حالة إرباك.. معهد عبري يرصد مخاوف إسرائيل من “حرب شاملة” مع حزب الله

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

مخاوف إسرائيلية من الأضرار المحتملة على الجبهة الداخلية ومدى صمود المستوطنين في حال نشوب حرب شاملة مع "حزب الله" اللبناني في الساحة الشمالية.

وحذر معهد "دراسات الأمن القومي" العبري من "الأضرار الجسيمة والكثيرة المتوقعة التي قد تلحق بالبنية التحتية المدنية، والمجتمع واستمراريته الوظيفية، وبالتالي على صمود المجتمع وإمكانيات تعافيه من الحرب".

وركز المعهد كذلك على احتمالية مشاركة جهات أخرى من "جبهة المقاومة" بقيادة إيران، مما يزيد من تعقيد النزاع، وفصل في القدرات الهجومية لحزب الله.

وحلل أيضا، التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، التي ستواجهها إسرائيل وجبهتها الداخلية جراء الحرب حال نشوبها، داعيا إلى النظر بـ"عناية شديدة في المخاطر الكامنة في مثل هذه الحرب، خاصة مع استمرار (العدوان) على قطاع غزة".  

تهديد متصاعد 

وأكد المعهد على "انتشار حالة من القلق في الخطاب العام الإسرائيلي من احتمال نشوب حرب شاملة مع حزب الله، إذ من المرجح أن تصبح هذه الحرب متعددة الساحات، بمشاركة جميع عناصر جبهة المقاومة".

وأشار إلى أن تحليل تأثير الحرب المتوقعة، يعتمد إلى حد كبير على خصائصها، ومن هو الطرف الذي سيبدأها أو يسببها، وإلى متى ستستمر، وما هي حدودها الإقليمية، وما هي الأضرار التي ستلحقها بالسكان المدنيين، وما هدفها الإستراتيجي من وجهة النظر الإسرائيلية، وما هي إنجازاتها المتوقعة.

مع التشديد على أنه "من المتوقع أن تكون الحرب لإزالة التهديد الذي يمثله حزب الله طويلة، وستكون لها عواقب وخيمة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية".

وأردف المعهد: "حزب الله الذي يشن هجوما متواصلا ضد إسرائيل منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعد جبهته ذات كثافة متفاوتة ولا تزال محدودة النطاق، ولكن الاتجاه للتصعيد واضح فيها، وإن كان ذلك مع تجنب متعمد من قبل الجانبين لتحركات قد تؤدي إلى حرب شاملة".

وفي الآونة الأخيرة، أوضح المعهد العبري أن "الاشتباكات اتخذت منحى متصاعدا متبادلا إثر اغتيال المسؤول الكبير في حزب الله (أبو طالب) في 12 يونيو/ حزيران 2024، حيث رد التنظيم بإطلاق وابل من الصواريخ على نطاق غير مسبوق".

وشمل القصف إطلاق مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار على أهداف -عسكرية بشكل رئيس- في الشمال.

وترافقت هذه التطورات "مع ظهور دعوات في الخطاب العام الإسرائيلي للشروع في تحركات واسعة النطاق ضد حزب الله، بهدف إزالة التهديد من الشمال، والسماح بعودة أكثر من 60 ألف شخص تم إجلاؤهم من مجتمعاتهم".

وتابع المعهد: "في 4 يونيو 2024، أعلن رئيس الأركان هرتسي هليفي أنهم يقتربون من النقطة التي يجب فيها اتخاذ قرار، وأن الجيش مستعد وجاهز لهذا القرار".

وبحسبه، فقد "أطلق حزب الله أكثر من 5000 قطعة سلاح مختلفة، معظمها من لبنان، على أهداف مدنية وعسكرية في إسرائيل، وأدى ذلك إلى مقتل 29 مدنيا وعسكريا وأضرار جسيمة".

مشاعر اليأس

ونقل المعهد مشاعر اليأس التي تسللت إلى الإسرائيليين، حيث "يتزايد الشعور بالإحباط بشأن مستقبل الحدود الشمالية، وعدم جدوى الاستقرار في الـ28 بلدة التي تم إجلاؤها، أو مدينة كريات شمونة، التي يتساءل سكانها متى وبأي ظروف يمكنهم العودة إلى منازلهم".

وعد المعهد أن "حزب الله، بصفته رأس حربة (محور المقاومة) الذي تقوده إيران، منذ حرب لبنان الثانية (2006)، أصبح التهديد العسكري الرئيس لإسرائيل، نظرا لتعزيزه العسكري الكبير بمساعدة إيران".

ورصد المعهد الترسانة العسكرية الرئيسة في يد حزب الله، إذ يمتلك ما لا يقل عن 150 ألف صاروخ وقذائف صاروخية وأسلحة إحصائية أخرى، بالإضافة إلى مئات عديدة من الصواريخ الموجهة الدقيقة، المتوسطة والطويلة المدى، التي تغطي المنطقة المأهولة بالسكان في إسرائيل.

وأردف: "ويكمن الضرر الرئيس المحتمل لهذا المخزون في الصواريخ الدقيقة، والتي تشمل صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية، والصواريخ الدقيقة قصيرة المدى المضادة للدبابات، والصواريخ الساحلية المتقدمة وآلاف الطائرات بدون طيار الأخرى".

وأضاف: "هذا إلى جانب المصفوفات السيبرانية المتقدمة، القادرة على التسبب في القتل الجماعي والأضرار المدمرة للأهداف المدنية والعسكرية، بما في ذلك البنية التحتية الوطنية الحيوية".

ويرى المعهد أن "خطر حزب الله أشد بمراحل من خطر حركة حماس، إذ إن الموارد العسكرية لحزب الله أكبر -كما ونوعا- بعشرات أضعاف القدرات العسكرية لحماس قبل اندلاع الحرب".

وأكمل: "تتمثل الأهمية الإستراتيجية للحزب في كونه يمتلك البنية التحتية والقدرات العسكرية اللازمة لشن حرب طويلة جدا، ربما لعدة أشهر، وإلحاق أضرار جسيمة بإسرائيل".

خسائر باهظة

وحلل المعهد أداء الجيش في حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله "وجبهة المقاومة"، حيث رأى أن "مثل هذه المعركة ستكبد إسرائيل خسائر باهظة على المستويين العسكري والمدني".

وتابع موضحا: "ففي حال حرب واسعة النطاق ضد حزب الله، سيتعين على أنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش أن تتعامل مع مرور الوقت -وخاصة في الأسابيع الأولى من الحرب- مع وابل من الأسلحة يصل إلى آلاف الأسلحة يوميا، ولن يكون من الممكن اعتراضها كلها".

وأردف: "هذه الهجمات، بما في ذلك من جبهات أخرى، مثل إيران والعراق وسوريا واليمن، يمكن أن تسبب تشبع طبقات الدفاع الجوي الإسرائيلية، وبالتالي تجاوزها واختراقها، وربما حتى نقص وسائل الاعتراض".

وتنبأ المعهد بأن "إسرائيل سيسودها حالة من الإرباك في التعامل مع هذا التهديد العسكري والمدني، فهي لا تمتلك الخبرة للتعامل مع هذا السيناريو، حيث سيكون مطلوبا من الجيش تحديد الأولويات، سواء بين ساحات القتال المختلفة، أو فيما يتعلق بتوزيع الموارد للدفاع الفعال عن الجبهة الداخلية".

وأضاف: "من المتوقع أن تعمل القوات الجوية كأولوية أولى لحماية الأصول العسكرية الأساسية، وكأولوية ثانية لحماية البنى التحتية الأساسية، وكأولوية ثالثة فقط لحماية الأهداف المدنية، التي يتم فيها ضبط سلوك الجمهور، حيث سيكون للتصرف العام من المواطنين تجاه إنذارات قيادة الجبهة الداخلية، والالتزام بإجراءات الحماية السلبية (مثل الاتجاه للملاجئ بأنواعها) أهمية كبيرة، والتي تعد موردا نادرا".

وحذر المعهد من استهداف البنية التحتية الحيوية، إذ عدها ذات أهمية كبيرة لضمان الاستمرارية الوظيفية المطلوبة لكل من القطاعين المدني والعسكري في حالات الطوارئ، وتتضمن هذه الأنظمة الحساسة شبكات الكهرباء والاتصالات وأنظمة النقل البري والبحري والجوي وسلاسل الإمداد من خارج وداخل البلاد. 

ووفقا له فإن حالة شلل قد تصيب إسرائيل إذا تضررت تلك البنية، حيث "قد يتسبب الضرر المحتمل في إمدادات الكهرباء في تعطيل منشآت الإنتاج، والنقل والتوزيع، وأيضا في تهديد منصات إنتاج الغاز".

وأكمل: "فالمخاطر الكامنة في حرب متعددة الجبهات، خاصة إذا حدثت بالتزامن مع استمرار الحرب في قطاع غزة، تنطوي على تحديات كبيرة للبنى التحتية الحيوية والمدنيين، إلى جانب العقبات المستمرة أمام التعافي من أضرار الحرب، الجسدية والعقلية".

واستحضر المعهد حالة "الصدمة الجماعية المستمرة لدى معظم الشعب، والتي تضر بشدة بقدرة إسرائيل على الصمود".

ويتجلى هذا الوضع في تقلص مؤشرات الصمود، كما تظهره استطلاعات الرأي العام التي أجراها المعهد واستطلاعات أخرى، حيث تشير إلى “تراجع كبير في صمود المجتمع الإسرائيلي مقارنة بالأشهر الأولى من الحرب”.

ويظهر ذلك، بحسب المعهد، في انخفاض واضح في مستوى التضامن والثقة في مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش، وفي مستوى التفاؤل والأمل لدى غالبية الجمهور.

واعترف المعهد بنجاح المقاومة الفلسطينية في تفتيت وإنهاك إسرائيل، حيث بات هناك  شك في مدى استعداد المجتمع () لحرب صعبة وطويلة الأمد أيضا في الشمال".