سياسي سوري: هناك فرصة لمنع مشاريع التقسيم وإسرائيل في خطر وجودي (خاص)

مصعب المجبل | منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

أكد الناشط السياسي والحقوقي السوري محمد منير الفقير أن القيادة الحالية تكاد تفقد المكتسبات والدعم الخارجي الذي حقَّقته خلال الأشهر الثمانية الماضية؛ نتيجة بعض المعالجات الأمنية الداخلية.

ورأى الفقير في حوار مع “الاستقلال” أن الحكومة السورية ينبغي عليها تفعيل الحوار الوطني بشكل مستمر، وأيضا تفعيل دور المجتمع المدني وتشجيعهم على المبادرة الإيجابية في المشاريع الحكومية.

وشدد على أن السوريين ما يزالون قادرين على إفشال مشاريع التقسيم وتفويت الفرصة على الراغبين بذلك داخليا ومن الخارج.

ومحمد منير الفقير، ناشط سياسي وحقوقي ومعتقل سابق في سجون نظام الأسد البائد، وهو مؤسس ومنسق في رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا.

سوريا متعبة

بعد مرور 8 أشهر على سقوط نظام الأسد البائد كيف تبدو سوريا الجديدة كما تراها؟

سوريا اليوم متعبة ومنهكة ومدمرة, وعندما تجوب البلاد من الحدود للحدود لا تجد شيئا واقفا على قدميه؛ حيث إن العمران سيئ والسكان منهكون معيشيا, ومدنا كاملة مدمرة، علاوة على ملاحظة غياب الدولة خارج المدن الكبرى.

كثير من المناطق تعتمد على قدرة الأهالي على إدارة شؤونها ومصالحهم, ويقومون بتأمين وحماية المناطق بأنفسهم.

هناك حيز واسع من الأمان المجتمعي الذي يجتهد السكان لخلقه راهنا في البلاد، لكن هذا ليس كل شيء في ظل صعوبة الظروف الحالية. 

كيف تقيمون أداء القيادة السورية الجديدة في إدارة البلاد؟

الإدارة الجديدة نجحت داخليا في نقل البلاد من حالة انفجار وفوضى محتملة إلى إمساك بالدولة ومنعها من الانهيار بحده الأدنى.

سوريا بحاجة إلى تكاتف وتعاون من الجميع؛ حيث لا تستطيع مجموعة واحدة -وهي التي تقود البلاد اليوم- أن يحملوا وحدهم أعباء البلد مع وجود دمار هائل جراء آثار الحرب.

يجب أن يكون هناك انفتاح من السلطة الحالية لضم الخبرات والكوادر بلا تحفظ في البناء وإعادة الإعمار.

في مجالات الأمن والجيش هناك تأييد لتقييد توسيع المشاركة في انخراط قطاعات معينة داخلهما بهذه المرحلة.

على مستوى بناء الدولة وسياسات الانخراط الاجتماعي يجب أن يكون هناك دور للمجتمع المدني في بناء الدولة بشكل كامل، وأن يكون هناك دور فاعل للامركزية في إدارة الدولة بالتنسيق مع المركز. 

علاوة على أن تكون هناك مساهمة للناس في صنع القرار في المركز وانخراطهم في مؤسسات الدولة.

هناك مشاكل تتعلق بإدارة مؤسسات الدولة بشكل محوكم وقانوني وأن تكون سيادة القانون هي السارية، وجعل مؤسسات الدولة تعمل وفق القانون والتأكد من مدى ارتباطها ببعضها وغياب المحسوبية.

وأن لا تكون هناك تعيينات ارتجالية، وأن يكون هناك آلية محوكمة للتعيين وليس بالاعتماد على العلاقات، وهذه مشكلة ما تزال قائمة.

إن عدم تطبيق أنظمة وتشريعات وقوانين يفتح الباب أمام المحسوبيات وتسهيل منافع لقطاع دون قطاع.

الفساد الإداري يأخذ في نهاية المطاف لفساد مالي؛ وهذا كله نتيجة عدم تطبيق الحوكمة والآليات القانونية رغم أنها موجودة وتحتاج فقط لبعض التعديلات.

