النهائي في إسرائيل.
وذلك بالإضافة إلى 240 يورو لتعويضه عن أيام العمل التي فاتته بسبب هذه اللقاءات السرية.
ولكن بحسب السرد الذي نقلته "جون أفريك" عن الصحيفة الإسرائيلية، فقد رفض "أ" العرض في النهاية.
تجنيد الأطفال
وبخلاف هذا الشاب، تقول "هآرتس"، إن "عدة طالبي لجوء قبلوا هذا العرض وشاركوا في عمليات عسكرية في قطاع غزة".
ورغم ذلك، تلفت إلى أنه "حتى الآن، لم يحصل أي طالب لجوء أسهم في الجهد الحربي على وثائق إقامة".
وذكرت أن "وزارة الداخلية درست حتى إمكانية تجنيد أطفال طالبي اللجوء الذين يدرسون في المدارس والمؤسسات التعليمية العليا في إسرائيل".
جدير بالإشارة هنا إلى أن حوالي 30 ألف مهاجر، غالبيتهم من إريتريا والسودان ويقدمون أنفسهم كلاجئين من الحروب، استقروا في إسرائيل بين عامي 2007 و2012.
وتوضح الصحيفة الفرنسية أن ذلك حدث قبل أن تبني الدولة العبرية حاجزا على طول حدودها مع مصر.
وبعد عدة سنوات من الجمود، في أبريل/ نيسان 2023، أوضح وزير الداخلية الحالي، موشيه أربيل، أنه يرى أن "إقناع المهاجرين بالمغادرة كان حلا جيدا".
وخلال اجتماع وزاري عُقد قبل هذه التصريحات بأيام، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن "المهاجرين القادمين من القارة الإفريقية يشكلون تهديدا حقيقيا لطبيعة ومستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية".