سياسات حكومية فاشلة.. ما أسباب تفاقم الأزمة الاقتصادية بإسرائيل؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

تحت عنوان: "الأموال تهرب من إسرائيل والشيكل يضعف والتضخم يرتفع"، استعرض موقع "كالكاليست" العبري حالة التدهور التي يعانيها الاقتصاد الإسرائيلي، بعد نحو عام من العدوان على قطاع غزة، وأخيرا على لبنان كذلك.

وحذر الموقع من أن الاقتصاد الإسرائيلي مقبل على "إعاقة مالية طويلة الأجل، وحالة من فقدان الثقة". 

ويقارن بين وضع الاقتصاد الأميركي في الآونة الأخيرة، وبين حال نظيره الإسرائيلي الذي يعاني من “الحرب التي تبدو بلا نهاية، وسياسة الحكومة الفاشلة وغير المسؤولة”.

تفاقم الفجوة 

وبين أن "قرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تخفيض سعر الفائدة يفاقم بشكل كبير الفجوة بين السياسة النقدية في الولايات المتحدة ونظيرتها في إسرائيل".

وأردف: "ففي الولايات المتحدة، خُفضت الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية (من 5.5 إلى 5 بالمئة)، وهو تخفيض يفوق التوقعات، حيث كان الغالبية يتوقعون تخفيضا معتدلا بمقدار ربع نقطة مئوية".

وتابع: "من المتوقع أن تكون الفائدة حتى نهاية العام 4.5 بالمئة (تخفيض آخر بنصف نقطة مئوية)، كما يتوقع أن تستمر التخفيضات في عام 2025 لتصل إلى حوالي 3.5 بالمئة".

بينما في إسرائيل، يوضح الموقع أن هناك عدة عوامل تؤخر عملية التغيير في السياسة النقدية؛ منها "الارتفاع المفاجئ والمخيب للآمال في التضخم، الذي ارتفع منذ بداية العام من 2.5 إلى 3.6 بالمئة".

ومن الأسباب الأخرى "حالة عدم الاستقرار والغموض بسبب الوضع العسكري الذي لا يزال بعيدا عن النهاية، والسياسة المالية شديدة السخاء".

وبناء عليه، يتوقع محافظ البنك المركزي أمير يارون “أن يكون خفض الفائدة القادم في النصف الثاني من عام 2025”، وهكذا تغير الوضع الآن بين إسرائيل وأميركا.

وتابع الموقع: “فإذا كان الفارق السلبي قبل بضعة أشهر بين فائدة بنك إسرائيل وفائدة الفيدرالي الأميركي حوالي 1 بالمئة (5.5 بالمئة في الولايات المتحدة مقابل 4.5 بالمئة في تل أبيب)، فإن الأمر اختلف حاليا”.

فمن المتوقع أن يكون الفارق في نهاية عام 2025 مشابها ولكنه معكوس: (3.3 –3.5 بالمئة) في الولايات المتحدة، مقابل 4.25 بالمئة في إسرائيل.

أهداف لم تتحقق

ولفت الانتباه إلى أن "فارق الفائدة لصالح إسرائيل لا يعد عرضا جانبيا ولا تأثيرا خارجيا سلبيا، بل هو الهدف الأساسي لسياسة محافظ البنك وأعضاء اللجنة النقدية".

إذ يهدف بنك إسرائيل إلى تعزيز الاستقرار على مستوى الأسعار في السوق (كبح التضخم)، والنظام المالي (منع هروب رأس المال) واستقرار سعر الصرف (تعزيز الشيكل)، في إشارة إلى العملة الإسرائيلية.

ولتحقيق الاستقرار، فُوض البنك المركزي الإسرائيلي باستخدام أداة الفائدة. ومن المفترض أن تنعكس إجراءاته بشكل إيجابي على الاقتصاد.

ويقول الموقع: "بمجرد أن يرفع بنك إسرائيل سعر الفائدة -أو لا يخفضها- وفي الوقت نفسه تنخفض الفائدة الأميركية، فإن فارق الفائدة يجعل الاستثمارات (في تل أبيب) أكثر جدوى، إذ تحقق عوائد أكبر، وبالتالي يعزز ذلك تدفق رؤوس الأموال إلى السوق الإسرائيلية".

ويكمل عرض التداعيات الإيجابية المفترضة للسياسة النقدية الحالية الإسرائيلية.

فمن أجل أن يستثمر الأجانب في إسرائيل (شراء منتجات مالية إسرائيلية مثل السندات والأسهم وأذون الخزانة)، يجب عليهم شراء الشيكل، وهذه العملية تقوي العملة مقابل الدولار، وهو ما يسمى ارتفاع قيمتها.

ويسهم هذا الأمر، في التأثير على التضخم، حيث إن "ارتفاع قيمة العملة بحد ذاته هو عامل رئيس في تخفيضه، لأنه يقلل تلقائيا من تكلفة الواردات، وبالتالي يدعم كبحه".

وأضاف: “إلى جانب ذلك، عندما تظل الفائدة في إسرائيل مرتفعة، تبقى القروض (مثل الرهون العقارية) مكلفة”.

وهذا يؤثر -عن قصد- على الدخل المتاح، مما يقلل من الاستهلاك الخاص وكذلك الاستثمارات في السوق، وبالتالي يخفض الطلب، وفي النهاية يقلل من التضخم.

تكلفة مرتفعة

وفي المقابل، يلفت الموقع إلى أن تكلفة هذه السياسة تكمن في أن "الفائدة المرتفعة تؤثر سلبا على التوظيف وبالتالي على النمو".

ويتابع: “لذلك، في المستقبل القريب، قد يتمكن البنك المركزي الأميركي من دعم النشاط الحقيقي وسوق العمل في الولايات المتحدة من خلال أداة سعر الفائدة”.

ولكن "لن تتمكن إسرائيل من عمل ذات الأمر المهم خلال هذه الفترة الحساسة".

ويعود السبب في ذلك، إلى أن محافظ بنك إسرائيل وقيادته لديهم أهداف أكثر إلحاحا، مثل كبح التضخم وتعزيز الاستقرار، مما يفرض عليهم رفع سعر الفائدة.

وحمّل الموقع "السياسات الحكومية الفاشلة وغير المسؤولة، والحرب التي تبدو بلا نهاية، مسؤولة عن تضاؤل إمكانية استخدام البنك المركزي الإسرائيلي لأداة سعر الفائدة لتعزيز النشاط الاقتصادي، وتفرض عليه استخدامها لمواجهة التضخم والحفاظ على الاستقرار".

من زاوية أخرى، يتحدث عما وصفه بأنه "ظاهرة مقلقة للغاية"، وهو أن أهداف البنك المركزي الإسرائيلي لم تتحقق في الواقع. 

إذ سعى البنك إلى جذب الاستثمارات بسبب الفائدة المرتفعة، لكن ذلك لم يحدث.

وعقب الموقع: "إن اتجاه الاستثمارات المالية في السوق المالية الإسرائيلية لا يتماشى مع الأدبيات الاقتصادية والتوقعات".

وأكمل موضحا: "بمعنى أن الأموال تخرج ولا تدخل، وهناك هروب لرأس المال، وانخفاض في قيمة العملة".

وتساءل: "ما الذي حدث؟". واختتم مجيبا: "كما ذكرنا، فإن الحرب، إلى جانب الحكومة وسياستها، هما السبب في ذلك".