أداء متفاوت

في الإدارة المحلية.. هل ترى أن أداء المحافظين يتناسب مع حجم الاحتياجات الخدمية والتنموية التي ينادي بها الأهالي؟

هناك أداء متفاوت بين المحافظات، فعلى سبيل المثال محافظة حلب الأداء متقدم نسبيا؛ بسبب وجود عملية إشراف من قبل المجتمعات المحلية.

في دمشق الوضع سيئ والمجتمع المحلي في وادٍ والمحافظة في وادٍ، كما أن المحافظة غريبة عن تلمس واقع المدينة وسكانها واحتياجاتها.

في ريف دمشق المحافظة فاعلة لكن إمكانياتها أقل بكثير من احتياجاتها نتيجة نسبة الدمار العالية الحاصل فيها.

أما في محافظة حمص وسط البلاد فإنَّ الوضع متقدم على دمشق وريفها، لكنها ليس بأحسن حال من حلب بسبب الانقسامات والمشاكل الطائفية الموجودة فيها.

المحافظات متباينة في الأداء؛ حيث يمكن ملاحظة مشاكل في عدم إعطاء المحافظين الصلاحيات والموارد الكافية حتى يكونوا قادرين على النجاح في إدارة المحافظة والتي تنصب على تأمين المحافظة أمنيا وخدمتها ورعايتها الاجتماعية.

هناك محاولات من قبل جهات حكومية لمنازعة المحافظ على إدارة المحافظة، ومن أبرز وجوه ذلك ملاحظة تضخم لدور جهاز أمني خارج سلطة المحافظة، وسحب صلاحيات لصالح وزارة الداخلية.

كذلك يمكن ملاحظة عدم امتلاك المحافظة زمام المبادرة بملف الخدمة المحلية، وتكون أحيانا صلاحيات لوزارة الإدارة المحلية على مستوى المحافظة.

على مستوى المجتمع، فإن الهيئة السياسية في المحافظة أحيانا يكون لها دور اجتماعي أكثر على حساب دور المحافظة.

هناك تفهم من قبل المحافظات على قلة موارد البلد وضعفها في هذه المرحلة والذي ينعكس بشكل كبير على المحافظات.

تهديد المكتسبات

هل تعتقد أن القيادة حققت اختراقات سريعة في إعادة سوريا إلى أروقة المجتمع الدولي؟ وأين تكمن أهمية ذلك في هذه المرحلة؟

على مستوى السياسة الخارجية كانت هناك نجاحات كبيرة ولكن هناك بعض المطبات التي وقعت فيها السياسة الخارجية في إدارة بعض الملفات الداخلية في الساحل والسويداء، سببت خسارة لبعض الإنجازات خلال الفترة الماضية.

ما حدث في السويداء أحدثت خللا في إعادة سوريا إلى المجتمع الدولي؛ لأن نجاح السياسة الخارجية تكمن في إعادتها بشكل فاعل وعملي إلى المجتمع الدولي وصيانة الاستقلال الداخلي.

إلى الآن الأمور صعبة ولا تسير كما يجب، خاصة في ظل عدم إدراك مدى ارتباط التوازن الذي ذكرته بالاستناد إلى المجتمع وتعطي الأولوية للداخل واستقلال القرار وهذا مرتبط بتحقيق تقدم على المستوى الداخلي والخارجي.

وهذا كله مرتبط بفتح مساحات حقيقية وجدية للحوار الوطني المستمر، وتمكين الناس من التعبير عن أنفسهم بشكل أوسع، وتشجيعهم على تنظيم أنفسهم ويكون لهم قدرة على المبادرة الإيجابية. 

حتى بما يتعلق بالمشاريع التي تقام في الداخل من الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية والخدمية وهذا كله مرتبط بمشاركة الناس في إعادة الإعمار.

كل ذلك يجعل من السلطة قوية داخليا، وهذا يمنح إدارة الملف الخارجي بشكل أفضل.

سوريا تواجه تحديات أمنية داخلية وخارجية.. كيف تقيمون المعالجات الحكومية للمناطق المترددة في الانخراط بالدولة السورية؟

في ملف السويداء لم يكن التعامل مع الملف موفقا؛ لأن الدخول على المحافظة بهذا الشكل لفض الاشتباك بين الدروز والبدو ما كان ينبغي أن يكون بشكله التقليدي.

بل كان يجب أن تكون هناك أولويات لشكل التدخل ونمطه وخطته والتي لم تكن مدروسة على المستوى المجتمعي والسياسي والإقليمي، ما سبب نتائج سيئة وعدوان إسرائيلي وحشي بقصف دمشق.

كما أن دخول مقاتلي العشائر على الخط لاحقا في أحداث السويداء فاقم المشكلة.

هناك مشكلة في عدم الاستناد على المجتمعات المحلية والمدنية والأهلية حتى تكون طرفا وسيطا بين الدولة والمجتمع في السويداء, مما أفقد فرصة الحل وأدّى في نهاية المطاف لتدويل قضية السويداء بدلا من جعلها سورية-سورية.

كذلك فإنَّ إدارة أحداث السويداء من الناحية الإعلامية كان فيه مشكلة؛ لأن الكثير من التصريحات الحكومية تعاملت مع السويداء على أنها ليست جزءا من سوريا.

هناك جرائم وانتهاكات ارتكبها الطرفان في السويداء، لكن التوثيق الحقوقي من طرف السويداء كان أكثر احترافية واستطاع أن يضغط من خلالها على الدول وخلق لوبي لإعادة تدويل القضية السورية من جديدة والتلويح مجددا بقرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وهذا سيفقد الدولة الحالية مكتسباتها التي حققتها خلال ثمانية أشهر ما يعني أننا عدنا إلى مربع نظام ومعارضة.

إفشال التقسيم

هل تعتقدون أن إسرائيل عبر خروقاتها والاستثمار في خلافات السويداء ترغب في تحسين الاتفاقات الأمنية مع سوريا أم جرها نحو التطبيع؟

إسرائيل تعتقد أنها في خطر وجودي وأن دورها الوجودي كضامن للمصالح الغربية بدأ بالتلاشي وأن الاعتماد عليها بدأ يخف وأصبحت عبئا على حلفائها الغربيين والولايات المتحدة بعد مجازر قطاع غزة.

ولهذا إسرائيل بعد مذابح غزة بدأت تشعر بتهديد وجودي جعلها تنفرد من عقال أي توازن قوى في المنطقة.

إسرائيل ترى أن الأولوية لها أمنية ولاحقا سياسية، ثم عندما يأتي وقت التطبيع وقد حققت مكتسبات أمنية تكون أمام دولة ضعيفة ومدمرة وتحتاج إلى تدخل دول كثيرة للمساهمة في إعادة الإعمار.

لكن مع ذلك، سوريا ما يزال الوضع فيها هشا


 أمنيا وإداريا ويمكن أن ينفجر في أي لحظة في وجه السوريين أنفسهم وإسرائيل.

ولهذا إسرائيل غير مطمئنة لوجود أكثرية سنية في السلطة، وغير مطمئنة لوجود الإسلاميين في السلطة، لذلك هي تبالغ في احترازاتها الأمنية بالدرجة الأمنية.

هل ترى أن سوريا ذاهبة نحو التقسيم؟

سوريا يمكن أن تذهب إلى التقسيم لأن دوافعه موجودة في البلاد؛ لكن هذا مرتبط بمدى قدرة أصحاب المصلحة الدوليين والإقليميين في تحمل هذا التقسيم وتبعاته.

السوريون يمكنهم منع التقسيم إلى الآن؛ خاصة أن أصحاب المصلحة الدوليين والإقليميين يرون أن التقسيم غير جيد لهم.

الخطاب المتشدد والمحتقن بين السوريين هو من يقود إلى التقسيم، لكن المبادرات الطيبة بين المكونات عبر الوسائل المتاحة كافة يمكنها أن تخفف توجهات التقسيم.

في أحداث السويداء الدولة لم تقم بواجبها في منع حملات الكراهية تجاه الطائفة الدرزية والتجييش المتبادل من قبل المكونات المجتمعية.

عملية تسكين بؤر خطاب الكراهية في المجتمع السوري، وفرض أمن محلي لحماية السلم المجتمع، يقطع الطريق على أفكار التقسيم.

الدولة الوحيدة التي ترى في سوريا بلدا مقسما هي إسرائيل وهي المستفيد من كل ما يجري من شحن طائفي.